الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 13:01

ما وراء انتصار الاسلام السياسي في مصر/ بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 10/12/11 13:12,  حُتلن: 14:28

تميم منصور في مقاله:

لا يمكن لمصر أن تقوم بدورها إذا استمرت في تبعيتها لبيت الطاعة الأمريكي

هناك حقيقة تؤكد بأن تنظيم الأخوان المسلمين يمتلك قوة دفع واستمرارية دائمة

تنظيم الأخوان المسلمين استطاع الحفاظ على الدفع رغم المراحل الصعبة التي مر بها والمخاضبات التي كادت أن تخفيه من الوجود

 كيف ستكون النتائج في مناطق الأرياف والصعيد والعشوائيات وأحياء المقابر وغيرها حيث يتفشى الفقر والبطالة وتنتشر الأمية؟


مصر تقف اليوم على عتبة عهد جديد سوف ترسم معالمه إحدى إفرازات ثورة 25 يناير وهي الانتخابات البرلمانية التي إنتظرها الجميع، بدأت هذه المعالم تتضح بعد الاعلان عن نتائج المرحلة الأولى من هذه الانتخابات وقد سارع من يحسبون ويراقبون ويقدرون بأنهم توقعوا مثل هذه النتائج ، بالنسبة إلى ما حصل عليه الإخوان المسلمين حيث جرفوا حوالي 40% من أصوات الناخبين.
لكن عدادات هؤلاء وعقارب حواسيبهم لم تتوقف فوق النسبة التي حصل عليها السلفيون وقد زادت عن 20% من نسبة الناخبين فكانت مفاجأة كبيرة لهم.

اللعبة السياسية
إذا استمرت مثل هذه النتائج على هذه الوتيرة في مراحل الانتخابات القادمة فإنه سوف يكون في مصر لأول مرة مجلساً نيابياً يختلف عن كل المجالس التي عرفها وعهدها المصريون منذ قيام أول مجلس نيابي سنة 1923، حيث سيطر حينها حزب الوفد بعد أن حصل على الأغلبية البرلمانية.
أما بالنسبة للأخوان المسلمين فانهم لم يحلموا بمثل هذا الانتصار السياسي منذ قيام الشيخ حسن البنا بتأسيس حزبهم سنة 1927، هناك حقيقة تؤكد بأن تنظيم الأخوان المسلمين يمتلك قوة دفع واستمرارية دائمة وأنه استطاع الحفاظ على هذا الدفع رغم المراحل الصعبة التي مر بها والمخاضبات التي كادت أن تخفيه من الوجود، لقد منع من مزاولة نشاطه كما اعتبره مبارك وأعوانه خارجاً عن الشرعية الحزبية لفترة طويلة، اليوم أعطيت الفرصة لهذا الحزب كي يلعب اللعبة السياسية بنجاح منقطع النظير داخل المجتمع المصري،فقد استغل حالة التكامل بين هذا التنظيم وبين قطاعات كبيرة من أبناء المجتمع المصري.

الفساد والفقر
إذا استطاع تنظيم الأخوان والجماعات السلفية حصد هذه النتائج في مرحلة الانتخابات الأولى التي تمت في مدينتي القاهرة والاسكندرية حيث يتوفر مناخ التمدن والليبرالية والعلمانية وأحياء وشوارع المسارح والنوادي الليلية والأطر الاجتماعية المتمغربة، إذاً كيف ستكون النتائج في مناطق الأرياف والصعيد والعشوائيات وأحياء المقابر وغيرها حيث يتفشى الفقر والبطالة وتنتشر الأمية والفرق الصوفية والجهل، لقد اعترف "عصام العريان" أحد زعماء الأخوان المسلمين بأن حركته سوف تجرف أصوات الناخبين في هذه المناطق واعترف أيضاً أن من أسباب هذا الفوز تركة الفساد والفقر وحالة الضياع الذي سببه مبارك وأعوانه، فقد ترك ثغرات كبيرة داخل المجتمع المصري كما ترك فراغاً سياسياً استطاع الأخوان المسلمين والجماعات السلفية أن يملأوه.

السيطرة على الشارع
هناك أسباب أخرى لهذا الفوز من وجهة نظر العديد من المراقبين من بينها، نجاح حركة الإخوان المسلمين خاصةً من استغلال ثورة 25 يناير أكثر من غيرهم، فقد استغلوا تردد المجلس العسكري في قرارته الحاسمة الخاصة بالتخلص السريع من رؤوس الفساد التي نمت وترعرت في العهد الماضي ،كما استغل الأخوان وحلفاءهم أيضاً إنشغال شباب الثورة وقادتها بالمظاهرات والنقاشات البيزنطية بدلاً من القيام بتنظيم أنفسهم كما فعل الأخوان المسلمين مستغلين قدراتهم التنظيمية وإمكانياتهم المالية.
اعترف أحد أعضاء المجلس العسكري في حديثه الذي وجهه لشباب الثورة يعاتبهم لأنهم ناصبوا العداء للمجلس العسكري فوقفوا وتظاهروا ضده في حين تركوا الحبل على الغارب لجماعات الأخوان المسلمين والسلفيين للسيطرة على الشارع بسهولة.
حتى الآن فإن ردة الفعل على مثل هذه النتائج بدأت تظهر لدى الفئات العلمانية ولدى كبار التجار والأغنياء وأصحاب بيوت المال المختلفة، عبر هؤلاء عن خشيتهم من حكم الأصوليين، وبأن هذا سوف يعكر صفو حياتهم الخاصة.

 حوار وصراع ثقافي
لا يستبعدون التدخل في عمل وممارسات المصارف والشركات الكبرى والتعليم وفرض قيود على المرأة لعزلها عن المجتمع كما هو الأمر في السعودية وفي دول الخليج. وعند سماع نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات استفاقت قوى وعناصر كثيرة كانت مشغولة في الصراعات مع بعضها البعض، من هذه العناصر الحركات والأحزاب الوطنية التي تتبنى الفكر القومي والاشتراكي، اضافة إلى قوى ليبرالية تضم العلماء والأدباء والمفكرين والكُتاب والأطر الرياضية المختلفة، طالب بعضهم بالاستعداد لخوض حوار وصراع ثقافي حضاري مع الأطر الأصولية من أجل بناء مجتمع متطور ومتحضر.

صحوة دينية
هناك قوى تحاول تهدئة نفوس ومشاعر كافة القوى التي أعربت عن قلقها وخشيتها من هذه النتائج، ادعت هذه القوى بأن القانون لا يسمح للبرلمان أو ما يعرف بإسم مجلس الشعب بتوجيه سياسة البلاد الخارجية ،لأن المسؤول عن توجيه هذه السياسة مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، ان توجيه قطاعات كبيرة من الجماهير العربية نحو الفكر الديني السياسي ليست جديدة ولا تتواجد في مصر وحدها، وهذا التوجيه لم يأت من فراغ، أسبابه سياسية واجتماعية، هناك من يعتبر هذا التوجه صحوة دينية وهناك من يختلف مع هذا الرأي، لكن مهما يكن فإنه من حق الشعب المصري الذي اطاح بنظام مبارك اختيار الأحزاب التي تمثله وتقود عمله السياسي مثل بقية شعوب العالم، على أن يتوفر دستور عصري متوازن فيه كل الوضوح والشفافية، يمنع الفساد والطبقية والاستغلال، يحمي التعددية ويوفر حرية الرأي وحرية الصحافة والإعلام، كما يوفر العدالة الإجتماعية والحرية الكاملة للمرأة، يحمي المعارضة الوطنية البناءة ويلزم الأحزاب الأصولية التقيد والالتزام ببنوده كي تخدم الشعب بدلاً من خدمة نفسها.

ثوابت وقواعد
هناك ثوابت وقواعد استراتيجية لا يمكن التفريط بها داخل الدول الديمقراطية، مهما تبدلت الأحزاب في السلطة، من شأن هذه الثوابت ضمان إقامة جهاز قضائي متطور ومستقل، ضمان الأمن القومي والغذائي والسياسي للمواطن، دعم وإقامة مؤسسات من شأنها السهر على مصلحة المواطن، اقامة جسور قوية تربط ما بين الاقتصاد الموجه والاقتصاد الحر لضمان عملية استمرار النمو الاقتصادي، توفير الميزانيات اللازمة لتطوير التعليم التكنولوجي والبحث العلمي.
أما بالنسبة لمصر فلها دور ريادي خاص بين الدول العربية جعلها قبلة قومية ووطنية وعلمية وسياسية ومن واجب أي قوى سياسية تحكم مصر دعم الشعب الفلسطيني كي يتخلص من نير الإحتلال ولا يمكن لمصر أن تقوم بذلك إذا استمرت في تبعيتها لبيت الطاعة الأمريكي.
السؤال الذي يطرح نفسه هل يتسع أفق الأحزاب الأصولية لمثل هذه الثوابت؟؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة