الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 15:02

محمد مرسي رئيس على كف "التحرير"/بقلم:زياد شليوط

كل العرب
نُشر: 28/06/12 18:33,  حُتلن: 08:20

زياد شليوط في مقاله: 

ثلاثة أرباع الشعب لم ينتخبوا مرسي فهل تستحق هذه النتيجة كل تلك الفرحة؟

غالبية الشعب تريد مصر دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بحقوق جميع المواطنين وحرية التعبير والرأي

مرسي لم يكن المرشح المفضل والأول من قبل حزبه وحركته بل كان مرشحهم المهندس خيرت الشاطر الذي يحظى بشعبية كبيرة

الجميع انشغل بطبيعة الحال بحساب كمية الأصوات التي حصل عليها مرسي ومنافسه شفيق وقلائل جدا انتبهوا الى كمية الأصوات التي لم تدخل صناديق الاقتراع

الاخوان ومن معهم من قوى اسلامية تعلن تأييدها للحسم الديمقراطي عندما يخدم ذلك أهدافها وطموحاتها لكن ما أن تفوز بانتخابات ديمقراطية حتى تنقلب على الديمقراطية وتغير نظام الحكم وتلغي الديمقراطية

صحيح أن مرشح الاخوان المسلمين د. محمد مرسي فاز برئاسة جمهورية مصر العربية، وصحيح أن الاخوان المسلمين انتقلوا من حركة معارضة الى حزب حاكم ومسؤول عن أكبر دولة عربية، وصحيح أنه يحق للاخوان ولمؤيدي الرئيس الجديد الاحتفال بهذه النتيجة وهذا الفوز، ولا ندري اذا كان يحق لبعض دعاتهم ومنظريهم أن يشمتوا بالقومية العربية كما كانوا يفعلون وأكثر.. لكن بعد ذلك وأهم من كل ذلك هناك حقائق على الأرض وهناك تحديات كبيرة وجسيمة في الأفق.

حق التصويت
من الحقائق التي يجب عدم تجاهلها تحت فرحة الانجاز الكبير ويجب الانتباه لها ووضعها في مكانها الصحيح، إن الفارق في الأصوات بين الرئيس المنتخب محمد مرسي ومنافسه الفريق أحمد شفيق لم يتعد المليون صوت (882751 صوتا بالتحديد) وهذا لا يعتبر فارقا كبيرا في الأصوات المصرية، وبلغة النسب فإن نسبة الأصوات التي حصل عليها مرسي بلغت 51.7% أي 13,230,131 صوتا، ونسبة الأصوات التي حصل عليها شفيق بلغت 48.3% أي 12,347,380 صوتا، وهذا يدل على أن مرسي حصل على نصف الأصوات تقريبا. واذا ما عرفنا بأن نصف أصحاب حق التصويت (حوالي 50%) شاركوا في عملية الانتخاب والادلاء بأصواتهم، وأن مرسي حصل على نصف النصف، فإن ذلك يعني أنه حصل على ربع أصوات أصحاب حق الاقتراع، أي يقارب ما حصل عليه في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة (24% تقريبا) وهذا يعني أن مرسي حافظ على قوته الأساسية والأهم أنه فاز بأصوات ربع الناخبين وهذا لا يعني بأي حال أنه فاز بأغلبية الأصوات، بل العكس هو رئيس بأصوات أقلية من الشعب المصري.

اختيارات وتوجهات
إن الجميع انشغل بطبيعة الحال بحساب كمية الأصوات التي حصل عليها مرسي ومنافسه شفيق، وقلائل جدا انتبهوا الى كمية الأصوات التي لم تدخل صناديق الاقتراع، وامتنعت عن المشاركة في التصويت وهي نصف الشعب وهي الكمية الأكبر في هذه الحالة، ونصف المصوتين صوتوا لصالح شفيق، وهذا يعني أن ثلاثة أرباع الشعب لم ينتخبوا مرسي، فهل تستحق هذه النتيجة كل تلك الفرحة؟ صحيح أنه بالمفهوم الديمقراطي المتعارف عليه، يحق لأنصار مرسي الاحتفال فهو بات رئيسا لمصر دون أدنى شك. لكن عليهم ألا ينسوا أنه صار رئيسا بأصوات ربع الناخبين، ولكي يظل رئيسا عليه أن يجتاز الامتحان القادم. ولهذا من الخطأ الاستنتاج السريع والمتسرع عند البعض أن مصر تحولت الى دولة اسلامية، لأن أكثرية الشعب لم تصوت لصالح مرشح الاخوان وبالتالي لا تؤيد أسلمة الدولة المصرية، بل أن غالبية الشعب تريد مصر دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بحقوق جميع المواطنين وحرية التعبير والرأي. إن الذين قاطعوا الانتخابات عمدا واختيارا، أو غابوا عن الصناديق خيبة أمل ويأسا، اضافة الى مصوتي شفيق، مع الفارق الشاسع بين تلك الاختيارات والتوجهات، يرفضون صراحة حكم الاخوان وسيطرتهم التامة على مقاليد الحكم، وهؤلاء هم الكتلة الأكبر في وجه الاخوان عند ساحة الامتحان.

منسوب الحدة والتوتر
وحقيقة أخرى غابت عن بال الكثيرين واختفت في ظل الضجيج الاعلامي وحالة الترقب وشد الأعصاب، أن الاخوان ومن معهم من قوى اسلامية، تعلن تأييدها للحسم الديمقراطي عندما يخدم ذلك أهدافها وطموحاتها، لكن ما أن تفوز بانتخابات ديمقراطية حتى تنقلب على الديمقراطية وتغير نظام الحكم وتلغي الديمقراطية التي جاءت بها الى سدة الحكم، ولنا أمثلة في أكثر من دولة وموقع. بل أنه في الحالة المصرية حاول الاخوان وعلى رأسهم مرشح الرئاسة فرض نتيجة الانتخابات التي أرادوها، حيث سارع مرسي وبعد ساعات قليلة من اغلاق الصناديق وفي خطوة غير مسبوقة وغير ديمقراطية، الى الاعلان بأنه الفائز بالرئاسة حسب حساباته وقبل أن تعلن النتيجة الرسمية، مما أدخل مؤيديه في حالة نشوة رفضوا فيما بعد التنازل عنها أو قبول أي نتيجة أخرى، ولما انجر شفيق الى نفس اللعبة وخرج باعلان مشابه أنه الفائز، ودخلنا في دوامة التصريحات والبيانات من كل طرف بالفوز، وتأخير لجنة الانتخابات الرئاسية لاعلان النتيجة النهائية، ارتفع منسوب الحدة والتوتر في الشارع المصري، مما دفع بأنصار مرسي من الاسلاميين الى النزول الى ميدان التحرير "واحتلاله" لثلاثة أيام معلنين أنهم سيحرقون مصر اذا لم يعلن عن فوز مرشحهم، وفرضوا امرا واقعا كان يمكن أن يصل الى حد الانفجار والاحتراب الداخلي، فهل هذه هي الديمقراطية الحقة، أم انها الديمقراطية التي تخدم طرفا ما، واذا لم تخدمه ينسف كل المفاهيم الديمقراطية؟

تحديات كبيرة وجسيمة
وحقيقة جلية أخرى غابت عن الأذهان في ظل الترقب والتوتر، أن مرسي لم يكن المرشح المفضل والأول من قبل حزبه وحركته، بل كان مرشحهم المهندس خيرت الشاطر الذي يحظى بشعبية كبيرة والذي تم اقصاؤه من عملية الانتخاب من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية، وأمام ذلك لم يجد حزب "العدالة والحرية" وحركة الاخوان أفضل من محمد مرسي رئيس الحزب، وبفضل شعبية تيار الاخوان والتنظيم الذي يتمتع به فاز مرسي برئاسة مصر ولولا ذلك لما وصل الى باب قصر الرئاسة. أمام ذلك كله وأمام التحديات الكبيرة والجسيمة التي تنتظر الرئيس المنتخب، فان الشعب ينتظر بعدما تزول فرحة النصر، أن يقدم له الرئيس الجديد الحلول لمشاكله اليومية، وخاصة في العيش الكريم بتوفير أماكن عمل ورفع مستوى المعيشة وتحسين الاقتصاد وايجاد المسكن وغيرها من الهموم اليومية للمواطن هذا علاوة على القضايا السياسية والخارجية والتي سنرى كيف سيتعامل معها مرسي.

محاسبة مرسي
إن محمد مرسي سيكون رئيسا لمصر لمرحلة انتقالية لأربع سنوات، وقد أثبت المرشح حمدين صباحي أنه يتمتع برؤية ثاقبة، حيث أعلن أنه سيعمل خلال هذه الفترة على بناء التيار الشعبي المعارض وتنظيمه، وهو الذي يشكل تيارا مركزيا قويا كما دلت عليه نتائج انتخابات الجولة الأولى للرئاسة، لكي يقوم هذا التيار بخوض الانتخابات بشكل منظم ويفوز بالحكم في مصر لأنه يعبر عن مزاج أغلبية المصريين. أما اذا ارتكب الرئيس مرسي أخطاء تستدعي التقويم، فان ميدان التحرير الذي شكل البرلمان الشعبي في مصر، وبات يعتبر مركز التحركات للمطالب الشعبية الى أن تتحقق، سيكون بانتظاره. هذا الميدان الذي حقق الثورة وأسقط نظاما فاسدا، لن يتورع ولن يتأخر عن محاسبة مرسي الذي سيبقى رئيسا على كف "عفريت" ميدان التحرير. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة