الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 00:02

أنا عربي - بقلم: صالح علي


نُشر: 15/02/08 07:28

ثلاثمئة وخمسون مليونا، هو عدد أزواج العيون التي ارتفعت إلى السماء مساء الأحد الماضي، هو عدد أزواج الأكف التي صفقت، وعدد القلوب التي رقصت طربا وفرحا عندما أعلن عداد النتيجة تفوق المنتخب العربي المصري لكرة القدم على نظيره ومنافسه الكاميروني في نهائي كأس الأمم الإفريقية بهدف وحيد كان كافيا لنيل الكأس.
 لست رياضيا كبيرا. بل إن كرشا صغيرة بدأت تبرز ما بين قيمصي وسروالي، غير أني أتابع المنافسات الهامة والمركزية ومن ضمنها بطولة الأمم الإفريقية. أولا لكونها أضحت تعتبر ثالث أهم منافسة كروية في العالم، ولأنها اشتملت هذه المرة على أربع فرق عربية تنافست كل منها بحسب حجمها وتاريخها وقدراتها.
من التحليلات المهنية، لم يكن المنتخب المصري (حامل اللقب عشية النهائيات) مرشحا للمنافسة الجدية على اللقب، ولا حتى على المستوى الشعبي والرسمي في مصر. غير أن مباراته الأولى أمام الكاميرون في المجموعة الثالثة، قلبت كل حسابات المحللين والمختصين بعد فوزه بأربعة أهداف. ومن يومها تغير التعامل مع هؤلاء الشباب وتغير تعاملهم وجهازهم الفني مع أنفسهم، لقد أعلنوا أنهم جاءوا للدفاع عن لقبهم وأن من يريد استلاله من أيديهم عليه أن يقوم بالمعجزات.
 كنت أتابع التحليلات والتلخيصات من خلال إحدى الشاشات العربية بشكل يومي، ومع تحليل أولى مباريات المنتخب المصري كانت المفاجأة الطيبة، أغنية كنت أعتبرها حتى تلك اللحظة عادية جدا، بل ربما أقل من ذلك، ولا بد أن البعض اعتبرها "انتهازية متملقة"، فما الخاص في أن تغني شابّة لبنانية لمصر ولشعب مصر، هكذا دونما مناسبة خاصة: لو سألتك إنت مصري تقولّي إيه؟... تقولّي مصري وإبن مصري، وإبن مصر الله عليه.
 فجأة، بدأت هذه الأغنية تكتسب طعما ولونا جديدين، بدأت تأخذ عمقا لم يكن لها من قبل... عندما ملأت الأغنية فضاء الشاشة المحتوية صورة أبناء الكنانة يقفون بشموخهم المعهود قبيل المباراة، ينشدون معا: "بلادي بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي"... ذات النشيد الذي وجدنا أنفسنا ننشده عدة أحيان في مواجهة جيش الاحتلال وشرطته في بقعة ما من بقاع وطننا المحتل فلسطين. تذكرت صديقا ورفيقا لي يوم سافرت معه قبل عامين في سيارته، إذ كان يسمع "لو سألتك إنت مصري"، وقال لي: إسمع ما أروع هذه الأغنية... استبدل كلمة مصري بـ"فلسطيني" وحاول أن تعيشها.
 لا أذكر بماذا أجبته يومها، غير أني وبنظرة إلى الوراء، وعندما بدأت الدمعة تداعب أطراف جفوني اعتزازا بهؤلاء الأبطال، سألت نفسي: لماذا علينا أن نستبدل كلمة "مصري"؟ ما هي علتها؟ أوليس المصري عربيا أيضا؟... نعم عربي، بل ممثلا لكل العرب في هذه البطولة، خصوصا بعد خروج أشقائه التوانسة، والمغاربة والسودانيين من المنافسة مبكرا. ولأنه كذلك، لنا أن نستبدل كلمة "مصري" بكلمة "عربي"، ولننشد معا، ثلاثمائة وخمسون مليون حنجرة مع أبناء مصر ولبنان، سوريا والعراق، تونس والإمارات وسائر أقطار وطننا العربي الجميل: " لو سألتك إنت عربي تقولّي إيه؟ تقولّي عربي وإبن عربي... وكل عربي الله عليه".
 مع تتابع الأيام، تتابعت الانتصارات المصرية، وتكاثف الالتفاف العربي حول منتخبه الإفريقي، وتتابعت كلمات الأغنية: " قولها بأعلى صوت، وارفع رأسك لفوق... أنا عربي وأبوي(ا) عربي، بسماري ولوني عربي... وكل عربي الله عليه". فجأة تذكرك الكلمات بخالد الذّكر، ابن مصر، الرئيس جمال عبد الناصر إذ قال: "إرفع رأسك أخي العربي"، موجها إياها إلى العرب، كل العرب.
 الحق أقول، أن أي مشاهد متوسط لمبراة النهائي كان سيصل حتما إلى النتيجة البسيطة التي تقول أن هدف الفوز كان هدفا جميلا، لما فيه من عزيمة وإصرار على استخلاص الحد الأقٌصى الممكن من كل كرة، ولكن أجمل ما فيه هو أنه سجل على اسم ذلك العربي الكبير، الذي لم ينس وهو في عز انشغاله بالتحضير للمباريات أن يتضامن مع شعبنا العربي الفلسطيني المحاصر في غزة، وإن كلّف ذلك التضامن "الساحر" أبو تريكة إنذاراً، وكان من الممكن أن يكلفه إيقافا عن اللعب في البطولة.
 قلنا أن المصريين مثلوا العرب جميعا، وباسمهم ربحوا هذه الكأس. قليلة هي الأمور التي توحّد الشعوب العربية حول كلمة ما، وقد كان المنتخب المصري في هذه البطولة أحدها. وقد كان هذا الحدث، مع الفرق الواضح، مثل الالتفاف العربي حول ضرورة رفع الحصار عن غزة، وحول عروبة القدس، وحول التضامن مع لبنان ومقاوته في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير وغيرها من القضايا الوطنية. قليلة هي المناسبات، غير أن هذه الكأس، ساهمت مرة أخرى، ولو مؤقتا، بإعادة بناء "جمهورية الشعوب العربية المتحدة". فشكرا لكم أبناء مصر باسم كل تلك الشعوب.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
4.00
EUR
4.65
GBP
227687.07
BTC
0.51
CNY