الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 04:01

أمريكا تصالح العسكر و"الإخوان"/ بقلم: عصام نعمان

كل العرب
نُشر: 07/04/12 09:51,  حُتلن: 14:06

عصام نعمان في مقاله:

جماعة الإخوان المسلمين كانت ومازالت حزباً سياسياً وليس جماعة دينية

ليس صحيحاً أن “الإخوان المسلمين” أصبحوا أمريكيين الأصح أنهم أصبحوا مهادنين لأمريكا وربما ل “اسرائيل” أيضاً غير أنهم لم ينقلبوا على عقيدتهم ومبادئهم وثوابتهم

أمريكا التي فاجأتها انتفاضة 25 يناير الشبابية سعت إلى احتوائها بالتخلي عن رأس النظام كثمن للمحافظة على جسمه بواسطة القوات المسلحة التي تربطها بقيادتها

ليس صحيحاً أن “الإخوان المسلمين” أصبحوا أمريكيين، الأصح أنهم أصبحوا مهادنين لأمريكا، وربما ل “اسرائيل” أيضاً، غير أنهم لم ينقلبوا على عقيدتهم ومبادئهم وثوابتهم إلى حد يجوز معه اتهامهم بأنهم أصبحوا أمريكيين. خصوم “الإخوان” السياسيون الأقل عداء لهم من الليبراليين والقوميين واليساريين يتقبّلون هذا التقييم، ويفسرون ما يشاع ويذاع عن تلاقي “الإخوان” مع أمريكا بأنه تطور أملته “ضرورات” سياسية ليس إلاّ .

هل أصبحت السياسة تتقدم العقيدة في ممارسة الإخوان المسلمين؟
الجواب: نعم، لأن جماعة الإخوان المسلمين كانت ومازالت حزباً سياسياً وليس جماعة دينية . صحيح أن منطلقها وشعاراتها تتلازم مع الإسلام حتى درجة التماهي، لكن ممارستها كانت ومازالت سياسية بامتياز، وفي السياسة تتقدم الأهواء والرغبات والمصالح على ما سواها بما في ذلك المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية .

الإسلام هو الحل
حتى عندما رفع الإسلاميون، وفي مقدمهم الإخوان المسلمون، شعار “الإسلام هو الحل”، فإن الشعار بقي مجرد عنوان ولم يقترن ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يشرح أبعاده وتطبيقاته وتفاصيله على أرض الواقع . باختصار، ظل الإخوان المسلمون في المعارضة مجرد ثقافة مغايرة للثقافة السائدة المتغرّبة، أي المتأثرة بثقافة الغرب والمقلّدة لها من جهة، والخادمة لسياسة دول الغرب ومصالحها من جهة أخرى .

ميدان التحرير
الإسلاميون عموماً والسلفيون خصوصاً لم يفجروا انتفاضة 25 يناير المصرية ولم يشاركوا، خلال أسبوعها الأول، في أنشطتها الشعبية التي عمّت ميدان التحرير في القاهرة وغيرها من المدن والمحافظات . بعد نجاحها واتساع تأثيرها انضم إليها الإسلاميون بكثافة واستطاعوا تصدرها وبالتالي توجيهها وصولاً الى “مصادرتها” من خلال انتخابات مجلسي الشعب والشورى.

صفقة سياسية
ما كان الإسلاميون، ولا سيما الإخوان المسلمين، ليحققوا هذا الفوز الباهر لولا عاملان: كونهم التنظيم الأكثر والأوسع تنظيماً بين القوى السياسية المتنافسة، ودخولهم في صفقة سياسية مع المجلس العسكري للتعجيل في إجراء الانتخابات خلافاً لإرادة القوى الشبابية والقومية والليبرالية واليسارية التي كانت تريد مزيداً من الوقت لتنظيم نفسها من جهة، ومن جهة أخرى لإكراه المجلس العسكري على تسريع محاكمة حسني مبارك وأركانه وإزالة سيطرتهم على مؤسسات الدولة .

إقصاء مبارك
التفاهم مع المجلس العسكري كان أبرز مظاهر تقديم السياسة على العقيدة في ممارسة الإخوان المسلمين بعد إقصاء مبارك . فالمجلس العسكري، في رأي قيادة الإخوان، ليس القابض الرئيس على السلطة فحسب، بل هو أيضاً القوة الصديقة للولايات المتحدة، صاحبة النفوذ والتأثير في مصر والمنطقة . ورافق تفاهم “الإخوان” مع العسكر اتصالات بدأتها أمريكا مع بعض مسؤولي الإخوان . ذلك أن أمريكا التي فاجأتها انتفاضة 25 يناير الشبابية، سعت إلى احتوائها بالتخلي عن رأس النظام كثمن للمحافظة على جسمه بواسطة القوات المسلحة التي تربطها بقيادتها علائق ومصالح وصداقات يزيد عمرها على ثلاثين سنة . الإخوان المسلمون أدركوا تأثير دور أمريكا في المشهد المصري، فقرروا بلا إبطاء طمأنة الطرفين والتعاون معهما من دون التخلي عمّا يعدونه “ثوابت” العقيدة الإخوانية التي مازال المراقبون يحارون في تحديدها .

هل لطمأنة أمريكا والعسكر ثمن؟
يبدو أن “الإخوان” طمأنوا أمريكا بقولهم، سراً وعلناً، إنهم ملتزمون المحافظة على ما التزمت به مصر دولياً من معاهدات واتفاقات، وإن “كامب ديفيد” مسألة متروكة لقرار الشعب المصري من خلال استفتاء يُجرى في المستقبل . أما العسكر فحاول “الإخوان” طمأنتهم بتأييد الإعلان الدستوري الصادر عن مجلسهم من جهة وبدعم موقفهم القاضي بالتبكير في إجراء الانتخابات من جهة أخرى . بعد الانتخابات، جاء استحقاق تأليف اللجنة الدستورية المكلفة وضع الدستور الجديد، وهنا بدأ الخلاف مع العسكر، فقد واجه المجلس العسكري شبه ثورة أطلقها الليبراليون والقوميون واليساريون و”الشبابيون” الذين هالهم سيطرة الإسلاميين على اللجنة الدستورية، وكان من الطبيعي أن يسعى المجلس العسكري إلى تهدئتهم بتعديل تشكيل اللجنة بشكل أو بآخر.

ميزان النظام السياسي العتيد 
المشكلة الأهم كانت رفض قيادة “الإخوان” طلب المجلس العسكري تضمين الدستور الجديد أحكاماً تحمي دور القوات المسلحة ومصالحها في النظام السياسي العتيد، ومنها إعطاؤها حق تسمية وزراء لحقائب وزارات سيادية. هذا الخلاف، مقروناً برفض المجلس العسكري إقالة حكومة الجنزوري، دفع “الإخوان” إلى تغيير رأيهم بشأن ترشيح أحدهم لرئاسة الجمهورية بعدما كانوا أعلنوا أنهم سيؤيدون مرشحاً توافقياً . أكثر من ذلك، تردد أن “الإخوان” يخشون قيام المجلس العسكري بالضغط على المحكمة الدستورية العليا لإصدار قرار بإبطال قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات مجلسي الشعب والشورى لعلّة لا دستوريته، ما يؤدي إلى حلهما وبالتالي اجراء انتخابات جديدة . لذلك، وبغية التعويض عن احتمال خسارة الأغلبية التي يمتكلها الإسلاميون في المجلسين المذكورين، قرر “الإخوان”، بموافقة السلفيين (حزب “النور”)، انتزاع رئاسة الجمهورية لموازنة دور المجلس العسكري وثقله في ميزان النظام السياسي العتيد .

هل هذه هي القصة كلها؟
ثمة من يشير إلى لقاء ضمّ في القاهرة مؤخراً أركان الإخوان المسلمين، بينهم مرشحهم للرئاسة خيرت الشاطر، ووفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، سمع خلاله من الشاطر قوله إنه ملتزم بمعاهدة السلام مع “اسرائيل” من منطلق الحفاظ على أمن مصر واستقرارها، وأن عضو الكونغرس ديفيد بيرس نقل رسالة الشاطر إلى قيادات “إسرائيلية” رفيعة المستوى، وأنه أي الشاطر، كان أو سيكون مرتكز اتفاق مصالحة العسكر و”الإخوان” الذي رعته أو سترعاه أمريكا.من السابق لأوانه الحكم على الإخوان المسلمين إيديولوجياً وسياسياً . فالصراع المتعدد الوجوه والميادين قائم ومحتدم . غير أن ثمة معياراً أو بوصلة لا تخطئ يساعدان على الحكم سلباً أو إيجاباً على “الإخوان المسلمين” كما على غيرهم، المعيار والبوصلة هما فلسطين، قضيةً ونهجاً ومقاومة. من موقع التزام القضية والمقاومة، أتمنى أن يحرص “الإخوان المسلمون” على اعتماد البوصلة التاريخية التي لا تخطئ. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة