الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 08:01

عذرا..لسنا خونة/ بقلم: يوسف شداد رئيس تحرير موقع العرب

كل العرب
نُشر: 18/02/12 12:03,  حُتلن: 14:58

يوسف شداد رئيس تحرير موقع العرب في مقاله:

الشعب السوري ومطالبته بالعدالة اكبر من الأسد وحزب البعث وحزب الله ونصر الله وايران ودول الممانعة والسعودية وقطر

أن تكون مؤيدا للأسد ونظامه أو مطالبا بالاطاحة به وبأعوانه  لا يعني أن تكون خائنا لعروبتك

الثورتان التونسية والمصرية هما انقى الثورات لأننا تابعناها بالكامل في بث مباشر منذ اندلاع شرارتها الاولى وحتى الاطاحة ببن علي ومبارك وشهدت انتاجا صحفيا ميدانيا كاملا

الخائن من أبناء شعبنا ليس من يؤيد الأسد أو يطالب بتنحيه ومحاسبته إنما الخائن من أبناء مجتمعنا هو الذي يدير ظهره لقضايا جوهرية نعيشها

هناك شعب تسفك دماؤه يوميا؟ من القاتل؟ الأسد وشبيحته؟ أم الخلايا الإرهابية التي يتحدثون عنها بأنها زعزعت أمن سورية بارتكابها المجازر بحق الأبرياء؟

علينا التخلي عن نهج التخوين في نقاشاتنا حول ما تشهده المنطقة لأننا نعيش تاريخا وتغييرات هستيرية تستدعي أن نكون جزءا منها في خانة المشاهد العميق لا المتفرج السطحي الغوغائي

بشكل تدريجي حولت الفضائيات مواقع اليوتيوب والفيسبوك والتويتر الى مصدر "مؤكد" للخبر في ظل افتقادها للتغطية الصحفية الكاملة ومجّمعا لمواد منها ما عليه القيمة الصحفية ومنها المفبركة
 
ما أدخل الكثير من البلبلة كان اعتماد الفضائيات على مواد نشرت في المواقع الاجتماعية دون التأكد من صحتها، اضافة الى تحويلها لكل من يحمل هاتفا نقالا يمكنه أن يصور به مقاطع فيديو مدتها دقيقتين أو ثلاث دقائق، الى صحفي ومراسل ميداني، بامكانه أن ينقل الحدث بنفسه على ضوء صعوبة وصول طواقم التصوير والمراسلين للقيام بالتغطية الصحفية الشاملة
 
لا يمكن الحصول على الحقيقة الكاملة لما يدور في سورية في الوقت الحالي لأن الاعلام في يومنا لم يعد محايدا بل أخذ موقفا واضحا وخطا سياسيا في تغطيته
 
 

لقد قررت كتابة هذه الكلمة القصيرة ردا على الكثير من التعليقات التي أقرأها يوميا عبر الفيسبوك والتويتر، وردا على التفكير المظلم الظاهر خلال النقاشات الدائرة بين زوار المواقع الاجتماعية ومواقع الانترنت المختلفة في القضية السورية، ووصف كل من يؤيد الأسد أو ينادي بالإطاحة به بالخائن، الى جانب المهاترات والمزاودات على بعضنا.

المواقف الوطنية
من الدلالات على تنور الشعوب هي المواقف الوطنية والسياسية النابعة من فكر نؤمن به ونتمسك بأبعاده وإسقاطاته مهما حدث ومهما كانت النتائج، كما حدث لنا نحن عرب الداخل عندما رفض اجدادنا التنازل عن أرضهم وبقيوا هنا لنعيش نحن عليها، رغم ما نعانيه من عدم مساواة بالحقوق وسياسة التمييز والعنصرية المستفحلة وهذا نضال واشرف المواقف. ولأننا نعيش في منطقة ملتهبة سياسيا وبامكان كل طرف من الأطراف المتنازعة فيها إشعال فتيل الحرب بثانية واحدة لتشتعل المنطقة بأسرها، ولأن الثورات العربية وما تناقلته وسائل الاعلام المختلفة والفضائيات العربية مهما كانت مواقفها مدعومة أمريكيا أم تساند دول الممانعة، غيرت شكل الشرق الأوسط وأجبرت اسرائيل على مراجعة ائتلافاتها الواضحة والمخفية والسرية في المنطقة، وإزاء ما نعايشه من تنامي العنصرية ضد العرب في البلاد ومن سطوع "نجم" اليمين المتطرف في الكنيست وفي وسائل الاعلام العبرية، فمن واجبنا وإذا أردنا أن نكون منصفين بحق أنفسنا وتاريخنا، أن نتابع بتعمق لا بسطحية عبر كل وسائل الاعلام ما يدور في ساحة الشرق الأوسط حاليا مهما كانت، قطرية سعودية أو لبنانية أو مصرية أو محايدة أو مؤيدة للأسد أو مطالبة برحيله، عملا بمبدأ النظرة الشمولية لا الضيقة للوضع.

التخلي عن نهج التخوين
ولأن الوضع القائم على النحو التالي، علينا التخلي عن نهج التخوين في نقاشاتنا حول ما تشهده المنطقة، لأننا نعيش تاريخا وتغييرات هستيرية تستدعي أن نكون جزءا منها في خانة المشاهد العميق لا المتفرج السطحي، ولأسباب كثيرة فرضها الواقع الثوري والتلفزيوني علينا في العام الأخير.

التأييد والمعارضة
من الطبيعي أن يكون معسكران في نقاشنا. الأول المؤيد لنظام الأسد والإصلاحات دون تدخل أجنبي وإعطاء الوقت الكافي للشعب السوري للدخول الى مرحلته الانتقالية الجديدة إذا تحققت، والثاني الداعي للإطاحة بنظام الأسد البعثي الذي يرتكب الجرائم بحق أبناء شعبه. أن تكون مؤيدا لأحد المعسكرين لا يعني أن تكون خائنا لعروبتك.

صدام عنيف
لقد شكلت الثورة السورية صداما بين المؤيدين للسياسة السعودية والقطرية في الشرق الأوسط، وبين مؤيدي دول الممانعة وعلى رأسها سورية، كما وأنها شكلت صداما عنيفا بين مصالح ايران في الشرق الأوسط على اعتبار انها حليفة لسورية، ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعو لخلع الأسد فورا وهي بطبيعة الحال حليفة للسعودية وقطر، ولذلك من الطبيعي أن يكون النقاش السياسي بيننا ساخنا جدا شرط ألا يصل الى درجة التخوين، فمهما حاولنا أن نقرأ صورة الوضع على الصعيد السوري ستبقى الصورة مشوشة، لأننا نتلقى ما يحدث في سورية من وسائل الاعلام التي هي بذاتها تتلقى الاخبار من مصادرها الخاصة، وهذا يظهر جليا في تخبطها في نقل ما يحدث في سورية، بمعنى أنها لا تنتج الخبر من سورية بل تتلقاه على عكس ما حدث في تغطيتها للثورة التونسية والمصرية ويجب الانتباه لذلك.

ثورة الفضائيات
لقد شهد العام الأخير ثورتين. الأولى ثورة الشعوب والثانية ثورة الفضائيات التي منها من قدم إعلاما موجها، ومنها من حاولت بجهد تبني المصداقية في التغطية الصحفية، ومنها من طبقت إملاءات دول كبرى وزعامات. لذلك نجد أن الثورتين التونسية والمصرية هما أنقى الثورات بالنسبة لنا كمشاهدي تلفزيون أولا، لأننا تابعناها بالكامل في بث مباشر منذ اندلاع شرارتها الاولى وحتى الاطاحة ببن علي ومبارك وخطابه التاريخي عندما تنحى. أما في سورية فالوضع مختلف. أمام هذا المشهد السياسي يجد المواطن العادي في مجتمعنا نفسه يتلقى كما هائلا من المعلومات مؤكدة وغير مؤكدة دقيقة وغير دقيقة، من مختلف القنوات الإخبارية الفضائية في العالم العربي الى جانب مواد اعلامية منها من تدعم سورية، ومنها ما تدين نظامها بالقتل وارتكاب المجازر.

اليوتيوب والفيسبوك والتويتر
وبشكل تدريجي حولت الفضائيات مواقع اليوتيوب والفيسبوك والتويتر الى مصدر "مؤكد" للخبر في ظل افتقادها للتغطية الصحفية الكاملة، ومجّمعا لمواد منها ما عليه القيمة الصحفية ومنها المفبركة، وما أدخل الكثير من البلبلة كان اعتماد الفضائيات على مواد نشرت في المواقع الاجتماعية دون التأكد من صحتها، اضافة الى تحويلها لكل من يحمل هاتفا نقالا يمكنه أن يصور به مقاطع فيديو مدتها دقيقتين أو ثلاث دقائق، الى صحفي ومراسل ميداني، بامكانه أن ينقل الحدث بنفسه على ضوء صعوبة وصول طواقم التصوير والمراسلين للقيام بالتغطية الصحفية الشاملة، وقد كانت الفضائيات العربية ملزمة بذلك على ضوء محاولات اسكاتها ومنع مراسليها من الوصول الى اماكن الحدث أو التشويش على بثها المباشر. لذلك أقول إنه لا يمكن الحصول على الحقيقة الكاملة لما يدور في سورية في الوقت الحالي، لأن الاعلام في يومنا لم يعد محايدا بل أخذ موقفا واضحا وخطا سياسيا في تغطيته، وعليك ايها المشاهد أن تقرر أي من المواقف يقنعك، وأي من الصور التي تبث عبر الشاشة تهزك، وأي من المقابلات والتقارير المذاعة تفتح عينيك على واقع جديد وتقدم لك قراءة عميقة وسلسة للحدث، وأي من المذيعين يجعلك تنبهر من عمقه وأسئلته المحرجة، وذلك لتبني موقفك وتغذيه.

تخوين الأسد ونظامه
الأمر المؤكد والحقيقي أن هناك شعب تسفك دماؤه يوميا؟ من القاتل؟ الأسد وشبيحته؟ أم الخلايا الإرهابية التي يتحدثون عنها بأنها زعزعت أمن سورية بارتكابها المجازر بحق الأبرياء؟.
لقد شاهدت قبل يومين ما بثه التلفزيون السوري من تقارير من عدد من المدن السورية، والتي تخللت مقابلات مع مواطنين في الشارع، واستمعت الى كلمة بشار الجعفري المندوب السوري في الأمم المتحدة وشاهدت تقارير هاجمت بشدة القرضاوي وسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، وبالمقابل اتابع يوميا تطورات الأوضاع في الشأن السوري على قنوات الجزيرة والعربية وبي بي سي منذ عام، لأجد نفسي أمام مشهد متشابك ومعقد، وفي سطره الأخير ليس تخوينا للأسد ولنظامه ولا تأييدا له، بل مناشدة عالمية لوقف حمامات الدماء في سورية وزهق الأرواح بالجملة، والوقوف الى جانب الشعب السوري في مطالبته بالعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية دون تدخل دول أجنبية كانت سببا مباشرا في قتل الآلاف في وقائع سابقة من أبرزها التدخل الأجنبي الامبريالي في العراق. هذا ليس موقفا إنما حقيقة وواقعاً. فالشعب السوري ومطالبته بالعدالة اكبر من الأسد وحزب البعث وحزب الله ونصر الله وايران ونجاد ودول الممانعة والسعودية وقطر.

الخائن من أبناء شعبنا
لذلك أيها القارئ العزيز أعود الى بداية ما كتبت...الخائن من أبناء شعبنا ليس من يؤيد الأسد أو يطالب بتنحيه ومحاسبته، إنما الخائن من أبناء مجتمعنا هو الذي يدير ظهره لقضايا جوهرية نعيشها ، هو الذي يغمض عينيه عن العنصرية المتفشية ضد العرب في البلاد وعن التحريض الدموي على أبناء شعبنا ومقدساتهم، والخائن هو الذي يجر أبناء مجتمعنا للجنوح والعنف والمخدرات، وهو من لا يعتني ببلدته والذي لا يحافظ عليها وعلى رموزها الدينية والاجتماعية والتربوية ونسيجها الاجتماعي، والخائن هو الذي يزيد من مصائبنا وويلاتنا ويدب الفتنة بينانا ويتآمر على حقنا بالمساواة والحقوق الكاملة.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة