الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 04:01

عزيزتي الأم: حاولي التخفيف من ظاهرة الصراخ المستمر وحافظي على بيتك

أماني حصادية -
نُشر: 11/07/12 13:46,  حُتلن: 15:56

ظاهرة جديدة تسللت الى حياتنا وبيوتنا وأصبحت مرضا خطيرا بل وباءا مزعجا ينتشر هي ظاهرة الصراخ المستمر للأم طوال اليوم لا يكاد يخلو منها بيت

المرض انتشر ومعه الكثير من الأمراض المختلفة وكثرت الضحايا وامتلأت عيادات الأطباء بأمهات معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي إنشغال الأب بعمله

ظاهرة جديدة تسللت الى حياتنا وبيوتنا وأصبحت مرضا خطيرا بل وباءا مزعجا ينتشر هي ظاهرة الصراخ المستمر للزوجة "الأم" طوال اليوم لا يكاد يخلو منها بيت أو تنجو منه أسرة لديها أطفال في المراحل التعليمية المختلفة، ففي معظم بيوتنا الآن وبسبب الأعباء المتزايدة على الأم بسبب العمل وصعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والضغوط النفسية المتزايدة، وربما أيضا بسبب طموح المرأة التي تصطدم غالبا بصخرة الواقع المر والمعاكس، بالإضافة الى مسؤولية الأم في مساعدة أطفالها في تحصيل وفهم وإستيعاب دروسهم، ودس المعلومات في رؤوسهم بعد أن فقدت المدرسة دورها، الأمر الذي جعل الأم في موقف صعب لا تحسد عليه خاصة في أيام الامتحانات وهي على البواب.


تصوير: Thinkstock

كيف للأم بعد يوم عمل شاق وطويل ومعاناة في العمل وفي الشارع في رحلتي الذهاب والعودة أن تستحمل ذلك، وربما بسبب القهر الذي تشعر به من الرجال تجاهها خارج المنزل وأحيانا داخله، كيف لها بعد كل ذلك أن تقوم بدورها في تربية وتنشأة أطفالها وتقويم سلوكياتهم وإصلاح "المعوج" منها أمام طوفان من التأثيرات السلبية تحيط بهم من كل جانب في زمن القنوات المفتوحة والدش والإنترنت والموبايل والإعلانات الاستفزازية؟ وكيف لها بعد أن تعود الى بيتها مرهقة ومنهكة وغالبا محبطة أن تدرس الدروس والمعلومات والإرشادات والتوجيهات في عقول أبنائها، حيث يصعب عليهم غالبا ابتلاعها.

أمراض مختلفة
من هنا ظهر المرض ومعه الكثير من الأمراض المختلفة، وكثرت الضحايا وامتلأت عيادات الأطباء بأمهات معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي إنشغال الأب بعمله أو سفره للخارج وإعتقاده الخاطئ أن دوره يقتصر على توفير الأموال لأسرته واعتماده الكامل على الزوجة في التربية والتنشأة ومساعدة الأطفال في تحصيل دروسهم، الأمر الذي شكل عبئا كبيرا على الزوجة وضغطا مستمرا على أعصابها. الخطورة هنا أنه مع تطور أعراض المرض والتي تبدأ كالعادة "ذاكر يا ولد"، "ذاكري يا بنت"، "أسكت يا ولد"، "ابعد عن أختك ما تعطلهاش"، "حرام عليكم تعبتوني" والى آخره من المصطلحات. تقول ألام ذلك بإنفعال وحدة ثم بصوت عال ورويدا رويدا تبدأ في الصراخ وتفقد أعصابها تماما وتتحول الحياة في البيت الى جحيم، وهنا يبدأ الأطفال في الإعتياد على الصراخ ويتعايشون معه فيصبحون ويمسون عليه "اصحى يا ولد الباص زمانه جاي"، "نامي يا بنت عشان تصحي بدري".

أسلوب الصراخ
في هذا الجو يبدأ كبار الأطفال في التعامل مع أشقائهم الأصغر بأسلوب الصراخ، وهنا يزداد صراخ الأم للسيطرة على الموقف، وعندما يحضر الأب بعد يوم شاق يواجه خلاله ضوضاء وصراخ في كل مكان في العمل في الشارع ويكون محملا غالبا بمشاكل وصراعات وإحباطات، وربما أيضا بصراخ الضمير في زمن أصبح الماسك فيه على دينه وأمانته ونزاهته وأخلاقه كالماسك على الجمر بيده. ولكن غالبا ما يحاول الجميع إفتعال الهدوء عند عودة الأب تجنبا لمواجهات حتمية قد لا تحمد عقباها، ولكن لأن الطبع يغلب التطبع لأن المرض يكون قد أصاب كل أفراد الأسرة، فالأب يفاجأ بالظاهرة بعد أن أصبحت مرضا مدمرا فيبدأ المناقشة مع زوجته: ماذا حدث ؟ لماذا صوتكم يصل الى الشارع؟ فــتبكي الزوجة المسكينة وتنهار وتعترض: "نعم أنا أصرخ طوال النهار، أنا اقتربت من الجنون، ولكنه الأسلوب الوحيد الذي أستطيع التعامل به مع أولادك، ابقى معنا يوم وجرب بنفسك"، وهنا ربما يحاول الزوج إحتواء الموقف ودعوة زوجته المنهارة للهدوء، وربما يطيب خاطرها بكلمة أو كلمتين ولكن، وهذا هو الأغلب حدوثا للأسف، ربما ينحرف الحوار الى الجهة الأخرى خاصة عندما يؤكد الزوج لزوجته أنه هو الآخر متعب ومحبط ويريد أن يأكل وينام، وكلمة وكلمتين يجد الزوج نفسه في النهاية يصرخ هو الآخر.

احتواء الموقف
لا أسلوب يمكن التعامل به مع الأولاد سوى الصراخ، وتفشل محاولات بعض العقلاء من الأزواج في احتواء الموقف والتعامل مع الظاهرة "الصارخة" بالحكمة والمنطق والهدوء ويستمر الجحيم في الانهيار. وأتوقف هنا لأؤكد أنني من واقع ما رصدته من حالات من خلال عملي، ومن واقع ما وصل الى علمي ومسامعي حول هذه الظاهرة اكتب لكم عنها، ولست أعمم ذلك على الجميع ولست أضع الأم المكافحة محل الإتهام، بالعكس فبنفس القدر الذي أريد أن أُلقي فيه الضوء على تلك الظاهرة فإنني أؤكد ان الأم رغم كل ما يواجهها من صعوبات وتحديات ما زالت تؤدي دورها على أحسن وجه وتربي أولادها وتضحي من أجلهم وتعطيهم الحب والحنان، وحتى هؤلاء اللاتي أصبن بهذا المرض المهلك، وهو مرض الصراخ، فهذا لا يقلل من قدرهن ودورهن ومكانتهن، بل حرصهن الشديد على مصلحة أطفالهن وأسرهن، ولكن ما دفعني للكتابة هو رغبتي في أن أطرح سؤالا: الى متى ستظلين تصرخين يا سيدتي؟ ربما أردت أيضا أن أضع هذه الظاهرة الخطيرة على مائدة البحث والدراسة، وأن أستنفر الجميع لمحاولة البحث عن أسبابها وعلاجها.

موقع العرب يتيح لكم الفرصة بنشر صور أولادكم.. ما عليكم سوى ارسال صور بجودة عالية وحجم كبير مع تفاصيل الطفل ورقم هاتف الأهل للتأكد من صحة الأمور وارسال المواد على الميل التالي alarab@alarab.net

مقالات متعلقة