الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 00:01

بشائر الخير ‎وسقط الطاغية- الشيخ سليمان سطل

كل العرب
نُشر: 24/10/11 09:58,  حُتلن: 14:00

الشيخ سليمان سعيد سطل:

الطاغية لم يكتو بطغيانه أهل ليبيا فقط بل تعدى ظلمه وجبروته إلى كثير من البلاد العربية والإسلامية وغير الإسلامية

شعب ليبيا شعب مسلم لن يُحكم إلا بالإسلام وهذا أمر ينبغي التأكيد عليه الآن حتى لا تدخل البلاد في دوامة الفوضى والاختلاف

الطاغية رمى بالدعاة في السجون، وعذبهم طويلاً، وقتل منهم مقتلة عظيمة، فقد قتل في يوم واحد في سجن بو سليم زيادة عن ألف سجين!

إن نسي التاريخ شيئاً من مخازيه فلن ينسى ما صنعه من إسقاطه للطائرة الأمريكية فوق لوكيربي باسكتلندا، ثم استعطف الغرب من أجل العفو عنه ودفع من أجل ذلك قرابة ثلاثة مليارات من الدولارات!

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى. استبشر الناس خيراً بمقتل طاغية العصر وفرعون الزمان، الذي طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، وأذل العباد طوال ثلاث وأربعين سنة عجافاً 1969-2011. فاللهم لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على ما أنعمت علينا من زوال الطاغية وأولاده وأعوانه الذين جثموا على صدور العباد، وسرقوا ثروات البلاد، وأخروها عن اللحاق بركب مثيلاتها ممن من الله تعالى عليها بالنفط والمال الوفير.

الطاغية وملذاته
هذا الطاغية لم يكتو بطغيانه أهل ليبيا فقط بل تعدى ظلمه وجبروته إلى كثير من البلاد العربية والإسلامية وغير الإسلامية، فكان ينفق أموال المسلمين التي ائتمن عليها على حروب لا ناقة للمسلمين فيها ولا جمل مثل حرب تشاد، وينفقها على قتل معارضيه في الخارج، وينفقها على ملاذه ومصالح أهله ومن يلوذون به، وينفقها في شراء أسلحة كثيرة لا حاجة للبلاد بها، وينفقها على إنشاء مؤسسات مخابراتية لتذيق الشعب الليبي الويلات، وينفقها على الكيد لكثير من الدول العربية والإسلامية وهذا السودان قد اكتوى في دارفور بنار أموال القذافي الذي كان يحرض عليه الانفصاليين ويمدهم بالمال والسلاح، وقد تكرر هذا الأمر في عدد من الدول على مدار تاريخ حكمه الفاشل.

تخبط وضياع ووفرة مال
ومن المعلوم أن الرجل كان قد تولى الحكم برضى من الغرب الذي رأى فيه خير منفذ لمخططاته في ليبيا وما حولها التي كان يقف حجر عثرة أمام كثير منها الملك الراحل إدريس السنوسي، لكن القذافي كان مختلطاً في فكره ومنهجه، متحمساً غاية التحمس لما يراه، مستبداً متفرداً "ديكتاتوراً"، إلى درجة جعلته يوغل في التخبط والتقلب والضياع، وساعده على ذلك وفرة المال بين يديه، فخرج بمشروعات فكرية غريبة عجيبة ليس لها علاقة بالمنهج الإسلامي من قريب أو بعيد، بل كانت مضادة له في كثير من الأحيان، وهذا ما جعل كثيراً من علماء الإسلام يصدرون فتاوى بتكفيره وخروجه من الملة، خاصة عندما نادى بحذف كلمة "قل" من سور الإخلاص والمعوذات، وعندما أنكر السنة النبوية الشريفة جملة وتفصيلاً، وعندما نادى بالكتاب الأخضر بديلاً عن الشيوعية والرأسمالية، وتناسى أن الإسلام جاء بالشريعة العظمى التي تكفلت بالسعادة للبشر في دنياهم وأخراهم.

عطف مدفوع الأجر
وقد ذكر الشيخ الفاضل الدكتور سليمان الصادق البيرة أن القذافي زار الجامعة الإسلامية التي أنشأها الملك السنوسي في البيضاء، وكان ذلك سنة 1973، وكان الشيخ طالباً فيها آنذاك، وجُمع للقذافي الأساتذة والطلاب، فحرص الشيخ على الجلوس في الصف الأول ليسمع ما يقوله القذافي، فكان مما قاله آنذاك - عامله الله بما يستحق- محمدكم هذا كان ساعي بريد، جاء بالقرآن ثم ذهب، وصار يشير بيده إشارة احتقار، والعياذ بالله .
وإن نسي التاريخ شيئاً من مخازيه فلن ينسى ما صنعه من إسقاطه للطائرة الأمريكية فوق لوكيربي باسكتلندا، ثم استعطف الغرب من أجل العفو عنه ودفع من أجل ذلك قرابة ثلاثة مليارات من الدولارات!

أسلحة دمار شامل بمليارات الدولارات
ثم إنه أعلن التخلص من أسلحة عظيمة بدعوى أنها أسلحة دمار شامل، قد أنفق عليها المليارات الضخمة ثم أتلفها إرضاء لسادته الغربيين، وهكذا تضييع أموال المسلمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذا الطاغية رمى بالدعاة في السجون، وعذبهم طويلاً، وقتل منهم مقتلة عظيمة، فقد قتل في يوم واحد في سجن بو سليم زيادة عن ألف سجين! وشرد الليبيين في الأرض وأخرجهم من بلادهم بل الأصح أنهم هاجروا من بلادهم مجبرين مقهورين فهاموا على وجوههم في الأرض، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سقوط القذافي ومقتله
وبالجملة فإن ما صنعه القذافي بليبيا والليبيين لم يوجد مثيله قط في التاريخ الحديث والآن بعد سقوط القذافي ومقتله وهوانه على الله وعلى الناس لابد من بيان الحقائق التالية :
أولاً: إن شعب ليبيا شعب مسلم لن يُحكم إلا بالإسلام وهذا أمر ينبغي التأكيد عليه الآن حتى لا تدخل البلاد في دوامة الفوضى والاختلاف، فشرع الله لا بد من تحكيمه في ليبيا التي تخلو من الطوائف والمذاهب، وكل أهلها -تقريباً- مسلمون سنة ولله الحمد والمنة، وأهلها من أقرب المسلمين إلى الخير والهدى والرغبة في تحكيم الشريعة، فإذا كان الأمر كذلك فلن تستقر البلاد إلا بإقامة الشريعة فيها.
ثانياً: ينبغي أن يسود في البلاد الآن الحب في الله والتآخي والعفو عمن لم تتلطخ يداه بالدماء، أو في ذمته حقوق مالية للناس، فهذا يهيئ البلاد للاستقرار والهدوء، ولهم في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين عفى عن أهل مكة الذين حاربوه طويلاً وآذوه كثيراً بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" أي فيما دون الحدود والقصاص.
ثالثاً: ينبغي إعانة الشعب الليبي ونصرته في كل ما يحتاج فيه إلى إعانة ونصرة، فهم قد خرجوا من سجن كبير طويل، ولا شك أنهم بحاجة ماسة إلى العقلاء والحكماء من إخوانهم يشدون من أزرهم ويعضدونهم ويساندونهم.
رابعاً: أفلا يجدر بسائر حكام المسلمين ممن لا يقيمون شرع الله -تعالى- في بلادهم ولا يحكمون بالعدل، وينهبون ثروات البلاد ويذلون العباد، ولم تثر شعوبهم بعد، أفلا يجدر بهم أن يعودوا إلى الله تعالى سريعاً ويتعظون بما جرى على البلاد العربية التي حدثت فيها ثورات، وأن يسارعوا إلى قطع دابر الثورات في بلادهم بالحكم بشرع الله تعالى الذي يضمن العدل والرحمة وإرساء السلام ؟! فإن لم يصنعوا ذلك فإن انتقام الله تعالى منهم قريب على يد شعوبهم.
وأخيراً لا بد من كلمة توجه إلى بشار وعلي صالح وسائر الطغاة: أفليس لكم عبرة فيما جرى على ابن علي ومبارك والقذافي؟! أفلا ترجعون عن غيكم وضلالكم، وتتوقفون عن قتل شعبكم، وتسلمون الحكم إليه وتنجون بأنفسكم؟ هلا اتعظتم واعتبرتم بما جرى على أمثالكم؟!
فإن لم تصنعوا فاعلموا أنكم ستلاقون غداً المصير نفسه، والعرب قالت قديماً: السعيد من اتعظ بغيره لا من وُعظ به غيره.
وأختم بقول الله تعالى:
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

إمام مدينة يافا ورئيس الحركة الإسلامية فرع يافا

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة