الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 20:02

وماذا بعد...! عن الوطن العربي والّلا رجعة للوراء (2)

كل العرب-
نُشر: 07/01/12 22:15,  حُتلن: 07:26

محمد كناعنة أبو أسعد:

ليس غريباً أن تكون المصالح السياسية الحزبية لهذا الفريق أو ذاك مُغمّسة بالدم وهي بذلك حتماً عاملاً أساسياً في ابتعاد المصلحة الوطنية عن صدارة الاهتمام

أدركت القوى الاستعمارية هذه المعادلة على مرّ العصور ومارستها في أبشع صورها في الوطن العربي وكانت لها اليد الطولى في أحداث لبنان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأصبحت المقولة الشهيرة "فرّق تسُد"

في لُعبة المصلحة السياسية قد يُدرك البعض جيداً حقيقة هذا الفعل أو ذاك والنتائج المترتبة عليه، وقد تكون هذه الحقيقة خطراً مُحدّقاً وفي النتائج تكمن كارثة حقيقية ورغم ذلك يتغاضى هؤلاء عن كل هذا ويلعبوا في السياسة بمصير ومستقبل الوطن على أن تتحقق مصالحم السياسية، وليس غريباً أن تكون المصالح السياسية الحزبية لهذا الفريق أو ذاك مُغمّسة بالدم وهي بذلك حتماً عاملاً أساسياً في ابتعاد المصلحة الوطنية عن صدارة الاهتمام والفعل الشعبي حين يتكرس الاصطفاف السياسي الحزبي وراء الاصطفاف الطائفي البغيض، وهذا غدا أسهل الطرق للحشد والتحريض سعياً لضرب الوحدة القومية للأمّة .

خطاب الرئيس بشار الأسد بعد حرب وعدوان 2006 على لبنان المقاومة
وقد أدركت القوى الاستعمارية هذه المعادلة على مرّ العصور ومارستها في أبشع صورها في الوطن العربي وكانت لها اليد الطولى في أحداث لبنان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأصبحت المقولة الشهيرة "فرّق تسُد" مرتبطة ارتباطاً وثيقاُ بالاستعمار الاوروبي وتحديداً البريطاني، وهذا لم يكن ليحصل لولا وجود قوى وشخصيات تتفاعل مع هذه السياسة وتتساوق معها ، إذ ما معنى الدستور العراقي الذي يُحاصص في كل المرافق على أساس طائفي ، وما معنى السكوت عما يحصل من مذابح في البحرين لأن الشيعة البحرينيين هم في طليعة المطالبين بالتغيير ، وما معنى هتافات البعض في سوريا ( المسيحي ع بيروت والعلوي ع التابوت ) وما معنى الهجوم الأرعن على المسيحيين العرب الأقباط في مصر وتهديد حُرّيتهم الدينية والعقائدية .
المؤامرة على سوريا باتت واضحة المعالم والأهداف والأدوات، هذه المؤامرة التي لم تتوقف على هذا البلد العُروبي على مدار وجودهِ وهذا الحال ازداد مع تبني سوريا الدولة والوطن والشعب والقيادة دعم المقاومة في لبنان وفلسطين ومواجهة كل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية ورفض الاملاءات الامريكية وكان خطاب الرئيس بشار الأسد بعد حرب وعدوان 2006 على لبنان المقاومة وانتصار الأخيرة هناك، كان لهذا الخطاب الأثر البالغ في نفوس وعقول كل الأطراف، فبالنسبة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية كان واضحاً تمسُّك سوريا بهذا الخيار ورفض طأطأة الرأس عند أقدام العم سام، وهذا ما فعله فريق 14 آذار في لبنان وأنظمة العمالة في الخليج ولهم كانت الرسالة الثانية في هذا الخطاب، والتي لم تخلوا من التحدي والفضح لمشروعهم المتآمر مع الولايات المتحدة الامريكية وحلف الأطلسي. وهكذا ورغم كل التهديدات والتلويح بالعصا الاقتصادية من دول الخليج وأوروبا والتهديدات الامريكية ولكن سوريا بعد هذا الخطاب حسمت امرها مع "محور الشر" ، ونعمَ المحوَر.

الظلم والفساد والتبعية للغرب
ومع اندلاع الانتفاضة الشعبية العربية في السابع عشر من ديسمبر (2010 ) في سيدي بوزيد، وكان الشهيد محمد بوعزيزي شرارة الشرارة في هذه الانتفاضة، فامتدّت لتطال كل جيوب الفساد في هذا الوطن، وليس غريباً أن يرتبط شعار فكّ التبعية للغرب الاستعماري مع شعارات الشارع العربي حول الحرية والعدالة ، وكانت هذه بداية لرؤية تَحَرُّريّة رغم عدم نضوج حوامل هذا المشروع، واعتقد ان الانتفاضة أي انتفاضة من دون حامل ثوري لمشروعها وحاضن لها لن تستطيع أن تُحدث التحول الجذري في المجتمع وإن حققت انجازات مطلبية هُنا أو هناك. ولم يَغب عن واقع هذه الانتفاضات أن الظلم والفساد والتبعية للغرب هي من عوامل الفقر وانعدام الحرية والعدالة، ولم يكن منطقياً أو مقبولاً أن تخرج تصريحات من البيت الأبيض الامريكي داعمة لمطالب الشارع العربي بالحرية والديموقراطية ووقوف "ديموقراطية الحظائر" في الخليج الى جانب التحرك الشعبي العربي ولسنا بحاجة لشرح الكثير هنا حتى نُبيّن وجه الغرابة أو السخرية في هذا المشهد .

تعامل الأجهزة الأمنية مع الأزمة
وهكذا كانت الهجمة المضادة من قبل أعداء الأمة العربية متمثلة بحلف الناتو وعلى رأسها أمريكا وأعوانهم في دول النفط وعملاؤهم من مثقفين وأكادميين وأصحاب حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني وهؤلاء الذين يتغذون بالدولار الامريكي الملطخ بدماء أطفال العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال ، فتآمروا على مطالبها الحقيقية والاساسية فغابت من الميادين شعارات المعاداة للغرب و "اسرائيل" وانحرفت في بعض المواقع باتجاه التحريض الطائفي ، وليسَ غريباً أو مُستغرباً أن تُغدق الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي مئاة ملايين الدولارات خلال هذا العام فقط على بعض مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في مصر وتونس وفلسطين ومناطق ال48، والتي باتت تتغنى بالديمقراطية وتُهلّل للحرية القادمة على متن بوارج حلف الناتو.
وفي سوريا كانت الهجمة المضادة أعنف وأكثر من أي موقع آخر، فسوريا هي دولة المواجهة والدولة الوحيدة الداعمة للمقاومة والدول الاكثر استقراراً داخلياً على واقع التقسيم الطائفي الطبيعي الذي يتشكل منه النسيج الاجتماعي والوطني السوري ، ومع بداية تحركات شعبية ديمقراطية سلمية في الداخل السوري مطالبة بالحريات والتغيير الديمقراطي دعمناها منذ البداية ودَعَمتها كل القوى الديمقراطية الوطنية والقومية ، وما زلنا نقول اننا مع مطالب الشعب السوري، ومع الحراك الوطني الذي تقف خلفه قوى سورية وطنية صادقة ترفض أي تدمير للوطن أو التآمر على البلد وشعبه ومقدّراته ومواقفه القومية والوطنية المشرّفة وترفض الإستنجاد بالناتو، هذه القوى التي ضُربَت بالبيض على مداخل جامعة الدول العربية من قبل معارضة الخارج المرتبطة بالولايات المتحدة و "اسرائيل" وتركيا صاحبة الأطماع القديمة-الجديدة في المنطقة ، إنَّ المعارضة التي تتسلح ضد شعبها من أعداء هذا الشعب لا يمكن أن تكون حريصة على الديمقراطية والحرية .
هذا لا يعفي الأجهزة السياسية في سوريا من تعامل الأجهزة الأمنية مع الأزمة في بداياتها ، والطرفين ، المعارضة الوطنية والنظام ، لا رجعة للوراء أمامهما ، ما العمل إذاً .. ؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة