الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 04:02

ربيع إبريق من أبو سنان يسرح في كتاباته ويكتب: فاعلة خير

كل العرب
نُشر: 06/07/11 15:00,  حُتلن: 20:38

- آلو، مساء الخير ، هل حضرتك الأخ عادل؟
- نعم يا أختي، ومن حضرتك؟
- سمعت أنك تنوي الارتباط بفتاة من قريتنا ، أليس ذلك صحيحا؟
- من حضرتك يا أختي؟
- أنا فاعلة خير، وأريد أن أخبرك بأن الفتاة التي تنوي الارتباط بها لا تستحقك...
- عفوا يا أختي...
- أرجوك أن تسمعني حتى النهاية، لكي لا ينتابك بعد ذلك الندم . هذه الفتاة التي تنوي خطبتها لها علاقات مع العديد من الشبان في قريتنا وخارج قريتنا. أنصحك بأن لا تتقدم لخطبتها لأن سمعتها غير جيدة...
وإستمرت سعاد بالشرح والتفصيل الممل عن سمعة تلك الفتاة...
هكذا هي سعاد: فعندما يتبادر إلى أسماعها عن إمكانية تعارف بين شاب وإحدى فتيات قريتها وإذ بها تسارع بالتقاط دليل الهاتف، بحيث تجري بحثا سريعا عن رقم هاتف الشاب لتكيل "المديح" لتك الفتاة : فهذه الفتاة لبسها غير محتشم، وتلك سمعتها غير نظيفة، والأخرى سمعة أخواتها سيئة للغاية ، أما تلك فتتمتع بحرية مطلقة فلا تكترث لأهلها ولا يوجد من يحاسبها على تصرفاتها، وهذه أمها امرأة شخصيتها قوية للغاية ولا يمكن العيش والتعامل معها ، وتلك أباها وأمها يتخاصمان ليلا ونهارا وهذه...
لقد جمعت سعاد قاموسا من الإشاعات الكاذبة بهدف إقناع الشبان المتقدمين لخطبة بنات قريتها بالعدول عن فكرتهم، محاولة إقناعهم بعدم الإقحام على الخطوبة وإلا ستكون العواقب وخيمة عليهم . في كثير من الأحيان نجحت سعاد في مساعيها " الخيرة" وفي عمل "الخير" الذي اتخذته منهجا في حياتها ، فيبتعد الشاب عن الفتاة التي أراد الارتباط بها ، وعندها تشعر سعاد بنشوة المنتصر الناجح...
لقد أوشكت سعاد على بلوغ الثلاثين حولا، وبالرغم من تمتعها بقسط من الجمال وبثقافة لا بأس بها، إلا أنها ما زالت تنتظر ذلك العريس الذي ينقلها إلى عش الزوجية. لقد طال انتظارها كثيرا، لذلك بدأت تشعر بحقد وكراهية وحسد لكل فتاة توشك على الخطوبة، فتعمل جاهدة من اجل إقناع هذا الشاب بعدم الاستمرار في مشروع الخطبة ، محاولة إفشال هذه الخطبة عن طريق بث الإشاعات المغرضة المقيتة الكاذبة عن فتيات قريتها ، مُحدثة نفسها قائلة لذاتها : لماذا من حق هذه الفتاة التمتع بالخطبة بينما إنا احرم منها؟
دارت الأيام وتعرفت سعاد على شاب في مكان عملها. كان الشاب وسيما من بيت طيب ، يكبرها بسنوات قليلة . أعجب الشاب بسعاد وأراد أن يتقدم لخطبتها . عندها انفرجت أسارير سعاد وشعرت بأن الدنيا بدأت تضحك لها بعد أن قست عليها سنوات طويلة. بدأت سعاد تحلم بيوم الخطبة وبالفستان وبالحفل وبفترة الخطوبة التي ستكون من أجمل أيام حياتها حيث ستقضي مع خطيبها أمتع اللحظات ...
لقد وعدها ذاك الشاب أن يأتي هو وعائلته للتعرف على أهلها من أجل التقدم لخطبتها .كان الموعد يوم السبت في ساعات المساء .أعدت سعاد نفسها جيدا لتلك السهرة المهمة، كيف لا وهي ستتخلص بعد جهد جهيد من حياة العزوبية الطويلة لتعيش فترة خطوبة جميلة. اقتنت لنفسها أجمل الملابس وظهرت بأجمل مظهر .أعدت وأمها أشهى الوجبات احتفاء بهذه المناسبة السعيدة واكتسى البيت حلة جميلة بهيجة. كان من المفروض أن يصل الشاب مع أهله في تمام الساعة الثامنة ، ولكن ها هي الساعة التاسعة ولم يصل منهم أحدا. انتاب سعاد شعور من القلق ، أمسكت الهاتف لتستفسر عن سر التأخر. كانت إجابة الشاب بمثابة صدمة أسقطت الهاتف من يدها دون أن تشعر بذلك : " آسف يا سعاد ، لن نستطيع الحضور إلى بيتكم . لقد تلقيتُ محادثة من فاعلة خير أبلغتني بأن سمعتك غير حسنة وبأنه يوجد لك العديد من العلاقات مع الشباب، أتمنى لك الخير يا..."
هوت سعاد على اقرب كرسي ولم تراودها غير جملة واحدة، جملة ترددت في دماغها وعبرت بسرعة البرق إلى فيها ، فنطقتها مرة بعد مرة : كيفما تُدين تدان ... كيفما تُدين تُدان...كيفما تُدين تُدان...

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخل ضمن زاوية منبر العرب.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة