الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 01:02

التغيير في مصر من الثورة الى الفلتان/ بقلم: عكرمة ثابت

كل العرب
نُشر: 03/06/12 15:59,  حُتلن: 08:42

عكرمة ثابت في مقاله:

العشرات من المواطنين قدموا أرواحهم فداء للكرامة والعدالة والديمقراطية التي غابت طويلا عن الحياة اليومية المصرية

من الواضح جدا أن هناك جهات محددة معنية بإفشال إنتخابات الرئاسة خاصة بعض وضوح معادلاتها ونتائجها التي لم ترق لهذه الجهات

الثورة أسقطت النظام وأطاحت برموزعديدة فيه وتمكنت من وضع الفاسدين المتحكمين بأقدار الناس ومصائرهم خلف القضبان ودخلت مصر بعظمتها قاموس التغيير الشعبي من أوسع الأبواب

عندما إندلعت شرارة الثورة الشعبية السلمية – ثورة 25 يناير – وإحتشدت الجماهير الثائرة في ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة ، حددت أهدافها بشكل صريح وواضح ورفعت شعاراتها بأصوات عالية هادرة بأنها تريد تحقيق حياة معيشية وسياسية وإقتصادية عادلة وشريفة من خلال إسقاط النظام وإجتثاث الفساد والفاسدين ومحاربة المحسوبيات وتعزيز الحريات المدنية والسياسية وتغيير دستور البلاد بما يحفظ حقوق المواطنين ويرسخ العدالة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية بين الأفراد.

إرادة الشعب
مطالب ثورة التغيير25يناير ، أو كما سماها البعض بثورة الغضب وثورة الشباب ، عبرت بشكل لا يمكن معارضته عن إرادة الشعب المصري ولاقت تعاطفا جماهيريا واسعا في كثير من البلدان العربية والغربية ، وقد أحدثت تحولا هائلا أثر بشكل كبير على المعادلات السياسية والأمنية في المنطقة بأسرها ، وقد قدم العشرات من المواطنين أرواحهم رخيصة فداءً للكرامة والعدالة والديمقراطية التي غابت طويلا عن الحياة اليومية المصرية.

خلف القضبان
أسقطت الثورة النظام وأطاحت برموزعديدة فيه وتمكنت من وضع الفاسدين المتحكمين بأقدار الناس ومصائرهم خلف القضبان ، ودخلت مصر بعظمتها قاموس التغيير الشعبي من أوسع الأبواب وسجلت في سفر التاريخ أحداثا لا تنسى في سبيل الإصلاح والتغيير والإنتقال من واقع الظلم والفساد ونظام الحكم الواحد إلى واقع العدالة والديمقراطية واللجوء إلى صناديق الإقتراع لإختيار الحاكم والبرلمان بإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية عادلة ونزيهة.

تعديل الدستور
تنحى حاكم مصر " محمد حسني مبارك " ودمر مطبخ الحكم والشورى من حوله ، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد ، والحق يقال هنا بأن قيادة المجلس قد وضعت رغبة الجماهير المصرية ومطالبها العادلة في سلم أولويات عملها وقررت بوضوح مطلق إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية بعد الشروع الفوري بتعديل الدستور وقانون الأحزاب وتعديل المادتين 77و88 فيه ، وبجرأة متناهية إتخذت قرارا بحل الحزب الوطني الحاكم وإجراء تغييرات في الأجهزة الأمنية وقوى الأمن التابعة لوزارة الداخلية ، وأطلقت العنان للقضاء الحر النزيه بأن يقول كلمته بحيادية وإستقلالية تامه ودون تدخل أو تأثير أو توجيه لا سيما بالامور المتعلقة بإعتقال الرئيس السابق وأبنائه والمحيطين فيه من الشخصيات السياسية والإقتصادية والأمنية التي طالها الإعتقال ، وسارت إجراءات الإعتقال والتحقيق والمحاكمة بشكل قانوني لا لبس ولا طعن فيه.

 صناديق الإقتراع جاهزة
كل ذلك ومصر بحضارتها ومكانتها تسير نحو مستقبل واعد من الديمقراطية ، الشعب المصري الآن هو الذي سيختار مجلسه وسيقرر من الذي سيحكمه ؟!! صناديق الإقتراع جاهزة للأصوات الحرة أن تقول كلمتها الفاصلة ، إختار الشعب برلمانه وحقق الإخوان المسلمين فوزا ساحقا فيه تلاهم السلفيين ، وإنتهت الإنتخابات البرلمانية بنجاح رغم وجود إعتراضات وطعون ، واصبحت اللقمة الفرعونية عسيرة الهضم على أبواب أفواه الإخوان المتعطشين للحكم ، وإعتلت مطرقة التشريع وسن القوانين وتغيير القرارات السابقة منصة مجلس الشعب ، وأصبحت مسؤولية تنفيذ إنتخاب الرئيس الجديد بيد مجلس الشعب الذي بدورة وبالتنسيق والتشاور مع قيادة المجلس العسكري الأعلى أقر وعدل وجهز وشكل وراقب كل الإجراءات والآليات الإنتخابية والقانونية التي على أساسها سيتم إنتخاب الرئيس .

تسريع نقل السلطة
وأقيمت الجولة الأولى من الانتخابات يومي 23 و24 مايو من عام 2012 طبقًا لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات ، ما يعد استجابة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لطلب تسريع نقل السلطة وأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية قائمة السادة المتقدمين بطلبات الترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية والذين بلغ عددهم ثلاثة عشر مرشحا بعد أن إستبعدت اللجنة عشرة مرشحون استبعاد نهائي لأسباب مختلفة ، وكان من بين المتقدمين لهذه الإنتخابات " أحمد شفيق " أخر رئيس وزراء في عهد محمد حسني مبارك ، حيث رشح نفسه مستقلا بعد أن حاز على 62,192 صوتا مؤيدا له ولكن لجنة الانتخابات استبعدته بموجب قانون العزل السياسي الذي صدّق عليه المجلس العسكري يوم 24 أبريل 2012 ، ثم أعادته بعد يومين بعد أن تقدم بطعن أمام اللجنة على القانون ، كما وترشح بقوة كل من العضو السابق لمكتب إرشاد الاخوان المسلمين "عبد المنعم ابو الفتوح " الذي تم فصله من الجماعه لترشحه في الانتخابات الرئاسية هذه ، و" حمدين صباحي " مؤسس حزب الكرامة الناصري ، و" عمرو موسى " الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ، ومرشح الإخوان المسلمين رئيس حزب الحرية والعدالة " محمد مرسي " بعد أن تم إستبعاد منافسه " خيرت الشاطر " ، وقد جرت الجولة الأولى للعملية الإنتخابية بنجاح وأقرت لجنة الإنتخابات نتائجها بعد أن ناقشت الطعون والإعتراضات المقدمة وأعلن فيها صعود المرشحين " أحمد شفيق " و"محمد مرسي " للجولة الثانية والنهائية التي فيها سيعلن من هو رئيس جمهورية مصر الجديد ؟؟؟؟؟ .

سياسة التحريض والتأليب
وفي خضم التجهير للجولة الثانية ( الإعادة ) لهذه الإنتخابات ، صادف يوم السبت 2/6/2012 موعد جلسة النطق بالحكم على الرئيس المخلوع وتم الحكم عليه وعلى وزير داخليته السابق بالسجن المؤبد ، وبالرغم من حيادية وإستقلالية القضاء إلا أن سياسة التحريض والتأليب لم تتوقف مما قاد إلى تظاهر المصريين طوال الليل في ميدان التحرير بوسط القاهرة ومدن أخرى غضبا من أن المحكمة التي كانت تنظر في قضية قتل المتظاهرين لم تحكم على الرئيس السابق حسني مبارك بالإعدام ، وطالب البعض بإلغاء انتخابات الرئاسة التي شهدتها البلاد ، ولا زالت موجة الإحتجاجات قائمة وهي مرشحة للإتساع أكثر وربما تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه في بداية إندلاع ثورة 25 يناير ، فهل ستسمح ثورة التغيير والإصلاح الديمقراطي لنفسها أن تدخل البلاد في معمعة الفلتان الأمني والقانوني أم أنها ستحترم الاهداف التي إنطلقت من أجلها وحققت الجزء المهم فيها المتمثل بإسقاط النظام ؟ ومن هو المستفيد من إغراق مصر العروبة في مستنقع الفتن والمشاكل الداخلية ؟ وما هو الهدف من الربط بين الإعتراض على حكم قضائي وبين تعطيل المرحلة النهائية للإنتخابات الرئاسية ؟؟؟!!!!
إن ما يجري الآن في جمهورية مصر العربية من إحتجاجات ومظاهرات هوجائية يثير الإستغراب والتساؤل ، فالقضاء له قنواته المعروفة والقانونية لممارسة حق الإعتراض والطعن وما جرى من جلسات قضائية لمحاكمة الرئيس السابق وفلول نظامه كان واضحا للجميع وتم بث معظم الجلسات على شاشات التلفزيون وكتب في وقائعها ما لا يكتب ، والحكم الذي اصدرته المحكمة هو حكم على قضايا محددة وهناك جلسات متبقية لمحاكمة جميع المتهمين دون إستثناء وفقا للوائح الإتهام المعدة لهم والموجهة ضدهم ، وهذا من إختصاص المحكمة وهيئتها القضائية ولا علاقة للإنتخابات الرئاسية ولا للمرشحين فيه.

إفشال إنتخابات الرئاسة
من الواضح جدا أن هناك جهات محددة معنية بإفشال إنتخابات الرئاسة خاصة بعض وضوح معادلاتها ونتائجها التي لم ترق لهذه الجهات ، ومن الواضح أيضا أن هذه الجهات قد فقدت كل الذرائع القانونية في إثبات طعونها على الإنتخابات الرئاسية لذلك هي معنية أن تستثير الشارع المصري وتشعله من جديد ، وبهذا ستحقق ما تسعى اليه من خلال الفوضى والفلتان.
المسؤولية الكبرى في ظل تدهور الأوضاع تقع على عاتق المجلس العسكري الأعلى والاجهزة الامنية المصرية وعلى مجلس الشعب المنتخب ، وهم مطالبون في الوقوف بحزم أمام محاولات تعطيل الجولة النهائية للانتخابات الرئاسية وشيوع الفوضى في المدن والمحافظات المصرية وأعتقد أن هذه القوات قادرة على حماية حق الإنتخاب والتصويت في جولة الإعادة والتي يجب ان تتم بأسرع وقت ممكن ، ويجب أن لا يسمح لأي كان بالإعتداء على هذا الحق المقدس للمواطنين وإلا فإن مصر – أم الدنيا – لن تقوم لها قائمة.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة