الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 23 / مايو 22:01

عود على بدء العنف: إلى أين؟/بقلم: الشيخ إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 18/05/12 15:26,  حُتلن: 13:30

الشيخ إبراهيم صرصور – رئيس حزب الوحدة العربية/الحركة الإسلامية في مقاله:

الإسلام العظيم هو من حَوَّلَ المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع سَجَّل أروع صفحات السمو الروحي فاهتدى بعد ضلال وتوحد بعد فرقة

أعظم الأهداف التي حددها الإسلام العظيم لضمان بناء مجتمع قوي ومتماسك وقادر على مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية هي الأمن الشخصي والجماعي والأمن الاقتصادي

الإرتفاع لمستوى ديننا العظيم هو الضمان لتحرك كل القوى الحية في المجتمع مدفوعين بالشعور بالمسؤولية الدنيوية والأخروية عن أي تقصير في حماية الإنسان والشرف والكرامة

مرة أخرى تجتاح موجة عاتية من العنف بكل أشكاله مجتمعنا العربي .. يتنادى أصحاب الضمائر، ويحذر أهل الدراية والخبرة والتخصص، وينصح ذوو العقول والنهى .. لكن ... وآه من لكن هذه التي ما أن تنزل بخطاها في أرض الأمل حتى تزرعه ألغاما، وترصفه كمائن وأفخاخا، فلا ندري متى تنفجر، ولا ندري كم من الأبرياء ستحصد قبل أن نصل إلى شاطئ الأمان ...

مجتمع عربي جاهلي
من حقنا أن نحلم بمجتمع آمن ، ومن حقنا في نفس الوقت أن نقرر حقيقة تاريخية لا ينكرها إلا ظالم ، أن الإسلام العظيم هو من حَوَّلَ المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع سَجَّل أروع صفحات السمو الروحي فاهتدى بعد ضلال ، وتوحد بعد فرقة ، وَقَوِيَ بعد ضعف ، وانتُصر بعد هزيمة ، وأبدع بعد جمود ، وارتفع بعد هبوط ، وتقدم بعد انحطاط ... لقد أبدع الشيح محمد الغزالي رحمه الله ، في وصفه لمكة كنموذج لمجتمع العرب الجاهلي فقال : "لقد شبعت حتى بطرت ، وتنازعت الكبرياء حتى تطاحنت عليها ، وكثر فيها من تغلغل الإلحاد في أغوار نفسه حتى عز إخراجه منه . فَهُمْ بين عَمٍ عن الصواب أو جاحد له ، وفي هذا المجتمع الذي لم ينل حظا يذكر من الحضارة العقلية ، بلغ غرور الفرد مداه ، ووجد من يسابق فرعون في عتوه وطغواه" ...

تطهير النفس البشرية
يجب الإشارة في البداية إلى أن أعظم الأهداف التي حددها الإسلام العظيم لضمان بناء مجتمع قوي ومتماسك وقادر على مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية ، هي الأمن الشخصي والجماعي ، والأمن الاقتصادي ... فمجتمع يعاني من خوف دائم لا يمكن أن يصمد في وجه التحديات ، ومجتمع جائع ومعوز ومتسول ، لا يمكن أن يكون مستقلا في قراره أو مكترثا لأوضاعه ، بعد أن شَغَلَتْهُ لقمة العيش عن أن يرمق النجوم ببصره ، أو أن يَلْحَقَ أحلامَه بإرادته ... من اجل ذلك سعى الإسلام منذ أن بزغت شمسه إلى تطهير النفس البشرية من أمراضها ، كما وعمل على تغيير أجندات المجتمع وقلب أولوياته حتى تنسجم مع الروح الجديدة التي بدأت تبني بدل أن كانت تهدم ، وَتُعَمِّرُ بعد أن كانت تدمر ، وتسمو بعد أن كانت وصلت إلى قمة الانحطاط في الأخلاق والسياسة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية والحضارية ...

علاقات دولية وموازين استراتيجية
لقد كان العنف بكل أشكاله السمة الغالبة على المجتمعات العربية قبل الإسلام ، حتى استحقت تلك الفترة أن تحمل لقب ( الجاهلية ) ، وكان النزاعات الدموية والظلم بكل صوره ، هي الحاكمة للعلاقات بين قبائلهم ، حتى حولوا صحرائهم رغم أوضاعها القاسية ، إلى ساحة حرب وصراع لا يتوقف لأتفه الأسباب ، وَبَنَوْا مجتمعاتٍ تتغذى على الجريمة المنظمة والثارات التي لا تهدأ والنعرات التي لا تعترف بمشترك مُوَحِّد ، حتى باتت (أيام العرب) وهي حروب دامية ضارية ، نشبت لعقود أحرقت الأخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل ، صُلْبَ المنافسة فيما بينهم والمحركة الأكبر (لنضالاتهم) ، والهدف الأسمى لحياتهم ووجودهم ... فما حققوا لهذه الأسباب كلها إنجازا حضاريا يذكر إلا ما ندر ، ولم يكن لهم وجود في قاموس الحضارات والمدنيات القديمة ، ولم يكن لهم اعتبار في قاموس العلاقات الدولية والموازين الاستراتيجية كما كان لغيرهم من أمم الشرق والغرب .

المسؤولية الدنيوية والأخروية
جاء الإسلام فجعلهم أمة واحدة ، أصبح لحياتها طعم ولوجودها هدف سام وغاية جليلة ، فما هي إلا سنوات حتى تحولوا إلى سادة للأمم وقادة لشعوب الأرض وبناة لعظم حضارة عرفها التاريخ .. يجب أن نعترف أننا اليوم نعيش جاهلية ولكن بلا أصنام حجرية ، لكنها جاهلية تحمل سمات الجاهلية الأولى وأعراضها : عنفا وصراعا ونزاعا وسلبية وتخلفا وخفة عقل وغيابا عن منظومة الأمم الفاعلة والمؤثرة ... لا أرى حلا لمشكلتنا اليوم إلا في الحل الذي بَدَّلَ أوضاعنا وَغَيَّرَ أحوالنا بالأمس ... لن يتحقق هذا إلا بالإرتفاع إلى مستوى ديننا العظيم ، والذي هو الضمان لتحرك كل القوى الحية في المجتمع مدفوعين بالشعور بالمسؤولية الدنيوية والأخروية عن أي تقصير في حماية الإنسان والشرف والكرامة ... لا بد من لإتمام المهمة من رجال ونساء ، وَحَّدُوا هَمَّهُم فأصبح واحدا : الله سبحانه ، وَفَجَّروا هِمَمَهُم حتى صارت سَيْلا اقتلع كل باطل ، ومحا كل انحراف ، وغسل وجه الأرض من كل أرجاس الجاهلية الأولى وأنجاسها وأدناسها ... هذا ليس خيالا .... إنها الحقيقة التي تنتظر من يبشر بها ، ويسعى في الأرض ينشر أنوارها وأسرارها ...

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة