مديرة جمعية الثقافة العربية د. روضة عطا الله أشارت إلى النتائج المرعبة التي توصلوا إليها بعد فحص متأني لشريحة معينة من الكتب التعليمية التي تُدرّس لطلابنا

د. إلياس عطا الله الذي أشرف وراجع واحد وثلاثين كتاباً تدريسياً، بيّن في محاضرته التي خصها عن الأخطاء اللغوية في المناهج التعليمية مدى الدمار الذي لحق باللغة العربية جراء تلك السياسة المتبعة من قبل وزارات المعارف المتعاقبة

أقامت جمعية الثقافة العربية بالتعاون مع بلدية الطيرة مساء الأربعاء 8/6/2011 في قاعة البلدية ندوة خاصة حول المناهج والهويّة ودور الأهل والمعلمين في تغيير الواقع التربوي والتعليمي، ولعرض التقرير الذي أصدرته الجمعيّة والذي كشف عن آلاف الأخطاء اللغوية والإشكاليات المضمونيّة الجوهريّة التي تشوّه هوية أبنائنا وبناتنا ولتحديد دور ومسؤولية كل جهة لتغيير الواقع التربوي وإنقاذ طلابنا من الغرق في محيط تلك الأخطاء. وحضر هذا اللقاء العديد من المعلمين والمعلمات ومدراء المدارس والمعنيين والمهتمين بهذا الشأن، كما حضر رئيس بلدية الطيرة المحامي مأمون عبد الحي، ود. إلياس عطا الله ود. جوني منصور، كما حضرت السيدة د. روضة عطا الله مديرة جمعية الثقافة العربية والمحامي فؤاد سلطاني من الاتحاد القطري لأولياء أمور الطلاب، وشارك في هذه الندوة المعقبون: مدير قسم المعارف في الطيرة د. خالد مطر، د. خالد عرار، د. قصي حاج يحيى، الأستاذ المدير راضي قاسم.



المحامي فؤاد سلطاني الذي أدار الندوة تحدّث في افتتاحيته عن عمل جمعيّة الثقافة العربية التي أتت لتجسد هذا المشروع وتضع النقاط على الحروف في عمل جبار وضخم وعلينا استثماره والاستفادة من نتائجه وكيفية التعامل مع نتائجه. كما تحدث رئيس بلدية الطيرة مأمون عبد الحي عن هذه المرحلة الهامة التي يقوم بها باحثين عرب بالتركيز على مناهجنا التعليمية والأخطاء المدمّرة التي تبعد أولادنا عن لغتنا وتاريخنا، ودعا المعلمين للعمل والمشاركة في عملية التصحيح والكشف عن تلك الأخطاء.

النتائج المرعبة !
مديرة جمعية الثقافة العربية د. روضة عطا الله أشارت إلى النتائج المرعبة التي توصلوا إليها بعد فحص متأني لشريحة معينة من الكتب التعليمية التي تُدرّس لطلابنا، ودعت لعدم تقبّل تعليمهم لهذه المناهج المليئة بالأخطاء اللغوية والترقيمية والطباعة وغيرها. وتحدثت د. روضة عن صف الثاني الذي وجد فيه 4000 غلطة برغم وجود مُدققين مُعتمدين، وتوجههم للكنيست ومن ثمّ للوزارة التي حاولت المماطلة ووضع عوائق معينة في سبيل عدم سحب الكتب التي لم تنجح معهم، ولكن اتضح بعد التدقيق بمناهج أخرى أنّ الوضع أكبر وأخطر من ذلك وينبغي سحب جميع الكتب للمراحل الأخرى. وأوضحت أنّ مجموعة الباحثين الذين يبذلون جهود مُضنية ويُبينون حقيقة ما يجري لا تعمل تحت أمرة وزارة المعارف بل تعمل نقيضهم ولفضح مخططاتهم.

الأخطاء اللغوية في المناهج التعليمية
د. إلياس عطا الله الذي أشرف وراجع واحد وثلاثين كتاباً تدريسياً، بيّن في محاضرته التي خصها عن الأخطاء اللغوية في المناهج التعليمية مدى الدمار الذي لحق باللغة العربية جراء تلك السياسة المتبعة من قبل وزارات المعارف المتعاقبة، والتشويه لهذه اللغة والهويّة والتاريخ، فتحدث عن أنّ اللسان نُكب كما يُنكب الإنسان العربي، لأنّ الإبقاء على اللسان في المعتقد الصهيوني خطرٌ دائم، ولذلك يجب أن يشوه، وأنّ الإنسان العربي هُجّر ولم يهاجر، والبلاد دُمرت وتشتت هذا الانسان بفعل الصهيونية، ولذلك لم يبق ما يربطني بتاريخي وهويتي في إلا اللغة العربية وإذا استطاعوا أن يضربوها فقد أفلحوا بأسرلتي وتهويدي. وتطرّق د. عطا الله إلى كمية الكلمات العبريّة الهائلة التي دخلت وتغلغلت في حياتنا بسبب حالة السُبات التي يعيشها الإنسان هنا، ووصلت لمدارسنا حتى أنه للأسف أصبح تدريس اللغة العربية باللغة العاميّة.. محملاً المسؤولية للمتهم الأول والأخير وزارة المعارف التي همها ضرب اللغة وإزالتها. واستعرض عطا الله مجموعة من الأخطاء الهائلة التي قام بمراجعتها مشدداً على الأخطاء التي يقوم بها معلم المدرسة أثناء الكتابة على اللوح، والكلمات العربية التي اشتُقت من العبرية، مُحذراً من الإغراق في الخطأ بقوله: حين تُنشئ الطفل على الفضيلة سيكون فاضلاً، وعندما تنشئه على الخطأ سيُخطئ، مُختتماً كلماته بأنّ الإنسان الذي يفقد لغته لا يمكنه البكاء على وطن فقده.

تجاهل الشعب الفلسطيني
د. جوني منصور الذي قام بمراجعة كتب تدريس التاريخ للمرحلة الابتدائية، بيّن في محاضرته التي ألقاها أمام الحضور أنّ هناك تجاهلاً كبيراً ومقصوداً لوجود الشعب الفلسطيني من ناحية تاريخية ومن ناحية ارتباطه بهذه الأرض، في مقابل التركيز على التاريخ اليهودي بفلسطين في كتب التاريخ من صف الخامس وحتى الثامن. تحدث د. منصور عن عملية الإكثار من المعلومات والتفاصيل في المرحلة الابتدائية التي تُعبئ رأس التلميذ دون أية فائدة، مُشيراً إلى الهدف من المنهاج التعليمي الذي يعطي الأدوات الرئيسية للمعرفة والقدرة على التحليل وهذا غير متوفر. واستعرض بعض الحقائق التي وصل اليها بعد مراجعته فوجد أنّ الكتب المدرسية مليئة بالتفاصيل الجانبية، وأنّ الطالب لا يتعلم عن أي مادة ذات صلة بتاريخ فلسطين، ولا يتعلم عن التاريخ الحديث وعن التحولات التي جرت في القرن العشرين على وطنه وعلى شعبه. وسلّط الضوء على الاستهتار بالحضارة العربية مُستعيناً بالحضارة العربية في الأندلس التي استمرت 800 عام وذُكرت بأربعة أسطر فقط بينما كان الشرح مُسهباً عن الوجود اليهودي في الأندلس. وتطرق د. منصور عن خلق الآراء المسبقة وتزييف الحقائق في المادة التدريسية، وركز على استنتاجات مُعينة لهذه السياسة مثل إبادة الأسماء العربية وخلق غربة بين الطالب وتاريخه، وأنّ لا وطن له بمقابل أن اليهود هم من وجدوا في هذه الأرض، وتناول تشويه الأسماء والأماكن على الخرائط وخلق حالة تشويش لديه من خلال استعراض الكثير من الخرائط غير الهامة.

العرب يتحملون المسؤولية
في نهاية الندوة قام المعقبون باستعراض مداخلاتهم ومآخذهم حيثُ تحدث د. خالد عرار مدير ثانوية جلجولية عن أنّ العرب يتحملون مسؤولية كبيرة لأمور كثيرة ولا علاقة للآخر بها، وأنه لدينا حرية إدخال 25% من المنهاج دون معارضة من أحد. مدير مدرسة الإعدادية في الطيرة المربي راضي قاسم نفى أن يكون تعرض لأي تدخل من قبل أحد حين قاموا بتدريس تاريخ من إعداد بعض المعلمين أنفسهم، ولم ينكر أنّ هناك مشاكل موجودة وتقصير مُعين ولكن نوه أيضاً إلى أننا نتحمل مسؤولية الكثير من الأخطاء، أما د. قصي حاج يحيى فقد تسائل لماذا تأخرت هذه الدراسات ولماذا تمّ تجاهل هذه المشكلة ولم يبادر أحد إليها من قبل، وختم د. خالد مطر مدير قسم المعارف في الطيرة بمداخلة بقوله أنّ ما عُرض في هذه الندوة إنما هو جزء بسيط من البحث والصورة الحقيقة المخيفة لوضع المناهج التعليمية الخاصة بالوسط العربي، مؤكداً وموافقاً على كل ما جرى سرده وذكره، وفرّق بين نوعين من الأخطاء التي هي مقصودة وغير المقصودة التي لها مفاهيم خاطئة وأسباب أيديولوجية، مؤكداً على صحة ما ذكر بأننا مُبعدون عن تطوير المناهج الخالصة بنا.