الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 00:02

وداعاً يا والدي المرحوم/ بقلم: غالب سيف

كل العرب
نُشر: 02/03/12 14:23,  حُتلن: 14:30

غالب سيف:

التجربة والسيرة لهذا الشخص الأقرب لنا ونحن ملتزمين بأن لا نتجاوز المقادير والمعايير التي تقضي بألا نكون مادحين لذاتنا لا سمح الله

والدنا الراحل كان بالنسبة لنا الوالد والأخ والصديق والمرافق ونتاجه الاجتماعي بالمحصلة يصب بما نحن فيه من مواقف وممارسات وتعاطي مع قضايا شعبنا العربي الفلسطيني البطل النازح والرازح

يوم الاثنين الموافق 20.2.2012 خطفت منا يد المنون والدنا المرحوم الشيخ ابومعذا سلمان سليمان فارس شحادة سيف ، عن عمر يناهز ال- 85 عاماً ، ونحن الأخوة والأخوات متساوي العدد( 12 ، أحدهم فارقنا عام 2004) والأقارب والأصحاب ، وهم كثيرون والحمد لله ، راضين مسلمين ومدركين أن كل نفس ذائقة الموت لا محالة. ولأن فقيدنا الغالي كان يعشق الناس ويسعى لكسب محبتهم وثقتهم ويعطي ويستثمر أكثر ما يستطيع من الطاقات المادية وغيرها ،والأمثلة كثيرة ومثيرة، لكسب هذه المحبة وهذه الثقة وخاصة ثقة ومحبة تلك الشريحة من الناس التي حكمت عليهم الظروف ، الذاتية كانت أو العامة، والذين اعتادوا أن يُسموهم البسطاء أو الناس العاديين ، أمثالنا، وبالأخص أولائك منهم الذين يتميزون بالقدرات القيادية .. ولا يتبوأون المناصب والمراكز والوظائف، خوفاً منه بألا يكون جزء من ظلم أو ظلام تقضي ظروف من هو في منصب ومسؤولية وقناعات تأتي بهبهم بمظالم أو سوء عمل، وكأنه كان يطبق المثل القائل ابعد عن الشر وغنيلو ( ولا قصد لنا بنعت كل من هو مسؤول أو صاحب منصب بهذه الصفات لا سمح الله لأن الخيرين موجودون في كل شريحة من المجتمع).

المقادير والمعايير 
 ومن هذا الباب ، عدا عن حبنا لوالدنا ، نعم هذه التجربة والسيرة لهذا الشخص الأقرب لنا ونحن ملتزمين بأن لا نتجاوز المقادير والمعايير التي تقضي بألا نكون مادحين لذاتنا لا سمح الله ، وفقيدنا في سلوكه هذا إنما يؤكد صدق ما قاله الثائر الأممي تشي جيفارا : "الشيء الملموس أكثر والشيء الأبقى من كل الذهب الذي قد يجمعه الفرد هو امتنان الناس له " ، وهذا لا يأتي إلا من الثقة بالناس وحبها. الوالد الراحل ومن ميزاته الرئيسية ما ذُكِرَ أعلاه وبالأساس من تغليبه العام على الخاص وعلى طول ، منذ نشأته وحتى ساعته الأخيرة ، وكان يمارس هذه المبادئ وعلى السليقة، وبذهنية الفلاح الفلسطيني الأصلي البلدي ، وليس من خلال الدراسات والأبحاث والكتب أو الشبكة العنكبوتية ( الانترنيت) ولا من التويتر أو الفيسبوك ، لأنه لم يدرس في المدارس ولم يكن يجيد القراءة والكتابة لذلك ما كان بإمكانه أن يسترشد بهذه الوسائل ، ولذلك مواقفه وذهنيته وسلوكه نابعين من قناعته الفلاحية الأصيلة هذه، ولذلك كان ذلك الفلاح العاشق لأرضه والذي كان يمارس معها تلك العملية الجدلية التي تأتي في نهاية المطاف بالخضار والثمار والمواقف الأصيلة والسلوك الحسن والغلة المغذية للجسم والروح ، له ولنا وللناس ، وخلاصة ما وصلت له ذهنيته الفلاحية المتيقظة هذه لكسب المحبة وهذه الثقة بأن كان يرشدنا ويعلمنا بألا نؤذي أيّ كان ، لا بل بأن نحب الناس جميعا ، ولكي نضمن لنا ولمجتمعنا المصلحة الحقيقية وهذه المحبة والثقة كان يوصينا وبتشدد عالي المستوى والوتيرة بأن واجب علينا الالتزام ب- 3 أمور أساسية : حب العلم والعمل والأهم في نظره الاستقامة ..، واليوم وبعد أن مررنا بالتجربة الحياتية الغنية والمتنوعة والتي مارسنها والعلوم الأكاديمية التي حصلنا عليها ، ولو أردنا كأفراد أو كمجتمع أن نعطي أولادنا النصيحة .. وهذا واجبنا جميعاً، فلن نجد أدق وأشمل وأفيد وأصح وأعمق وأجدر من أن نعطيهم هذه النصيحة بالذات ، وكأن فقيدنا كان على معرفة بما قاله الشيخ القاضي اللبناني حليم تقي الدين: كونوا أجاويد في قول وعمل إن الديانة في الأخلاق والشيم.

الوالد والأخ والصديق
والدنا الراحل كان بالنسبة لنا الوالد والأخ والصديق والمرافق ، ونتاجه الاجتماعي بالمحصلة يصب بما نحن فيه من مواقف وممارسات وتعاطي مع قضايا شعبنا العربي الفلسطيني البطل ، النازح والرازح منه خاصة ، وباقي شعوبنا العربية والإسلامية على وجه الخصوص وباقي البشرية عامة.
وداعاً أيها الأب الوالد الحنون المعطاء الوفي الكريم الشجاع وصاحب العِزّة والفلاح العاشق للناس ولمجتمعه ، والى جنات الخلد مرحوما معززا مكرما، وستبقى ذكراك وسيرتك ومسارك المنارة التي ترشدنا بأن نبقى على العهد ونحب ناسنا وأرضنا ووطنا وشعبنا الفلسطيني وباقي شعوب أمتينا العربية والإسلامية وكل الطيبين في هذا العالم ، وكما عودتنا لا ولن ننسى فضل الألوف من الأصدقاء والأقارب ومن كل الأطياف والذين شاركونا مراسيم العزاء ، متمنين من الباري تعالى أن يوفيهم عنا خيراً وأن لا يريهم مكروها بعزيز ولأمد بعيد.

مقالات متعلقة