الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 11 / مايو 23:01

حي رمية ..يعاني القهر والظلم

من أمين بشير
نُشر: 21/01/08 20:46

على كل من يريد الوصول الى قرية رمية ان يسلك طريقاً يمر عبر مدينة كرمئيل وهوالطريق الوحيد المؤدي إليها، وكل شيء يتحرك داخل القرية التي يسكنها 250 نفراً مراقبا وتحت انظار الآلاف من المواطنين اليهود الذين يشكّلون فكّي "كماشة" من حولها ويحيطونها من جهاتها الغربية والشرقية والشمالية .

لهم الغفران والحجارة لنا
ببراءة الطفولة التي لم يغادرها بعد وببلاغة الواقع الصعب الذي يعيشة يوميا تساءل احد الصبية في القرية حالما عرف هويتنا الصحفية " هل يعقل يا اخي ان الغفران لهم والحجارة لنا وعلى رؤوسنا وعلى سياراتنا ؟، وهل من المعقول ان يتم تقييد حريتنا خلال يوم عيد الغفران ونُمنع من الحركة حتى لحالات طارئة وضرورية؟" ولأن المواصلات العامة تتوقف عن العمل خلال الاعياد اليهودية ،لا يتمكّن اهالي رمية من نقل ابنائهم الى مدارسهم في قرى الشاغور الا بسياراتهم الخاصة التي تكون عرضة لحجارة المتشددين اليهود وعنجهيتهم التي تقطع الطريق وتجعل من مجرّد ايصال الابناء الى المدرسة عملا محفوفا بمخاطر جمّة وصعوبات.



اتفاقيات تلو اتفاقيات
قبل فترة وجيزة دار الحديث عن مساعٍ لالحاق قرية رمية بمدينة كرمئيل وفقا لاتفاق تم التوصّل الية بين بلدية كرمئيل ودائرة اراضي اسرائيل وعدد من اهالي القرية. ووفقا للاتفاق ذاته كان يفترض منح قسائم للبناء لاهالي القرية الى الغرب من موقعهم الحالي، على ان يترافق ذلك مع تعويض الاهالي عن بيوتهم وممتلكاتهم ، غير ان الاتفاق لم ينفّذ وفقا للتفاهمات بين الاطراف المختلفة؛ اذ تبيّن للاهالي ان التعويضات زهيدة جدا مقارنةً ببيوتهم التي سيتركونها، كما وتم نقض ما اتفق علية بشأن مساحة القسائم المعطاة ، والتي تقلصت من 750 م لكل قسيمة الى 600 متر مقترحة على الاهالي.

اوامر باخلاء المنازل
بالاضافة للاخلال بالاتفاق الذي تم مع الاهالي قامت دائرة اراضي اسرائيل بتوزيع اخطارات استفزازية لسكان الحي تطالبهم فيها باخلاء بيوتهم ومغادرتها. وعلى اثر هذه الاخطارات الاستفزازية تنادى اهالي الحي واجروا اتصالات مع العديد من المحامين والهيئات القضائية الذين توجهوا للمحكمة بشكل مستعجل لاستصدار امر يقضي بتجميد أوامر اخلاء المنازل المبنية على أراضٍ خاصة بعد ان كانت القرية قد حصلت على اعتراف مؤقت لاعتبارها حيّاً من أحياء مدينة كرمئيل، حيث استجابت المحكمة لطلب الدفاع بتجميد أوامر الاخلاء وتمكين الطرفين من اجراء مفاوضات بينهما .



ويذكر أن توجهات عنصرية سلطوية ترفض وجود مثل هذا الحي العربي في مدينة كرمئيل الأمر الذي يدفع تلك السلطات الى تهديد السكان العرب بترحيلهم واجراء توسعة لمدينة كرمئيل فوق اراضيهم وبيوتهم. وقد تنامت هذه التوجهات العنصرية في السنوات الاخيرة وتمخّضت عن خطوات عملية تمثّلت في التضييق المستمر على حياة الاهالي اليومية وعدم اعطاء تراخيص جديدة للبناء وحرمان الاهالي المستمر من الخدمات الاساسية، هذا بالرغم من الاعتراف المبدئي بالقرية.
وكانت دائرة اراضي إسرائيل وبلدية كرمئيل قد بعثتا ممثلين عنهما قبل سنتين الى قرية رمية ،حضروا بمرافقة ضابط من شرطة كرمئيل وابلغوا إنذاراً للعديد من سكان قرية رمية باخلاء بيوتهم وحظائر ابقارهم وخطوط الماء تمهيدا لشق شارع على انقاضها ليخدم سكان الحي اليهودي الجديد الذي اقيم بمحاذاة بيوت رمية وعلى اراضيها. واعلن اهالي رمية حالة استنفار لمنع تمرير المخطط الذي يستهدف مصادرة المزيد من اراضيهم وهدم عدد من بيوتهم وحظائرهم مؤكدين انها تقوم على اراض يملكونها بوثائق رسمية، كما ان عدداً من بيوت الحي الجديد في كرمئيل الذي سيتم ايصال الشارع اليه يقوم على اراضيهم . ودعا اهالي رمية الجهات التمثيلية للمواطنين العرب إلى مساندتهم والتصدي معهم لهذا المخطط، مؤكدين ان بلدية كرمئيل لم تحترم، حتى اليوم، الاتفاق الذي وقعته مع قيادات عربية قبل عدة سنوات لحل مشكلة الاعتراف بالحي.



صالح سواعد

تأتي الوفود وتذهب والأزمة على حالها
رغم الزيارات المتعددة والمستمرة لكثير من الشخصيات السياسية المحلية والدولية ما تزال ازمة اهالي رمية على حالها.فقد قامت سفيرة تشيلي لدى اسرائيل، أيرين برونفمان،وممثلون عن الدول الاوروبية والهيئات الاغاثية ولجان حقوق الانسان ووسائل اعلام كبرى، واعضاء كنيست عرب ويهود وممثلون عن الصليب الاحمر بزيارات متتالية لهذة القرية واطلعوا على الاوضاع الحياتية والمعيشية الصعبة وغير الإنسانية فيها، وأجمعت سائر الوفود المستطلعة والمتضامنة على رفض الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها اهالي رمية فوق ارضهم وفي بيوتهم ، وذهبت بعض الشخصيات الدولية والمحلية الى اعتبار مثل هذه الظروف المهينة وصمة عار على جبين المؤسسة التي لا تبذل اي جهد لتحسين الشروط الحياتية والمعيشية لمواطنيها، بل واستغرب البعض وجود مثل هذا الوضع المتدني والقاسي اصلاً ونحن في القرن الحادي والعشرين.وقد تكررت وعود الزوّار من شخصيات محلية وعالمية وعاملين في هيئات الاغاثة وحقوق الانسان بطرح وإثارة هذه القضية في المحافل الدبلوماسية والحقوقية وايصالها الى الرأي العام، كذلك عرضها ومناقشتها خلال اللقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين، لكن شيئاً فعلياً لم يتغيّر على الارض وذهبت كلمات التضامن ووعود المتضامنين ادراج الرياح فيما بقى وضع اهالي رمية على حاله.


احمد سواعد

"صامدون هنا"
ويقول احمد سواعد، وهو اب لاحد عشر ولداً :"نحن الاصل في هذة الارض وفيها اضرحة آبائنا واجدادنا .منذ مئات السنوات ومن زمن الاتراك والانجليز ونحن مغروسون فيها" . ويضيف بانفعال: "نحن اذ نتمسك بارضنا فلاننا لا نملك سواها ،اننا نملك فيها كل الكواشين والطابو من الجد للوالد ومن الوالد للابن وهكذا ستستمر ملكية الارض وبأذن الله لن تنتقل ملكيتها الا الى ابناء عائلة السواعد حفاظاً على قدسيتها وحفاظاً منا عليها وكرامة لرفات الاجداد المدفونين فيها " .ويؤكد احمد"ان هناك من يظن انه يمكننا ان نفرط بارضنا الا اننا اليوم نؤكد كما اكدنا دائما بانه لن يأتي اليوم الذي نفرط فيها ولو بمتر واحد من ارضنا لاننا يوم نتنازل عن ارضنا فاننا نتنازل عن كرامتنا ونحن لا يمكننا العيش بلا كرامة وعندها نفضل الموت الكريم على الحياة التعيسة والذليلة" .
ويضيف احمد "بالرغم من الوعود الكاذبة التي يقطعونها لنا فاننا قد تعبنا ولا يمكننا الاستماع اكثر او حتى التفاؤل اكثر ، انهم يقتحمون ارضنا رويداً رويداً ويجرفون من حولنا في كل الجهات والآن نحن نعيش في كانتون ممسوخ بالارض وبدون أي خدمات تذكر من السلطة المحلية. لا كهرباء ولا ماء ولا شبكة هواتف ولا شوارع واين ذلك .. وسط عمارات شاهقة من حولنا وبالتالي يتحدثون عن المواطنة الصالحة ويتحدثون عن حقوق متساوية لجميع مواطني الدولة .. واقولها بملء الفم ان كل ذلك كذب في كذب ".

كل اشجار الزيتون انا زرعتها ورعيتها
اما الحاج حمد حسين سواعد (75 سنة ) له سبعة ابناء وخمس بنات وجميعهم قد تزوجوا وله من الاحفاد ما يفوق ال60 حفيداً ،يقول: " انا املك هنا في رمية 17 دونما ونصف وقد قمت على رعاية الارض وغرست اشتال الزيتون فيها واليوم اصبحت كل شجرة زيتون اكبر من البيت وكل هذا من تعبي ورزقي ومن قبل رزق ابي ،ولا يمكنني ان افرط بذلك بسهولة فانني باستمرار احذر الابناء والاحفاد من ان يقوم احد بتوريطهم لان ذلك خيانة . واذا كانت الدولة ديمقراطية فليعطونا دونماً مقابل دونم فما معنى ان دونم اليهود يساوي 17 دونماً لمواطن عربي؟ فبأي شرائع ومنطق تسنّ مثل هذه القوانين؟".


واضاف:" نحن نسكن هنا قبل تركيا واسرائيل. كنا في بيوت متنقلة فقالوا لنا وحذرونا من ان الواح الزينكو ممنوعة، المياه ممنوعة ، في الليل والنهار، الصيف والشتاء، والذي يسكن في زنزانة افضل منا. لم يسمحوا لنا بالبناء البسيط وممنوعون من وضع حجر بدون إذن منهم، هذا غير المخالفات التي ازدادت والكهرباء التي نمنع من مدها الى بيوتنا. حتى الماتورات ممنوع ان نشتريها ونعبئها بالسولار ، ونحن حتى اليوم لا نعرف ما هي نهاية المطاف مع هذه السياسة غير الاخلاقية"-. ويضيف الاخ الاصغر لمحدثنا ،صالح حسين محمد فاعور سواعد (63سنة ) وهو اب لاحد عشر ابناً:" لم يعد لدينا ثقة بهؤلاء الاشخاص. ومعاناتنا تزداد يوماً بعد يوم، المياه مقطوعة والكهرباء ممنوعه من الوصول لمنازلنا . واليوم تبعد منازل المواطنين اليهود 5 امتار عن بيوتنا .

هذا غير منعنا من استصدار تراخيص للبناء . اوصلونا الى درجة لا يمكن احتمالها، الا ان بيع اراضينا امر بعيد عن ان ينالوه منا.انهم واهمون اذا فكروا ان هذه السياسة ستجعلنا نتنازل عن اراضينا وبيوتنا". وعاتب الكثيرين الذين يأتون لمشاهدة الوضع ويتأسفون على الحياة التي يعيشها اهالي رمية، مندداً بالصمت على وضع مزرٍ ومؤلم كهذا. "توجهنا مرات عديدة لاعضاء الكنيست العرب لمعالجة وضعنا غير ان شيئاً لم يتغيّر حتى الآن". وفي جملة بليغة ومتحدّية ودّعنا وهو يكرّر امامنا :"لن نخرج من ارضنا الا على ظهورنا بعد ان نموت، ولا يمكننا الاستمرار بهذا الوضع من الظلم والتجبر علينا. يجب ان يكون هناك حل عادل وسريع لمعاناتنا التي لم تعد تطاق"

 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.73
USD
4.02
EUR
4.65
GBP
227375.05
BTC
0.52
CNY