أخذت رائحتها الزكية تعطر أنفي.. شعرت بنشوةٍ في داخلي.. بعد سنين ها أنا أقف اليوم على عتبة بلدي..
ترى هل ما زلت تتذكريني يا أرضي..؟
من جبال الجليل الشماء.. ومرتفعات الكرمل الخضراء.. من تل الربيع ويافا وعكا.. أشم رائحة بلادي.. من هنا أرى بلادي حقاً.. أرض الكنانة.. أرض فلسطين..هذه بلاد الشهداء الأحرار.. بلاد الزمن العابر للأمسيات وللأحزان..
ذكريني يا بلادي ولو غبت عنك عمراً، بعد ثلاثة وستين عاماً أكتبك.. أُعذريني.. فلم أقصد أن أجرحك، فأنت بلاد أشهم الناس وأروعهم..

أذكريني إذا ما هب النسيم على البراري، ودخل منعطفات الأزقة، حيث بقايا الكلام وبوح الحديث المسجل..
أذكريني عندما تزّهَّر أشجار اللوز وتفرش الأرض بحلةٍ وردية لتبقى هذه الشجرة شاهدةً على أرضي، لترسم بلونها وطني..
ستتذكرني إذا ما استطالت يد الغدر شعوبنا الممزقة أشلائها المتناثرة في سماء اللانهاية..
أذكريني يا بلدي ولو مزق البعد ثوب الوصال..
وأحرق جند التتار شكل الحدود بأيدي عصابته الجائرة..
أذكريني ولو حط الخراب على حقول برتقال اللقاء وطارت عن الغصن كل حساسين آمالنا الساهرة..
أذكريني ولو كف الغراب عن النعيق.. وتوقفت الزهور عن النمو وقت الربيع..
ما زلت أنتظر اللقاء،
مازلت أحلم بالبقاء..
هنا أنظر وأنتظر..
أذكريني فأنت بلاد الذين استعاضوا عن الكلام بالصمت حيناً..
وبالحب حينا..
أذكريني يا بلدي..
وسامحيني... 

مجد الكروم 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net