جعفر فرح:

العمل الثقافي الذي ينتجه أبناء شعبنا بمقدوره أن يرّبي أجيالا على حقوق

القائم بأعمال رئيس بلدية شفاعمرو جريس حناطالب بتوعية الطلاب في الروضات والمدارس والجوامع والكنائس وكل مكان ضد العنصرية بهدف بناء مجتمع صالح ومحب ويكره الضغينة ويتوق فقط للحياة الكريمة الشريفة المحترمة

الأديب سلمان ناطور – مدير مشروع الحقوق الثقافية في مركز مساواة:

الحق في الثقافة وفي الظروف التي نعيشها نحن هو أن لا تكون ميزانية الثقافة للفلسطينيين في هذه البلاد 3% من ميزانية الثقافة في كل اسرائيل

نشهد في السنوات الأخيرة تدهورا خطيرا في مكانة حقوق الإنسان في البلاد، إذ يمر المجتمع الفلسطيني ومؤسسات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص المؤسسات العربية بمرحلة مصيرية، ضمن المعركة التي تشنها الحكومة الحالية على الحريات عامة، هذه الهجمة تستهدف الجهود الرامية إلى تثبيت حقوق جماهيرنا الفلسطينية في الوطن والمواطنة المتساوية وفي حقنا وواجبنا بالدفاع عن حقوق الإنسان وعن قضايا أبناء شعبنا في كل مكان.
عدا عن القوانين العنصرية التي تهدف لضرب الجماهير العربية والمؤسسات العربية وتضييق الخناق على حرية التعبير عن الرأي، والتي تعتبر إحدى حقوق الإنسان الأساسية، فأن المساحة الممنوحة لحقوق الانسان في إسرائيل آخذة بالتقلصّ!

هذا بالإضافة للملاحقة والتضييق المستمر على أهلنا في النقب وخصوصا في القرى الغير معترف بها والتي تعاني من انعدام المقومات الأساسية لحقوق الإنسان وذلك في ظل غياب الخدمات الأساسية في مجال السكن والصحة والتعليم والتي تهدف إلى تيئيس أهل النقب الصامدين وتهجيرهم. الملاحقات مستمرة، وسياسة الترانسفير، التي هي أكبر تعدي على حقوق الانسان مستمرة عبر مخطط حكومي جديد صدر في العام الجاري – مخطط برافير، الهادف لسلب أراضي واقتلاع 30 ألف مواطن عربي في النقب.
وضمن نشاط مركز مساواة لإحياء اليوم العالمي لحقوق الانسان، قدّم طاقم المركز محاضرات حول حقوق الانسان لطلاب مدارس شفاعمرو وحيفا، خلال الأسبوع المنصرم، ليحيي هذا اليوم بأمسية فنية ثقافية حقوقية عقدت أمس في قاعة "إشكول بايس" شفاعمرو وعرضت خلالها مسرحية "كابوتشينو في رام الله" ، تمثيل الفنانة سلوى نقارة والتي تتحدث عما يعيشه المواطن الفلسطيني من معاناة في ظل الحواجز والحصار الإسرائيلي على الضفة الغربية وتقليص الحريات في الضفة الغربية بشكل مستمر.
توّلى عرافة الأمسية مركّز الائتلاف لمناهضة العنصرية ربيع صغيّر، والذي رحّب بالحاضرين في هذه الأمسية، والتي اكتظت القاعة بهم.

حنا: نحن شعب يحب الحياة!
من جهته أكد القائم بأعمال رئيس بلدية شفاعمرو، جريس حنا، والذي انتاب رئيس البلدية ناهض خازم الذي تعذر حضوره: "في اليوم العالمي لحقوق الانسان لا يسعنا جميعنا كناس وكشعب وكأمة في هذه البلاد الا أن نتوق للمساواة الحقيقية، ليس نحن فقط، انما هذا يوم عالمي، فهو يوم حقوق كل انسان خلق على هذه البسيطة. فكل انسا يطلب العدالة والمساواة يحق له أن يراها محققة في كل أنحاء العالم. نحن شعب يحب الحياة، ليس لنا فقط بل لغيرنا أيضا، ونطلبها بصوت عالي بأن يستخدم الميزان ذاته والمكيال ذاته مع كل الشعوب، وخاصة أبناء شعبنا الفلسطيني".
وطالب حنا بتوعية الطلاب في الروضات، المدارس، الجوامع، الكنائس، الخلوات، وكل مكان ضد العنصرية بهدف بناء مجتمع صالح ومحب ويكره الضغينة ويتوق فقط للحياة الكريمة الشريفة المحترمة.

العمل الثقافي ودوره بتربية الأجيال
من جهته شكر جعفر فرح بلدية شفاعمرو على استضافة هذا البرنامج، وشكر سلوى نقارة على عملها المسرحي الرائع، وطاقم مركز مساواة والمركز الجماهيري على تنظيم الأمسية. وأكد "العنصرية الداخلية هي أمر نتشربه نحن بتربيتنا، واذا كانت هناك رسالة نخرج منها من أي برنامج، هو ما يمكننا فعله؟ وهذه مسؤوليتنا نحن في نهاية الأمر. فصل التعليم في شفاعمرو أو حيفا أو المغار، هي إحدى جذور المأساة التي لمستموها في شفاعمرو والمغار وسنراها لاحقا في كل محل. رؤيتنا كمجتمع في إعادة صياغ مجتمعنا ان كان تحت ظروف احتلال، أو في شفاعمرو بشعور مواطنة في العديد من الأحيان مزيّفة، يتطلب منا أن يكون لدينا شعور مختلف. وأعتقد أن الحركة في شفاعمرو اليوم، والاتفاق بين الناس أن البلدة تذهب الى النحو الخطأ من حيث مستقبلها.. فعندما نتحدث عن حقوق الانسان بيوم من هذا النوع، نحن نتحدث أيضا عن أنفسنا كناس نرغب ببناء شعب، فأي شعب نحن نريده؟ ولبلدية ومركز جماهيري ومؤسسات كمساواة هناك دور هام في وضع التصوّر لبناء شعب.. والتحدي الأكبر هو أي حيفا أي شفاعمرو نحن نريد"؟
وأكد فرح: "مشروعنا فيه الكثير من المضامين، هذه المسرحية، العمل الثقافي الذي ينتجه أبناء شعبنا بمقدوره أن يرّبي أجيالا على حقوق. نخجل من التعبير عن انتهاك الحقوق، ولكن من خلال تشجيع العمل الثقافي في الحيّز العام يمكننا أن نربي أجيال تحترم الحقوق"!
وأردف قائلا: "عندما يُقتل ثلاثة في أم الفحم، القضية ليست قضية أم الفحم لوحدها، عندما تهدد قرى كاملة بالتهجير ليست القضية قضية النقب لوحده، يوم الأحد لدينا اضراب ومظاهرة ضد مخطط برافر.. لا أعتقد أن أي شعب ممكن أن يحمي نفسه اذا قال "الحيط الحيط ويا رب السترة"، فقط من يناضل ويقف الى جانب أبناء شعبه يمكنه أن يحافظ على صمودنا، وأعتقد أن وقفتنا معا يوم الأحد كإحدى الوقفات التي يجب أن نقفها الى جانب بعضنا البعض، وهناك حاجة لأن يقف أهل شفاعمرو الى جانب أهل النقب.. فقط هكذا يمكننا أن نبني شعبا، دون أن نحاصر أنفسنا وأن نعادي شعوب أخرى"!

حذارِ من المنزلقات!
وأكدت رنا صبح – مديرة قسم المعارف في بلدية شفاعمرو: قرأت قصدية "فكرّ بغيرك" لمحمود درويش...
حين نتحدث عن حقوق الانسان هنا، هناك من لا يزال يضرب بهذه الحقوق عرض الحائط، وهناك شعوب كاملة لا تزال قابعة تحت نير الذل والجوع والفقر والقمع، وحين نتحدث عن ربيع الأمم هنا، لا نزال نتحدث عن وهم هناك تبدده عواصف الواقع. أقول ذلك وأنا على معرفة أن الظروف التي نحياها تعكس صورة حقيقية عما يدور في جهاز التربية والتعليم، فإذا كان جهاز التربية والتعليم منخورا، ومن يتعاطى فيه من مدراء ومعلمين وطلاب قد يتعرضون للعنف والأذى النفسي والجسدي المباشر وغير المباشر، فلا يمكن لمجتمع أن يعيش بصدق وحرية في الرأي والتعبير والمعتقد. المطالبة بإحقاق حقوق الانسان هي المدماك الأول والأساسي الذي ينهض ببناء المجتمعات وتتجه مفاهيم التربية الحديثة الى احترام المتعلم وما يعبر عنه من هواجس ورببات، واشراكة بشكل فاعل وديناميكي في مسؤولية القرار، حول أحلامه ومستقبله ودوره في المجتمع. ومجتمعنا هو مجتمع مختلط تتميز تركيبته الديمغرافية بالتنوع الطائفي والاجتماعي والاقتصادي، وطالما كان هذا التنوع مصدرا للغنى وقوى محركة، ولكنه أيضا قد يكون مصدرا للتشاوب والتمايز وعدم الاستقرار فحذارِ حذارِ من هذه المنزلقات".

بناء ثقافة عربية فلسطينية راقية
أما الأديب سلمان ناطور – مدير مشروع الحقوق الثقافية في مركز مساواة فقال: "الحق في الثقافة، في الظروف التي نعيشها نحن هو أن لا تكون ميزانية الثقافة للفلسطينيين في هذه البلاد 3% من ميزانية الثقافة في كل اسرائيل. هي معركة من أجل أن نحصل على حقوق وامتيازات وميزانيات تمّكن مدننا وقرانا لأن نقيم ليس فقط مركز أو مركزين ثقافيين، وإنما أن نقيم مسرحا ومتحفا وحركة مسرحية تليق بنا، ونحن قادرون من حيث طاقاتنا وملاكاتنا، ورأينا هنا أي مسرح نستطيع أن نقدم! نحن نريد هذه الميزانيات من أجل أن تكون لدينا فرق موسيقية غنائية، أن تطوّر المواهب الشابة ونريد هذه الميزانيات من أجل أن نبني ونقيم حركة أدبية، أن ننشر الكتاب، ان نقرأ وأن نزيد القراءة. أنتم تعلمون انه اينما تحضر الثقافة تهرب الهملات، اينما تحضر الثقافة يختفي العنف، واينما تحضر الثقافة يتضاءل التعصب الطائفي والديني والشخصي والحمائلي والقبلي والحزبي والأناني. الثقافة هي التي تنظم المجتمع، ونحن قادرون على أن نبني ثقافة راقية"!
وأكد أننا لم نحدد فضاءنا في هذه المنطقة الصغيرة التي نعيش فيها، الثقافة الفلسطينية ورغم الحدود والحواجز والجدارات، ورغم أي تقسيم سياسي وجغرافي هي ثقافة واحدة. في شفاعمرو الناصرة وحيفا ورام الله ونابلس، وهي ثقافة واحدة اينما اللاجئ الفلسطيني في لبنان وفي سوريا والعراق، وحتى المهجّر الموجود في أوروبا ينشئ ثقافة عربية هي ثقافتنا أيضا. ففضاءنا هو هذا الفضاء الواسع للانسان الفلسطيني أينما تواجد. وهو ايضا الفضاء العربي العام.

مشروع ثقافي وحضاري
وأكد أن شفاعمرو لم تنشأ في الـ48 بل هي قائمة منذ آلاف السنين، وكذلك جميع بلداتنا العربية، وثقافتنا هي ثقافة عربية راقية تعود لآلاف السنين، مشيرا الى أننا جزء من هذا العالم العربي ويجب عدم استصغار انفسنا، فعلينا المشاركة في بناء ثقافة عربية موّحدة، نكون كفلسطينيين جزء هام منها! وأكد: "شفاعمرو فيها قدرات ومهرجانات من أهم المهرجانات في البلاد، وحيفا والناصرة كذلك الأمر. مؤكدا "أنشأنا ثقافة في ظروف احتلال وفي ظروف حكم عسكري، وننشأ ثقافة في ظروف تمييز عنصري. واذا كانت لدينا هذه القدرات، نحن نريد أن نطوّرها وأن نضع أمام أنفسنا مشروع ثقافي وحضاري. ومثلما لنا حق في الثقافة، للثقافة أيضا حق علينا، وهذا واجبنا كأفراد وبلديات وجمعيات ومؤسسات أن ندعم هذه الثقافة، أن ندعم هذا المسرح وأن ندعم الكتاب والأغنية وأن يعتبر كل منا أي نشاط ثقافي، ليس فقط لمن أنتجه، النشاط الثقافي هو ايضا لمن يتلقاه"!