الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 04:02

هاشم غرايبة يوقع روايته القط الذي علمني الطيران في متحف السرايا في أربد

كل العرب
نُشر: 10/05/11 22:11,  حُتلن: 22:12

الناقد محمد عبيد الله:

تنطوي الرواية على متعة سردية فريدة، لا تتأسس على حبكة ولا حكاية ممتدة أو تقليدية، فقد نجح غرايبة في تفكيك العناصر التقليدية للسرد الروائي "الحكائي" وأوجد بدائل كافية لخلق المتعة السردية 

منذ البداية ليس هناك سوى هذه الصور المتناثرة المجزّأة التي لا تسعى الرواية لتصعيدها أو لملمتها، وإنما تسعى إلى أن يكون المعنى العام والمبنى الأساسي هو نتاج التجزئة لا التجميع

وكأن المكان ابى إلا أن يُقبِل روح هذا الكاتب الضاج بحيويته وإنسانيته، وكأن الكاتب أراد أن يقول: وحدها الإرادات الحرة تنتصر في النهاية، فها هو هاشم غرايبة الإنسان الكاتب والمناضل يقف عصيا على الزمن في متحف سرايا( السجن الذي ضمه ذات قمع) ليوقع روايته الصادرة حديثا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع( القط الذي علمني الطيران).
لم يكن ذلك الحضور المتميز من الكتاب والكاتبات، اللافت الوحيد بل ذلك الإحساس الذي كان يسبق الجميع ويتقدمهم، إحساسهم بعظمة هذا الكاتب الحقيقي وصدقيته، وحبهم لتلك الروح الحية المبدعة وحقيقيتها، التي تشعر الجميع بقدرتها الفائقة على بذر حقول الحب والحياة والإيمان بالمستقبل رغم كل ما واجهته.

الروائي قاسم توفيق افتتح تقديمه بتوطئة لرواية هاشم غرايبة الجديدة فقال: كنت انتظر هذا القط منذ وقت طويل ،ولم أيأس كقارئ من انه لا بد قادم ،تلقفته وقراءته بجلسة واحدة ، نمت على البرش ،وتلقيت صفعات المحققين ،ومشيت بموكب السجن إلى المحكمة إلى عمان ،لم أكن أقراء رواية تحكي عن قضية الإيمان والأمل بل كنت فيها وواحداً من أبطالها الذي لم يظهروا ولا للحظة واحدة .
كنت حنظلة ناجي العلي .
إن كان لنا ان نحتفل بهذه الرواية ليس لقيمتها الأدبية السهلة فحسب ،بل لأنها مازالت تعلن مثل ثورات العالم العربي اليوم إن الثورة مستمرة ،والمقاومة مستمرة ، ورواية الأم ،و شرق المتوسط ، مستمرة .
هذه رواية الفرصة الجميلة للجيل الذي لم يختبر العمل السري ،والذي لم يعرف كيف يكون العالم كله بلدا صغيراً واحداً.
ثم قدم الكاتب سعود قبيلات راعي الحفل ورئيس رابطة الكتاب ورفيق درب هاشم غرايبة في سجنه، كلمة تحدث فيها عن عمر ما زال يمتد ويحتل الذاكرة فتحدث عن رفاق الأمس وأفراحهم التي نسجت هذا الإبداع الحقيقي وعايشته منهم من قضى ومنهم من ما زال على الدرب.

• اما الناقد محمد عبيد الله فقد قدم قراءة نقدية متميزة حيث يقول فيها: تنطوي الرواية على متعة سردية فريدة، لا تتأسس على حبكة ولا حكاية ممتدة أو تقليدية، فقد نجح غرايبة في تفكيك العناصر التقليدية للسرد الروائي "الحكائي" وأوجد بدائل كافية لخلق المتعة السردية المتأتية من جزئيات ومن إغراءات سردية صغيرة هنا وهناك، فمنذ البداية ليس هناك سوى هذه الصور المتناثرة المجزّأة التي لا تسعى الرواية لتصعيدها أو لملمتها، وإنما تسعى إلى أن يكون المعنى العام والمبنى الأساسي هو نتاج التجزئة لا التجميع.

وقد تحررت الرواية من أمور كثيرة، أبرزها تحررها من مثالية "الأيدولوجيا" وطهرانية "السياسي" لصالح حرية الأدب والأديب، ولذلك تميزت عن روايات السجون بعمق البعد الإنساني فيها، وكشفها عن الأبيض والأسود، وعن تناقضات الإنسان سياسياً كان أو غير سياسي، فليس هناك بطل طهراني كامل، بل نحن أمام بشر تنطوي نفسياتهم على تناقضات، وعلى دوائر من القوة والضعف، والخير والشر، والعلو والهبوط إلخ.. وتأسيساً على هذه الرؤية كسرت الرواية نموذج بطولة السجين السياسي، لصالح الإنسان، بما فيه من مكانة وهشاشة بعيداً عن الأسطرة التي لاحقت هذا النمط من الأبطال في روايات أخرى.

• ثم يتابع قائلاً: تنوّعت اللغة وتعدّدت مستوياتها، في أفق من الحوار الروائي وتنوّع الأصوات وفق توصيف "باختين" للغة الرواية، فالرواية عند غرايبة "ملتقى للنصوص" وقد سبق له أن أبدع في تضمين الرواية لغات متعددة في "المقامة الرملية" وهو هنا يلجأ إلى تجربته تلك في مجال أصعب ومناخ أكثر محدودية من ناحية المكان هو (السجن) لكنه ينجح في تجاوزه من خلال العمل على اللغة والاستنجاد بها لتوسيع أفق الرواية. ويمكن القول دون مواربة إن اللغة في هذه الرواية أحد أبرز تجليات حريتها، فهي لغة متحررة، تتضمن مستويات متنوعة تمتد من اللغة الفصيحة بمستوياتها السياسية والشعرية والنثرية والتراثية، إلى اللغة المحكية، بمستويات متنوعة: محكية ريف إربد (حوارة) والمحكية الاجتماعية التي تنتمي إلى فئة أو طبقة كما في حرصه على توثيق محكية السجن وتوافقاتها الأسلوبية المتعددة، كما في تسمياتها للأشياء، وفي خاصية الكنى والألقاب بحيث يستريح المرء من اسمه مؤقتاً ليحمل لقباً أو كنية مستمدة من حادثة أو موقف أو عمل منسوب إليه.. واللغة في هذه الرواية جديرة بدراسة مستقلة تتبين كيفية تعامل الرواية مع اللغة، وأساليب تطويعها ودمج مستوياتها معاً بعيداً عن الثنائيات الخارجية التي لا تدلّ على طبيعة التداخل اللغوي وإمكانيات التعايش بين المتناقضات.
ثم تحدث الكاتب عن المكان السجن/المتحف وتاريخه، وعلاقته به، وقرأ مقطعا من الرواية، وعقب عدد من الحضور مؤكدين تميز هذا العمل الإبداعي، قبل أن يقوم بتوقيع روايته لحشد كبير من القراء والمثقفين
 

مقالات متعلقة