الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 12:02

نقطة تمييز 5 - بقلم: يوسف شداد رئيس تحرير موقع العرب

كل العرب
نُشر: 24/06/11 18:05,  حُتلن: 18:33

 17 مواطناً عربياً سقطوا في الحرب الأخيرة في عام 2006 ومنذ ذلك الحين لم يتغير شيئا على مستوى الآمان في مدننا وبلداتنا العربية

الحكومة منشغلة في سن قوانين عنصرية والتضييق على العرب وهذا من وجهة نظرها أفضل من تخصيص ميزانيات لمشاريع آمان للمدن والبلدات العربية
 
التمرين الأخير وعدم تجاوب العرب معه حسب ما سمعناه وجمعناه من ردود فجر في وجهنا مرة اخرى حقيقة التمييز الذي نعاني منه وحقيقة ان شيئاً لم يتغير منذ حرب تموز 2006

عندما اطلقت صافرات الانذار هذا الاسبوع خلال التمرين لم يكن هناك اي تجاوب من المواطنين العرب مع تعليمات الجبهة الداخلية
 
هنالك حالة من عدم الثقة والقطيعة بين المواطن العربي والسلطات في اسرائيل وهذا أحد اسقاطات التمييز المتواصل

الحراك هو فقط على الورق لاسيما من خلال تبادل الرسائل والارشادات والتعليمات وتلخيص الاجتماعات بين السلطات المحلية والجبهة الداخلية التي يتشابه مضمونها في كل مرة

اليوم وفي خضم مشاغل حياتنا اليومية وضائقتنا المادية والآفات الاجتماعية المتفشية في مجتمعنا كالقتل والعنف والبطالة واسقاطات هذه الآفات نواجه هذه الحقيقة التي تزيد من قائمة مشاكلنا وحالاتنا المستعصية


ما راودني خلال هذا الاسبوع، وعلى ضوء تصدر تمرين الجبهة الداخلية للعناوين المركزية في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب في البلاد، هذا التمرين الشامل الذي استمر على مدار خمسة ايام، بعنوانه المثير الا وهو (نقطة تحول 5)، كان الكثير من القلق والتساؤلات العديدة، ليس فقط حول مصير وتعامل السكان العرب في البلاد، في حال نشوب حرب مدمرة في المستقبل القريب أو البعيد، على ضوء التوتر في المنطقة والتهديدات المتبادلة، التي ما انفكت عن العناوين الرئيسية هي الأخرى، انما ساورتني تساؤلات حول ما استخلصته السلطات الاسرائيلية من جملة النواقص الكثيرة، والتي كانت واضحة للعيان ولقيادة الجبهة الداخلية خلال حرب لبنان الثانية في عام 2006، لا سيما ومن بينها نقص الملاجئ والغرف الآمنة في المدن والبلدات العربية.

17 مواطناً عربياً سقطوا في الحرب الأخيرة في عام 2006، في الناصرة قتل طفلان عربيان، وفي المغار لقيت فتاة وسيدة مصرعهما في قصف شديد، كذلك سقط في ترشيحا ثلاثة شباب، ولم يكن الوضع مغايراً في مجدالكروم التي فقدت شابين، وأم وابنتها في عرب العرامشة، وقد كان ذلك ترجمة لتمييز يختلف كلياً عن التمييز الذي يعاني منه عرب "48" من خلال تعاملهم مع السلطات وفي حياتهم اليومية، خاصة وان هذا النقص الذي كان سبباً ليفقدنا اغلى ما نملك وهي حياتنا، هو النقص في الملاجئ والغرف الآمنة الذي ظهر واضحاً في المقارنة التي أجريت بين البلدات العربية واليهودية، ليظهر انها متوفرة في البلدات اليهودية مقابل عدم وجودها في البلدات العربية.

ويأتي هذا النقص في ظل تأكيد اسرائيلي، من خلال تحذيرات للمواطنين العرب بأن الصواريخ من مختلف الجبهات لا تفرق بين يهودي وعربي، وبين البلدات العربية واليهودية، اذ قال احد كبار الضباط:"الصاروخ لا يعرف اين تقع الناصرة، ولا يعرف ان نتسيرت عيليت تقع بجوارها"، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على الادراك الاسرائيلي التام لهذا النقص المرعب، الذي من شأنه ان يقبض ارواح العشرات، وربما المئات".

التقارير الأخيرة التي نشرت، أكدت ان رؤساء السلطات المحلية العربية – وسعيهم مشكور – كانوا قد طالبوا بملاجئ وغرف آمنة حتى قبل نشوب حرب تموز قبل اعوام، فإشتكوا من عدم وجودها وابرقوا برسائل لجهات مختلفة، ومع هذا حدث أمران، احدهما ما كان متوقعاً وهو التجاهل واللامبالاة من قبل السلطات الاسرائيلية، والآخر كان سقوط قتلى من العرب، عندما قصفت الناصرة وكفرياسيف وأبو سنان، وجولس ومجدالكروم والمغار والبقيعة وترشيحا ودير الاسد، وحيفا وغيرها وغيرها.

وفي يومنا وبعد 5 سنوات من حرب تموز 2006 ما زال هذا التجاهل من قبل الحكومة الاسرائيلية قائما. فالحكومة أيها السادة الكرام منشغلة في سن قوانين عنصرية كقانون المواطنة، وغيرها من القوانين العنصرية غير المسبوقة التي طبخها ليبرمان وزمرته، وبهّرها نتنياهو.

إذاً فحالنا لم يتغير رغم مرور 5 سنوات على الحرب، والسؤال ماذا قدمت الحكومة خلال السنوات الخمس الأخيرة للسلطات المحلية العربية؟ هل قدمت غرفاً آمنة؟ هل قدمت ملاجئ؟ الإجابة وبدون تردد ابداً هي لم تقدم. لقد كان هناك حراكا، على مستوى لقاءات رسمية بين رؤساء السلطات المحلية واقسام الأمان وقيادة الجبهة الداخلية، لكن الوضع لم يتغير ومدننا وبلداتنا العربية كانت ومازالت غير آمنة، لا ملاجئ فيها ولا غرف آمنة، لذلك لاحظنا وسمعنا الردود من الكثيرين انه عندما اطلقت صافرات الانذار هذا الاسبوع خلال التمرين، لم يكن هناك اي تجاوب من المواطنين العرب مع تعليمات الجبهة الداخلية، وبالتالي هنالك حالة من عدم الثقة والقطيعة بين المواطن العربي والسلطات في اسرائيل، وهذا أحد اسقاطات التمييز المتواصل. وبالتالي نرى ان الحراك هو فقط على الورق، لاسيما من خلال تبادل الرسائل والارشادات والتعليمات وتلخيص الاجتماعات بين السلطات المحلية والجبهة الداخلية التي يتشابه مضمونها في كل مرة. تمرين نقطة تحول 5 انتهى، وعدنا الى أرض الواقع، نؤكد ونصّر مصصمين، مدارسنا غير آمنة، مؤسساتنا غير آمنة، مدننا وبلداتنا كذلك، وهنالك احياء عربية قديمة جداً، كالمناطق التي يقطنها العرب في حيفا، الذين يسكنون بمبان آيلة للسقوط بعضها منذ سنوات طويلة، وفي كل بناية واحدة أكثر من 8 عائلات، و25 فرداً، فماذا سيكون مصيرهم؟.

سيناريو الحرب وعلى لسان مسؤولين عسكريين اسرائيليين سيكون صعباً هذه المرة وهنالك حديث عن امتداد هذه الحرب على مدار ايام وفترة طويلة إذا نشبت، وهناك من تحدث من قيادة الجيش الاسرائيلي عن ان منطقة الشمال سوف تتعرض لوابل من الصواريخ بعيدة المدى ودقيقة الاصابة، فماذا سيكون مصيرنا؟؟ من هنا يظهر تمييز اسرائيل بحق السلطات المحلية العربية، ولماذا لم تخصص ميزانيات لهذه الملاجئ ما دام الحديث عن ان المنطقة قد تشتعل في كل لحظة لتتحول الى ساحة معركة ضارية، وماذا عن عرب الناصرة مثلاً، اذا تعرضت مدينتهم لقصف صاروخي، هل يخلوا منازلهم ويحتمون في ملاجئ مدينة نتسيرت عيليت؟، اين هي الملاجئ؟ في الرينة؟ أم في المشهد او كفركنا؟
اليوم ورغم مشاغل حياتنا اليومية وضائقتنا المادية والآفات الاجتماعية المتفشية في مجتمعنا كالقتل والعنف والبطالة واسقاطات هذه الآفات، جاء هذا التمرين ليفجر في وجهنا مرة اخرى حقيقة التمييز الذي نعاني منه، وحقيقة ان شيئاً لم يتغير منذ حرب تموز 2006، لنواصل تساؤلاتنا وتفكيرنا بما هو قادم، ونقول: "الله يسترنا".
 

مقالات متعلقة