الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 13:02

تلك الروح المجردة من المشاعر ما ابردها!/ بقلم: مالك إغبارية

كل العرب
نُشر: 05/05/12 16:57,  حُتلن: 14:38

الشتاءُ بآردٌ.. وبَردُهُ قدْ نآل من جنباتِي.. الشوقُ ايضاً، أعياني.. كان مُؤلماً حدَّ البُكاء... كانَ صامِتاً ...مُراً.. كالسُم يَفتِكُ بِي بصمتْ... بصمتِ النائِمينَ في المَقابر..يفتِكُ بي.. "حصرةُ" على أولئك الذين يسكُنونَ هناكَ في المكان البعيدِ .. وراءَ البِحار.. حيث طُرق الحاراتِ المعبدةِ بعرقِ المتعبينَ من قيودِ الحياة ..هُناكَ في المكانِ البعيد الذي يخيمُ عليهِ الظلام... بين الازقةِ المتعبةِ ..المكحلةُ بدماءِ القَآبعينَ وَرَآءَ الشَمس ... هُناك حيثُ الهواءُ العليلُ المخلوط بنفسِ الاتقياء .. في احدى المُدنِ المعمرة بعرقِ الكادحينَ تحتَ الشمس .. في لهيبِ صمتِ المتآمرين عليهم .. هُناك إشتيآقي وحصرتي في ذلك المكان الذي بدأ فيه كُلُ شي .. كان الجو مشبعاً ببردٍ قارص .. بنسمةِ هواءٍ مثقلة بحبيباتِ الماء .. كانَ كل شي طبيعيّ .. كانَ يوم كسائرِ الايام .. يوماً مثل كل يوم... تُشرق الشَمس صباحاً مع اشراقتِها تَنبُضُ الحياة .. قَبل الإشراقةِ يَخرج الكادحون من طياتِ النسيان.. يعتلونَ الارصفةِ المعبدةِ بآلآم المجتهدين بالحياة .. وبالحِقد.. والسوداويّة الّتي اعترت افئدة الحَاقدين على الناس!...
في تِلكَ الشوارعِ يَموتُ الصَمّتْ ..ويُسدلُ سِتارُ الليل.. الكامِن في طياتِهِ ضحايا جَشَعُنَا...الجَشَع الذي أفقدَنا كُلَّ شيء.. فأصبَحنَا للغابةِ اقرب، لحكم العضلاتِ المفتولَة المزروعة في جسدٍ بلا عقل.. بلا روحٍ أيضاً .. لانّ الروح هديّة ...هديّةٌ مِن الله .. ومن تَجرأ عليها فقد تَجرأ على بآرئِها.. لكنّهم إنتزعوها رغماً عنها.. هي دائماً تقاوم .. تُقَاوِم وتَطمَح.. ولا تصل.. بل تَطمح للوصولِ الى مآ ابعد مِن تَصورِها .. لكنهم عنوةً ..جَعلوها تَخضع لَهم .. طَمسوا كُل أحلامِها.. حتى اصَبَحَت بِلا أحلام .. بِلا طُموح.. بِلا شَيء!...
بَيتوها تَشكوا لربها ظُلم العِباد .. يا الله يا الله .. تَقولها بكل حُرقة من فؤادٍ مُتعب ... يَضخ الدَّمَ بِصعوبة ..لتَحيا تِلك الرُوحُ المُجرَدَةُ من كُل المشاعر.. هي كانَت تَشعر... لكنّ البردَ القارس.. قد نالَ منها ...حتى باتت مُجمده ..باردةً جداً ...مُزرَقَةٌ .. يَعتليها دُخانٌ أبيض ... آآآهٍ ماأبرَدها... أصابتني بقشعريره!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة