الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 02:02

ضع بصمتك في صناعة الواقع /بقلم: الشيخ محمد نضال محاميد

كل العرب-الناصرة
نُشر: 28/12/11 13:24,  حُتلن: 13:47

الشيخ محمد نضال محاميد في مقاله:

وظيفة الإنسان المسلم عليه كفرد واحد كالصلاة والصيام والزكاة والحج

كل إنسان يعرف مواطن قوته وضعفه فعلى الفرد المسلم أن يسخر مواطن قوته لخدمة الإسلام العظيم وأمته الميمونة المباركة

نحن بوسعنا الكثير وسنسأل عن كل موهبة أهدرناها ولم نسخرها لخدمة الإسلام والإنسانية ويا ليت الواحد منا يصنع الحدث أو يساهم بتغيير الواقع بدلا من أن يكون جزءا من الحدث

ينقسم الناس إلى صنفين، الأول هو ما يطلق عليه نحويا اسم الفاعل وهو الذي يفعل الفعل ويؤثر بفعله مباشرة بالصنف الثاني وهو المفعول به الذي لا حول له ولا قوة، فبناء على ذلك تحظى الفئة الأولى الفاعلة بالقدرة على التغيير وصناعة الحدث وصياغة الواقع بالعكس تماما من الفئة المفعول بها التي تنساق وتنقاد كالأنعام تأكل وتشرب وتنام لا رأي لها ولا تجد لها بصمة مؤثرة حتى في أدنى واقع الحياة، وهي الفئة التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث بالمقابل على الالتحاق بالفئة الأولى المؤثرة، فعن حذيفة قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا".

صناعة الحدث وصياغة الواقع
فما أجمل وما أكمل من أن تكون إنسان مؤثر، لك بصمة واضحة في صناعة الحدث وصياغة الواقع الذي تعيشه والآخرين، فهذه وظيفة الإنسان المسلم فبالإضافة إلى الواجبات المفروضة عليه كفرد واحد كالصلاة والصيام والزكاة والحج...، فهنالك واجبات أخرى تمتد من الفرد الواحد لتشمل الآخرين وتؤثر فيهم للتي هي أحسن وأقوم، كواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله حيث وجه الله خطاب واضحا وصريحا للمؤمنين بقوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ..}[النحل 125]، وعن أبي سعيد الخدري قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان )"، فعملية الإصلاح والتغيير والتأثير الإيجابي لا بد من أن تكون من أبرز صفات وخصال الإنسان المسلم.

واقع الحياة
والتأثير الذي ننادي فيه لا يقتصر على الواجب الدعوي وحسب وإن كانت الدعوة إلى الله هي أساسه وركنه المتين، إنما يمتد ليشمل النهضة بكل ألوانها الحضارية والثقافية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وحتى الفنية والرياضية، فالله تبارك وتعالى خص كل إنسان عند خلقه بميزات وخصال تميزه عن غيره وببصمة له وحده لا يمتلكها سواه، وكل إنسان يعرف مواطن قوته وضعفه فعلى الفرد المسلم أن يسخر مواطن قوته لخدمة الإسلام العظيم وأمته الميمونة المباركة واستثمار إبداعاته حتى تصل مرحلة التأثير الإيجابي الملحوظ على الآخرين وإن حددتها الظروف, وأما من خصه الله ببذور إبداع بموضوع معين ويظن أنه غير قادر أن يسخر طاقته هذه لخدمة الإسلام بظنه أن هذا الإبداع لا يرقى للعرض فعليه أن يعمل بجد لتنميته حتى يرقى إلى مرحلة التأثير على الآخرين ويكون إنسان مؤثر له بصمة في واقع الحياة ولو كانت محدودة أو بسيطة ولا يكون إنسان منقاد منساق إمعة لا رأي له ولا تأثير له وبصمته تدفن معه في قبره دون ما يترك أثر في واقع الحياة.

أعظم تغيير بالحياة البشرية
فبماذا نختلف عن الصحابة رضوان الله عليهم؟، وهم الذين أحدثوا أعظم تغيير بالحياة البشرية وانقلبوا على الواقع وبنوا في الأرض للحق دولة عادلة منصفة تمتد من الصين إلى الأندلس تتميز بثقافتها وعلمها وفنها وقوتها، فالصحابة بشر مثلنا، أكلوا كما نأكل، وشربوا كما نشرب، وهم السلف ونحن الخلف، ولكنهم غيروا مجرى التاريخ، فلا بد أن نغير مجرى التاريخ حتى نشبههم وإن كنا لسنا بمثلهم {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة 286] ونحن بوسعنا الكثير وسنسأل عن كل موهبة أهدرناها ولم نسخرها لخدمة الإسلام والإنسانية، ويا ليت الواحد منا يصنع الحدث أو يساهم بتغيير الواقع بدلا من أن يكون جزءا من الحدث.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة