الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 04:01

ملفات أقلّ سخونة... د. جمال زحالقة


نُشر: 16/01/08 08:13

بغضّ النظر عن الأبعاد الشخصية لزيارة بوش، والتي أسهب المحللون في تحليلها، فإنّ الهدف المركزي للزيارة هو ترميم ما تصدّع وتآكل من مُقوّمات الهيمنة الأمريكية في المنطقة، التي تعتبرها الولايات المتحدة مهمة ومحورية لمصالحها واستراتيجياتها الكونية.  وحتى لا تنحى الأهداف الشخصية جانباً، فهي قائمة وقوية، يجب التعامل معها بمدى انسجامها مع الأهداف السياسية والاقتصادية العامة للإمبراطورية الأمريكية. 
لقد أشرف بوش على نهاية ولايته الثانية والمجتمع السياسي الأمريكي منهمك في دوامة اختيار خلفه أو خليفته، ومُرشّحو الرئاسة، وليس هو، يحتلون عناوين الأخبار. قيل إنّ بوش، قبل أن يولي ويولى غيره، يبحث عن انجاز في الشرق الأوسط يسجله التاريخ باسمه، وهذا هدف أمريكي وليس "بوشي" فحسب؛ وقيل أيضاً إنه يريد احتواء بؤر الفشل والتصدّع والخلل في السياسات الأمريكية في المنطقة، حتى لا يُوصم بالرئيس الفاشل. ومن نافل القول إنّ هذه هي مصلحة أمريكية عُليا. باختصار: الملفات التي حملها معه بوش إلى المنطقة هي نفسها التي سيتعامل معها الرئيس الأمريكي القادم، كانَ من كان.
بوش يريد أن يُسلّم ملفات المنطقة للرئيس القادم وهي أقلّ سخونة مما هي عليه اليوم, ولا توجد دلائل على أنّ زيارته الحالية ستحقق هذا الهدف. وقد يعتقد بوش أنّ تبريد الملف الفلسطيني سيوفقه في التعامل مع الملفات الساخنة الأخرى في العراق وإيران ولبنان، لكنّ المنطقة لم تعد ترقص على نغمات المعزوفة الأمريكية، وتغيير تكتيك سياسات المواجهة، التي اتبعها بوش، غير كافٍ، وبوش غير ناضج وغير مُستعد للاعتراف بالفشل والتراجع، في نهاية ولايته، عن هذه السياسة وعن النهج الذي سار عليه حتى الآن.
لم يحمل معه بوش أيّ جديد من الناحية الجوهرية؛ وتتلخص مهمته في إعادة تماسك ما يُسمى بمعسكر الاعتدال، وطمأنته بأنّ الولايات المتحدة لم تغيّر سياستها تجاه إيران بعد تقرير الاستخبارات الأمريكية، الذي أقرّ بأنّ إيران لا تقوم بتطوير أسلحة نووية، وهو يفعل ذلك منعاً لأيّ انفراج في العلاقات العربية-الإيرانية. ولكنّ محطته الرئيسة في هذا الملف كانت في إسرائيل، حيث كان ما يُسمّى بالخطر النوويّ الإيراني المحور الرئيس لمحادثاته مع أولمرط؛ ففي حين احتلّ الملف الفلسطيني في مركز المؤتمر الصحفي والتغطية الإعلامية العلنية لزيارة بوش لإسرائيل، فيبدو أنّ إيران كانت مدار الحديث الرئيس في الجلسات المغلفة.
إسرائيل رفضت تقرير المخابرات الأمريكية وأبدت خشيتها من تأثيره على سياسة الإدارة الأمريكية، وتدعي أنّ نجاح إيران في تخصيب كميات من الأورانيوم كافية لصنع قنبلة نووية هو الخطر الداهم، أما استعماله لتطوير أسلحة فإنّ إيران قادرة على تحقيق ذلك خلال فترة وجيزة من حيازتها على اليورانيوم المطلوب. هكذا تأوّل إسرائيل التقرير الأمريكي وتعمل جاهدة على إقناع العالم بتفسيرها للخطر الإيراني، ويبدو أنّ بوش نفسه مقتنع بذلك سواء من مصادره الخاصة أو من إسرائيل. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإنّ سياسة بوش هي زرع الأوهام بأننا مقبلون على مفاوضات جدية تنتهي هذا العام بتسوية سياسية. وكلّ ما يريده الرئيس الامريكي هو أن تصمد هذه الأوهام ولا تنكشف حقيقتها، قبل أن يترك البيت الأبيض. بموازاة ذلك، حدّد جورج بوش عشية زيارته وخلالها، المرجعية والأساس والمنطلق وحتى هدف أية تسوية سياسية، بكلمات قليلة اختارها بعناية وهي "المحافظة على أمن اسرائيل كدولة يهودية".  ليس هذا هو أحد مواقف أمريكا من الحلّ بل الموقف بأل التعريف، والأساس بأل التعريف، أيضًا، مما يعني أنّ خضوع التسوية السياسية لهذا التحديد سيؤدي إلى شطب حقوق اللاجئين لضمان طبيعة الدولة اليهودية، ورسم الحدود ومقوّمات الدولة الفلسطينية العتيدة وفق معايير الأمن الاسرائيلي، كأن تكون منزوعة السلاح ومحرومة من أي تحالف استراتيجي مع أية دولة، ومُحاطة بجدار، حفاظاً على أمن إسرائيل.
من هنا، فإنّ المطلوب فلسطينيًا الاستفاقة من الأوهام والالتفات إلى حالة الانقسام الكارثية وتوحيد الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، لمواجهة المشروع الأمريكي-الإسرائيلي، بدلاً من التساوق معه.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.74
USD
4.03
EUR
4.70
GBP
236678.60
BTC
0.52
CNY