المحامي ايهاب ابو غوش:
الحكومة الإسرائيلية على سلطاتها الإدارية المختلفة المختصة في معالجة هذه القضية عملت جاهدة في البداية لرفض الطلب لإرجاع الاراض لعائلة ابوغوش

عودة أفراد عائلة عبد الرحمن ابو غوش الى قريتهم وسكنهم في قرية ابو غوش, على اراضي 48, وحصولهم على الهويات الاسرائيلية, لم تبطل الاعلان عنهم كغائبين, ولم تلغي مصادرة ممتلكاتهم

قانون أملاك الغائبين هو احد القوانين الاكثر جورا واجحافا وانتهاكا لحقوق الفلسطينيين, وهو تجلي لسياسة تمييز عنصري واضحة ضد كل المواطنين الفلسطينيين سواء القاطنين على الاراضي الفلسطينية ام اللاجيئين منهم في شتى انحاء العالم

بعد مضي اكثر من ستين عاما على مصادرة ارض لعائلة عبد الرحمن ابو غوش بموجب لقانون املاك الغائبين, استطاعت عائلة عبد الرحمن ابو غوش بواسطة المحامي ايهاب ابوغوش باسترجاع ارضها وضمها لملكيتها الخاصة والغاء الاعلان عنهم ك"غائبين". جاء هذا الاعلان في سياق قرار وزاري الصادر في مطلع هذا الشهر عن عدة وزارات حكومية, اهمها سلطة دائرة اراضي اسرائيل, وذلك بعد نزاع قضائي استمر قرابة الخمسة عشر عاما.

المحامي إيهاب أبو غوش

غائبون حاضرون
في عام 1948, وكحال الاف العائلات الفلسطينية, غادر عبد الرحمن ابو غوش واهله قرية ابو غوش (القدس) وانتقالوا للعيش في الضفة الغربية والاردن كلاجئين فلسطينيين ومن ثم الى القدس الشرقية. في بداية الخمسينات وبموجب لقانون املاك الغائبين الاسرائيلي, اعلنت الحكومة الاسرائيلية بواسطة حارس املاك الغائبين ان السيد عبد الرحمن ابو غوش وعائلته هم "غائبون" وقامت حسب صلاحيتها بموجب لقانون املاك الغائبين بمصادرة ارضهم الواقعة في قرية ابو غوش والبالغ مساحتها عدة دونمات. في عام 1967 وبعد الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والقطاع وللقدس الشرقية, استطاع السيد عبد الرحمن ابو غوش وبعض من افراد عائلته العودة الى قرية ابو غوش والحصول فيما بعد على هوية اسرائيلية من خلال ما يعرف بمعاملة جمع الشمل.

تسجيل ملكية الأرض
وقال المحامي ايهاب ابو غوش ان عودة افراد عائلة عبد الرحمن ابو غوش الى قريتهم وسكنهم في قرية ابو غوش, على اراضي 48, وحصولهم على الهويات الاسرائيلية, لم تبطل الاعلان عنهم كغائبين, كما وانها لم تلغي مصادرة ممتلكاتهم ولم يتم ارجاعها لملكيتهم او لحيازتهم. يذكر انه الى حين صدور القرار الوزاري المذكور, وعلى الرغم من مرور اكثر من 40 عاما على عودة عائلة عبد الرحمن ابو غوش الى قريتهم وحصولهم على الإقامة الإسرائيلية, على الرغم من هذا كله استمرت الحكومة الاسرائيلية بالتعامل معهم بكل ما يخص ارضهم وممتلكاتهم كغائبين, بحيث انه لم يسمح لهم بالدخول الى ارضهم او استعمالها لاي غرض كان, وبقيت الارض بحيازة وتحت تصرف دائرة اراضي اسرائيل, كما وبقي تسجيل ملكية الارض في دائرة الطابو تابع للحكومة الاسرائيلية.

قانون أملاك الغائبين
وتوضيحا لالية المصادرة بموجب لقانون املاك الغائبين, اشار المحامي ابوغوش انه بموجب للقانون فان كل مواطن كان يسكن الاراضي الفلسطينية بعد تشرين الثاني 1947, وقام بعدها بالسفر الى احدى الدول العربية المتواجدة في حالة عداء مع اسرائيل, سواء سافر لهدف الاقامة ام لهدف المرور والسفر لدولة اخرى, عندها يعتبر الشخص ك "غائب" ويتم الاعلان عنه بموجب لقانون املاك الغائبين ك"غائب" ويتم مصادرة ممتلكاته ونقل ملكيتها لصالح دولة اسرائيل. بعد نقل الملكية لصالح دولة اسرائيل, تتمتع الحكومة الاسرائيلية بحرية تصرف تامة في هذه الممتلكات, بما في ذلك لديها الصلاحية لنقل الملكية بهذه الممتلكات لصالح هيئة حكومية تدعى ب"سلطة التطوير" الاسرائيلية ومن ثم بيعها لاطراف ثالثة. ويقول المحامي ابوغوش انه من اجل احكام عملية السلب المقونن للممتلكات الفلسطينية لصالح الحكومة الاسرائيلية, فان القانون الاسرائيلي يمنح الحصانة والحماية القانونية المطلقة للطرف الثالث (وبشكل دائم هو طرف يهودي) الذي يقوم بشراء الممتلكات من سلطة التطوير, ولا يحق للمالك الاصلي للمتلكات (وبشكل دائم هو فلسطيني) بمطالبة الطرف الثالث او بمقاضاته بخصوص ممتلكاته التي سلبت منه.

إستيلاء وسلب الممتلكات
وأوضح المحامي ابو غوش بان قانون املاك الغائبين هو احد القوانين الاكثر جورا واجحافا وانتهاكا لحقوق الفلسطينيين, وهو تجلي لسياسة تمييز عنصري واضحة ضد كل المواطنين الفلسطينيين سواء القاطنين على الاراضي الفلسطينية ام اللاجيئين منهم في شتى انحاء العالم. كما ويخدم هذا القانون المصلحة الاسرائيلية على حساب الفلسطينيين وممتلكاتهم ولا زال يصب في صالح المشروع الاسرائيلي للاستيلاء على واسرلة ما تبقى من الاراضي الفلسطينية التي لم تتمكن الحكومة الاسرائيلية من الاستيلاء حتى يومنا هذا. واضاف انه منذ تشريع هذا القانون عام 1950 ومع اقامة دولة اسرائيل كان الهدف الاساس من تشريعه والهدف المثبت من تفعيله هو استعماله كقناة واداة رسمية للاستيلاء على وسلب ممتلكات فلسطينية من مالكيها الفلسطينيين, خاصة الاراضي, وتحويلها لملكية الحكومة الاسرائيلية كي تتصرف بها الاخيرة بحرية مطلقة وتخصيصها لخدمة بناء المستوطنات الاسرائيلية ولتوطين المهاجرين اليهود ولتعزيز المشروع الصهيوني في البلاد.

إلغاء المصادرة وأهمية القرار
وافاد المحامي ابوغوش بانه ما يمييز العمل القانوني في هذا الملف عن الملفات الاخرى المتعلقة بقضايا املاك الغائبين, انه في معظم الملفات الاخرى المتعلقة بمصادرة الاراضي والممتلكات بموجب لقانون املاك الغائبين, يتمحور العمل القانوني حول اثبات عدم قانونية الاعلان عن شخص معين بانه "غائب" بموجب لقانون املاك الغائبين, ويتم ذلك بواسطة ابراز ادلة واثباتات تفيد بان الشخص المعين لا تسري عليه تسمية "الغائب" كما تم تعريفها وشرحها في قانون املاك الغائبين ولذلك تكون المصادرة غير قانونية. من اهم الادعاءات التي ترد في هذا السياق ان الفلسطيني لم يقم بمغادرة البلاد او انه لم يغادر البلاد الى احدى الدول المتواجدة في حالة عداء مع اسرائيل او انه لم يتواجد بعد تشرين الثاني 1947 في احدى الدول المعادية لاسرائيل.

المالكين اللأصليين
خلافا لمعظم الملفات آنفة الذكر, يقول المحامي بوغوش بان نقطة الانطلاق في هذا الملف تبدأ من الاعتراف بان عائلة عبد الرحمن ابو غوش تواجدت بين عام 1948 وحتى عام 1967 في الاردن, حيث اعتبرتها اسرائيل انها دولة معادية لها انذاك, ولذلك ففي هذه القضيه يكمن, ولأول وهلة, سريان تام لقانون املاك الغائبين, لتجسد هذه القضية النموذج الامثل لمعظم حالات مصادرة الاراضي الخاصة بالمواطنين العرب الذين يسكنون في اراضي ال 48. على الرغم من السريان التام لقانون املاك الغائبين على احداث هذه القضية, فقد استند المحامي ابو غوش على بعض النقاط والركائز التي بدورها انجحت الوصول الى النتيجة الهامة, من بينها عودة عائلة عبد الرحمن ابو غوش الى قريتهم والسكن فيها بشكل متواصل لاكثر من اربعين عاما, بالاضافة الى منحهم الهوية الاسرائيلية والتعامل معهم كمواطنين وكمقيمين في اسرائيل, فضلا عن ان ارضهم هي ارض بور وغير مستعملة. هذه النقاط القانونية وغيرها ابرزت من خلال الطلبات والالتماسات القانونية التي قدمت للجان وزارية ولمؤسسات حكومية وللمحكمة الاسرائيلية, وشددت عائلة ابو غوش على ان الارض في مثل هذه الحالة لا يمكن اعتبارها ارضا لغائبين, بل هي ارض لحاضرين, لان المالكين الاصليين متواجدون في البلاد وهم مواطنون عادوا ليقيموا في بلادهم لاكثر من اربعة عقود ولذلك يجب الغاء الاعلان عنهم كغائبين وارجاع اراضيهم المصادرة لملكيتهم الخاصة.

المداولات الإدارية والقضائية
وافاد المحامي ابو غوش ان الحكومة الاسرائيلية على سلطاتها الادارية المختلفة المختصة في معالجة هذه القضية عملت جاهدة في البداية لرفض الطلب لارجاع الاراض لعائلة ابوغوش. وعندما استمرت العائلة بالاصرار على ممارسة حقهم لاسترجاع ارضهم, عندها طرء تحول معيين على سياسة الحكومة الاسرائيلية, حيث عرضت دفع التعويض المالي لانهاء القضية. عندما رفضت عائلة ابو غوش مبدأ التعويض المالي, تم تصعيد المطالبة القانونية باسترجاع الارض بعينها للوصول الى اروقة المحاكم الاسرائيلية. بعد مرور قرابة الخمسة عشر عاما على المداولات الادارية والقضائية, استجابت السلطات الاسرائيلية لالتماس عائلة عبد الرحمن ابو غوش واصدرت قرارا بالغاء الاعلان عن عائلة عبد الرحمن ابوغوش ك "غائبين", واقرت بارجاع الارض بعينها لمالكيها الاصليين.

التصدي للمصادرة
وقال المحامي ابو غوش ان هذه القضية من حيث وقائعها التاريخية, وركائزها القانونية وبالاخص من حيث نتيجتها النهائية تعد قضية بالغة الاهمية في التصدي لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين وفق قانون املاك الغائبين. واضاف المحامي ابو غوش ان على الجمهور العربي في البلاد, كاشخاص وكمؤسسات, مواصلة التصدي لهذا القانون ولتداعياته بكافة الطرق المتاحة, ويجب انتهاز هذا الانجاز الخاص بعائلة عبد الرحمن ابو غوش كقوة رافعة لتحقيق الكثير من الانجازات المؤدية الى استرجاع المزيد من الاراضي الفلسطينية لاصحابها الاصليين.

إسترجاع الأراضي
وقال رائد ابو غوش, وهو احد اصحاب الارض المسترجعة, ان مسيرتنا لاسترجاع ارضنا كانت مسيرة طويلة وصعبة ومتعبة بل وان الكثير من المختصين في هذا المجال قد اوضحوا لنا في السابق وراهنوا على ان النتيجة االرجح لمثل قضيتنا هي الفشل لان الحكومة الاسرائيلية غير معنية بارجاع اراضي للعرب وخاصة تلك التي صودرت كاملاك غائبين. واضاف رائد اننا اليوم فخورون بهذا الانجاز الهام الذي حققناه باسترجاع ارضنا واستغلالها والانتفاع منها لنا ولاولادنا, ونامل ان يكون هذا الانجاز بداية وسابقة هامة لارجاع اراضي تم مصادرتها من اخوتنا العرب في قرية ابو غوش وفي سائر القرى العربية في انحاء البلاد.