الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 17:02

الوفاء والنفاق / بقلم: أثير خلايله

كل العرب
نُشر: 26/03/12 20:20,  حُتلن: 20:56

لا أدري أي حروف الخام استخدم لأصنع منها كلمات يصدرها قلمي إلى ما بين السطور. لا أدري كيف ومن أي حدب ابدأ. كلماتي مبعثرة، تتراكم حملاً على قلمي. كلما جبرت كسره غلبه الحمل .

كل شيءٍ يحاكيني ويناديني. يوجهني فأضيع، يكلمني فتصم أذناي وحين يرسم لي فيأخذ بصري. أصبح الخوف شبحاً يلاحقني و يهددني ما لم أنصف الوفاء بكلامي. فباتت الكلمات عثرات أمامي، تدب الرعب في ضلوعي. أخاف أن تخونني واقع ضحية كما يقع فيها القضاة. أخاف أن أكون ضحية العدل أضعضع من حق الوفاء.

لكن لا وألف لا فما بالي أسيء الظن. لربما يقدر صدى أفكاري أن يكون شاهد عدلٍ ويصرخ بما هو مستوجب. بعد أن أمست كلمة الوفاء ما بين الحياة والموت. فأضحت تلفظ،تسمع وتقرأ ، لكن تهمل.

فقليلون هم من يدركون مكنونها. فهي بذرة ما أن أهملت تجف. لكن يبقى في جوفها جذير ينطلق للحياة ما أن هطل عليه مطر الصدق ، الانتماء والإخلاص. يكبر ويزداد شموخه. يرتفع عالياً ، جذعاً متيناً وكواكباً في رياض الحزن تتفتح. فالصدق يجلب العدل، الانتماء يتجلى مع الحب والإخلاص يلمع ببريق الإحساس.

فلو اجتاح الصدق الأرض؛ لما رجحت كفة الميزان بين ذا و ذاك. ولبدا القوي كالضعيف بصدق أحاسيسه. الغني كالفقير بصدقه مع نفسه وقناعته. ماذا لو خيم الانتماء على كوكبنا و زحفت جنود الحب معه، لتوطد أوتاد خيامه في بقاع الأرض؟. ماذا لو شعر مريض الكآبة انه محاط بمن يحبه وان له مكاناً في الدنيا؟. ماذا لو أسدل الليل ستائره على يتيم تحت سقف بيت يرعاه؟ ماذا لو حيك لعار ثوباً خيوطه الحب؟.

بعكس كل ذلك فإن النفاق كلمة ثقيلة على اللسان ، صعب أن يحد لها بيان. فعله كالوباء سريع الانتشار، كثير الآثار. عواقبه وخيمة وأسبابه بلا قيمه. يتسلل بخبث بين حجارةِ أمتن ما شيد من بنيان. يتفشى بينها ويضعضع رابطها، إلى أن تبدأ بالتدحرج من أولاها حتى آخرها. فتقع على بعض كومةً معقد إعادة ترتيبها.

فبدخول النفاق بين أكثر الناس ألفةً تولد خلافاتٍ دون مخاض. فقبل أن تولد كانت جنيناً في أرحام القلوب. تحييه دماء الأوردة. فيتكوم به حب الشر ، كره الألفة ، الحسد والجشع. فعند تحرره على الدنيا وبإطلاقه صرخة الحياة ، يصدر صلصلة تصم الآذان عن الحقيقة ظلام يحجب ضوء الإنسانية ونتن يقتل طهارة القلوب .

فالنفاق في حديقة الدنيا ، كالحنظل ، لا فائدة من منه . ولو ذيقت قطرة منه ما محا مرارتها الدهر. كشجرة تستغل ما في ترعة حديقتنا ، تسلب الحب والصدق، فتعطي الظلم والكره. تعرقل ازدهار سعادتنا ، تبني الوكور في بيوتنا، تسرق من أزهارها الصدق وتتوج الكذب سلطان.

أما الحب فيا ليته يكسو دنيانا برقته. فنحصد ثمار العطاء والشفقه، الصدق والصدقه. محاصيل الأمن و الأمانه . ولغطت الأفق من لفحة الشمس أسراب الطيور ومعاً لقطعنا اعند الصخور بالين والتعاون . فالماء سيد السيولة والرخاء قطرةً تليها قطرةً فحفرت أعمق الوديان. فكل ألائك أنسال الوفاء البذرة التي نحصد منها الكثير.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة