الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 01:02

جرافة خوف...بقلم الإعلامي والكاتب نادر أبو تامر

كل العرب
نُشر: 03/12/11 15:31,  حُتلن: 14:51

السابعة وخمس وثلاثون دقيقة صباحًا. صافرة مرعبة إلى جانبي تفلق الفضاء. تنطلق من جرافة كبيرة لا تأبه بالسائرين ولا بالمسافرين على الطريق. توقفت أمامها سيارة تركبها أم مع طفلتيها. توقفت الأم بسيارتها إلى جانب الطريق فوصلت الجرافة مكشرة عن أنيابها تزمجر في الطريق الذي لا يكون إلا لها، هكذا تظن، حين تسافر إلى جانب سياراتنا الصغيرة، فارتبكت الأم الطيبة التي كادت تتلخبط، ربما، بين الدواسات، ونسيت أن "تسحب الهاندبريك" فراحت سيارتها تتراجع إلى الوراء، حتى أسعفتها غريزة البقاء أو استغاثة طفلتها، فداست مجددا على الفرامل وكبحت تدهور السيارة إلى الخلف منقذة الطلاب الذين راحوا يقطعون الشارع من خلف المركبة، ومنقذة مركبتي، التي كانت على مسافة غير بعيدة منها.
وكانت الطالبتان الغضتان تنظران من الزجاج الخلفي نحو الجرافة التي لم تتوقف عن الجعير. تحملقان خائفتين بهذا الجسم الحديدي المتثاقل الذي يزعق في وجه الطفولة البريئة والحلوة، وحين لم تكترث الجرافة الجاثمة على الاسفلت بنظراتهما، راحتا تنظران إليّ، تعبيرًا عن عجزهما المطلق أمام الجرافة الصفراء الرهيبة.
ماذا حدث لو انتظر صاحب الجرافة عدة ثوانٍ حتى يتسنى للأم إنزال ابنتيها على قارعة الطريق في طريقهما إلى المدرسة؟ إنها لم تأتِ للتسوّق بل لتنزل طفلتيها قبالة مدرستهما؟ لماذا يكون نهارهما متشحًا بالسواد الغامق والقاتم في هذه الساعة المبكرة من الصباح خوفًا من تهوّرك وعدم مراعاتك؟ لماذا نخيف الطفولة طالما نستطيع أن نفرشها بالحب والخير والعطاء؟
مهلًا، أعزائي السائقين، قد يؤخركم موقف ما ثواني، أو أكثر، غير أنكم، بعصبية متشنجة وبأصوات الزمامير التي تنطلق كفحيح البوم في ساعة صباحية مشبعة بالحركة والنشاط قد تنهبون الفرح من قلوب الصغار.. والكبار. (بيني وبينكم: أنا أيضا أرعبني صفير الجرافة)

 موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة