الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 05:02

اختراق الوعي الغربي : ممكن أم مستحيل ؟؟...

كل العرب
نُشر: 16/06/11 12:19,  حُتلن: 14:17

الشيخ إبراهيم صرصور – رئيس حزب الوحدة العربية/الحركة الإسلامية :

اضطررت أحيانا أثناء النقاش إلى المرور بحذر في حقول من الألغام شكلها تعاطف عدد من الطلاب مع ( الحالة !!! ) اليهودية

حالات النزاع المحدودة التي وقعت بين اليهود والمسلمين على مدى قرون في ظل الخلافة الإسلامية

كنت صريحا مع الطلاب الأمريكيين إلى ابعد الحدود .. دعوتهم إلى التحرر من أسر الدعاية الإسرائيلية ، وإلى اتخاذ موقف أكثر عدلا وإنصافا حيال ما يجري ... الثورات العربية ستعيد الوعي العربي الذي غاب

التقيت هذا الأسبوع بمجموعتين من الطلاب الأمريكيين المشاركين في دورة دراسية حول الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي وآفاق الحل من منظور الدين والسياسة ... قدر الله أن يشاركني في احد هذه اللقاءات الوزير الليكودي( بني بيجين ) ، حيث كان من المفروض أن يعرض كل منا وجهة نظره حول الموضوع ، بهدف استكشاف نقاط الاتفاق أو الخلاف بين وجهات النظر ، وما إذا كان ممكنا أن تشكل القراءات المختلفة للمشهد الشرق أوسطي ، قاعدة لاتفاق ما لحل الصراع التي تتشابك على أرضه العوامل الدينية والسياسية والتاريخية وحتى النفسية بشكل لا مثيل له ربما في أية بقعة في العالم ...

انقلاب الصورة
اللافت – وهذا ليس غريبا بالنسبة لنا أهل هذه البلاد – أن الرواية الإسرائيلية عموما واليمينية اليهودية خصوصا ، ترتكز في طرحها على الحق الديني والتاريخي ، ولكنها تعتمد أكثر على مخاطبة عاطفية للضمير العالمي من حيث أن اليهود شعب ظلمته أمم الأرض لقرون طويلة ، وعليه فمطالبته بتقاسم دولته الوحيدة على وجه الأرض مع شعب آخر هو جزء من أمة عربية ممتدة من المحيط إلى الخليج ، أمر فيه (ظلم !!!) إضافي لليهود لا يمكن وصفه ( بالمنصف !!! ) ...
لم يكن من الصعب عليَّ تفنيد هذه المزاعم بالأدوات الأكاديمية ، لكني اضطررت أحيانا أثناء النقاش إلى المرور بحذر في حقول من الألغام شكلها تعاطف عدد من الطلاب مع ( الحالة !!! ) اليهودية ، مبنية على ( عاطفة !!) وليس على عقل ، وتغذيها دعاية متمرسة وشرسة ( بروباغندا ) أصابت الكثير من الغربيين بعمى لم يعودوا يرون معه الحقائق الدامغة التي تنقلها وسائل الإعلام مباشرة إلى غرف نوع كل سكان العالم ، وذلك بعد أن انكشف المستور وانقشع ضباب الدعاية الإسرائيلية اليهودية المزيفة ، وانقلاب الصورة بشكل أصبح من السهل للدنيا أن ترى الجلاد الإسرائيلي على حقيقته ، والضحية الفلسطينية على حقيقتها دون تدخل من ( غوبلزات ) العصر ... بالمناسبة ( غوبلز ) كان وزير الإعلام في عهد الرايخ النازي في ألمانيا ، وكان بارعا في تسويق وتبرير السياسة النازية الوحشية ، وأمثاله اليوم كثير خصوصا في أوساط الإسرائيليين ...

التاريخ الطويل من التعايش
أضرب لهذا الانحياز العاطفي الأعمى الذي أصاب الغربيين على المستويين الرسمي والشعبي ، أمثلة طفت على السطح أثناء النقاش مع الطلاب الأمريكيين ... لمست الجهل المطبق لخلفيات الصراع ، مما اضطرني إلى تناول جانب من الصورة المشرقة للتعايش العربي –الإسلامي – اليهودي – المسيحي على مدى أربعة عشر قرنا من حكم المسلمين ، في الوقت الذي اصطبغت فيه هذه العلاقة في الغرب وبالذات مع اليهود ، بالدم الذي جرى أنهارا على مدى قرون وفي أكثر من موقع من العالم ... وعليه لَفَتُّ انتباه الحضور إلى انه من غير المعقول تجاهل هذا التاريخ الطويل من التعايش السلمي الحقيقي النابع من صميم الدين الإسلامي الذي جعل لليهود والنصارى مكانة الصدارة في عالم المسلمين ، والتمسك في مقابل ذلك بدعاية كاذبة جاءت لتحقيق مصالح استعمارية محضة لا علاقة لها بمصالح شعوب المنطقة ...
أثبت أثناء النقاش أن حالات النزاع المحدودة التي وقعت بين اليهود والمسلمين على مدى قرون في ظل الخلافة الإسلامية ، ليست شيئا ذا بال بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع مع الغرب ... بدأت الدهشة على الوجوه حينما قلت أن الصراع الحقيقي بدأ في منطقة الشرق الأوسط مع بداية التواطؤ الغربي الاستعماري – الصهيوني ( وليس اليهودي ) ، والذي انتهى باستهداف فلسطين المأهولة بسكانها الذين بلغوا أكثر من مليون في العام 1948 ، كوطن قومي لليهود بتحريض من قوى الاستعمار لتحقيق أهداف خفية وعلنية تبدأ بالتخلص من اليهود في أوروبا ، وتنتهي عند وضع اليهود في مقدمة جبهة المواجهة مع العالم العربي والإسلامي لإحباط أية عملية نهوض عربية تهدد مصالح الغرب ، وذلك من خلال إشغالهم بصراع مستمر مع إسرائيل ، تغذيه دوله التي اتفقت على تقاسم الأدوار لضمان استمرار هذا الصراع الدامي إلى الأبد ... لم يكن الغرب في دعمه لإسرائيل صادقا ، ولعله يصدق في سياسته حيال المنطقة المثل العربي المشهور ( فُخّار يْطَبِّشْ بعضه ) ، لأن استمرار الصراع الذي يمكن أن ينتهي بحرب إبادة ، سيخلص الغرب من عدوين في آن واحد ، العرب واليهود ...

اتهام الفلسطينيين بالإرهاب
شعرت بأن تشخيصي للمشهد بهذه الطريقة ، أيقظ في الحضور العقل الذي غاب ، خصوصا حينما علقت على ملاحظات لبعضهم متعلقة ( بالإرهاب !!! ) الفلسطيني والعربي ضد إسرائيل ... لم أحتج إلى كثير عناء لقلب الطاولة في وجه هذا الادعاء ... ضربت لذلك مثلا حرب إسرائيل على غزة العام 2008/2009 ( الرصاص المذاب ) ... لم أنكر أن صواريخ فلسطينية بدائية أطلقت على إسرائيل ، ولكن ما كانت نتيجة الحرب ؟؟!!! ألف وخمسمائة قتيل مدني فلسطيني أغلبهم من الرجال والنساء والأطفال ، إضافة إلى خمسة آلاف جريج ، جراح أغلبهم بالغة ونتائجها المأساوية دائمة ، إضافة إلى دمار شامل أعاد قطاع غزة مائة عام إلى الوراء ... في مقابل ذلك ، ماذا كانت خسائر إسرائيل بسبب ما ادعت انه مئات الصواريخ ؟؟ أربعة قتلى فقط من بينهم أثنين من مواطني إسرائيل العرب ... سألت أين العدل في اتهام الفلسطينيين بالإرهاب ، وهذه نتيجة الحرب على غزة ؟؟؟ من الإرهابي الحقيقي في هذه الحرب غير المتكافئة ؟؟؟ ...

الحقائق البسيطة
كنت صريحا مع الطلاب الأمريكيين إلى ابعد الحدود .. دعوتهم إلى التحرر من أسر الدعاية الإسرائيلية ، وإلى اتخاذ موقف أكثر عدلا وإنصافا حيال ما يجري ... الثورات العربية ستعيد الوعي العربي الذي غاب ... لن يبقى العرب ضعافا ، وهذا هو منطق التاريخ ... الكذب الإسرائيلي والأمريكي حبله قصير ... خطابات ( أوباما ) ( ونتنياهو ) المليئة بالمغالطات مهما تصل في بلاغتها ، لن تغير الحقائق البسيطة ... لن يتحقق السلام ما لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة ... أمتنا العربية والإسلامية من الأمم التي لا يمكن أن تموت .. قد تضعف وقد تنهزم أحيانا ، إلا أنها تبقى قادرة على النهوض من تحت الركام لترسم حاضرها ومستقبلها من جديد ...
الوعي الغربي محتل إلى حد بعيد ... هو بحاجة إلى عملية تحرير شاملة ... لا اعتقد أن عملية التحرير ستكون ذاتية إلا في حدود ضيقة ... هي بحاجة إلى مساعد خارجي ... نحن من نستطيع أن نحرر وعيهم ، ولكن بعد أن نحرر وعينا ، ونتعرف إلى مسؤولياتنا التاريخية ودورنا الذي اختاره الله سبحانه لنا ... خير أمة ، لا بسبب عنصرها ، ولكن بقدر ما تلتزم مشروع إصلاحها العالمي ، وتقوم بدورها في خدمة ذاتها وخدمة الإنسانية ...

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وصورة شخصية بحجم كبير وجودة عالية وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة