الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 10:02

ألسوق بين معالم المدينة وعوامل ديمغرافية/ بقلم :طارق بصول

كل العرب
نُشر: 11/04/12 09:12,  حُتلن: 12:01

طارق بصول في مقاله:

السوق هو من أحد معالم المدينة الشرق أوسطية الذي لا يمكن لأي مدينة في السابق (آخر العهد العثماني والحكم البريطاني) التطور دون هذا المعلم العظيم

من أجل أن نستطيع إتقان أي عمل كان أو معرفة أي شيء لا بد من أن نبدأ بالحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد: مقال آخر بمجال الجغرافية التاريخية يتطرق لأهمية أحد معالم المدينة الشرق أوسطية "السوق كمعلم للمدينة وعامل لازدياد أو انخفاض بعدد السكان. تكثر بأيامنا الأسواق وتنتشر بجميع أنحاء البلاد (سوق الرملة اللد – الثلاثاء وغيره). هذه الظاهرة منتشرة ببلاد العالم أيضا وبالتحديد بالبلاد القديمة كبرلين وأكسفورد. ولكن في الأصل السوق هو من أحد معالم المدينة الشرق أوسطية, الذي لا يمكن لأي مدينة في السابق (آخر العهد العثماني والحكم البريطاني) التطور دون هذا المعلم العظيم.

أهمية ألسوق
هذا البحث يتطرق لأهمية ألسوق بفترة محددة من تاريخ بلادنا وهي أواخر العهد العثماني (1850-1918), تميزت هذه الفترة بالانتعاش والازدهار الاقتصادي في أعقاب عهد التنظيمات العثمانية التي قامت بها الدولة العثمانية ودعم المؤسسات التبشيرية للديانة المسحية من خلال الامتيازات التي حصلت عليها من الدولة العثمانية آنذاك. أواخر العهد العثماني وبالتحديد بعد انتهاء الاحتلال المصري لبلادنا عام 1840, ازداد التدخل الأوروبي ببلادنا, حيث شهدت البلاد ازديادًا بحركة انتقالية للسياح والمبشرين في البلاد. المبشرون من جميع الطوائف المسيحية (ألكاثوليك الأرثوذكس وغيرها) اعتنت بالسكان المحليين في البلاد والمدن المحلية (الناصرة – ألقدس- حيفا- رام الله وغيرها) فأقامت العديد من المؤسسات الدينية والتربوية والصحية في قسم من المدن. فمثلا الجمعية الأرثوذكسية أقامت المدارس بمدينة الناصرة وحيفا, جمعية راهبات الناصرة الفرنسية أقامت مدرسة بشفا عمرو والناصرة.
هذه النشاطات ساهمت بشكل كبير بازدياد حركة السكان المحليين في البلاد والمدن المحلية. فمثلا: مدينتا الناصرة وشفاعمرو تحولتا لبلدات جذب لسكان القرى المحيطة يهما من أجل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية أو العمل في المدينة نفسها. بالمقابل الحكم العثماني ساهم أيضًا بإقامة المشاريع التي تسهل بانتقال السكان من مكان إلى آخر من حيث شق الشوارع وتأمين الطرقات.

السوق من معالم المدينة:
إذن بعد هذه المقدمة عن النشاط الاقتصادي الذي طرأ على المنطقة بأواخر العهد العثماني، سوف نتطرق إلى أحد معالم تلك المدن الذي استغل هذا الازدهار وهو السوق, بعد ازدياد الحركات السكانية لهذه المدن من الخارج (سياح ومبشرون) أو حركة السكان المحليين قرر السكان المحليون استغلال هذه الحركات من خلال عرض البضائع وتقديم الخدمات التجارية والغذائية وغيرها للزائرين، لهذا اختاروا السوق كأحد معالم المدينة والذي يقع عادة بوسط البلدة. فقسم السوق إلى عدة أسواق كل حسب تخصصه ومجاله فكان هنالك سوق الحدادين وآخر للعطارين واللحوم والملابس والخضروات والفاكهة.
استعمال الأرض في المدينة بتلك الفترة قسم إلى عدة مجالات فمنها الأماكن العمومية (السوق المسجد دار الإمارة) كانت تلك الأماكن تقع بالحلقة المركزية للمدينة. ومنها أماكن السكن التي تقع بالحلقة الثانية وبعدها أسوار المدينة والأراضي الزراعية. يجب التنويه أن ليست كل المدن القديمة كانت محاطة بالأسواق كالناصرة.
إذن السوق استغل بالشكل الصحيح عند ألحاجه فالسوق حسب استعمال الأرض المدينة يقع بمركز البلدة لقربه من المسجد والتجمعات السكانية. نشاط السوق وحركة التجار كانا يعدان من أهم المقاييس التي يعتمد عليها من أجل تحديد مستوى تطوير المدينة فكلما كانت الحركة التجارية في السوق نشطة فان المدينة تعد متطورة والعكس صحيح.

السوق أحد عوامل الديمغرافية:
مع ازدياد بالحركة التجارية والازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد بأواخر الفترة العثمانية وانتعاش الأسواق بتلك البلدات، ازدادت هجرة السكان من القرى الصغيرة إلى المدن التي انتعشت اقتصاديًا جراء ازدهار الأسواق في تلك المدن أو البلدات الكبيرة. قسم كبير من هذه الهجرات نبع من أجل رفع مستوى المعيشة من خلال انخراط السكان المهاجرين في السوق من أجل الاستفادة من الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المدن آنذاك.

غالبية مدن البلاد شهدت ازديادًا سكانيًا بتلك الفترة جراء الهجرة الايجابية فمدينة الناصرة ازداد عدد سكانها
بتلك الفترة من 6000 نسمة عام 1860 إلى 9500 نسمة عام 1914. مدينة شفا عمرو من 2000 نسمة عام
1860 إلى تقريبا 3800 نسمة عام 1914.

للختام: مقال آخر يبحث بمجال الجغرافية التاريخية ويختص بمدى أهمية أحد معالم المدينة الشرق أوسطية من ناحية تخطيط المدينة وكأحد عوامل الازدياد السكاني. فالسوق كان له أهمية عظمى بمعالم المدينة. ومن ناحية أخرى عامل مهم للازدياد السكاني.

نشكر الله الذي هدانا لهذا.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة