الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 19:02

لماذا نرفض مشروع الخدمة المدنية؟ نتطوع لبلادنا لا لجلادنا/ بقلم: عماد جرايسي

كل العرب
نُشر: 17/07/12 07:43,  حُتلن: 11:33

عماد جرايسي في مقاله:

كيف اخدم واتطوع لمؤسسة اخرجتنا " علناً " من دائرة التعريف والتأثير؟

الخدمة المدنية تزيد من نسبة البطالة بصورة غير مباشرة كما انها بمثابة تهرب " ذكي" من مسؤولية الوزارات المختلفة اتجاه المجتمع العربي

نريد التطوع لبلادنا من دوافع وارادات شخصية دون مُقابل وليس التطوع " المفروض " لأهداف قصرية وعنصرية فنحن الشعب الأكثر تطوعاً

محاولة تسويق الخدمة المدنية كمشروع عمل تطوعي يعود بالفائدة المُطلقة على مجتمعنا وعلى المؤسسات الناشطة والفاعلة في المجتمع العربي هي بمثابة " كذبة " اعترتها السطحية

لا يتم فرض "التطوع " على المواطنين بفترة زمنية وبالكثير من القيود العنصرية أي أن فرض " التطوع " يُلغي الطابع التطوعي ليصبح استغلالا يُفرض بالغطرسة والقوة

في الآونة الأخيرة تكاثرت المحاولات لفرض الخدمة المدنية على الأقلية العربية الفلسطينية المُتبقية في وطنها، الذي ليس لها وطن سواه. إن محاولة تسويق مشروع الخدمة المدنية كمشروع عمل تطوعي يعود بالفائدة المُطلقة على مجتمعنا وعلى المؤسسات الناشطة والفاعلة في المجتمع العربي، هي بمثابة " كذبة " اعترتها السطحية في الرؤيا من قِبل القائمين على هذا الترويج من مختلف الساحات السياسية والاجتماعية والسُلطوية. فالتطوع بمختلف المجالات نابع من ارادة المواطن الشخصية. كما لا يتم فرض "التطوع " على المواطنين بفترة زمنية وبالكثير من القيود العنصرية، أي أن فرض " التطوع " يُلغي الطابع التطوعي ليصبح استغلالا يُفرض بالغطرسة والقوة. كما اننا كأقلية مُضطهدة لا نُطالب بتعليمنا مبادىء وأسس التطوع، فكُنا السَّباقين في الأعمال التطوعية. فعلى سبيل المثال، الناصرة على مدار عشرات السنوات اقامة مخيمات تطوعية التي تم بواسطتها شق وتعبيد شوارع، بناء اسوار والمحافظة على النسيج الاجتماعي في المدنية. كما أن اليوم يَكثُر في المدنية الحِراك الشبابي المُتطوع بدعم من البلدية والكثير من الموؤسسات والجمعيات.

مُنطلق اخلاقي واجتماعي وسياسي ووطني
رفض الخدمة المدنية نابع من مُنطلق اخلاقي، اجتماعي، سياسي ووطني. لماذا نرفض الخدمة المدنية:

1 . العامل الوطني
الخدمة المدنية هي مُقدِمَة للخدمة العسكرية. حيثُ أن وزارة الأمن هي الجسم المسؤول المباشر على هذا المشروع " مشروع الخدمة المدنية " وليس وزارة الرفاه الاجتماعي ( وحتى لو كانت تحت اشراف وزارة الرفاه، نرفضها بسبب العوامل المُتبقية). فمن المنطق أن يكون الجسم المسؤول عن أي عملية تطوع، هو جسم الرفاه الاجتماعي وليس الأمن. فمن هذا المُنطلق تتلاشى كل مُسميات التطوع لتُصبح مفاهيم تأخذ الطابع العسكري وليس التطوعي. أي اننا نُلغي انتمائنا الى الشعب الفلسطيني ونكون شُركاء في الاحتلال والحصار كوننا نخدم وزارة الأمن.

2 . العامل السياسي
تعريف الدولة كدولة " يهودية وديمقراطية " يُلغي " علناً " حقنا في التطور والبقاء، وأن نكون مواطنين متساويين مع الأغلبية. اي اننا " اصفاراً على الشِمال " وكأن لا يوجد لنا حق اغتُصب في هذه الأرض. فكيف اخدم واتطوع لمؤسسة اخرجتنا " علناً " من دائرة التعريف والتأثير؟.

3. زيادة البطالة والتهرب من المسؤولية
الخدمة المدنية تزيد من نسبة البطالة بصورة غير مباشرة، كما انها بمثابة تهرب " ذكي" من مسؤولية الوزارات المختلفة اتجاه المجتمع العربي. حيثُ أن كل المعطيات تُشير الى نسبة البطالة المُرتفعة بين شبابنا ( جيل 18 -23 خاصة ) ودمجهم في مشروع الخدمة المدنية هو تهرب واضح من مسؤولية الوزارات المختلفة التي لا تعمل لحل مشكلة البطالة، فدمجهم في مشروع الخدمة المدنية يعني اخراجهم من احصائيات البطالة. كما أن الداخل الى الخدمة المدنية من الممكن أن يحل مكان عامل "مُعيل لعائلة ". وبهذا يتم توفير الكثير من " المعاشات " على المؤوسسات التي " تحضن " مشروع الخدمة المدنية، وبهذا ايضا تزداد نسبة البطالة ويتم الغاء العدالة الاجتماعية.

4 . العامل الاجتماعي
الخدمة المدنية هي بمثابة انصهارنا في المجتمع الاسرائيلي وتحالف اجتماعي بمختلف المجالات. أي أن الخدمة المدنية هي مُقدمة لمحو ثقافتنا العربية الفلسطينية " اللغة، العادات والتقاليد الايجابية ". أي اننا نُصبح جزء يتجزأ من مجتمع عُنصري رافض للتعددية القومية، الدينية والفكرية.

وماذا نريد؟

1 . الاندماج في المجتمع
الاندماج في المجتمع " وليس الانصهار " بتميُزِنا، بابداعاتنا وبمواهِبنا، ولنكون جُزء يتجزأ من مجتمع عنصري يُلغي حق الأخر في التطور والبقاء.

2 . التطوع لبلادنا لا لجلادنا
التطوع لبلادنا من دوافع وارادات شخصية دون مُقابل، وليس التطوع " المفروض " لأهداف قصرية وعنصرية. فنحن الشعب الأكثر تطوعاً، كما أن التطوع " دون مُقابل " هو رد فعل ايجابي على سياسة التمييز والاستثاء التي تعاني منها القرى والمدن العربية في البلاد.

3 . تحمل العِبء في تحقيق المساواة، السلام واحترام التعددية
نريد تحمل العبء في تحقيق المساواة والسلام العادل والشامل وأن نكون شُركاء برسم خارطة السلام المُنتظر، والعيش بكرامة دون موجات عُنصرية وكراهية تطال حتى الأماكن المُقدسة. كما اننا نريد تحمل العبء في تثقيف المجتمع وحَث كل الفئات على احترام التعددية، باحترام الآخر.

4 . تربية اطفالنا على المطابة بحقهم الشرعي بالمساواة ونيل الحقوق، كل الحقوق
تربية اطفالنا على مطالبة حقوقهم الشرعية بالمساواة الكاملة وليس بالمكوث امام التمييز المُبرمج. فلن نُربي اطفالنا على مقايضة حقوقهم والبُكاء على " اطلال الحقوق "، بل سنُربيهم على انتزاع هذه الحقوق الشرعية كأقلية وكمواطنين في هذه البلاد.

5. الحِراك الجماهيري من قِبل المؤسسات والأحزاب الناشطة في مجتمعنا لتثقيف شبابنا
الخمول بكل المجالات " وخاصة مجال رفض الخدمة المدنية " الذي يغتصب مجتمعنا عليهِ أن يتلاشى. وعلينا بالعمل المُشترك والتغاضي عن الإختلافات والنِزاعات الحزبية " المصنوعة "، والبدأ بنضال جماهيري يأخذ الشباب الدَور الأكبر بهِ لنيل حقوقنا المشروعة ولاسقاط كل القوانين المطروحة لفرض الخدمة المدنية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة