الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 08:01

مسلماني:عبرت حدود غزة لأجل عيون ريتا وما أن رأيتها ضميتها وأجهشنا في البكاء

قابلته:حنان حبيب الله
نُشر: 07/09/11 14:02,  حُتلن: 20:35

طاهر مسلماني من كفرقرع تسلل عبر الانفاق المصرية ليدخل غزة وعقد قرانه على خطيبته وعند عودته للبلاد اعتقل لمدة 23 يوما

طاهر مسلماني في حديثه لموقع العرب وصحيفة كل العرب:

عائلتي لم تعارض العلاقة الا أنه كان يراودهم تخوفا بسبب البعد الجغرافي

عند وصولي غزة وقفت مذهولا في الشارع لا ادرك إن كنت أحلم، اين أنا؟ هل أنا حقا في غزة! غزة التي آلمنا ويؤلمنا جرحها، غزة حيث تقطن حبيبتي؟

سائق الاجرة الذي أقلني من شرم الشيخ للعريش، كان السائق الخاص بالطنطاوي قبل 5 سنوات ويعرفه كافة رجال الامن المصريين على الحواجز فتيسرت الأمور

قلبان بالحب ينبضان، لم تفرقهما الحدود الجغرافية، ولم تقهرهما الظروف الأمنية، جمعهما القدر، فأصرا على مواجهة العقبات التي جعلت دربهما مليئا بالتحديات العديدة، بين قلب طاهر وعيون ريتا حب لا تعرفه إلا الأشواق وقدسية الحب، هما القصة الخالدة التي سيحكي عنها التاريخ، بعد أن بدأت منذ حوالي سنة واستمرت حتى اليوم، وستبقى تدوم بغرام وعشق. إنها رواية التمرد على الظروف والارادة التي كللت حبهما بالخطوبة وعقد القران والتخطيط للزواج لأنها جمعت الشاب طاهر مسليماني من كفرقرع وريتا اسحاق من غزة.

طاهر يروي تفاصيل قصته...
ترعرع طاهر إبن بلدة كفرقرع في كنف عائلته، وأنهى دراسته الثانوية في القرية، وانشغل في التحضير لدراسته الاكاديمية فاختار الموضوع الأقرب لقلبه وهو السينما والاخراج، الامر الذي قوبل بالرفض من قبل أهله، وبعد محاولات عديدة نجح من اقناعهم فدرس السينما والاخراج لمدة 3 أعوام في كلية المنار في الطيبة. واجه طاهر الكثير من الصعوبات في حياته كغيره من الشباب ولكنه لم يشعر بيأس ولم يكل ولم يمل ودائما جعل ارادته تقهر الظروف.

علاقة عاطفية
أما ريتا التي ولدت في السعودية لعائلة فلسطينية وانتقلت بعدها للسكن في الاردن ومن ثم عادت مع أفراد اسرتها الى مدينتهم الاصلية غزة، فقد درست الصحافة والاعلام وهي تعمل اليوم في احدى المؤسسات الاعلامية هناك، تعرفت على طاهر قبل نحو سنتين عن طريق صديق مشترك لهما، وتحدثا عن تجربتهما في الاعلام والاخراج، فهما لم يخططا لأية علاقة عاطفية بينهما، وشاءت الظروف بعدها أن يجد أحدهما نصفه الاخر بالثاني، وقررا الارتباط ولم تردعهما الظروف للحظة عن اتمام مشوارهما المشترك وتحقيق الحلم.

غزة بعيدا عن الدماء والحروب
عند استضافتي طاهر للتحدث معه عن قصتهما جعلني أبتعد عن مشاهد الدماء والحروب، وأغوص في تفاصيل أشبه بقصص الافلام والأحلام والتي حتى لم أشاهد ولم اسمع عن جزء منها، وكل من تحدث مع طاهر وريتا يشهد بعمق أحاسيسهما، وصدق مشاعرهما، وعظمتها.
هو شاب في العشرينات من عمره مازحته بسؤالي عن عمره فقال: "لا ادرك سوى أن حبي لريتا أكبر من عمري، وهي تكبرني بسنتين من العمر وهذا لم يغير أي شيء، فهي اللؤلؤة النادرة والثمينة التي تعرفت عليها وأحببتها وأخترتها شريكة لي رغم كل الظروف. لم ولن نعرف المستحيل. في البداية ربطتني بها صداقة عادية وتكلمنا حول عمل تلفزيوني مشترك وتحدثنا طويلا الا أن الموضوع تطور وشعرت بارتباط روحاني بها فخفقت قلوبنا، دون أن اشاهدها الا عبر شاشة الحاسوب، وقررنا الارتباط".

فكرت في موقف عائلته من علاقته بريتا، حتى سألته، فأجابني: "عائلتي لم تعارض العلاقة الا أنه كان يراودهم تخوفا بسبب البعد الجغرافي، ولكنهم ادركوا أن طاهر لا يرضخ للظروف، وفي 2011-4-10 تحدثت الى والدها وطلبت يدها، فلبى طلبي، وعندها بدأنا التحضيرات لاقامة الخطوبة في رام الله".

حفلة الخطوبة تحتاج الى موافقة أمنية
وتابع طاهر في تفاصيل تحضيراته لاقامة حفلة الخطوبة قائلا: "توجهت عبر مكتب النائب د.أحمد الطيبي لاصدار التراخيص اللازمة لاخراج عائلة ريتا من غزة، الا أن الاجهزة الامنية الاسرائيلية رفضت ذلك، وعندها قررنا اقامة حفلة الخطوبة في مصر، ولسوء الحظ اشتعلت الاوضاع على الحدود المصرية واغلق المعبر ولم يتوفقوا بالخروج الى مصر. ورغم ذلك قررت العمل على زيارة غزة الامر الذي كان مستبعدا من جهتنا ولم نكن نخطط له".

ما بين اسرائيل ومصر وغزة
صمت طاهر وأنا أنظر اليه وقد عجزت عن الطلب منه مواصلة الحديث فابتسم وتابع لوحده: "في 2011-7-4 رتبت حقيبة السفر وأخبرت أهلي بأنني في طريقي لمصر لعقد قراني على حبيبتي ريتا، فتوجهت للحدود الاسرائيلية المصرية ودخلت طابا ومن طابا الى شرم الشيخ وخلال تواجدي في مصر فوجئت بأن معبر رفح قد اغلق بواباته امام المسافرين من قطاع غزة إلى مصر فلم يكن الخيار سوى أن أتوجه مع قلبي الى غزة ولم افكر مرتين لان الامر وصل الى حد لا خيار فيه سوى أن اجتمع مع حبيبتي ريتا اسحق. غادرت الشرم متوجها الى العريش، وقد استغرق معي السفر أكثر من 24 ساعة منذ خروجي من قريتي كفرقرع.

الله ساعدني لدخول العريش دون فيزا
وأضاف طاهر: "يتوجب على من يريد دخول العريش اصدار فيزا لذلك، وأنا لم اكن اعلم بهذه الاجراءات ولم أمتلك الفيزا ولكن من الهبات الربانية التي وهبنا اياها الله لتسهيل السفر أن سائق الاجرة الذي أقلني من شرم الشيخ للعريش، كان السائق الخاص بالطنطاوي قبل 5 سنوات ويعرفه كافة رجال الامن المصريين على الحواجز فتيسرت الأمور ولم يطلبوا مني هويتي".

شوق وحنين ومتاعب ومشقات السفر
وأكد طاهر أنه بالرغم من المتاعب النفسية وعناء السفر إلا أن شوقه للقاء ريتا كان يثلجه، وقال: وصلت الى العريش في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء وكنت طيلة الوقت باتصال مع ريتا اخبرها بما يحدث لي لانها كانت في حالة من القلق الشديد وقد كانت بإنتظاري لكي اقابلها بنفس اليوم الذي وصلت فيه الى مصر ولكن شاء القدر أن يؤجل اللقاء الى اليوم التالي، بحيث أنه كان من الصعب دخولي في مثل هذه الساعة عبر النفق كون الانفاق خطيرة جدا ويتوجب علي الانتظار حتى الصباح.
وابتسم، كنت اتضور جوعا، فطلبت من أحد الشباب الذي تعرفت عليه بالعريش ليوصلني الى النفق كي يشتري لي الطعام وكنت قد أعطيته اخر 100 جنيه في محفظتي، الا انه عاد بعد وقت قصير، دون أن يحضر الطعام وقد احضر مشروبات روحانية له ولصديقيه اللذان كانا برفقتنا، فلم ابالي لذلك ولم أكن امتلك نقودا مصرية، فصمت يومين متواصلين.

3 دقائق بين مصر وعزة
في 6.7.2011 استيقظت باكرا لان هذا اليوم سيسجله تاريخ قلبي بلقائي الأول لريتا، فودعت الشباب في العريش ودخلت عن طريق الانفاق وبعد 3 دقائق بالضبط خرجت الى النور في رفح الفلسطينية، وطبعا دخول النفق كان بتكلفة 300 شيقل!!! فصدمت بطلبهم اكثر من ذلك ولم يكن يهمني المال بتاتا رغم انهم اخذوا مني أكثر من 300 دولار، وبعدها أقلتني سيارة أجرة الى منطقة النصرة في غزة حيث تعمل ريتا، وعند وصولي وقفت مذهولا في الشارع لا ادرك ان كنت أحلم، اين أنا؟ هل أنا حقا في غزة! غزة التي ألمتنا ويؤلمنا جرحها، غزة حيث تقطن حبيبتي، رغم ضجة الشارع والسيارات الا انني بعد لحظات قررت الدخول الى العمارة التي تعمل بها ريتا.

عرس في دمي
وتابع: "دخلت العمارة ووجدت كل زملائها في انتظاري وقد وقفوا مذهولين أمامي، فرحبوا بي وأخبروني أن ريتا قد دخلت الى الغرفة الثانية منذ لحظات، كانت دقات قلبي اسرع من خطواتي نحو غرفتها، ورغم أن زملائها رافقوني الا انني لم اكن اسمع ولم افهم ما الذي يحدث". صمت طاهر مجددا ومسح دموعه عند رجوعه لهذا الشريط من الزمن، فطلبت منه مواصلة الحديث فتابع قائلا: "فتحت الباب ونظرت الى ريتا التي كانت قد وقفت في آخر الغرفة وقد وضعت يداها على عينيها وأجهشت في البكاء. لن انسى تلك اللحظات كيف حضنتها بحب وشوق طال انتظاره، فقد كنت أحلم بتقبيلها وشاء القدر أن نلتقي، وتوجهنا الى بيت عائلتها في أحد الاحياء في غزة وفي 8.7.2011 أقمنا حفل عقد القران بحضور الاهل والاقارب والاصدقاء، واصبحنا الحديث العام الذي لم اكن اتوقعه، وكم تمنيت حضور أهلي في هذه الفرحة، الا أن الاحتلال يقف عقبة أمام الفرح".

الحياة في غزة بلا حياة...
خلال فترة التحضيرات لحفل الخطوبة كنت ارافق اصدقاء ريتا لاتمام كل الامور للحفل، وهناك قابلت العديد من الناس البسطاء من اصدقاء ريتا وعشت المأساة، إذ أن الحديث يبدو سهلا عن الفقر والمعاناة، ولكنني عندما تعرفت عليهم لمست ذلك، بأن الحياة صعبة والظروف محزنة، حياة بلا حياة، يبرز الحصار على سكان غزة فهم باتوا يفتقدون الكثير من السلع والاحتياجات والمواد الغذائية الاساسية، شباب عاطلون عن العمل، لا يمتلكون قوت يومهم، منهم من أخبرني عن حزنه وألمه لصعوبة اتمام زواجه بسبب الاوضاع الاقتصادية، ومنهم من أخبرني أنه يصعب عليه الحصول على 2 شيقل في اليوم، عدا عن الالم النفسي لاستشهاد اقاربهم وأصدقائهم واصابة العديد منهم بعاهات مستديمة وغيرها الكثير.

اللي مش عاجبو يسبح في بحر غزة

وأردف طاهر حديثه: "عشت أجمل اسبوع من حياتي في غزة، رغم كل الضغوطات والمشقات، رغم انني لم اخطط لذلك ولم يكن واردا بالحسبان احتمال زيارتي لهذه المدينة التي لم تطأ أرضها اقدام الفلسطينيين من خارج حدودها الا المعدودين على الاصابع، وحين قال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات: اللي مش عاجبو يشرب من بحر غزة، وأؤكد ان من لم يرق له أننا شعب واحد ويحاول تفريقنا أقول له اللي مش عاجبو يسبح في بحر غزة، ولكن للأسف، مياه البحر معكرة بمياه المجاري والأوساخ والمياه العادية غير مصفاة وغير صالحة كثيرا للشرب، فعندما كنا نشرب القهوة، تارة نجد المياه مالحة، وتارة القهوة غير صالحة، والحصار سبب الامراض وسوء التغذية.

بيننا مليون عصفور وصورة...
في اخر ليلة في غزة، أدركت ان هذا الحلم سينتهي وبأنني سأعود الى بلدي محملا بأمال جديدة وقصص، كان الفراق صعبا، لم أحتمل التفكير أن ريتا لن ترافقني جسديا، ولكن عزائي الوحيد أنني سألتقي بها مجددا، وسنبقى للأبد سويا وأكررها مرارا اننا سوف نبقى سويا للأبد ولن يستطيع احد تفرقتنا سوى الذي بسط الارض ورفع السماء. في تمام الساعة الحادية عشر ظهرا من اليوم التالي توجهنا الى الانفاق وكانوا قد اخبرونا أن الاوضاع الامنية قد تدهورت وأن هناك تشديدا أمنيا ورقابة كبيرة على الانفاق، ولم افكر للحظة في الخوف، ونجحت بالخروج من غزة دون مشاكل وعبرت العريش والحدود المصرية وفي اليوم التالي دخلت الأراضي الإسرائيلية ، فعدت أدراجي وأنا احمل صورا تذكارية وابتعدت عن خطيبتي".

23 يوما داخل الزنزانة الاسرائيلية....
عند عبوري الحدود المصرية الاسرائيلية تم اعتقالي داخل اسرائيل وذلك من تاريخ 13.7.2011 حتى تم الافراج عني في 5.8.2011، 23 يوما داخل المعتقل الاسرائيلي، تحقيق قاسٍ في ظروف أليمة وارهاق شديد من السفر وقد حاولوا تعريضي لضغوطات كبيرة وتم التحقيق معي وكأني ارهابي ودخلت غزة لاغراض أمنية، الا أن صور خطوبتي التي التقطتها عبر هاتفي الخليوي وورقة عقد الزواج الموقعة من محكمة في غزة تثبت الغرض الذي دخلت غزة بسببه، الا أن ذلك لم يقنعهم وبقيت في المعتقل محروما من الحرية ورؤية اهلي. يوم تم اعتقالي دخلوا الى بيت أهلي وقاموا بتفتيشه بطريقة مهينة ودبوا الرعب في نفوس افراد عائلتي، الذين لم يكونوا يعلمون عن دخولي لغزة، وقد حرموهم من زيارتي طوال ال 23 يوما، كما أنهم لم يسمحوا للمحامي بالتحدث معي سوى مرتين، لقد كانت اياما صعبة جدا، وريتا كانت قد عرفت انه تم اعتقالي فمرت في ظروف نفسية صعبة وتوقفت عن العمل".

ممنوع من السفر لمدة 6 أشهر...
واختتم طاهر حديثه: تم الافراج عني بشروط عديدة بينها منعي من الخروج من البلاد لمدة 6 أشهر، لكن هذا لا يمنع من مواصلة المشوار وانشاء لله العام القادم سيشهد زواجنا وسنبدأ للترتيب لذلك في رام الله، حبنا أقوى من كل الظروف لن نتنازل وانا اوجه رسالتي لكل الشباب في العالم على التصميم والمثابرة نحو تحقيق الهدف".

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.67
GBP
220489.57
BTC
0.51
CNY