الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 14:01

بعد العرب والجمعيات والقضاء / بقلم: زياد شليوط

كل العرب-الناصرة
نُشر: 25/11/11 13:51,  حُتلن: 07:25

زياد شليوط في مقاله:

القانون يهدف الى ملاحقة الصحفيين والتضييق عليهم والحد من رفع صوتهم الناقد والموجه

أي شخص يكتب رأيا او مذمة بحق شخص آخر في الفيسبوك مثلا سيقع تحت طائلة القانون الجديد

اليمين العنصري والذي يسيطر على الكنيست، لا يتورع عن تنفيذ سياسته العنصرية المعلنة والتي تهدف الى ابعاد المواطنين العرب وسلبهم حقهم في المواطنة

تراجع كبير من الدخل مقابل الاعلانات بقيمة 18% بين العامين 2008 و2010 حيث تراجع دخل الاعلانات في الصحف اليومية من 1.48 مليارد شيكل في عام 2008 الى 1.2 مليارد شيكل في عام 2010

رغم أن الاعلام العبري أثبت ولاءه لأهداف السلطة العليا وخاصة في أوقات الأزمات، وتجند الى جانب الحكومة ودافع عن وجهة نظرها ونشر رؤاها في الداخل والخارج بكل اخلاص وتبعية، مثلما فعل في حرب لبنان الثانية (صيف 2006)، وفي العدوان على غزة (شتاء 2008) وفي صفقة شاليط (خريف 2011)، إلا أن ذلك لم يشبع نهم اليمين الاسرائيلي في ابتلاع ما تبقى من حريات وحقوق ديمقراطية، وبعدما ضيق اليمين العنصري على المواطنين العرب بسلسلة القوانين العنصرية التي أقرتها الكنيست وبعضها ينتظر التشريع في الدورة الحالية، أخذ يضيق على المؤسسات والتنظيمات اليهودية المكناة "يسارية". واليوم جاء دور وسائل الاعلام للاجهاز على ما تبقى لديها من روح نقد وحرية صحافية وذلك من خلال اجراءات مكارثية، مثل فصل صحفيين ومسؤولين بشكل مدروس، أو تشريعية من خلال سن قوانين معادية لحرية الصحافة، أو من خلال شراء والسيطرة على وسائل الاعلام للتأثير على وجهتها الصحافية.

القذف والتشويه
وآخر التشريعات المناقضة للديمقراطية، تمت المصادقة عليه مساء الاثنين الماضي في الكنيست بالقراءة الأولى، بتأييد 42 عضو كنيست ومعارضة 31 عضوا. حيث تم التصويت على قانون قمع حرية التعبير، الذي تقدم به عضوا الكنيست يريف ليفين (الليكود) ومئير شطريت (كاديما)، ويقضي برفع قيمة الجزاء مقابل تهمة القذف والتشويه الى 300 ألف شيكل بدل مبلغ 50 ألف شيكل المتعارف عليه قانونيا حتى اليوم، ودون أن يقدم المدعي أي دليل على حصول ضرر معنوي له. أضف الى ذلك أن القانون الجديد –في حال اقراره نهائيا بالقراءتين الثانية والثالثة- سيطال المواطنين العاديين وليس الصحفيون فقط، بحيث أن أي شخص يكتب رأيا او مذمة بحق شخص آخر في الفيسبوك مثلا سيقع تحت طائلة القانون الجديد، وكذلك أي شخص من جمهور لعبة كرة قدم يوجه شتيمة للحكم أو للاعب سيقع أيضا تحت طائلة قانون "القذف والتشهير". وطالب ليفين بامكانية رفع مبلغ الجزاء الى 1.5 مليون شيكل، أما شطريت فقد طالب برفع الحد الأقصى للعقوبة الى نصف مليون شيكل.

ملاحقة الصحفيين
أما آخر الفضائح المكارثية في ملاحقة الصحفيين والتضييق عليهم والحد من رفع صوتهم الناقد والموجه، كمنت في عزل الصحافية المعروفة كيرن نويبخ من تقديم البرنامج الاخباري في القنال التلفزيوني الأول "نظرة ثانية- مباط شيني" وذلك بحجة أنها "غير ملائمة" ولا تجذب المشاهدين، وذلك بعد سنوات من تقديم البرنامج، اليوم يكتشفون أنها غير ملائمة!! وقد أثار قرار المسؤولين هذا ضجة كبيرة وصلت أروقة الكنيست والصحافة والتنظيمات الاجتماعية. ويشير العالمون ببواطن السياسة الاسرائيلية، أن هيئات سياسية عليا تقف وراء هذا الاجراء، لأن نويبخ والتي تقدم برنامجا يوميا في الراديو الاسرائيلي (ريشت ب) بعنوان "نظام يومي"، توجه من خلاله انتقادات واضحة لأصحاب القرار من سياسيين واقتصاديين، كما أنها تصر على توجيه الأنظار نحو الزوايا المعتمة في المجتمع الاسرائيلي مما يحرج ويغضب أكثر من طرف متنفذ في الدولة. ومع أن التلفزيون والراديو واللذين يعتبران رسميين ويتبعان سلطة البث الاسرائيلي، وهي سلطة جماهيرية وليست تجارية أو خاصة إلا أن التدخل الحكومي فيها ليس خاف على أحد، وهناك تتم تعيينات واقصاءات لاعتبارات سياسية، وكم من إداري أو صحفي دفع ثمن مواقفه وقامت قوى اليمين المتنفذة بالاطاحة به وابعاده عن مركز القرار أو التأثير الاعلامي. وآخر تلك الاجراءات والتعيينات هو تعيين ميخائيل ميرو مديرا لصوت اسرائيل، وكانت أول خطوة له الضغط على مقدمي البرامج المعروفين نويبخ، يارون ديكل وآرييه جولان بالامتناع عن تقديم آرائهم الناقدة والشخصية في برامجهم الاخبارية!.

رفض طلب القنال العاشرة
وقضية أخرى أثارت أصداء واسعة وهي قرار لجنة الاقتصاد البرلمانية، قبل أسبوعين، بعدم الاستجابة لطلب ادارة القنال العاشرة التلفزيونية بالغاء أو تأجيل دفع ديون القنال والتي تصل الى 60 مليون شيكل، وهذا القرار يعني اغلاق القنال في وقت قريب. ويقول العالمون بخبايا السياسة الاسرائيلية أن مكتب رئيس الحكومة يقف وراء هذا القرار والرغبة باغلاق المحطة التلفزيونية لأنها عرضت تقريرا صحفيا للصحفي رفيف دروكر حول سفريات رئيس الحكومة نتنياهو الى الولايات المتحدة خاصة وتكاليفها الباهظة، وكذلك لعرض تقرير عن رجل الأعمال المقرب من نتنياهو، شلدون ادلسون مع أن ادارة المحطة قدمت اعتذارا علنيا عنه، وكذلك عرض تقرير عن وزير السياحة مسجنيكوف وهو من حزب (اسرائيل بيتنا) اليميني المتطرف. واثباتا على تدخل مكتب رئيس الحكومة رغم النفي الرسمي، فان رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست زئيف الكين من حزب الليكود، قام بضغوط كبيرة على أعضاء لجنة الاقتصاد لاتخاذ قرار برفض طلب القنال العاشرة، وأشار عاملون في القنال أنه وصلتهم اقتراحات بعزل الصحفيين "المشاكسين" وعندها تتم الموافقة على تأجيل الديون أو الغائها.

زيادة عدد المحطات
ومن الاثباتات على تدخل الحكومة في توجيه الاعلام لخدمتها وخدمة أهدافها وسياستها، هو في الاقتراح الذي طرح أمام لجنة الاقتصاد حول عمل المحطات التلفزيونية وزيادة عدد المحطات التي تبث داخل اسرائيل، بتوكيل وزير الاتصال ووزير المالية (!) باقرار أي مواضيع تعالجها تلك المحطات، مما اثار غضب واحتجاج نواب المعارضة وتساءلوا وبحق: ما لوزير المالية والاعلام وادخال محطات جديدة الى البلاد؟! هذا ناهيك عن احتجاج الاعلاميين والعاملين في الصحافة. وتتزامن هذه الفضائح الحكومية في تعاملها مع الاعلام وحرية الصحافة، بنشر معطيات ونتائج البحث الذي قام به باحثان من مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست حول ملكية وسائل الاعلام، وحذرا فيه بأن الملكية المتقاطعة لوسائل الاعلام (أي امتلاك أكثر من وسيلة اعلامية) وتركيز الملكية في وسائل الاعلام سوف تحد من حرية التعبير وتشويه تقديم وعرض الأخبار. حيث أن المالكين سواء كانوا سياسيين أو اقتصاديين وأصحاب رؤوس أموال وشركات (أسماها الباحثان ملكية محورية ويقصدون بها امتلاك وسائل اعلام وشركات اقتصادية) سيؤثرون على توجه وسائل الاعلام ومضمون الأخبار والتقارير التي سينشرونها، مما سيضعف الناحية النقدية ودور الاعلام في كشف الفساد، أضف الى ذلك حصول تراجع في نشر الاعلانات في الصحف مما يضعفها ماديا لأن الاعلانات ستفقد قيمتها عندما يكون المالك لها اقتصادي لا يرغب بمنافسة الآخرين له.

أسس الديمقراطية
ومن دلائل الوضع الذي سينتج عن تلك الحالة ما كشفت عنه صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية في الأسبوع الفائت من أن مباحثات غير رسمية تجري بين المسؤولين في الشركتين الاخباريتين "ريشت" و"كيشت"، حيث عرضت الأولى على الثانية بشراء أسهمها بقيمة 200 مليون شيكل لسد العجز المالي لشركة ريشت. وهذا يدل على عمق الأزمة الاقتصادية التي ستدخل فيها الشركات الاخبارية ووسائل الاعلام المختلفة وخاصة الصحافة المكتوبة، بعد التراجع الكبير في حقل الاعلانات التي تعتمد عليها تلك الوسائل في ميزانيتها السنوية والتي تشكل العامل الأساس في مدخولاتها. ودلت الأرقام على حصول تراجع كبير من الدخل مقابل الاعلانات بقيمة 18% بين العامين 2008 و2010، حيث تراجع دخل الاعلانات في الصحف اليومية في تلك الفترة من 1.48 مليارد شيكل في عام 2008 الى 1.2 مليارد شيكل في عام 2010
وهكذا نرى أن اليمين العنصري والذي يسيطر على الكنيست، لا يتورع عن تنفيذ سياسته العنصرية المعلنة والتي تهدف الى ابعاد المواطنين العرب وسلبهم حقهم في المواطنة، كما تهدف الى ضرب آخر ما تبقى من أسس الديمقراطية، دون أن يواجه بمعارضة قوية أو خطة واضحة لايقاف هذا التدهور الخطير.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة