الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 10:02

قراءة في موقف الإخوان المسلمين من الانتخابات المصرية/ بقلم: إبراهيم خطيب

كل العرب
نُشر: 06/04/12 14:34,  حُتلن: 13:17

إبراهيم خطيب:

نحن متلقون لأحداث مصر ولسنا ممن يعيشون أحداثها مصر اقوالنا ونقاشنا في الشأن المصري سيكون مبتورا وناقصا لحد ما

يجب علينا كمتابعين للموقف عدم اتخاذ المواقف بسرعة وقبل "نضوجها" بالشكل الصحيح, فذلك يؤدي لتسرع في اتخاذ المواقف وكثرة الخطأ في تحليل الامور ويؤدي ايضاً للتشكيك بالآخرين

الترشيح المتأخر للانتخابات من قبل جماعة الاخوان المسلمين للمهندس خيرت الشاطر, في سياق عملية سياسية كالتي في مصر وخصوصاً في دولة نظامها السياسي رئاسي- لشخص الرئيس مكانة فيه- والحديث فيها عن هذه الانتخابات بدأ منذ فترة طويلة, أحدث نوعا من البلبلة

لا شك ان مصر بثقلها في الساحة الاقليمية والبعد الدولي الذي تضفيه مصر الثورة له ما له من التأثير على الرأي العام وعلى النقاش العام في البلدان العربية والإسلامية ،فلمصر ثقلها الذي لا يمكن ان يختلف عليه اثنان. ولا شك ان الثورة تؤسس لمرحلة جديدة خصوصاً ان الانتقال من حالة الثورة الى حالة الدولة القوية يحتاج كثيرا من الوقت؛ هذا الوقت الذي يحدده جملة من المتغيرات والصعوبات التي علينا تمحيصها.

 بعد الثورة في مصر
لقد كان لترشيح الاخوان المسلمين للمهندس خيرت الشاطر الكثير من التبعات والتأثير على النقاش العام للانتخابات الرئاسية المصرية ، وسأحاول من خلال عشر نقاط تحليل الموقف بنظرة سياسية نقدية بحت. وكتوطئة لتحليلي لقرار جماعة الاخوان المسلمين في مصر أقول:
1- البعد عن الساحة المصرية لنا كمحللين متغير مهم يجب أخذه في الاعتبار في تحليل الساحة المصرية, فنحن متلقون لأحداث مصر ولسنا ممن يعيشون أحداثها مصر اقوالنا ونقاشنا في الشأن المصري سيكون مبتورا وناقصا لحد ما.
2- يجب علينا كمتابعين للموقف عدم اتخاذ المواقف بسرعة وقبل "نضوجها" بالشكل الصحيح, فذلك يؤدي لتسرع في اتخاذ المواقف وكثرة الخطأ في تحليل الامور ويؤدي ايضاً للتشكيك بالآخرين والنيل منهم بسرعة تفوق سرعة الضوء! حتى قبل اتضاح الامور.
اما في تحليل ترشيح الاخوان لمرشحهم لانتخابات الرئاسة في مصر فالنقاط التالية هي نظرة تحليلية, بعيدة عن المواقف المتطرفة ،فهي نقد وتحليل سياسي لهذا القرار المهم, الذي اتخذته جماعة الاخوان المسلمين.
1. تغيير المواقف السياسية: تغيير المواقف السياسية في فترة ما بعد الثورة في مصر هو أمر شرعي ومفهوم .فالبراغماتية والليونة في اتخاذ القرارات تحسب للأحزاب السياسية في فترة كثيرة التغييرات والتعقيدات السياسية. لا شك ان تغير القرارات يمكن ان يقلل من مصداقية الحزب، ولكنها يجب ان تحدث، والقرارات السابقة يجب أن تغيّر وتصوّب وفق التغييرات الجديدة. فلا يجب وليس من الحكمة التمترس خلف قرار إذا ثبت خطأه بحجة الخوف من المصداقية ،فالمكابرة على الرأي والقرار مع خطأه هذه مثلبة وخطأ يمكن ان يقع فيه أي حزب.

عدم الترشيح لانتخابات الرئاسة
وفي هذه السياق أرى ان التغييرات في القرارت من قبل الاخوان المسلمين في هذه الفترة المليئة بالمتغيرات هي أمر محمود ويحسب للجماعة ولا يحسب عليها ،فكثرة المتغيرات تعطي الشرعية لتغيير القرارات السابقة. وهنا يمكن ان يجادلني البعض في ان الجماعة يجب ان يكون لها استراتيجية واضحة، فأقول ان الاستراتيجية الواضحة تكون في واقع ثابت وقليل المتغيرات وليس في وضعٍ المتغيرات فيه تسابق الزمن ولا يمكن التنبؤ بها, كما أن هناك استراتيجيات عليا وأهداف مرحلية ،والتغيير في الاهداف المرحلية من أجل الاستراتيجيات العليا أمر يقاس وفق الظروف, ولذلك فاتهام الجماعة بعدم وجود استراتيجية واضحة أمر غير صحيح ويحتاج دليلا.
2. الحدة في القرارات: ان الحدة في القرارات, أي بمعنى اخر اتخاذ قرارات قطعية وحادة في أمور مهمة وفي فترة كثيرة المتغيرات هو أمر خاطئ, وهنا أقول انه كان هناك خطأ من جماعة الاخوان المسلمين بحدة موقفها من عدم الترشيح لانتخابات الرئاسة ابان الثورة وبعد نجاحها.
فحتى لو اتخذ قرار بعدم المشاركة في انتخابات الرئاسة لظروف المرحلة التي كانت- وهذا قرار شرعي- لا يجب ان يكون حدة القرار وقطعيته - بعدم المشاركة بقوة كبيرة كالتي كانت، فهذا خطأ في التوجه وطريق طرح الموضوع من قبل الجماعة لا سيما ان مصر تمر بمتغيرات كبيرة لا يمكن التنبؤ بها.

اتخاذ القرار بشكل مبدئي
3. القرار الجماعي: القرار الجماعي المبني على الشورى هو قرار يقوم على أساس متين وقوي, ويقلل هامش الخطأ, وأرى قرار الجماعة في موضوع الترشح للرئاسة ومختلف المواضيع نهج وتطبيق حقيقي لمعنى الشورى والديمقراطية وليس وفق ادعاءات ونظريات في الهواء، وهنا يجب الثقة أكثر في الجماعة المبنية على هذا النهج ولا يمكن المزاودة في هذا الباب, مع الاخذ في الاعتبار ان الجماعة يمكن ان تخطيء أو تصيب.
4. الترشيح المتأخر: الترشيح المتأخر للانتخابات من قبل جماعة الاخوان المسلمين للمهندس خيرت الشاطر, في سياق عملية سياسية كالتي في مصر وخصوصاً في دولة نظامها السياسي رئاسي- لشخص الرئيس مكانة فيه- والحديث فيها عن هذه الانتخابات بدأ منذ فترة طويلة, أحدث نوعا من البلبلة وهو يقلل من فرص نجاح الشاطر- مع كبر فرصته في الفوز- وذلك كون الكثيرين اتخذوا القرار بشكل مبدئي من هو مرشحهم. والأمر ينعكس بشكل كبير على المنتمين لتيارات سياسية، فمثلاً من الاسلاميين ممن كان مقتنعاً ان الاخوان ليس لهم مرشح بات يدعم مرشحا اسلاميا آخر ،ومن الصعب تغيير موقفه الآن بعد ترشح الشاطر, وهذا يصعّب مهمة الإخوان ولا يجب عليهم ان يصابوا بالثقة الزائدة بقوتهم وفوزهم, انمّا عليهم العمل أكثر.
5. تنظيم الجماعة: جماعة الاخوان المسلمين هي جماعة منظمة وقوية ولديها الامكانات الكبيرة والقدرات الهائلة التي تؤهلها أكثر من غيرها لخوض غمار الانتخابات ويقوي فرصها وحظوظها في هذه الانتخابات ويقوي المرشح الذي تدعمه في انتخابات كهذه ،وهذا معطى مهم يجب أخذه في الاعتبار.

الاكثرية البرلمانية وفتح في الرئاسة
6. نظام الحكم: نظام الحكم الحالي في مصر كما ذكرنا هو نظام رئاسي يعطي للرئيس صلاحيات واسعة, ومع العقبات التي تواجهها هيئة كتابة الدستور واستمرار نظام الحكم القائم، كل ذلك يدل على انه يجب ان يكون هناك تناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ،وعليه فإنه من الواجب على كل حزب سياسي لديه اكثرية برلمانية ان يكون هو في قيادة الدولة والمؤسسة التنفيذية. وبالنظر لما يحدث في مصر فإن جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي – حزب الحرية والعدالة- يمتلكون ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان وفي حال عدم ترشحهم لمنصب الرئاسة وفوز شخصية أخرى بهذا المنصب يمكن ان يجّر لشلل الدولة ومؤسساتها, ويمكن قياس ذلك (طبعاً مع الاختلافات) بما حدث في السلطة الفلسطينية حيث حماس هي الاكثرية البرلمانية وفتح في الرئاسة ،ورأينا الشلل والتعطيل الذي حدث في عمل السلطة الفلسطينية, لذلك من الصحي بل من الواجب ،وخصوصاً في هذه المرحلة، العمل على بناء الدولة وليس على الصراعات وتعطيل كل طرف للآخر، ولذلك أرى أنه من الاهمية بمكان ان يكون رئيس الجمهورية متناغماً ومنسجماً مع الاكثرية البرلمانية وان يكون من نفس الحزب.وهذا يقوّي الدولة ويعزز بناء الدولة. ولكن..!.

احتكار السلطة
7. التوافق: ولكن ما ذكرناه من أهمية التناغم بين السلطتين لا يغفل العمل على بناء برنامج توافقي بين شرائح الشعب والمرشحين الآخرين والحفاظ على التوافق في الساحة السياسية المصرية في مرحلة حساسة كهذه المرحلة، ويجب عدم تخويف المصريين من خطوة الإخوان. طبعاً لا يجب الاغفال ان جماعة الاخوان المسلمين سعت لأن يكون مرشح توافقي وأفشلت في ذلك, لكون الاحزاب الاخرى اصبحت ترى بقوة الاخوان الشعبية تهديداً لها ،ولم تحترم هذه القوى ارادة الشعب, كل هذا يجبر الاخوان المسلمين للسعي لتوافق داخل التيار الاسلامي ،وعليه أرى من الاهمية بمكان في هذه المرحلة السعي الحثيث (وكنت اتمنى ان يكون مسبقاً قبل قرار ترشيح الشاطر) للتوافق مع المرشحين الاسلاميين وعلى رأسهم الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل ليكونوا صفاً واحداً في هذا السباق بمرشح واحد..والاستفادة من قدرات وبرامج كل طرف وكل مرشح.

التوافق مع اطياف الشعب
8. الديموقراطية الممنوعة!: بتنا نسمع في الفترة الاخيرة مزاعم ان الاخوان المسلمين يسعون لاحتكار السلطة ،وهذا ادعاء تافه, فلكل حزب الحق في الترشح وإدارة البلاد إذا فاز بثقة الشعب, وهذا معروف لمن يدرس أبجديات العلوم السياسية, فكل حزب يسعى للوصول للسلطة لتحقيق برامج وأفكار يحملها، فلماذا عندما قام بذلك الاسلاميين أصبح حراما؟! وكما نعلم فإن الشعب قد صوّت بأكثريته للإسلاميين، ويجب احترام رأي الشعب وليس اغتصاب رأيه. فلا يمكن القول عن الحزب الديمقراطي في اميركا انه يسعى لأحتكار السلطة لكونه يمتلك اغلبية في الكونغرس والرئيس منه! فهذه هي الديمقراطية ويجب احترامها. ولكن في المقابل يجب على التيار الاسلامي السعي لاحتواء التيارات الاخرى والعمل معها (مع كل الصعوبات والمعوقات) وذلك لأن التيار الاسلامي هو الاكبر ويسعى لخير مصر وللحفاظ عليها في هذه المرحلة الحساسة التي توجب عليه الحرص على حد ادنى من التوافق مع اطياف الشعب المختلفة طبعاً بشرط ان لا يؤدي ذلك الى "دكتاتورية" الأقلية, والأقلية في هذه الحالة هي الاحزاب العلمانية التي تحاول فرض رأيها على الاغلبية بحجج التوافق.

تتفتت اصوات الاسلاميين
9. الالتزام الحزبي: الالتزام بقرار كل حزب وفئة وجماعة هو أمر مطلوب تقوم عليه كل جماعة وحزب ،خاصة اذا كانت هذه الجماعة مبنية على اساس الشورى والاختيار بديمقراطية, فمن انتسب لجماعة وكان "على عهد" مع هذه الجماعة يجب ان يلتزم بقرارتها.
كما أن في العمل السياسي ما يسمى الالتزام الحزبي, وعليه التزام كوادر الاخوان وأعضائها بقرار الجماعة هو القرار الصائب طبعاً مع اعطاء المساحة للنقد وتصحيح الخطأ من داخل الجماعة نفسها.
10. اخيراً: مع كثرة التحليلات وكثرة الاتهامات والتراشقات بين الجميع في هذه المرحلة، وكذلك السعي للنيل من جماعة الاخوان المسلمين لقرارها بترشيح الشاطر (مع العلم ان أي قرار أياً كان من الجماعة من المؤكد ان هناك من سينتقده ويجّرح الجماعة). ومع كل ما يحدث في مصر .. نقول: وفّق الله أهل مصر لخيرها .. ونتمنى ان تتوقف الاتهامات والتجريح مع المحافظة على اخلاقيات التنافس.
وفي النهاية نؤكد النقطة الاساس وهي أنه على المرشحين الاسلاميين التوافق اذا ارادوا الفوز والحفاظ على صفوفهم .ونرى من الاهمية بمكان ان يقوم حازم صلاح ابو اسماعيل ومختلف المرشحين الاسلاميين التوافق على مرشح ،وهنا المهمة تكون اكبر على الاخوان والمهندس خيرت الشاطر بالعمل على هذا التوافق والسعي له وتوحيد المواقف مع الاستفادة من قدرات كل المرشحين وبرامجهم وان يكون ذلك بأسرع وقت لكي لا تستمر المناكفات ولكي لا تتفتت اصوات الاسلاميين في الانتخابات القادمة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة