الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 17:02

غيمة في صيف صهيوني حارق / بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 25/01/12 07:52,  حُتلن: 10:48

تميم منصور:

اليوم تطل على الساحة السياسية في إسرائيل فقاعة جديدة بعد أن أعلن يائير لبيد نجل لبيد عن عزمه أقامة حزباً جديداً

كشف البريق الخاطف الذي حظي به لبيد الابن عن الكثير من مواقفه من قبل المقربين منه ومن قبل خصومه غالبية هذه المواقف تؤكد بأنه كالثمرة التي لم تسقط بعيدا عن الشجرة التي سقطت من فوقها

منذ سنة 1973 رافقت كل دورة من دورات الانتخابات البرلمانية في إسرائيل طفرة أو فقاعة حزبية جديدة، وتظهر هذه الفقاعات كي تملأ الجيوب والفراغات داخل الحياة الحزبية والسياسية داخل الدولة الصهيونية، غالبية هذه الفقاعات خبت وانتهى بريقها بسرعة رغم أن أقدام بعض قادتها وطأت عتبات الكنيست، والقليل منها من حافظ على وجوده.
 
آخر الفقاعات
آخر هذه الفقاعات حزب المحامين أو "شينوي" الذي أقامه المحامي والإعلامي العلماني "طومي لبيد" هذا الحزب ساهم في تلويث المناخ السياسي في إسرائيل بأوبئة العنصرية والتشدد ومعاداة العرب، لأن رئيسه عُرف بمواقفه العنيدة المتشددة وتأييده الكامل للاحتلال والاستيطان . كان له دوراً بارزاً في منع الصحفيين المحلين من استخدام تعبير "المناطق الفلسطينية المحتلة" وأصر على استبدالها بتعبير المناطق المدارة كي يكون هذا التعبير الكاذب قناعاً يحجب وجه الاحتلال البشع .

دعم فكرة اسرائيل
اعترف لبيد قبل رحيله بأنه كان في فترة من الفترات يدعم فكرة إسرائيل الكبرى ، ومعارضاً متشدداً للانسحاب من القدس والجولان وبقية المناطق المحتلة. اليوم تطل على الساحة السياسية في إسرائيل فقاعة جديدة بعد أن أعلن يائير لبيد نجل لبيد عن عزمه أقامة حزباً جديداً ، لم يفصح حتى عن اسم هذا الحزب ، وسوف يخوض غمار الانتخابات للكنيست القادمة ، بالتأكيد أن لبيد الابن يعتبر والده المثل الأعلى ، وقد اعترف أكثر من مرة بأنه امتدادا له وتخرج من مدرسته الفكرية، وهذا لا يبشر بالخير ، لأنه يعرف ما هي الآليات التي يفترض استخدامها والاتكاء عليها للسير قدما فوق دروب السياسية الإسرائيلية الشائكة ، ويعرف أن أكثر البضائع رواجا في أسواق السياسة الإسرائيلية هي الأخذ بمواقف يمينيه متطرفة حتى لو كان المنحى علمانيا ً، لأن التطرف العنصري ورفض السلام العادل غير مرتبط بالاصولية الدينية اليهودية فقط ، يمكن للعنصرية أن تحمل طابعاً علمانيا مدنيا متطرفاً ، هذا كان حال الأحزاب الفاشية والنازية في أوروبا ، كانت هذه الأحزاب علمانية صرفة ، لكنها أكثر الأحزاب العنصرية التي عرفتها أوروبا في العصر الحديث، وهذا كان حال حزب العمل وحزب حيروت في إسرائيل وغيرها من الأحزاب العلمانية اليهودية لقد رافق إعلان لبيد الابن عن نيته ترك ساحة الإعلام والغوص في أعماق السياسة بإقامة حزبا جديدا، رافقه زفة إعلامية خاصة، شاركت فيها كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، كما رافق هذه الزفة انبراء المعلقين والمحللين والإعلاميين والسياسيين لتناول هذا الحدث ، ومنهم من ساهم في تسليط الأضواء أكثر على هذا النجم السياسي الجديد من وجهة نظرهم .

رفض قاطع!
لقد كشف البريق الخاطف الذي حظي به لبيد الابن عن الكثير من مواقفه من قبل المقربين منه ومن قبل خصومه ، غالبية هذه المواقف تؤكد بأنه كالثمرة التي لم تسقط بعيدا عن الشجرة التي سقطت من فوقها ، فهو لم يذهب بعيداً عن دائرة والده ، يجتر تصريحاته ومواقفه وصلفه ، فقبل أن يمضي بعيدا داخل دروب السياسة اختلف مع رئيسه بلدية مدينة رعنانا التي أعلنت انها ستكون شريكته في بناء الحزب الجديد، اختلفا حول قرار محكمة العدل العليا الأخير الذي اقر من جديد القانون العنصري الذي يمنع لم الشمل للفلسطينيين بادعاءات ممجوجة، سارعت رئيسة بلدية رعنانا إلى رفض هذا القرار، أما نجم – السياسة الطازة – لبيد الابن فقد دعم هذا القرار دون تردد، هذه صفعة في وجه ضعاف النفوس من المواطنين العرب الذين ينتظرون الصعود في عربات الأحزاب الصهيونية الجديدة القديمة. كشف المقربون من لبيد الابن وخصومه النقاب عن الكثير من مواقفه السياسية التي كان يرمز إليها في مقالاته في الصحف ، من هذه المواقف اليمينية المتطرفة، رفضه القاطع لمبدأ دولتين لشعبين دون الإفصاح عن البديل، وقال عن رئيسة حزب العمل " شيلي حيموفيتش " بأنها يسارية متطرفة لا اقبل الانتماء إلى حزب تحت قيادتها، إذا اعتبر هذه القطة الصهيونية الغارقة في العنصرية حتى اذنيها بدعمها الكامل لكل مشتقات الاحتلال يسارية متطرفة ، إذا ماذا يقول عن أكثر أعضاء الكنيست تألقاً في الدفاع عن الطبقات المسحوقة وقضايا المواطنين العرب " دوف حنين " كيف سيكون برنامجه السياسي ؟ بالتأكيد بأنه سوف يعتلي عرش والده وسيصبح نسخة وامتداداً له .

الناحية الإجتماعية
أما من الناحية الاجتماعية يتطلع لبيد الابن إلى ركوب موجة احتجاجات الصيف الماضي التي قام بها قطاعاً من المجتمع الإسرائيلي ، لكن هذه الاحتجاجات جاءت خجولة متقطعة تحاشت حتى الآن الإفصاح عن مواقفها السياسية . إذا أراد حقاً يائير لبيد إقامة حزباً خارقاً داخل الخارطة السياسية في إسرائيل ، عليه تقديم برنامج واضح وجرىء وواقعي لحل المشكلة الفلسطينية حلاً عادلاً ، وعليه أيضاً طرح برنامج علماني أكثر وضوحاً لعله يساهم في وقف زحف اليمين الأصولي الذي اخذ يلتف حول رقاب غالبية المواطنين في الدولة . لبيد الابن لن يستطيع إرباك الساحة السياسية في البلاد وإحداث انقلابا في المعادلات الحزبية ، سوف يكون امتداداً لأحزاب علمانية صهيونية عنصرية سبقته إلى الظهور ، وسوف يخبو بسرعة كما خبا بريق والده إذا لم يجدد شيئا في القضايا الملتهبة التي تشغل المواطن ، ولن يكون مصيره أفضل من مصير كل الذين أقاموا أحزابا يهودية كانت أو عربية وكانت كغيمة بيضاء في صيف صهيوني حارق .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة