الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 18:01

كلمة رئيس بلدية الناصرة في الأمسية التكريمية الخاصة لطيب الذكر طه محمد علي

كل العرب-الناصرة
نُشر: 07/12/11 17:40,  حُتلن: 17:49

كلمة السيد رامز جرايسي، رئيس بلدية الناصرة في الأمسية التكريمية الخاصة لطيب الذكر طه محمد علي يوم الأربعاء 7.12.2011 في مركز محمود درويش الثقافي البلدي - الناصرة

ابرز ما جاء في كلمة جرايسي:

لا نعتبرُ هذا الحفلَ تأبينًا، بل لقاءً تكريميًا لإنسانٍ متميز يبقى حضورُهُ أقوى من الغياب

يمكن لسيرة أبي نزار أن تكون مصدر إيحاء لصياغة قصةٍ ملحمية. منذ درجَ طفلاً على ثرى صفورية

لم يحظَ الكثيرُ من الأدباء والشعراء العرب بمثل ما حظي به طه محمد علي من شهرة وتقدير في الأوساطِ الثقافية العالمية، حيث أُعتُبِرَ واحدٌ من أهم شعراء القرن الماضي

السيدة الفاضلة ام نزار
الأبناء نزار أسامة وليلى
الأشقاء فيصل وأمين
الأهل والأقرباء والأصدقاء
الحفل الكريم،لا نعتبرُ هذا الحفلَ تأبينًا، بل لقاءً تكريميًا لإنسانٍ متميز يبقى حضورُهُ أقوى من الغياب.
يمكن لسيرة أبي نزار أن تكون مصدر إيحاء لصياغة قصةٍ ملحمية. منذ درجَ طفلاً على ثرى صفورية ونهلَ من ماء قسطلها المعطر بعبق أرضها وطيبة أهلها، متميزًا بين أترابهِ مُحبًا للعلم والمعرفة والاستطلاع، مرورًا بمرارةِ قهرِ الاحتلال وعناءِ التشريد والترحيل وهو القائل: "أكره الرحيل
أحب النبعَ والدربَ
وأعبدُ الضحى"

فضاء الثقافة العالمية
ثمَّ إلى رحلة الرجوع من اللجوءِ الى اللجوء. الى مكان على مرمى حجر من مرتعِ طفولةٍ بُتِرَت، ولم يبقَ منها سوى ذكريات لصور كالحلم الجميل الممزوج بمرارة الحقيقة، وذاكرة غنية بالتفاصيل والمشاهد، للناس والمكان، تنطلق ابداعًا يخلد الذاكرة الجماعية، بلغة الناس، ودون تكلّف أو عناء. أو كما تحدث عنها في حفل التكريم الذي أقامته له مؤسسة توفيق زياد للثقافة الوطنية والإبداع ومكتبة "أبو سلمى البلدية"، بتاريخ 10.4.2002 في قاعة مدرسة راهبات مار يوسف الثانوية، قائلاً: "في ذهني لصفورية صورتان: صورةٌ وهميةٌ، وصورةٌ حقيقيةٌ، هذه تُبكيني، وتلك تَحرِقُني، وأنا هنا بين الحريقِ والبكاء".
وبين الحريق والبكاء، ضمّدَ الجراح، متشبثًا بفرح الحياة، غير انه: "فرحٌ ليس كالفرح، ... فرحٌ لا علاقة له بالفرح" كما كتب لاحقًا. فرحٌ يواجهُ "غدّاراتِ شُداةِ القنصِ"، ويواجه محاولات استئصال الذاكرة، المادية والمعنوية.
تعالى على الواقع التعيس متحديًا. عصاميًا يسعى الى تعويض ما خسره. ينهل العلم دون مُعَلم ويحلّقُ في فضاء الثقافةِ والفن والأدب والإبداع العربي والعالمي. تجربةٌ طالَ إختمارُها قبل أن يَملأ شذاها أجواءنا الأدبية والثقافية، ومنها الى فضاء الثقافة العالمية، حيث اعتُبِرَ احد أهم شعراء القرن الماضي. لم يستَعِر صوتَ غيرهِ، بل استمدَ نقاءَ وأصالةَ صوتِهِ الإبداعيّ من عذوبة مياه قسطل صفورية. صفورية الحلم والجرح الذي لم يندمل. هواه الأول الذي رافقه حيث تنقل "نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى. ما الحب إلاّ للحبيب الأول". صفورية التي طالما تغنّى بطيبة أهلها وأرضها وعطائها بالرّمان الصفوري، و"حنين البيادر"، بالملوخية الصفورية التي ابتدع لها قصة جعلت منها "ملوكية"، طالما أحب روايتها، وطالما استمعنا إليه كلَّ مرّة، وهو يرويها بأسلوبه الساحر، وكأنه يرويها لأول مرّة.

صفورية هي التي جعلتني شاعرًا
"صفورية هي التي جعلتني شاعرًا" هكذا قال في أكثر من مناسبة.
لم يحظَ الكثيرُ من الأدباء والشعراء العرب بمثل ما حظي به طه محمد علي من شهرة وتقدير في الأوساطِ الثقافية العالمية، حيث أُعتُبِرَ واحدٌ من أهم شعراء القرن الماضي، وتم طَبْعُ كتبُهُ المترجمة الى الانجليزية وحوالي 15 لغة أخرى حتى الآن، أكثر من مرة، وبيعت بعشرات آلاف النسخ.
لم تبهره الشهرةُ ولم تَزدْهُ إلاّ تواضعًا. طه محمد علي الإنسان الإنسان والأديب المبدع، الذي تكلم بلغةِ الحياة، بلغةٍ تفهمُها كل شعوب الأرض.
وتتواصل الملحمة بعد العودة من اللجوء الى اللجوء. يبحث عن لقمة العيش فيجد إليها سبيلاً في دكانٍ لبيع التذكاريات. عملٌ أتاح له من الوقت ما يكفي ليقرأ وليلتقي الأصدقاء، الباحثين في كنفه عن آفاق الثقافة والإبداع. حاجتُهُ الى القراءةِ كحاجته الى الطعام. أحيانًا تمتلئُ مائدتُهُ بعدة أطباق يتذوقها معًا، وأحيانًا بوجبةٍ كاملة الزّخم، ما ان يهضمها حتى تبدأ بالتطور عنده حالةٌ من الجوع نحو الوجبة القادمة. كان الدكان كما كانت مكتبتُه - مَعْبَدُهُ الخاص في بيته - منتدىً وملتقىً للأصدقاء والأدباء، ولشبابٍ بدأوا يدرجونَ على طريق الإبداع والأدب. يشاركُهم بتلهفٍ في ما سَبَرَ من أغوار الكتب والثقافة العربية والعالمية. الكتاب بالنسبة له كان المدرسة والجامعة التي لم يعترف بتخرجهِ منها، بل واصل البحث واستقاء المعارف.

صروف الدهر عليه
الدكان المنتدى، الذي طلب محمود درويش في أول زيارة خاصّة له إلى الناصرة أن يمر به، ليلتقي طه ويستعيدَ معه ذكرياتِ أيام خلت، وجلساتٍ ذات شجون في المنتدى.
حُبّه لوطنه يبدأ بالتفاصيل الصغيرة، بالبيت والحارة وصفورية والناصرة، ليمتد الى القدس ويافا وأريحا وجنين وغزة. من حلم العودة الى أطفال الحجارة. حبٌ دون صخب، هادىٌ هدوءَ إنسياب مياه القسطل على مشارف صفورية، يبدأ بالحكايا التي سكبها شعرًا وقصةً وشخصياتٍ شعبية تواجه بطيبتها وصدقها الغدر والمكيدة، وتسخر بعفويتها من مضطهديها.
إلى جانب كل ذلك، كان أبو نزار رجلَ عائلةٍ نموذجي، انشأ مع أم نزار بيتًا صفوريًا – نصراويًا طيبًا، وكان لأم نزار قسطًا كبيرًا في رعايته وتوفير الجو الداعم والمتفهم، تلك الإنسانة التي وقفت معه والى جانبه بمحبة وتفانٍ، حتى آخر أيام حياته.
لم يخشَ الموت، بل أراده وهو بكامل قواه وإدراكِه وهذا ما لم يتسنَّ له. لم تقوَ صروف الدهر عليه وعلى إرادتِه وقوة الحياة التي فيه، غير أن المرض قهرهُ.

يكرّم المميزين
أخالُه وهو على فراش الموت، بين الوهن والألم، بين الصحوة وغياب الوعي، يتذكر مقطعًا من قصيدته التي قال فيها:
" ما أعجزُ فعلاً
عن وصفهِ في موتي
هو فقط
هذه الرعدة التلقائية
المدمِّرة
التي تجتاحُنا...
عندما نؤمنُ ونحن نموت
أننا سننقطعُ عن أحبابنا
بعد قليلٍ
فلا نراهم
ولا نستطيع حتى مجرد التفكير بهم..."
أما نحن يا طه، فسيبقى التذكار شكلاً من أشكال اللقاء الدائم بك، جيلاً بعد جيل، ويبقى حضورُك أقوى من غيابك، وسنجد الطريقة المناسبة، لتكريم ذكراك، ردًا لبعضٍ من جميل نَدين لك به. ونموذجًا حضاريًا لشعب يعرف كيف يكرّم المميزين من أبنائه.
طابت ذكراك أبدًا.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.73
USD
3.99
EUR
4.67
GBP
220938.86
BTC
0.51
CNY