الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 08:02

حنان من عرعرة تكتب على منبر العرب: الطفلة التي قضت تحت الركام

كل العرب
نُشر: 20/06/12 13:16,  حُتلن: 07:34

لقد حملوها على اكفهم ورفعوها امام كاميرات الاعلام وهي مضرجة بالدماء, يقفون بين الركام والدخان, وتتلقفها ايديهم كانها دمية صغيرة ممزقه, حتى انه لو انك رايت دمية مقطعة اهون عليك ان تشاهد طفلة بهذا المشهد المروع , شاء لها القدر ان تكون ضحية زمان غادر.... لماذا ؟! اليست هي بشر من لحم ودم ؟!. اليست هي طقلة كباقي اطفال العالم ؟! صغيرة في عمر البراءة لم تتجاوز الخامسة من عمرها تلقى حتفها بهذه الصورة المؤلمة...ياالاهي!! لقد كانت ترفع يدها اليمنى للاعلى ربما لانها كانت المسكينة تستغيث قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة ولعلها كانت تنادي بصوت خافت ضعيف من تحت الركام: ماما..بابا..خيا...هل من مجيب؟.. وترفع يدها اليمنى الصغيرة علها تجد ماينتشلها من تحت الركام ويغيثها من قدر محتوم . ما ذنب هذه المسكينه ؟! قولوا لي بربكم!...
انا لاادري لماذا زارني طيفها في ذات ليلة, ربما لان قلبي نقي كبراءة الاطفال, او ربما لاني لم اتمالك نفسي الطيبه واجهشت بالبكاء يوم رايتها غارقة بالدماء تحملها ايادي المتجمعين . منذ ذلك الحادث الاليم قطعت على نفسي عهدا بان اصنع لها تذكارحتى ولو دقيقة حداد كلما مر ذلك التاريخ المشؤؤم . عندما جاءني طيفها كما ذكرت : جاءتني في منامي ضاحكة مستبشرة على غير ذلك المنظر الذي رايتها فيه يوم الحادثة الرهيبة. ليتكم تعلمون كيف جاءتني في تلك الليلة المكتملة القمر, لقد اتت كالملاك الصغير ترتدي فستانا جميلا بالوان زاهية, احاكته لها الملائكة في سماوات العلى, يشع من طلتها نور يعبق ببراءة الطفولة المرحة النقيه. تحمل بين يديها باقة من الازهار كانها من جنات الفردوس . لقد اخبرتني انها كانت تحب جمع الازهار من كل مكان بالماضي, ولكن لم يكن باستطاعتها فعل ذلك في السابق . اما بعد تلك الحادثة انطلقت الروح البريئة نحو فضاء خالقها, لتنعم بالحرية في جنان باريها, فجمعت من كل بقعة من بلادها زهرات للتذكار لتكون منها باقة غنية من ازهار وطنها المسلوب الذي احتضنها ترابه كما احتضن جدتها التي كانت تحبها كثيرا... نعم جدتها التي اوصت والدها يوم ولادتها بان يسميها فلسطين ... لقد ولدت فلسطين لكنها لم تلبث المسكينة ان تعيش عدة سنين حتي اغتالها القدر لتزف الى اكناف اجدادها تحت الثرى . لكنها ستبعث في يوم ما . يوم سيحاسب فيه كل ذي ذنب وكل اثم , وكل مجرم بما اقترفت يداه .
ستبعث الطفلة فلسطين في يوم يعود الحق لاصحابه, وتعود الديار لاهلها وتعود الطيور لتغرد في بساتين الحرية, وتنطلق من افواه النساء الاغاني والزغاريد, وتعود ضحكات الاطفال في الاعياد من جديد, ولتبدا حكايات العهد الجديد والعمر المديد . لكن لا تقولو لي ان هذه مجرد اساطير, لا يا اعزائي بل هذه نهايات محتومه نراها بعيده لكنها في الواقع قريبة . وهي عهد صادق قراته في عيون الاطفال وتنفسته من هواء بلادي الجميله وشربته من ماء ينابيعها النقيه وحملته حفنة من تراب ارض ابائي واجدادي الطيبين منذ نعومة اظافري.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة