الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 05:01

قطار الثورات العربية ومحطتها الأخيرة / بقلم: جميل ابو خلف

كل العرب-الناصرة
نُشر: 28/12/11 12:04,  حُتلن: 14:15

جميل ابو خلف في مقاله:

يأتي السؤال الذي لا بد من طرحه وهو هل تعطل القطار أم ماذا ؟ وهل سائقه لا يريد الوصول بمسافريه الى حيث أرادوا

كانت أول هذه الثورات في تونس والتي استمرت فترة أسبوعين حيث كانت كافية لدحر النظام وهروب بن علي الى السعودية  واستمر قطار الربيع العربي أو الثورات العربية بالمسير نحو مصر 

 السائق الأمريكي لهذا القطار في غاية الذكاء بحيث يتحكم في القيادة فيتوقف متى يشاء ويتابع سيره متى شاء بحسب رغبته  وبحسب مصالحه ليس إلا ، فالمحرك الأساسي والدافع الرئيسي لأمريكا هي مصلحتها في المنطقة

عندما يبدأ القطار بالتحرك والمسير فانه يتحرك بطبيعة الحال عن طريق قائده (السائق)، ولا يتحرك بشكل عشوائي، ومن المعروف أيضاً وبشكل طبيعي أن تكون له محطة نهائية يتوقف عندها ليصل كل راكب إلى هدفه ، وهذا يعتمد على خبرة ومهارة سائقه ، ولكن يبقى السؤال : هل يريد السائق بالفعل المرور بكل المحطات المطلوبة كي يصل كل راكب إلى حيث يريد؟  لقد مرت المنطقة العربية (وما زالت) بأوضاع سياسية واقتصادية مزرية للغاية لدرجة أنها أصبحت لا تطاق وبدأ يشعر المواطن العربي في أي مكان أنه مهان وذليل ، وأصبح يشعر أنه مضطهد ومستهدف في جميع نواحي حياته ، سواء أكان من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو غيرها الأمر الذي فجّر الطاقات المدفونة في داخله وخرج إلى الشارع ليقول كلمته رافعاً شعاره الذي أصبح مشهوراً ومألوفاً وهو إسقاط النظام.

أحداث درعا
كانت أول هذه الثورات في تونس والتي استمرت فترة أسبوعين حيث كانت كافية لدحر النظام وهروب بن علي الى السعودية ؛ واستمر قطار الربيع العربي أو الثورات العربية بالمسير نحو مصر حيث استمرت هذه الثورة أيضاً 17 يوماً (في مرحلتها الأولى) والتي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك . ومن بعد ذلك بقليل (2011/2/17) تابع هذا القطار سيره نحو ليبيا لتنفجر هناك ثورة أخرى على شاكلة سابقاتها من الثورات وبمساعدة حلف الناتو ؛ وما أن مضى أقل من شهر حتى اندلعت الثورة السورية عبر أحداث درعا ، ومن ثم الثورة اليمنية . وهنا يأتي السؤال الذي لا بد من طرحه وهو هل تعطل القطار أم ماذا ؟ وهل سائقه لا يريد الوصول بمسافريه الى حيث أرادوا ؟. وبكلمات أخرى لماذا لم يصل لهيب الثورات العربية الى بقية الأقطار العربية ؟

أشكال الحياة السياسية
كما تعودنا فمن المفترض أن يكون المد الثوري مدة لا تزيد عن الشهر بين ثورة وأخرى لطالما أن عدوى الثورة قد انتقلت من منطقة الى أخرى فمن المفروض أن ينتقل هذا القطار من المحطة السورية باتجاه محطات أخرى والتي ترزح تحت نير أنظمة حكم قبلية ، عشائرية ، استبدادية والتي هي عطشى أكثر، وفي حالة ظمأ شديد لمثل هذا الربيع لا سيما وأن معظمها تخلو من دساتير وتخلو من أي شكل من أشكال الحياة السياسية ، ومع ذلك ظلت صامته عما يجري من حراك ثوري ، فلماذا لم يتحرك قطار الربيع العربي باتجاه هؤلاء أو بالأحرى لماذا لم يحركه أحد بنفس الحماس أو الزخم الذي انطلقت منه هذه الثورات آنفة الذكر؟. ولماذا غيّر هذا القطار مساره ولماذا لم تكن الأردن مثلاً محطته الأخرى بحسب ما هو متبع عن خط مسير هذا القطار ، ولماذا لم تكن السعودية كذلك محطة أخرى ليتوقف به هذا القطار ليكمل سيره باتجاه أنظمة حكم مستبدة أخرى؟.
 
الظروف الاقتصادية الخانقة
ألم تكن السعودية مؤهلة لتشهد موجة فوضى عارمة تؤهلها لركوب قطار الربيع العربي ؟. لقد شهدت السعودية موجة مظاهرات واحتجاجات كبيرة (في شرق السعودية) احتجاجاً على التهميش والحرمان حيث سقط في هذه المواجهات عدد من القتلى والجرحى واعتقالات كثيرة من المتظاهرين ، إلا انه كان تعتيم إعلامي على هذه الأحداث بفضل دفع المال السعودي للإعلاميين هناك . لا شك بأن الثورات انطلقت من الشارع العربي والتي كانت خلفياتها هي الظروف الاقتصادية الخانقة ، بالإضافة إلى سياسة القبضة الحديدية من جانب النظام ، وسياسات الاستبداد وقمع الحريات ، إنما هناك محاولات جادة لتدخل أمريكي سافر في شؤون المنطقة العربية مستغلة بعض الفوضى والخلافات الموجودة لدى الفئات والأحزاب المختلفة في هذه البلدان حيث وجدت أرضية خصبة للتدخل في شؤون هذه البلدان الداخلية من أجل الوصول إلى أهدافها الاستعمارية وهو تفتيت المنطقة العربية برمتها إلى دويلات صغيرة بحسب الطوائف والمذاهب وذلك بهدف زرع الفتنة وإضعاف المنطقة العربية وهذا المخطط ليس بجديد من الجانب الأمريكي .

زرع الفتنة
إن السائق الأمريكي لهذا القطار في غاية الذكاء بحيث يتحكم في القيادة ، فيتوقف متى يشاء ويتابع سيره متى شاء بحسب رغبته ، وبحسب مصالحه ليس إلا ، فالمحرك الأساسي والدافع الرئيسي لأمريكا هي مصلحتها في المنطقة إذ تحاول الاستفادة من الثورات وتوجيهها ، وتوظيفها بحيث لا ينعكس هذا في سياسة خارجية أو نظام اقتصادي مختلف عن سابقه . فلطالما أنه ملاحظ وبشكل واضح أن قيادة هذا القطار بأيد أمريكية فنستطيع القول أنها تتجه بهذا القطار إلى المكان التي تريد بحسب الخريطة التي لديها ، فعندما تنتهي من مخطط تقسيم القطر السوري فإنها بالطبع تتجه نحو حليفاتها في المنطقة لزرع الفتنة هناك ، وقد تكون هذه المرة للصديقة الصدوقة السعودية ، وهكذا تتابع مسيرها حتى ينتهي بها الحال إلى تقسيم جميع الأقطار العربية ليس على غرار سايكس بيكو فحسب ، إنما ما هو أخطر من ذلك وهو تجزئة المجزأ ، وهذا ما ستشهده المنطقة من خلال المؤامرة القديمة الجديدة التي تحاك في المنطقة العربية؛ مما لا يدع مجالاً للشك بأن الثورات العربية هي عربية من حيث مواد الخام ولكنها أمريكية التصنيع ويهدف إلى إصابة الأمة العربية والإسلامية بالشلل التام من الناحية الاقتصادية والسياسية والحربية من خلال المخططات القديمة الجديدة التي وردت على لسان الصهيوني الأمريكي "برنارد لويس" و "بايدن" من بعده الهادف الى تفكيك وتفتيت الوطن العربي والإسلامي إلى مجموعة "كانتونات " ودويلات عرقية ودينية ومذهبية وطائفية .

قطار الربيع العربي
يجب الاعتراف أن التغيير في المنطقة تعتريه كثير من الأخطار والمؤامرات سواء أكانت من الداخل أو الخارج ، لذا على صانعي الثورات العربية أن يتنبهوا جيداً إلى ما يحاك ضدهم من مؤامرات ومخططات من خلال سرقة الثورات على أيدي وكلاء أمريكا والذين هم من أبناء جلدتنا وأن يحاولوا قيادة قطار الربيع العربي بأنفسهم غير معتمدين على الغير من أجل الوصول بأمان وسلام إلى مرادهم وهو تحقيق الاستقلال والحرية والكرامة لكافة الأقطار العربية والإسلامية .
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة