الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 01:02

في بيتنا كلاسيكو/ بقلم: الدكتور احسان هنيّة

كل العرب
نُشر: 23/04/12 11:03,  حُتلن: 10:03

الدكتور احسان هنيّة في مقاله:

لماذا لا تُستغل تلك الطاقات من قِبل الشباب لإحياء شيء فيه فائدة وليس مبنيّا على الوهم والخيال؟ 

جميع من كانوا في المقهى هم شبّان في سن العشرين أو أقل أو أكثر بقليل كلّهم في ريعان شبابهم يتابعون المباريات ويحفظون أسماء اللاعبين كلّها

نريد تلك الحناجر نفسها من هتفت في تلك الليلة أن تهتف من أجل الدفاع عن حقوقنا ومن أجل مصلحتنا ونريد تلك الأيادي أن تلوح غضبا لاغتصاب مقدساتنا وأرضنا وحقوقنا

أين أولئك الشباب واهتمامهم ببلدهم وواقعهم مثلما يهتمون لأشياء لا تغني ولا تسمن من جوع ؟! أين أصواتهم وحناجرهم التي كانت تهتف لتلك الفِرق لتهتف دفاعا عن حقوقهم وبلدانهم؟

نريد أن تهتف باسمنا الشعوب وليس بأن نهتف باسم تلك الشعوب.. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. في ذلك اليوم كان الجميع مهموم ومشغول في تلك المباراة ، في البيت يسألون ، في الطريق ، في العمل ، في أي مكان كنت يسألونك " أي ساعة اليوم اللعبة " ؟! .. بعد يوم من النقاشات واليوم الحافل الذي لا يخفى على أحد ، أخيرا أتى الوقت الحاسم ، بدأت المباراة المرتقبة ، كانت ليلة رائعة وحماسيّة وثوريّة انتظرها الملايين حول العالم ، فيها الآمال وفيها الترقّب على أحر من الجمر.

حلم وخيال
تابعنا ذلك الكلاسيكو دقيقة بدقيقة وثانية بثانية لكن الأمر الذي لم يكن على ما يرام أننا جلسنا في المقعد الأخير في ذلك المقهى لأننا وصلنا متأخرين لحضور تلك المباراة !! كان الجميع متحضّر وجالس ، المقهى مليء ومسطّر بالمقاعد كأنك دخلت إلى قاعة سينما !! كنّا نشتعل غيظا عندما يغطّي أحدهم علينا الشاشة برأسه أو يده للحظة ولجزء من الثانية ونقول له " يا أخ بالله لو سمحت لا تتحرّك ،بدي اشوف " ..هذا يصرخ وهذا يشجّع وهذا يهتف ويتراشقون التهم والكلمات ويحللون المباراة ويقترحون الحلول لخروج فريقهم من المأزق حتّى أنك تظن أنه لو كان أحدهم مدرّب لفاز الفريق وبكلّ جدارة ولكان أفضل فريق في العالم ، بعضهم يرتدي قميص فريقه المفضّل والبعض الآخر يحمل أعلامهم.. رائعة كانت تلك الليله ،لكن .. وبينما أنا في ذلك الجوّ المهيب ورغم أني كنت في توتّر شديد ،شدّ انتباهي شيء غريب إذ أن جميع من كانوا في المقهى هم شبّان في سن العشرين أو أقل أو أكثر بقليل كلّهم في ريعان شبابهم يتابعون المباريات ويحفظون أسماء اللاعبين كلّها وأسعارهم وحتى حياتهم اليوميّة!! حينها جال في خاطري واقع مرير في وسط فرح عارم وعرس قائم .. فتساءلت ، أين أولئك الشباب واهتمامهم ببلدهم وواقعهم مثلما يهتمون لأشياء لا تغني ولا تسمن من جوع ؟! أين أصواتهم وحناجرهم التي كانت تهتف لتلك الفِرق لتهتف دفاعا عن حقوقهم وبلدانهم ؟! أم أنهم فقط يعيشون في حلم وخيال لينسوا واقعهم وليُروّحوا عن أنفسهم قليلاً !!؟

لوم وعتب
فكّرت قليلا بهذه الأشياء لكن سرعان ما أيقظتني من غيبوبتي تلك الصرخات والتصفيقات لأشاهد تلك المباراة الحماسيّة وأتابعها من جديد ، انتهت المباراة بعد ساعتين ،بدت وكأننا في بركان ، بدأت الاحتفالات بدأت مواكب الأفراح تجوب شوارع البلدة وبدأت الهجمات على مواقع الاتصال على الانترنت ، وبدأت الاتصالات والرسائل لتهنّئ البعض وتُعزّي البعض الآخر !! وعندها دخلت في غيبوبتي مرّة أخرى .. هل ألوم نفسي أم ألوم أولئك الشباب !!؟ لماذا لا تُستغل تلك الطاقات من قِبل الشباب لإحياء شيء فيه فائدة وليس مبنيّا على الوهم والخيال؟ لا أحد من أصحاب تلك الفِرق يعطينا شيء ولا يعرف عن حالنا شيء ، حتّى أننا بالنسبة لهم من تعداد المفقودين !! .. لماذا عندما نقول هناك عمل خيري أو تطوّعي لا يستجيب إلّا القليل القليل بينما اذا كان هناك لعبة تراهم يتدافعون لمشاهدتها وبدون أي اعلانات أو دعوات ، لا أحد ينام حتى ولو كانت في نصف الليل !! هل نعرف تاريخ تلك البلاد التي نعرف اسمها فقط في المباريات !!

التطوع وعمل الخير
نريد تلك الحناجر نفسها من هتفت في تلك الليلة أن تهتف من أجل الدفاع عن حقوقنا ومن أجل مصلحتنا، نريد تلك الأيادي أن تلوح غضبا لاغتصاب مقدساتنا وأرضنا وحقوقنا ، نريد أن تكون شعاراتنا وأعلامنا تعبّر عن ذاتنا نحن وعن مستقبلنا نحن وليس من أجل حلم هنا أو خيال هناك ، نريد أن نتابع أخبار أمتنا وشعبنا ،تاريخنا وحاضرنا ، نريد أن نكون أمّه تهتف باسمها الشعوب وليس أن نهتف باسم تلك الشعوب ..  أنا لا انتقد الرياضة ولا متابعتها ولكن .. أنتقد "واقع من خيال " !! ، كما جمعتنا الكرة في تلك الليلة ، آمل أن نجتمع من أجل أن ننبذ الظواهر السلبية في مجتمعاتنا وأن نحيي الإيجابية، من أجل أن ندافع عن حقوقنا عن أرضنا عن ... نريد أن نجتمع في عمل الخير والتطوّع .. بارك الله لنا في شبابنا وجمعنا في ما يحبّه ويرضاه
 ..

تل السبع

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة