دعيت في احد الأيام الى خطاب
فقررت باصرار الذهاب
وحين وصلت القاعة وأذ بهم يوشكون ببدأ الخطاب :

" ذات يوم
ستقع بين ايديكم مراسيلا ً من السماء

ذات يوم
ستختل معادلة الكون الكبرى
فيصطدم الصباح بالمساء

ذات يوم
ستندمون لأنكم جعلتم
من غير تراب الارض
وعبير الشرف والعرض
لكم حساء "

فكانت هذه هي المقدمه وأذ بالندم يُدعى ليستلم الحديث فيقول :

" اعلم اني اتيت كضيف به غير مرغوب
اتيتكم اليوم على الملأ
لا مستترا ً ولا محجوب
وكلمتي بعنوان " حالكم يدعو للرثاء "

وأكمل قائلا ً :
اجريت لكم جميع الفحوصات
وللأسف مرضكم ورم خبيث
عجز عن مرضكم الطب
لذا ادعوكم التوسل للقلب
فربما لديه تكمن خطة الشفاء ..

وغادر الندم القاعه ..
واستلمت دموع الحسرة منه السماعه
وقالت :
نشكر ضيفنا على ألقاء كلمته والان ندعو السيد تأنيب الضمير
فاليتفضل ليلقي كلمته مشكور ..

أتى ولمرته الاولى يشعر
انه بنفسه فخور ..!
تقدم ببطئ وهو يرتعش
فيواسي نفسه قائلا :
" اجمد متخفش"
يتقدم وجميع الأنوار ترتكز عليه
فتعجب لأمره الحضور ..!!

وما أن لبث على المنصه انقض على السماعه وقال :

أأنا في علم ام في حلم ؟!!
أبعد الموت ينادى الجسد بالخروج من فم القبور ؟؟؟

أعتذر تأنيب الضمير عما بدر منه فقال :
اعتذر لاكنني يا اعزائي معذور ..
فقد اخبروني اني لم اعد صالحا ً
وقد استبدلوني بالعطور والبخور ..

فبات الجسد عاريا ً
وبات الملك جاريا ً

وحتى انا في " موتي " قد استلمت رسالة تقول :

" ندعو حضرتكم على مأدبة العشاء في قصر الفجور "

وأختتم كلمته بقوله :
ان الرب اوجدني
لأقطن في الصدور
في السراء والضراء ..

كتمت دموع الحسرة دمعها بعزيمة وثبات
وأمسكت بيد تأنيب الضمير وقالت :

" أطال الله عمرك بيننا
قد جئت لتشرفنا فزدت من رونق شرفنا
وكنت رغم الاوجاع شكور للرب وصبور .. " وغادر هو الاخر ..

والأن ندعو في خاتمة هذا الخطاب الكريم ..
سيد الحفل لألقاء كلمته فاليتقدم بأعتزاز ومحبة نحونا
ليس بمجبور ..

وهنا قررت الذهول اختلاس القاعه
ليسرق له مقعدا ً بين الحضور ..
فوجد مقعد اخر فدعى الدهشة لتجاوره المقعد
التي اتت على غير عادتها
بفم رسم ما بين البكاء والسرور ..

والكل يترقب ..

أتى وفي طأطأت مشيته حزن يعانقه ألم ..
وجاءت الصحافة لتدشن في الصحف الحدث
فأنكسر غيظا ً بين ايديهم القلم

وجاءت السنة المعجبين للتحدث اليه في همم
فأحتجت الألسنة هي الاخرى
ونادت بالأحتلال ليحتل ارضها
فأحتلتها دولتا البكم والصمم ..

وكان بغير صدفة من بين المعجبين
التوأمان الشهيران
الكذب والافتراء
فركضا لأقناع سيد الحفل
بأنهما له محبان
فأمر جنوده بالقاءهما من القاعة الى الفناء ..

وهنا صاحت دموع التماسيح قائلتا ً :

أنا احبك بصدق ..
فأجابها :
" أن بحثت جيدا في سلالتك ستجدين حتما
عرقا من الكذب والأفتراء
يا معشر الجراء "

صعد على المنصة وقال :

" انا هو الحب "

وكانت صفعة جمر للجمهور !!!

فأكمل قوله :

سجنتموني سنين طوال
وبين كل مؤبدة وضعتم لي
حكما ً بالأعدام

-ورضيت بالحكم الظالم وألتزمت الصمت-

اسكنتموني منازل الدموع " بغير حق"
وكتبتم بالعقد :
" صفقة عقدت ما بين الكذب والكلام "

-ورضيت بالحكم الظالم والتزمت الصمت-

لفقتم لي تهم التسبب باحراق القلب
والجهاد في سبيل الانتحار
واني انا من اصنع القنابل والرصاص
وانا مخطط كل انفجار

-ورضيت بالحكم الظالم والتزمت الصمت-

حكمتم علي بالاشغال الشاقة مدى الحياه
في اراضي الثأر والحقد
وأطعمتموني المر واسقيتموني الكيد

- ورضيت بالحكم الظالم والتزمت الصمت -

بصراخ لم اسمع لصوته مثيل
اهتزت القاعه وارتجفت !!!

قال :

" كفاكم تزوير بتزوير بتزوير !!!!!
انا بريئ من صدوركم
ولست كما تزعمون اني لها سفير !!!!

قلوبكم لست انا ساكنها
فساكنها احد غيري وضيع وحقير

اتركوني ازيلوا عني الاصفاد
فلست انا من يغطي وجوهكم
بل قناع تعجه الاحقاد

انا هنا حي ارزق
ولست كما تقول اغانيكم
باني جماد !!!!

لا تقلقوا فلن اكتب بكم اي تقرير

لا لملك ولا لرئيس ولا لسفير
جئت اخبركم اني راحل
لأجد لي موطننا غير موطنكم
موطنا لا تسكنه اشباح
تدعي انها الضمير
موطنا اجد فيه نبض معجزتي
فنبضي معكم

موجع قاسي مرير وعسير
يسكنه الف شرير

جئت لأخبركم ..

بأني اسألكم الرحيل ......

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:  alarab@alarab.co.il