الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 22:01

شحنة نصر إسمها بلال / بقلم: قدري أبو واصل

كل العرب
نُشر: 10/05/12 11:12,  حُتلن: 09:25

قدري أبو واصل في مقاله:

هذه هي عدالتهم وها هي محاكمهم... وكيف لقاضٍ بعد أن رأى بأم عينيه بلال يغمى عليه داخل قاعة المحكمة حكم بقرار الرفض أليس هذا القرار بعد 68 من الإضراب حكم بالموت البطيء؟!
 
أين انسانيتهم أين ضميرهم؟! ماتت أم خلقت ميتة؟ أم أن الفلسطيني في نظرهم يبقى متهم حتى لو قام محاميه باثبات براءته؟ اسألوا محاميينا عن محاكمهم وتمييزهم ولا تنسوا (مواد سرية يا حضرة القاضي)


لقد رأيت بلال ذياب وثائر حلاحلة في المحكمة العليا في القدس، رأيت رموز النضال والقيادة، ورأيت الضمير الصامت والأخرس. أطل علينا بلال على كرسي عجلات وساعدوه ليجلس على مقعد المعتقلين في المحكمة. لوح بيديه لجميع من كان في القاعة وعلى وجهه تعلو ابتسامة العزة والكرامة مؤمناً بالنصر لا يساوم بل يقاوم رغم الجوع والألم، رأيت صورة التحدي بملامح وجه بلال وثائر، إبتسامة لبلال لم تدم طويلاّ سقط مغمياّ عليه أثناء المحكمة ورأيت في غيبوبته خوف السجان ليس على بلال بل من بلال وثائر وتحديهم ومواجهتهم وقوة ايمانهم بالنصر بعد 68 يوماّ من الإضراب.

صقل الإيمان
تذكرت في تلك اللحظة كلمات المناضل الشيخ خضرعدنان في يوم استقباله ببلدته عرابه-جنين، في يوم الأسير الفلسطيني أمام الحشد الكبير الذي جاء لاستقباله مخاطباً: الإيمان وصقل الإيمان... العزيمة في التحدي... الإرادة القوية، عوامل أساسية للنصر باذن الله.

اللعنة!
نعم أيها المناضل رأيت ذلك في بلال ذياب وثائر حلاحلة، وعرفت وتعلمت الكثير الكثير وإن نصرنا وخلاصنا من الإحتلال بأيدينا، وأتساءل لماذا قيادتنا ومثقفينا ومطبعينا يتعايشون مع الهزائم ولا يريدون النصر لشعبهم، أم أن كلمة النصر غابت عن قاموسهم وأصبح الاندماج والتعايش والتطبيع سمتهم ويتحدثون عن الأسرى وإضرابهم وبطولات الآخرين ولا يتحدثون عن نصر الأسرى ويتمنون لو ينتهي الإضراب ليعودوا لحياتهم الطبيعية والتطبيعية، ويعلمون أن إضراب الأسرى يضعهم في مأزق ويكشف حقيقتهم حيث أن الأسرى في معركة الكرامة واستمرارهم في التحدي لعنة على برامجهم وأعمالهم ومصالحهم.

كيف يدركني!؟
في اليوم الـ71 لاضراب بلال وثائر رأيت بلال للمرة الثانية، مع متابعتي للأبطال في الإضراب اتصلت يوم الاثنين واثناء وجودي في تل أبيب بالمحامي جميل خطيب وسألته هل هناك قرار من المحكمة؟!، أخبرني بالنفي وأخبرني أنه بالأمس زار المناضل بلال في مشفى آساف هروفيه وإنه مستمر هو وثائرفي الإضراب رغم الخطورة على حياتهم.
أسرعت الى المشفى وفي الطريق تسارعت الأفكار هل حقاً سأراه فهذا المشفى ليس بمشفى صفد فإلى جانبه مشفى صرفند العسكري... لا بئس سألوح له بيدي من بعيد... الحراسة مشددة ربما يراني! كيف سيعرف أنني جئت من أجله... فهو لا يعرفني وفقط رآني بالمحكمه لأول مرة، وهل في وضعه الخاص مع الألم والجوع سيتذكر ملامحي؟!
وانا بتضارب الأفكار يرن هاتفي المحمول ليخبرني المحامي جميل الخطيب أن قرار المحكمة رفض الإستئناف.

"مواد سرية يا حضرة القاضي"
هذه هي عدالتهم، وها هي محاكمهم... وكيف لقاضٍ بعد أن رأى بأم عينيه بلال يغمى عليه داخل قاعة المحكمة حكم بقرار الرفض، أليس هذا القرار بعد 68 من الإضراب حكم بالموت البطيء؟!، أين انسانيتهم أين ضميرهم؟! ماتت أم خلقت ميتة؟ أم أن الفلسطيني في نظرهم يبقى متهم حتى لو قام محاميه باثبات براءته؟ اسألوا محاميينا عن محاكمهم وتمييزهم ولا تنسوا (مواد سرية يا حضرة القاضي).
بلال وثائر كانا يواجهان دولة بأكملها في المحكمة بالتحدي والإيمان بالنصر في قضيتهم الغاء الاعتقال الإداري... لا إيمان منهم بعدالة المحاكم. وصلت المشفى باحثاً عن الغرفة الموجود بها بلال، تجولت وتفحصت غرف المشفى حتى وصلت الى غرفتين تحيطهما الستائر ببابها رجل أمن وسمعت أصواتاً فعرفت أن حديثاً يدور بين الجانين حراس الغرفة، من الصعب الدخول، ومع مراقبتي من بعيد رأيت ثلاثة من الحرس يخرجون من خلف الستائر ورجل الأمن يتحدث بالهاتف.

الفرصة الوحيدة!
نعم إنها الفرصة الوحيدة أمامي وبشكل سريع دخلت من فتحة الستائر وبأول وهلة رأيت حارسين داخل الغرفة أحدهما سألني ماذا تريد؟... أجبته سمعي ثقيل ولم أسمعك جيداً ودخلت الغرفة وإذ بي أرى بلال على سرير الشفاء كان في غفوة استفاق على صوتي لأحييه بأحسن تحية واطمئن على صحته في يومه 71 فابتسم وحياني فتدخل السجان وقال هذا ممنوع... ولكني شعرت بالعزة والكرامة في نظرة بلال ومعنوياته العالية فقلت للسجان إنني أتيت من تل أبيب وأعمل في حقوق المواطن وحقوق الإنسان، اتصل بي أهله طالبين زيارة المشفى لاطمئنهم عتى بلال... نعم فهم بلال الحديث وما أعني مع إبتسامة وداع إبتسامة عزة وكرامة وإصرار على النصر أو الشهادة، لم استطع إبلاع بلال قرار المحكمة، وشعرت بالنصر وتحقيق ما أتيت من أجله... إنها شحنة نصر اسمها ابتسامة بلال.

اليوم الـ72...

في اليوم 72 تم نقل بلال الى مشفى سجن الرملة وقام المحامي جميل خطيب بزيارة الأسيرين بلال وثائر وأخبرهم بقرار المحكمة الرفض، وكان ردهما الاستمرار في الإضراب رافضين أخذ السوائل والدواء رغم كل المحاولات في المشفى والسجن... ورأوا بذلك تحايلاً من السجان والطبيب ومؤامرة لإنهاء إضرابهما. وقالا للمحامي مستمرين في الإضراب حتى تحقيق النصر أو الشهادة، نعم ستنتصر بكم فلسطين على موعد مع الحرية لكم ولجميع الأسرى في معركة الأمعاء الخاوية، وشعبكم بأسره معكم على درب الوفاء والعهد لتضحياتكم من أجلنا كي نعيش بعزة وكرامة في وطننا.
الناصرة

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة