الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 03:01

واقع أكثر خطورة من أزمة إئتلاف/ بقلم: محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 03/07/12 09:18,  حُتلن: 11:58

محمد خليل مصلح في مقاله:

ملك اسرائيل مصاب بالرهاب النفسي من عواقب سقوط فشل الإئتلاف وسقوطه أمام التحديات الداخلية والخارجية

إنه سوء حظ وطالع نتنياهو السياسي أن تزامن وجوده على قمة الهرم لقيادة دولة الإحتلال مع متغيرات سياسية استراتيجية خطيرة وهامة لا حول له ولا قوة أمامها

موفاز يحاول أن يتزعم تيار الوسط ويكسب أصوات اليساريين والعلمانيين على حساب نتنياهو واليمين المتطرف وأيضا على حساب حزب العمل الذي يهدد بخطف المركز الثاني في الإنتخابات القادمة

الحراك الإجتماعي داخل اسرائيل عاد الى الواجهة وإن لم يكن بالقوة التي جرت العام الماضي والتخوف أن تتسع هذه الدائرة لتشكل تحدي استراتيجي خطير قد ينهزم أمامه نتنياهو ويسبب بإنهيار الحكومة الائتلافية

تنشغل الساحة الإسرائيلية وبالخصوص حكومة الوحدة أو حكومة الإئتلاف الواسعة، بعد دخول حزب كاديما في إطارها الموسع بزعامة نتنياهو بكيفية الخروج من أزماتها الداخلية، جدلية الحفاظ على الإئتلاف الحكومي الموسع. ملك اسرائيل مصاب بالرهاب النفسي من عواقب سقوط فشل الإئتلاف وسقوطه أمام التحديات الداخلية والخارجية.

متغيرات سياسية خطيرة
إنه سوء حظ وطالع نتنياهو السياسي أن تزامن وجوده على قمة الهرم لقيادة دولة اسرائيل مع متغيرات سياسية استراتيجية خطيرة وهامة لا حول له ولا قوة أمامها، النظام السياسي في إسرائيل وآليات التحالف الحزبي والبيئة السياسية والإجتماعية داخل الكيان الصهيوني، بالإضافة الى الإنقلاب السياسي لدولة الجوار مصر، ففي أحسن الأحوال لم تعد مصر كالسابق كما هو الحال في عهد السادات ولا مبارك، وأن المسألة مسألة مقت للتفرغ الى القضايا القومية وبالخصوص العلاقة مع اسرائيل والقضية الفلسطينية. هذا من جانب ومن جانب آخر التقارب المصري التركي الإيراني في النهاية سيجد طريقه للوجود بتجاوز العقبات التي تعرقل وجوده اليوم، وأن المسألة في النهاية مسألة وقت بالنسبة للنظام المصري الجديد.

إختلاف الأولويات
مع أن الصراع الظاهر بين الأحزاب أو لنقل ظاهرة التحريض التي تسود المشهد السياسي الإجتماعي الإيديولوجي ظاهرة متأصلة في المجتمع الصهيوني داخل الدولة وخارجها، وما يدور اليوم في الساحة الإسرائيلية بين أركان التحالف والإئتلاف في حكومة نتنياهو هي مسألة شخصية في المقام الأول ومسألة انتخابية في المقام الثاني. هناك تحضير مسبق لإعادة تشكيل إهتمامات الرأي العام الاسرائيلي، وهناك تحالف غير معلن نتج عن غايات مشتركه للمتحالفين مع نتنياهو لهزيمته في الجولة القادمة من الإنتخابات الإسرائيلية.

العلمانية أم اليمينية
موفاز يحاول أن يتزعم تيار الوسط ويكسب أصوات اليساريين والعلمانيين على حساب نتنياهو واليمين المتطرف وأيضا على حساب حزب العمل الذي يهدد بخطف المركز الثاني في الإنتخابات القادمة، في الوقت نفسه يصارع للحفاظ على حزب كاديما، إذ تاريخ إعمار الوسط في اسرائيل لم تعمر كثيرا فهو أمام تحدي كبير إما يجنح الى العلمانية قليلا أو الى اليمينية قليلا، ولكل منهما حسابات خاصة بها تتطلب من موفاز إتقان هذه الحسبة والمناورة السياسية بالإضافة الى الوقت المناسب.

عبء أمني وإندماج نفسي
قد ينجح موفاز في الخروج بحل مرضي مع نتنياهو فيما يتعلق بقانون طال، خدمة اليهود المتدينين والعرب بالخدمة المدنية غير الملزمة للعرب أما بالنسبة لليهود المتدينين فالإعتبارات تختلف بالمطلق فهي مسألة عبء أمني وإندماج نفسي وولاء للدولة، ممكن الإتفاق على حل مع نتنياهو يرضي مؤقتا اضاء حزب كاديما، وفي الوقت نفسه نتنياهو يحافظ على حلفاءه الحريديم المتدينين لجولة الإنتخابات القادمة. مصادر مقربة من نتنياهو تتحدث أن نتنياهو أقرب الى موفاز وأن الإتفاق بينها وارد، والسؤال الذي يطرح نفسه ما تأثير ذلك على زعيم حزب اسرائيل بيتنا وموقف البيت اليهودي من هذا التقارب مع موفاز ؟ بالرغم من أنن الإنسحابات من لجنة بلسنر وصلت الى ممثل المتدينين - في ظني إنها مناورة من قبل المتدينين للضغط على نتنياهو لعدم تلبية رغبة موفاز بالكلية حتى لا تفهم أنها نصر لموفاز وتسجل له في رصيده السياسي.

اللعب على التناقضات
هناك أحاديث في داخل حزب الليكود أن موفاز يحاول إيجاد شرخ بين نتنياهو وليبرمان للعب على التناقضات وللتخفيف من تأثير ليبرمان في الحكومة، وفي الوقت نفسه للدفع بإصطفاف داخل الحكومة يستغل فيه توجهات ليبرمان التحريضية على المتدينين خاصة حزب شاس ورفضه للجلوس معه في أي حكومة ائتلافية قادمة وتفضيلة مشاركة حزب الإستقلال بقيادة ايهود باراك. يبدو لي أن موفاز يستغل الأوضاع الداخلية والخارجية لمصلحة توجهاته السياسية، فهو من جهة لا خيار أمامه إذا أصر نتنياهو على إغلاق باب التفاهم معه من الإنسحاب من الإئتلاف وهي ستكون ضربة موجعة لنتنياهو على الرغم من أنها لن تسقط نتنياهو لكنها ستضعه تحت رحمة ليرمان وحزب البيت اليهودي، وهو خيار قد يدفعه الى التبكير بالإنتخابات حتى لا يخسر حلفاءه المتدينين، وبذلك يهرب في الوقت الحالى من معالجة إنتهاء شرعية قانون طال وضرورة سن قانون بديل عن ذلك حتى الإنتهاء من الإنتخابات.

إنهيار الإئتلاف
والحافز الآخر لموفاز أن ليبرمان غير معني بإنهيار الإئتلاف، وأنه قد يؤجل معركته قليلا، وأن كل ما يعنيه هو تذكير الشارع الإسرائيلي بمواقفه تلك للمعركة الإنتخابية القادمة والإنتقاص من مصداقية نتنياهو الذي أخلّ بالإتفاق معه، ولكن إدراكه لحساسية الوضع والخطورة المتربة على إنهيار الإئتلاف الحكومي، ولن يلجئ للإنسحاب من الإئتلاف الحكومي، وهذا ما يدركه نتنياهو لذلك سيكرس جهوده لإنهاء خلافه مع موفاز.

رجل المرحلة القادمة
أما بالنسبة للوضع الخارجي، موفاز استقبل بحفاوة من الإدارة الأمريكية بشكل لم يكن يتوقع حدوثه، إذ صور على أنه رجل المرحلة القادمة والذي سيذيب ثلوج الجمود السياسي في المنطقة بالإستعداد للمفاوضات والدخول فيها بتذليل بعض العقبات أمام الفلسطينيين للعودة الى المفاوضات، ولذلك اتهمت الدائرة المحيطة بموفاز من كاديما نتنياهو بالوقوف وراء إفشال اللقاء الذي تقرر عقده بين موفاز والرئيس ابو مازن الأحد الماضي، لدواعي داخلية منها إبتزاز موفاز للتراجع حول مقترح لجنة بلسنر حول قانون الخدمة العسكرية والمدنية لليهود المتدينين والعرب، وهذا ما نفاه أوساط من حزب الليكود ومقربة من نتنياهو واتهموا موفاز بإفتعال هذا السبب قائلين بأنه تم إختراع الإدعاءات بوجود علاقة بين تعديل قانون "طال" وإلغاء لقاء موفاز "أبو مازن " في أعقاب إلغاء هذا اللقاء من قبل الفلسطينيين، وأن الفلسطينيين هم من أفشلوا اللقاء لضغوطات تعرض لها الرئيس ابو مازن وهذا يتوافق مع مصدر مطلع أكد لوكالة "معا" أن اللقاء الذي كان مقررا عقده يوم الأحد بين الرئيس محمود عباس ونائب رئيس وزراء إسرائيل شاؤول موفاز قد تم فعلا تأجيله لموعد لم يحدد، وأن التأجيل جاء للعديد من الإعتبارات ومنها الرفض الشعبي لهذا اللقاء في ظل الظروف الراهنة، مشيدا بإحترام الرئيس لرغبة الشارع والجمهور الذي مارس حقه بالمعارضة الواعية والمسؤولية".

تحديات إستراتيجية
الحراك الإجتماعي داخل اسرائيل عاد الى الواجهة وإن لم يكن بالقوة التي جرت العام الماضي والتخوف أن تتسع هذه الدائرة لتشكل تحدي استراتيجي خطير قد ينهزم أمامه نتنياهو ويسبب بإنهيار الحكومة الائتلافية، حيث أن هناك معطيات اقتصادية مقلقة داخل اسرائيل: إزدياد نسبة البطالة، تراجع في الصادرات ووزيادة في الواردات، انكماش في الصناعات والخدمات المقدمة مثل البرامج الإلكترونية، ضعف سلة المشتريات، تزايد نسبة الفقر في الشرائح الضعيفة، إنخفاض قيمة الشيكل أمام الدولار الأمريكي، تراجع في سلة المشتريات.

الوضع الأكثر خطورة
فبحسب ما نشر مركز بيجين - السادات للدراسات الإستراتيجية في دراسة جاء فيها " أن الثورة المصرية بجانب الثورات العربية وإيران خلقت وضعاً أمنياً هو الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل منذ نهاية الحرب الباردة، وأن الجو الأمني فى إسرائيل هو الأسوأ الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى من العقدين الماضيين". ولقد تطرق التقرير الى إحتمال إحتلال أجزاء من سيناء، مدير المركز البروفيسور إفرايم إنبار أستاذ العلوم السياسية فى جامعة "بار إيلان" أن تل أبيب تضطر فى ظل ظروف معينة إلى إستعادة أجزاء من شبه جزيرة سيناء فى ظل حكم الرئيس المصرى الجديد المنتخب محمد مرسى بسبب الوضع الأمنى السيء هناك بعد سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك، على حد زعمها"، ولا يخلو هذه في نظري من بعده التحريضي الدعائي لإستنفار العالم ضد النظام المصري كونه منبثق من الأخوان المسلمين، ولا يخلو من مقدمات تضعها تلك الدوائر البحثية الأمنية والسياسية للتمهيد لمطالب إسرائيل الأمنية والإحتياجات العسكرية من الولايات المتحدة، وللضغط على الإدارة الأمريكية لتقديم مزيدا من الضمانات تجاه الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وللإبقاء على مسألة التوازن العسكري لصالح إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة