النائب محمد  بركة:

علينا أن نتكلم بصراحة حينما يجري الدمج بين الحريديم والعرب فلدى قطاعات واسعة من الحريديم هناك أيديولوجيا تعترض على الانخراط التام في سوق العمل، بينما لدى العرب

النائب حنين:

الفقر ليس قدرا من السماء وانما هو نتيجة سياسات نيوليبرالية موجهة واذا ما لم يتم تغيير هذه السياسات فسوف نجتمع كل عام ونحيي يوم الفقر العالمي وهذا سيستمر من عام إلى آخر لأن المعطيات تسير من سيء إلى أسوأ

النائب د. عفو اغبارية:

على مر السنين تم انتشال الغالبية الساحقة من اليهود من دائرة الفقر والجوع ولكن جرى ترك العرب وحتى اغراقهم بشكل أعمق في دائرة الفقر المدقع والمعطيات الرسمية وحدها تكشف الحقيقة رغم اننا نعرف أن الحقيقة أخطر مما تعكس التقارير الرسمية

أكد النائب محمد بركة، رئيس مشارك للوبي البرلماني لمكافحة الفقر، في مؤتمر برلماني عقد في الكنيست هذا الاسبوع، أن الديمقراطية لا تعي فقط حرية التعبير والتصويت، بل أيضا الحق بالعمل والحياة بممارسة حياة في ظروف مساوية لظروف الفئات الأخرى، فيما أكد النائب الجبهوي، دوف حنين، أن أحد أسباب الفقر نجدها في الثراء الفاحش، وقال النائب الجبهوي د. عفو اغبارية، على مدى 64 عاما يجري انتشال اليهود من الفقر واغراق العرب فيه. وجاء هذا، كما ذكر، في المؤتمر السنوي الذي يعقده اللوبي البرلماني لمكافحة الفقر، بالاشتراك مع جمعية شتيل، ويرأس هذا اللوبي البرلماني أربعة نواب، وهم النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والنائب دانييل بن سيمون من حزب "العمل" والنائب شلومو مولا من حزب "كديما" والنائب زبولون أورليف، من حزب "المفدال".

نحن مجتمع تواق للعمل
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، قال النائب بركة، اليوم قرأنا في وسائل الإعلام أن صندوق النقد الدولي، وبعد أن أغدق بالمديح على الاقتصاد الإسرائيلي، وسارع وزير المالية يوفال شتاينتس إلى ابلاغ الرأي العام عن هذا المديح، فإن وجه انتقادات للسياسة الاقتصادية الإسرائيلية، ومن بينها التقصير في دمج العرب والحريديم في سوق العمل، ولو تم دمجهم بالنسبة الموجودة لدى المجتمع اليهودي بشكل عام، لكان الناتج العام ارتفع في إسرائيل بنسبة 15% وهي نسبة هائلة جدا.
وتابع بركة قائلا، علينا أن نتكلم بصراحة، حينما يجري الدمج بين الحريديم والعرب، فلدى قطاعات واسعة من الحريديم، هناك أيديولوجيا تعترض على الانخراط التام في سوق العمل، بينما لدى العرب، فإن "الأيديولوجيا" التي تتملكنا، هي الانخراط في سوق العمل، نحن مجتمع كباقي المجتمعات، إن لم يكن أكثر، نحب العمل والإنتاج، ولكننا محرومون من فرص العمل.

البطالة بين النساء
ومن قال أن النساء، مثلا، لا يرغبن في العمل، أو حسب مزاعم المؤسسة الحاكمة، أن تقاليدنا تمنع النساء من العمل، فالمرأة العربية على مدى التاريخ، مشاركة بشكل أساس في اقتصاد العائلة، مثل الزراعة وغيرها، والبطالة بين النساء العربيات قسرية، فمثلا حينما كانت تنتشر مشاغل النسيج بكثرة في البلاد، وقبل تسفير هذه المشاغل إلى الدول النامية وحي الأيدي العاملة الرخيصة، كانت نسبة هائلة من النساء العربيات يعملن في هذه المشاغل.
وشدد بركة قائلا، إننا نريد أماكن العمل في بلداتنا كما هو الحال حتى في اصغر البلدات اليهودية، هاتوا أماكن عمل، وستنخفض البطالة لدينا إلى أدنى مستوى، ولكن كما يبدو فإن في المؤسسة من هو ليس معنيا بهذا.

بركة: أي ديمقراطية هذه!
وقال بركة، إن في إسرائيل على وجه الخصوص، لا يمكن الفصل بين الفقر والعنصرية، لأن أسباب الفقر المستشري بين العرب عنصرية إلى أقصى الحدود، ولذا لا يمكن الفصل بين المعركة على الفقر وبين العنصرية، وهنا أكد قسما واسعا من الحضور المشارك في المؤتمر على تأييدهم بما طرحه النائب بركة بالتصفيق.
وتابع بركة قائلا، إن ساسة إسرائيل يتغنون بالديمقراطية، ونحن نقول لهم إن ديمقراطيتكم زائفة، لأن الديمقراطية الحقة لا تعني فقط حرية التعبير والتصويت، بل الحق في الحصول على فرص العمل والتعليم والصحة وفي جميع مناحي الحياة بشكل مساو للشرائح الأخرى، بمعنى المجتمع اليهودي في إسرائيل.

سياسة نيوليبرالية مبرمجة
وفي كلمته قال النائب دوف حنين، ان الفقر ليس قدرا من السماء وانما هو نتيجة سياسات نيوليبرالية موجهة، واذا ما لم يتم تغيير هذه السياسات فسوف نجتمع كل عام ونحيي يوم الفقر العالمي، وهذا سيستمر من عام إلى آخر، لأن المعطيات تسير من سيء إلى أسوأ.
واعتبر د. حنين ان مقابل الفقر المدقع هناك غنى فاحش وبدل التركيز طوال الوقت على ظاهرة الفقر والفقراء، والبكاء على الأطلال، علينا النظر الى الوجه الآخر للعملة ورؤية الغنى الفاحش الذي يحمل في طياته الحل للفقر المدقع، من خلال تقسيم الثروات بشكل عادل أكثر وبشكل يمنع هذا الاستقطاب غير المنطقي من فقراء يموتون جوعا وأغنياء يموتون جشعاً وتخمة.
وأكد حنين ان هناك أنواعا مختلفة من الفقر فهناك الفقر المطلق وهناك الفقر النسبي. مشيرا الى ازدياد حجم فقر الأشخاص والعائلات العاملة والذين يعملون ليل نهار من أجل سد حاجاتهم الأساسية ولا ينجحوا بذلك بسبب سياسات الحكومة التي تزجهم في رمال متحركة لا يمكن التخلص منها. وختم النائب حنين مداخلته بالقول ان دوائر الفقر في إسرائيل آخذة بالاتساع والازدياد وهو الأمر الذي ولد الاحتجاجات الاجتماعية الضخمة التي شهدناها في الصيف الأخير والتي كان مطلبها الأساسي العدل الاجتماعي.

يستغنون عن الدواء لاطعام الأبناء
وفي كلمته قال النائب د. عفو اغبارية، إنه في العام 1948، وبعدها بسنوات قليلة، استدعى الفقر حصول الناس على المواد الغذائية والتموينية الاساسية بكوبونات من مراكز خاصة، كما ترون هذا اليوم في دول فقرة جدا، ويومها لم يكن هذا مقتصرا على العرب، بل قطاعات واسعة من اليهود، من المهاجرين حديثا في تلك السنين.
وتابع اغبارية قائلا، على مر السنين، فقد تم انتشال الغالبية الساحقة من اليهود من دائرة الفقر والجوع، ولكن جرى ترك العرب، وحتى اغراقهم بشكل أعمق في دائرة الفقر المدقع، والمعطيات الرسمية وحدها تكشف الحقيقة، رغم اننا نعرف أن الحقيقة أخطر مما تعكس التقارير الرسمية.
وأضاف إغبارية من خبرته الشخصية، إن للفقر قصص وروايات تحتاج إلى الكثير من الأعصاب كي يصمد الانسان لدى سماعها، فقد كنت أعمل طبيبا في أماكن مختلفة من البلاد، واذكر كيف كان مرضى يستغنون عن شراء الأدوية الاساسية من أجل تأمين قوت أبنائهم، وحينما كنت أحرر وصفات طبية، كان مرضى يطلبون مني أن أكتب لهم نصف الكمية أو ربع الكمية، لأنه ليس بحوزتهم المال الكافي لشراء تلك الأدوية.
وقال اغبارية، في الصيف الماضي رأينا حملة احتجاجات شعبية، مثيرة للإعجاب، ولكنها من حيث الجوهر بقيت اساسا محصورة في الشرائح الوسطى، وبشكل خاص في أسعار البيوت، والمطلوب اليوم حملة احتجاجات شعبية في صلبها الفقراء، وعلى رأس مطالبها مطالب الفقراء.

روايات الفقر
وشارك في المؤتمر عدد من النواب من عدة كتل، وخبراء في مجال القضايا الاجتماعية، كما وصفت عدة نساء تروين ما يواجههن من مصاعب في حياتهن، ومن بينهن الأم كلثوم اغبارية من منطقة المثلث، التي كانت تعمل وفصلت من العمل، ولظروف خاصة اضطرت لرعاية عائلتها التي تضم خمسة ابناء لوحدها، وقد بحثت كثيرا عن عمل ملائم، وفي مرحلة ما كانت من ضحايا مشروع فيسكونسين الاستبدادي، ولكنها كانت أيضا من بين النساء اللواتي ناضلن من أجل اغلاق هذا المشروع، وأكدت، أنها كنساء كثيرا لسنا بحاجة إلى عطف وتضامن، بل إلى عمل وهن مستعدات للانخراط في سوق العمل بأجر قادر على تربية العائلة.