الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 07:02

سيناء بين قيود مبارك وفخ إسرائيل/بقلم:النائب مسعود غنايم

كل العرب
نُشر: 11/08/12 14:22,  حُتلن: 23:00

النائب مسعود غنايم في مقاله:

الجريمة التي ارتكبت في رفح، سواء من قام بها جماعات تكفيرية أم أصابع إسرائيلية فإن المستفيد منها إسرائيل

ما حدث في رفح يعتبر أول امتحان للرئيس محمد مرسي وأول امتحان لمصر الجديدة مصر ما بعد الثورة

كشفت هذه الجريمة عن مواطن ضعف رهيبة ومعوقات تعتبر بقايا واضحة لنظام ما قبل الثورة وسياسة حسني مبارك تجاه سيناء وتجاه غزة والشعب الفلسطيني

بدأ الرئيس محمد مرسي عهدا جديدا ورؤية استراتيجية جديدة عندما استقبل رئيس الوزراء الفلسطيني في غزة إسماعيل هنية وعندما بدأ بفتح معبر رفح أمام البضائع وأمام الفلسطينيين

ردود الأفعال الأولية على الجريمة في مصر من قبل بعض وسائل الإعلام التي ما تزال مبرمجة بأجندات استبدادية مباركية عميلة وانسياق قطاعات من الجماهير المصرية وراء هذه الوسائل التي لعبت على وتر تفريق عنصري بين المصري والفلسطيني يدل على أن ثقافة القابلية للاستعمار ما زالت موجودة

إن الجريمة التي ارتُكبت بحق قوات حرس الحدود المصريين في رفح والتي راح ضحيتها 16 جنديا مصريا وجرح آخرون تعتبر أول امتحان للمشروع الثوري الجديد الذي يحمله الرئيس محمد مرسي والذي تحمله ثورة 25 يناير.

أجندات استبدادية
لقد كشفت هذه الجريمة عن مواطن ضعف رهيبة ومعوقات تعتبر بقايا واضحة لنظام ما قبل الثورة وسياسة حسني مبارك تجاه سيناء وتجاه غزة والشعب الفلسطيني. وهذه النقاط ينبغي على النظام الثوري الجديد أن يدرسها ويعمل على معالجتها سريعا، لأنها تجسّد فلول النظام السابق الحقيقية، ولأنها تعتبر أهم عائق أمام مشروع الثورة الجديد الذي يصبو إلى فك حالة الحصار والانغلاق التي فرضها نظام الاستبداد القديم على مصر والمصريين.
إن ردود الأفعال الأولية على الجريمة في مصر من قبل بعض وسائل الإعلام التي ما تزال مبرمجة بأجندات استبدادية مباركية عميلة، وانسياق قطاعات من الجماهير المصرية وراء هذه الوسائل التي لعبت على وتر تفريق عنصري بين المصري والفلسطيني، يدل على أن ثقافة القابلية للاستعمار ما زالت موجودة، والاستعداد الداخلي لـ "أكل الطعم" والاستهبال أحيانا لا يزالان موجودان أيضا.

إحراج الرئيس
الأنغام العنصرية النشاز التي صدرت من بعض القوى والقطاعات في مصر تعبّر عن مدى تغلغل الثقافة والقناعة التي زرعها النظام القديم بعقول أبناء الشعب المصري، تلك الثقافة القائمة على خلق تناقض مصالح وتفريق عنصري بين المصري والفلسطيني، وكأن مصرَ وفلسطين طرفا نقيض، وكأن الفلسطيني خطر على أمن مصر ووجود مصر. هذا ما زرعه نظام مبارك، هذا النظام الاستبدادي أراد أن يقول بأن مصلحة مصر تلتقي مع مصلحة إسرائيل، وأن أمن مصر متعلق بأمن إسرائيل، أما غزة والفلسطينيون فهم الخطر وهم العدو!. الجريمة كشفت أيضا عن مدى تربص البعض بالرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين، فرأوا أن ما حدث فرصة سانحة لإحراج الرئيس وإلقاء اللوم عليه وتحميله مسؤولية ما جرى. يتناسون أن نظام مبارك هو المسؤول لأنه أهمل أمن المصريين وأهمل سيناء وأحدث فراغا هائلا ولم يرَ بسيناء سوى طمع اقتصادي ومالي بالسياحة في شرم الشيخ وغيرها من المراكز السياحية، وبهذا عمل على فصل سيناء وأهل سيناء عن مصر وكرّس العداء بين السكان هناك الذين اعتُبروا مجرد بدو مهملين وباقي المصريين هم الحضر المتمدّنون الأعلى درجة من البداوة في سيناء!.

ترتيبات أمنية
الرئيس المصري محمد مرسي الذي انتخبه الشعب المصري والذي أثبت حتى الآن أنه بالفعل رئيس شعبي سارع بالوصول إلى رفح مكان الجريمة وزار الجرحى، ولكن على الرغم من ذلك طبّل البعض وزمّر لأنه لم يشترك في الجنازة. واعتبرت أبواق النظام القديم وبعض الحساد من القوى الثورية ذلك جريمة كبرى وتقصيرا كبيرا!. ولم يسعف الرئيس ومؤسسة الرئاسة التفسير الذي صدر عنهم والذي يبرر عدم مجيء الرئيس لإتاحة حرية أكثر للناس وللشعب للمشاركة في الجنازة، لأن الترتيبات الأمنية الكبيرة والمعقدة قد تحول دون ذلك. وسواء كان اجتهاد الرئيس صحيحا أم خاطئا فليس هناك تبرير وتفسير لكل الضجة التي اصطنعت حول ذلك!، وقسم من أولئك الذين اصطنعوها لا يروق لهم وجود الرئيس مرسي في الرئاسة ولا يطيقون وجود الإخوان في السلطة، والقضية لديهم ليست مسألة حضر الرئيس أم لم يحضر، وإنما مسألة عدم رضاهم عن قرار الشعب المصري بإيصال محمد مرسي لكرسي الرئاسة.

نظام ثوري
ما حدث في رفح يعتبر أول امتحان للرئيس محمد مرسي وأول امتحان لمصر الجديدة، مصر ما بعد الثورة. لأن ما جرى هو إحدى الثمار المُرة لسياسة مبارك ولاتفاقية كامب ديفيد. والمطلوب من النظام الثوري الجديد والرئيس مرسي إعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد التي تكبّل أيدي المصريين وتقيد حركتهم في سيناء عبر تحديد القوات وأنواع الأسلحة التي يسمح لهم بإدخالها واستعمالها، وبذلك تصبح محاربتهم لأية جماعات تهدد الأمن المصري وأمن سيناء ناقصة ومحدودة. والمطلوب كذلك تغيير جذري بالرؤية الاستراتيجية التي كانت مبنية على التعاون مع إسرائيل وربط الأمن المصري بالأمن الإسرائيلي، وسياسة الجدران والأسلاك. وهذا التغيير يجب أن يبنى على التعاون والتكامل بين مصر وفلسطين، بين مصر وغزة، لأن أمن مصر وسيناء من أمن غزة وفلسطين.
لقد بدأ الرئيس محمد مرسي عهدا جديدا ورؤية استراتيجية جديدة عندما استقبل رئيس الوزراء الفلسطيني في غزة إسماعيل هنية، وعندما بدأ بفتح معبر رفح أمام البضائع وأمام الفلسطينيين. وهذا التوجه دليل على قناعة الرئيس مرسي ومصر الثورة بأن غزة وسيناء هي بوابة مصر نحو الشرق، وهي الحامية لأمن مصر من الشرق، وأن الشعب المصري والشعب الفلسطيني إخوة ومصيرهم واحد، وذلك بعكس توجهات النظام القديم الذي كرّس العداوة والتناقض بين الشعبين.

استمرار التعاون
إن الجريمة التي ارتكبت في رفح، سواء من قام بها جماعات تكفيرية أم أصابع إسرائيلية، فإن المستفيد منها إسرائيل. فمن خلال هذه العملية أرادوا إحراج الرئيس مرسي ووقف سياسة الانفتاح والتعاون التي بدأها مع الفلسطينيين في غزة. ويكفي أن النتائج الأولية لهذه الجريمة كانت إغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق وإغلاق سيناء ومصر وحصار غزة من جهة مصر. إسرائيل الرسمية في تعقيبها الذي لم يُخفِ بعض الفرح والسرور رأت بالحادث رسالة للنظام الجديد في مصر تحثه فيها على استمرار التعاون الأمني كما كان أيام مبارك، وإثباتَ دليل على أن أمن مصر وأمن إسرائيل واحد لأن عدوهم واحد!. على ضوء ذلك، ليس مستغربا أن يُتَّهَم الموساد بالوقوف وراء العملية، لأن المستفيد الأكبر منها هو إسرائيل. وعلى الرئيس مرسي والنظام الثوري الجديد في مصر العمل بحكمة ولكن بإصرار على تخليص مصر وإنقاذ سيناء من قيود مبارك وفخ إسرائيل.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة