الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 11:02

تقرير فينوغراد بين خياري غرور القوة


نُشر: 05/02/08 08:07

تقرير فينوغراد بين خياري غرور القوة والمقاومة 

لقد كشف تقرير فينوجراد فيما كشف عن حقيقتين هامتين أكدهما تاريخ الأمم والدول السابقة والحاضرة على حد سواء ،والحقيقتان هما:أولا- إن إسرائيل عندما أقدمت على حرب تموز ضد لبنان أنما أقدمت عليها بدافع الغرور بالقوة والتفوق العسكري الذي يقهر ولم تكن تتوقع أبدا أن تواجه ما واجهته من مقاومة مدربة ومسلحه قلبت لها كل الموازين والحسابات وحالت بينها وبين تحقيق أهدافها من الحرب لا بل أوقعت فيها خسائر مادية ونفسية كبيرة وعميقة.
ثانيا- إن المقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله استطاع أن يبتكر إشكال جديدة للمقاومة لم تتوقعها القيادة الإسرائيلية في أسوا أحلامها كابوسيه،لقد نجح بضع مئات من المقاتلين المدربين بالصمود أمام اعتي ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط ،فحطموا أسطورة" الميركافا "وأسطورة الجيش الذي لا يهزم .
وما حدث في لبنان يحدث اليوم في قطاع غزة فبعد الحصار الخانق الذي فرضته إسرائيل على القطاع فمنعت به الدواء والغذاء والوقود والكهرباء عن مليون ونصف من الفلسطينيين  مصعدة من سياسة القتل والاغتيال، قرر الشعب الفلسطيني هناك أن يكسر الحصار فما كان منه إلا أن قام بتحطيم الجدار الفاصل بين القطاع ورفح المصرية سعيا منه للحفاظ على وجوده ومقاومته وهو الأمر الذي فاجأ القيادة الإسرائيلية والعالم برمته وحول أحلام حكومة ولمرت باستسلام وخضوع الفلسطينيين سحابة صيف خادعة. 
لقد علمنا التاريخ أن الإمبراطوريات والدول لا بد أن تسقط عندما يصيبها غرور القوة فتتوسع وتبسط سيطرتها على الشعوب قسرا وجبرا ،هذا ما حصل مع الدول الغابرة مثل قوم فرعون وعاد الذين حكى القران حالهم قائلا:"وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق فقالوا من اشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة" . وبنفس الداء هوت الإمبراطورية الرومانية،وهو ما أصاب الأمم والدول الحديثة فقد كان الغرور بالقوة والعظمة سببا في تحطيم نابليون وهتلر وهزيمة بريطانيا وسقوط الاتحاد السوفييتي..وفي المقابل علمنا التاريخ أيضا أن الشعوب تبدع أنواعا جديدة من المقاومة تشكل مفاجأة قاسية للطغاة المستكبرين المغرورين بقوتهم وتفوقهم.وما يدرينا لعل الأسلوب الجديد للمقاومة الذي ابتكره الشعب الفلسطيني في فك الحصار يتحول إلى نموذج مقلد كما حصل في نموذج الحجر..!!
ويبدو إن قادة إسرائيل لم يتعلموا دروس التاريخ أو لعل غرورهم وعنجهيتهم أعمت إبصارهم وعطلت عقولهم عن التفكير السليم والسلوك القويم،فلم يكتفوا بهزيمتهم التي كشف عنها التقرير سواء عسكريا أو سياسيا،فكرروا نفس التجربة مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ففشلوا مرة أخرى ,,ولا نستبعد أن يظل غرور القوة أو "قوة الغرور" هو المسيطر على تحركات إسرائيل وفي تعاملها مع مواطنيها العرب ومع جيرانها من الفلسطينيين والعرب،حتى تقع الطامة يوما ما مصداقا لقوله تعالى:"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" .
إن على إسرائيل وهي تحتفل بعيدها الستين أن تختار بين خيارين لا ثالث لهما:خيار القوة والحرب أم خيار السلام والاستقرار.ولا خيار ثالث بينهما لان الإمساك  بالعصا من الطرفين أمر ثبت فشله وثبتت خطورته بالتجربة.فهل سيستخلص قادة  إسرائيل العبرة الحقيقية من حرب تموز ومن حصار وتجويع غزه؟فيوفرون على المنطقة حروبا وصراعات الشرق الأوسط بأمس الحاجة إلى التخلص منها نهائيا .أم سيرون في تقرير فينو غراد ضوءا اخضرا يستمرون معه في الهجمة على غزة بل وتصعيدها كنوع من رد الاعتبار والردع وإعادة الثقة التي تزعزعت بعد حرب لبنان؟ولكي تحسم إسرائيل أمرها نحو خيار السلام وهو مالم يتم إلى اليوم لابد لها من التخلص من هاجسها الأمني الذي يلح عليا بإصرار أن لا امن ولا عيش لها في المنطقة إلا بالحفاظ على تفوقها العسكري رغم أن هذا التفوق لم يجلب لها لا أمنا ولا اطمئنانا ولا هدوءا لا استقرارا بل جلب عليها نزاعات وحروب مستمرة وخوف وقلق دائمين وترقب واستنفار مستمرين ،.يقول البروفيسور أوري بار يوسيف أستاذ العلاقات الدولية محذرا إسرائيل من شن حرب جديدة: أن (إسرائيل) عاشت طوال معظم سنوات وجودها في ظل إشكالية الأمن، أي في ظل التناقض بين قوتها العسكرية وبين قدرتها على توفير أمن حقيقي لمواطنيها. ويشير إلى مفارقة تاريخية واضحة وجلية وهي أن قدرة (إسرائيل) على ردع أعدائها عن التفكير بخوض حرب أو مواجهة ضدها تنحسر وتتلاشى عندما تصل (إسرائيل) بالذات إلى أوج قوتها العسكرية، وفي كل مرة تكون النتيجة اندلاع نزاعات مسلحة عنيفة توقع خسائر بشرية واقتصادية باهظة وتضعف أمنها القومي. ويشير إلى أن هذه الإشكالية (التناقض) ازدادت حدة وتفاقماً بعد حرب ((الأيام الستة)) (1967) وبلغت مؤخراً مستويات قياسية جديدة. جذور إشكالية الأمن هذه لا تكمن في كون (إسرائيل) ليست قوية كفاية، القناعة التي يؤمن بها جميع مهندسي سياسة الأمن الإسرائيلية تقريباً ومؤداها أن الأمن لا يتحقق إلاّ بواسطة التفوق العسكري. وهذا التفوق من المفترض أن يؤدي وظيفته بواسطة إحدى بإحدى طريقتين: ردع العرب عن المبادرة بأعمال عدائية، أو -في حال غامَرَ هؤلاء بإعلان بإعلان الحرب رغم ضعفهم- تحقيق نصر كاسح يؤدي، من جملة ما يؤدي، إلى إعادة شحن (بطاريات الردع)الفارغة-على حد تعبيره.
والى ذلك الحين سيظل الصراع قائما تدفع الشعوب له إثمانا باهضة وستظل المنطقة معرضة إلى المزيد من المواجهات والتصعيد والفعل ورد الفعل إلى أن يحدث الله أمرا كان مفعولا.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
239374.87
BTC
0.51
CNY