الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 09:02

الربيع العربي ودروس نكبة حرب العام 1967/بقلم:إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 09/06/12 11:52,  حُتلن: 11:35

ابراهيم صرصور في مقاله:

اعترف أن قراءتي للأحداث الكبيرة في تاريخ الأمة قديمة وحديثة مهما حاولت أن أكون فيها علميا ومنهجيا

نظرتي لواقع الأمة والذي جاءت ترجمته فيما كتبنا حينها والقينا من دروس في المسجد وغيره اتسمت بالتفاؤل وخلت تقريبا من التشريح السوداوي

لن تعود مصر والأمة العربية إلى الوراء أبدا لن تعود إلى أيام حملت شعوبنا فيها القادة المهزومين على الاكتاف وهتفت لهم الحناجر ورفعتهم الأكف الى عروش الحكم من جديد ووقف الدجالون من الكُتّاب والصحفيين يحولون الهزيمة الى نكسة

شعوبنا ستدفع في ظل ثورتها قادة سيعيدون أياما كان القادة فيها لا يضحكون ما دامت مقدسات المسلمين وأوطانهم مغتصبة وما دام الاقصى في قيد مُحْتَلّيهِ  ويحررونها من كل علاقة غير متكافئة مع دول الاستكبار العالمي خصوصا من يناصب الأمة وقضاياها العداء 

يجب أن اعترف أن قراءتي للأحداث الكبيرة في تاريخ الأمة قديمة وحديثة، مهما حاولت أن أكون فيها علميا ومنهجيا ، تأخذ – رغما عني – لون ونكهة الواقع الذي تمر به الأمة لحظة أمسك القلم لأخط صورة تحليلية لحدث من أحداثها.. لاحظت هذا في نفسي، ولا أدري إن كنت وحدي من يصيبه هذا الحال، أم أن غيري مصاب به أيضا ... تأكد لي هذا الشعور في أكثر من منعطف.. فمثلا عندما انتصرت الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979 ، ورغم صغر سني حينها ( 21 عاما )، واختلاف الناس حول الثورة ( الشيعة والسنة )، إلا أن نظرتي لواقع الأمة والذي جاءت ترجمته فيما كتبنا حينها، والقينا من دروس في المسجد وغيره، اتسمت بالتفاؤل وخلت تقريبا من التشريح السوداوي، بل وهَرْوَلَتْ في إتجاه خطاب حَمَلَ نبرة أمل لا يأس معه في إمكانية التغيير وإن كان قبلها مستبعدا على الأقل على المدى المنظور ...

حالة إنسداد
الظاهرة ذاتها برزت مؤخرا في إحيائنا لذكرى النكبة هذه العام .. هذه المناسبة الحزينة في تاريخ شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية والإسلامية ، أخذت لونها ونكهتها قبل الربيع العربي من الشعور بحالة الانسداد والتي دفعتنا للتركيز على أسباب النكبة ، وما إذا تغيرت هذه الأسباب بعد مرور أكثر من ستة عقود على وقوعها ، وانقضاء أكثر من مائة عام على الصراع ... لقد شعرت دائما وفي كل الحالات سواء كنت متحدثا أم مصغيا ، أن أجواءً من عدم التفاؤل تسيطر على التناول للأحداث مهما كان علميا ، خصوصا عندما نصل إلى أن الواقع الفلسطيني والعربي لا يبشر بانفراج ما بسبب حالة الإعاقة التي يعيشها ، والتي لا تتيح له فرصة التحرر من عوامل الشد إلى أسفل ... أما هذا العام وبعد بداية الربيع العربي ، فقد جاء إحياؤنا لذكرى النكبة حاملا عبقا جديدا استمد روحه من أجواء هذا الربيع التحرري غير المسبوق ، والذي دفعني في محاضرة لي في إحدى الندوات إلى أن أقول : اليوم نحن لسنا مقطوعين من شجرة !!!!!!!!! ...
الشعور ذاته اعتراني وأنا أمسك بالقلم لأكتب هذه المقالة بمناسبة مرور خمسة وأربعين عاما على نكبة حرب العام 1967 ... فرضتْ أجواءُ الربيع العربي نفسَها عليَّ ، وَحَرَفَتْ بوصلتي طواعية في إتجاه قراءة جديدة لا تستمد مادتها من واقع عربي هو ذاته الذي أنتج هزيمة 67، ولكن من واقع جديد حطَّم أبواب الهزائم، وبدأ يؤسس لمستقبل لا شك في أنه سيقلب الموازين، وسيحول الهزائم نصرا والضعف قوة وحياة الذل والخنوع إلى حياة عزة وكبرياء ...

حكم الإعدام
لعل أبلغ ما يدلل على ذلك انقلاب الصورة في واحدة من وجوه تلك الحرب المخزية ومقدماتها وما أدى إليها من أوضاع وأسباب ... وقف الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في العام 1965 ليعلن كذبا وزورا من موسكو اكتشاف مؤامرة دبرها الإخوان المسلمون بقيادة سيد قطب بهدف الاستيلاء على الحكم بالقوة والقيام باغتيالات لرجال الحكومة والفنانين والمغنين والممثلين. ونشطت أجهزته القمعية في إلقاء القبض على الإخوان وأصدقائهم ومعارفهم وأقاربهم ونسائهم وأطفالهم، وأقيمت مذبحة للإخوان ولاقوا من التعذيب الوحشي الرهيب ما لا يطيقه بشر عادي ....... كان لسيد قطب شهيد الفكر الإسلامي نصيب الأسد من هذا التعذيب الذي انتهى بتنفيذ حكم الإعدام به وبأخويه في الدعوة محمد هواش وعبد الفتاح إسماعيل، فجر الاثنين 29.8.1966 ، أي قبل أقل من عام من حرب 67 . شنقه عبدالناصر وهو الذي لا يملك إلا قلمه الذي لا يكاد جسده المنهك من التعذيب والأمراض الإمساكَ به ... شنقه بعد أن أوعز لشياطينه احتجاز ( استضافة ) الوفد الذي بعثه الرئيس العراقي عبدالسلام عارف والذي وصل القاهرة ليلة إعدام سيد ، متشفعا لدى ( الرئيس الملهم !!! ) للإفراج عن المفكر سيد قطب أو على الأقل تخفيف حكم الإعدام . أبقى شياطين الرئيس الوفد في قاعة كبار الضيوف في المطار بأمر مباشر منه حتى يتم تنفيذ الإعدام فجرا ، ليلتقي بعدها بالوفد معتذرا ومتعذرا عن اللقاء سابقا لانشغالات الرئيس والتزاماته المسبقة ...
كان الشهيد سيد قطب يملك من عمق التفكير والتحليل ما مكنه من توقع الأشياء قبل حدوثها .. لقد عرف أن عبدالناصر لن يسمح لأحد مهما بلغ أن يقول له ( لا ) .... وعرف أيضا أن مصير من يعترض عليه لن يكون أقل من الشنق بعد التعذيب والإهانة .. أما طريقه إلى تنفيذ ذلك فأجهزة أمنية كانت أشد شراسة وقسوة ووحشية من محاكم التفتيش الإسبانية ، اتخذت الرئيس إلها من دون الله ، واتخذها الرئيس أداته لقمع الشعب وإهلاك الحرث والنسل .......

حدة ووحشية
قد تسألون وبحق : ما علاقة هذا الحديث بهزيمة 1967 ؟!!! الجواب على هذا السؤال بسيط جدا .. هذه صورة مصغرة من أوضاع مصر التي سبقت الهزيمة ، وهذه الثقافة وإن كانت بشكل أقل حدة ووحشية هي التي أورثها الملهم للرئيسين من بعد السادات ومبارك ...... دكتاتورية واستبداد وفساد ......هذا ما أدى إلى الهزيمة ، وهذا ما ثار عليه الشعب المصري في ثورته المجيدة ، ثورة الخامس والعشرين من كانون ثاني/يناير 2011 ... لم يثر الشعب المصري على حكم مبارك فقط ، وإنما ثار على حكم استمر من عهد الملك فاروق وحتى نهاية عهد مبارك ... أما الصورة العكسية فهي مصر ما بعد الثورة ...... الإخوان من أعواد المشانق وزنازين التعذيب إلى كرسي رئاسة الجمهورية ومجلسي الشعب والشورى .. هذه واحدة من ثمار الثورة ، ولذلك حديثنا عن هزيمة العام 67 هذه المرة مختلف جدا عما سبق ........
في الماضي ، أي قبل الثورة ، كان الحديث عن الهزيمة مرا ، لأنه حديث عن هزيمة متدحرجة لم تتوقف يوما ، صنعها ناصر والسادات ومبارك ، كُلٌّ حسب طريقته .. أما اليوم فالحديث عن الهزيمة ، حديث عن مأساة قرر الشعب إزالة آثارها وإلى الأبد ، واختار لذلك الأمناء على مصلحة مصر من الأخوان المسلمين ، لأنهم هم الوحيدون القادرون على لم شمل الشعب وقياداته ، وهم القادرون على تحقيق الشراكة الحقيقية بين كل المخلصين من أبناء مصر ومن كل التيارات اليمينية واليسارية ، وهم الوحيدون القادرون على الوقوف بحزم في وجه فلول النظام وتخليص مصر منهم ومن آثامهم، بعون الله أولا ، ثم بدعم ملايين المصريين الذي يعرفون هذه الحقائق رغم كل محاولات التشويه التي ما زالت تنضح بها أغلب قنوات الأعلام المصرية والعالمية ...

حقيقة عقائدية
لن تعود مصر والأمة العربية إلى الوراء أبدا .. لن تعود إلى أيام حملت شعوبنا فيها القادة المهزومين على الاكتاف ، وهتفت لهم الحناجر ، ورفعتهم الأكف الى عروش الحكم من جديد ، ووقف الدجالون من الكُتّاب والصحفيين يحولون الهزيمة الى نكسة، والفاجعة الى كبوة ، وانتصار اسرائيل الصاعق الى هزيمة ، لا لشيء الا لأن اسرائيل فشلت في اسقاط الانظمة العربية الثوريه ، وعليه كانت الهزيمة من نصيبها، والنصر من نصيب الامة العربية !! ... هذا ما نذكره جميعا من تلك الحقبة السوداء ، فهل تغير الوضع ؟ نعم تغير وإلى الأبد ...
لن تقبل مصر ومعها الأمة استمرار حالة الضعف والهوان الذي لا يمكن أن يقبل به عاقل او بصير . فالأمة لها تاريخها ولها حضارتها ولها وجودها الذي لا يخفى على احد .. كَشفُ الحساب في السنة الخامسة والأربعين للهزيمة ، يدعونا الى التذكر ان اسلامنا الذي جعلنا ملئ بصر العالم وسمعه على مدى اربعة عشر قرنا ، يدعونا الى الوحدة الحقيقة العقائدية والجغرافية والسياسية ، فأين أمتنا اليوم وفي ٍهذه المناسبة من هذه القيم والمثل العليا ؟!!.. اسلامنا يدعو الامة الى ان تأخذ موقعها في مقدمة الامم تأثيرا وحماية لمصالحها العليا من خلال منظومات علاقاتٍ خارجيةٍ قائمةٍ على السلام والمحبة والتعاون بين كل ابناء الامة وشعوب الارض .. فأين نحن من ذلك كله ؟!!.. اسلامنا يدعو لاستغلال ثرواتنا في التاثير على تطور امتنا في ميادين العلم والتكنولوجيا والمدنية ، وفي التأثير على سياسات دول الاستكبار العالمي كقوة ضاغطة قادرة على فرض ارادتها وانتزاع حقوقها بعز عزيز او بذل ذليل . أمتنا بعد الربيع العربي في ريقها إلى تحقيق ذلك كله ... شعوب الربيع العربي سيحققون ذلك إن شاء الله ......

أنظمة عربية عاتية
شعوبنا ستدفع في ظل ثورتها قادة سيعيدون أياما كان القادة فيها لا يضحكون ما دامت مقدسات المسلمين وأوطانهم مغتصبة ، وما دام الاقصى في قيد مُحْتَلّيهِ ، ويحررونها من كل علاقة غير متكافئة مع دول الاستكبار العالمي خصوصا من يناصب الأمة وقضاياها العداء ، او بكلمات ادق تبعيتها لها ، ويستثمرن طاقاتها المادية والبشرية في حماية أمنها القومي وبناء مجتمع قوي في كل مجالات الحياة ...
حديثنا اليوم وفي ظل الربيع العربي عن هزيمة العام 1967 ، حديث من سيحول الهزيمة نصرا ، لا من سيلوك وجعه ويجتر ألمه وهو لا يرى النور في طرف النفق ........ لقد أضاءت الثورات العربية ليل الأمة ، فبدأت مسيرتها التي لن تتوقف حتى تحقيق حلمها في الوحدة الجغرافية والسياسية ........ الولايات المتحدة الإسلامية ........ ليس هذا خيالا ، فمن كان يفكر يوما في أن الأنظمة العربية العاتية يمكن أن تزول ؟؟!!!!!! لقد زالت ، ألا ترون ؟؟؟!!!!!!! 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة