الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 04:01

سورية بيعت لروسيا والصين كما باع حكام الخليج اوطانهم لأمريكا /بقلم: كميل شحادة

كل العرب
نُشر: 22/07/12 11:44,  حُتلن: 11:17

كميل شحادة في مقاله:

القومية العربية هي في الشعوب العربية الحية الثائرة المنتفضة طلبا لحريتها المسلوبة ولكرامتها المداسة

بحكم الواقع الضعيف للعرب فقد بان الى أي مدى مبيوع الوطن السوري لروسيا والصين وايران وليس بأقل ثمن مما باع حكام الخليج اوطانهم لأمريكا

الأمة العربية حية عظيمة في المواجهة الباسلة لشعوبها ضد طغاتها من تونس الخضراء مهد الربيع العربي ومنطلقه حتى سوريا المشتعلة بين احرارها وما تبقى من فلول النظام الديكتاتوري

أوليس من المفترض ومن الطبيعي أن يكون الحكام – حتى وإن كانوا طغاة - قيمين على حياة ومصالح المحكومين وليس سببا في تدميرها؟

أليس من السخف أن نتهم الجزيرة الاتجاه المعاكس والرأي والرأي الآخر بالكذب والتحريف والاختلاق إزاء ما يجري في سوريا وأنها تنتج أفلاما خيالية عن الدائر هناك؟!

رغم كوني خرجتُ من هذه القوالب جميعا بحكم اليقظة والكشف عن الحقيقة الوجودية في ذاتها، غير المنتمية لشيء كونها مطلقة خلف كل شيء .. رغم ذلك يدعوني الحنين للرجوع لذاك الشعور القومي الفريد الذي أنتشى به واعتز كل عربي ..ايام الساحر المارد العربي جمال عبد الناصر، وقد كنت طفلا ثم صبيا أتشرب الحمية للعرب وللعروبة من عمي المرحوم ابو مروان سلمان شحادة فياض، الذي فقد عينه في مشاركته المقاومة ضد الاحتلال في الثمانية واربعين .. حيث بعد أن طرد من عمله كمدرس ،مارس في هدوء وعنفوان خطابه العروبي القومي ، وقد علق على جدران صالون بيته صورة كبيرة لجمال واخرى لسلطان الأطرش و صورة لكمال جنبلاط .. والآن ينبعث ذلك الشعور بعد شبه موات لفرط الخيبة من العرب ولشدة الضعف وكثرة الانكسارات والأزمات مدى تلك العقود .. وها هو الربيع ربيع العرب يعود يعشوشب يخضر ينبثق من بحيرات الدماء الزكية الصافية ويزهر ويتعملق رغم انف الطغيان والطغاة .. إن القومية العربية هي في الشعوب العربية الحية الثائرة المنتفضة طلبا لحريتها المسلوبة ولكرامتها المداسة، ولم تنحسر وتحصر يوما في حزب البعث الشمولي الديكتاتوري المبني على الطغيان والفساد، المبطن بالبلطجة والشخصنة والاجرام والجهل..

مواجهة باسلة
أجل الأمة العربية حية عظيمة في المواجهة الباسلة لشعوبها ضد طغاتها، من تونس الخضراء مهد الربيع العربي ومنطلقه، حتى سوريا المشتعلة بين احرارها وما تبقى من فلول النظام الديكتاتوري الشمولي البعثي العابث في الوطن ومقدراته وناسه، مرورا بليبيا الممسكة بأزمة الاستقرار بعد أن خرجت من عهد الطاغية منتصرة للحرية، واليمن الآخذة بخلاصها من حكم الطغيان التقليدي لأكثر من ثلاثة عقود عجاف، ومصر الكنانة، التي علَّم شعبها التاريخ درسا لن ينساه في الصبر والعناد والعزم والحسم والانضباط لصالح مطالب الثورة .. صحيح لم ولن يتحول أي شعب خرج لتوه من تحت نير الاستبداد بليلة وضحاها، الى الاستقرار والتمدن الذي تمثله السويد وكندا مثلا، وقد أُنيخ فوق رأسه مثنى وثلاث ورباع من عقود أحكام ظالمة شوهاء سوداء ..

البداية السليمة والانطلاقة الصحيحة
لكن هي البداية السليمة والانطلاقة الصحيحة لأي شعب يحترم نفسه ، يُدرك أن له شخصية وتاريخ وصفات وسمات وخصال ومواهب وقدرات ومذاهب وخصوصيات .. له من عراقة الوجود ومن أصالة المحتد ما لا يتوفر لكثير من الشعوب .. يعود لكنعان وسام، ثم لقبائل وافخاذ وبطون .. قرشيين ، طالبيين، آل تنوخ وبني مرة وكعب وبكر وتميم وغسان وقحطان وعدنان وشيبان وحمدان الخ .. نعم يطيب لي الآن أن أعدد قوائم الواقع الذي أقف عليه ككائن عربي عملاق، مثل جمل صحرائه الكونية، واسجل بكل اعتزاز وافتخار ، بعد - محمود درويش – أنا عربي، مع أن تمسك درويش بعروبته جاء عن تحد للصهيوني المحتل، وفي ظروف كادت تنهار ثقة المواطن العربي بنفسه تماما، كون الاحتلال حديثا وصادما، مقابل أمة عربية مهزومة، بينما وفي ظل قيام الثورات الشعبية العربية الباسلة ونجاحها ضد طغاة الحكم، حيث تشكل أرضية صالحة متماسكة للتحرير في كل المستويات، هي داعية لإعادة ثقة العربي بنفسه ..أما بعض الاخوان الذين افترقتُ عنهم في الرأي، ولم يفسد بحمد الله خلاف الرأي معهم للود قضية .. أسألهم: هل يستحق مبدأ وطني سياسي، أو أيا كان اسمه ومرجعه وخانته، أن يُدَمر وطن من أجله كسوريا؟ هل يكون نظام الحكم وطني حقا حين يوازن بين بقاء شخوصه في سدة الحكم، وبين بقاء الوطن وسلامته؟ هل يحق لأحد أن يتهم المنتفضين في سوريا ضد نظام حافظ وبشار الاسد بالخيانة للوطن؟ أوليس من المفترض ومن الطبيعي أن يكون الحكام – حتى وإن كانوا طغاة - قيمين على حياة ومصالح المحكومين وليس سببا في تدميرها؟ فكيف وقد استأثر هؤلاء بالحكم بعد أخذه عنوة بإنقلاب من وراء ظهر الشعب؟

اللا الأمريكية
معروفة طبعا هي اسباب استمرار ولاء البعض لسوريا النظام سياسيا. إنها "اللا" لأمريكا التي اتحفنا بها حافظ الاسد ثلاثون عاما وبشارا اثني عشر عاما .. "اللا" التي يقارنها ولاة النظام ب "نعم" قطر وسائر دول الخليج والدول العربية لأمريكا، وهي في الواقع مقارنة خاطئة لا تصيب مراد القوميين السليم في المبدأ .. المقارنة خاطئة لأن النظام تمترس خلف "لا" لأمريكا سياسيا، أي كلاميا دون أن يسعى بصورة جديرة لنعم الجولان ونعم التغيير والاصلاحات السياسية داخليا .. ثم إن "لا" لأمريكا لم يكن منطلقها عروبي تماما، ولم تكن بريئة تماما .. طبعا بحكم الواقع الضعيف للعرب عموما، فقد بان الى أي مدى مبيوع الوطن السوري لروسيا والصين وايران .. وليس بأقل ثمن مما باع حكام الخليج اوطانهم لأمريكا، وهنا ايضا لا تصح المقارنة تماما (في هذا المزاد لبيع الاوطان ) إذ اصاب الخليجيون من بيعهم اوطانهم لأمريكا رخاء وهدوء، بينما ماذا اعطت روسيا لسوريا غير السلاح الذي يدمر به النظام اليوم بلده.. فعن اية قومية ووحدة عربية يتحدثون؟! وبأي "لا" هم يتشبثون ويضحكون على الدقون ..

التغطية الإعلامية
ثم أليس من السخف – واعذروني على التعبير – أن نتهم "الجزيرة" الاتجاه المعاكس والرأي والرأي الآخر .. بالكذب والتحريف والاختلاق إزاء ما يجري في سوريا، وأنها تنتج أفلاما خيالية عن الدائر هناك في الوقت الذي يمنع النظام السوري دخول مصورين غير موالين له للتغطية الاعلامية، ولا يسمح لمثقفي سوريا بالمشاركة في آرائهم الحرة؟ ألم تكفي شهادات السوريين المنتفضين ضد النظام حول موبقات النظام؟ في الحقيقة إن أعمال النظام تعود اليه من تخريب وتدمير وقمع واغتيالات في لبنان، وإرهاب في العراق، وتفسيخ وتشقيق بين الفلسطينيين، وكبت ثم ذبح للسوريين ..وها هو اليوم ومنذ عامين تقريبا يحصد نتائج اعماله والحبل على الجرار، أنظمة وحكام.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة