الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 06:02

حماد أبو دعابس يكتب: ليسقط النظام البعثي الشمولي في سوريا

كل العرب
نُشر: 25/04/11 15:28,  حُتلن: 08:16

الشيخ حماد أبو دعابس في مقاله:

النظام لا يقاس بفترة رئاسة بشار الأسد، بل هو امتداد لحكم أبيه المستمر منذ عام 1963

هل كل هذه الخلفيّة الثوريّة، والحاضنة للمقاومة تشكل بوليسة تأمين أمام مطالب الشعب بالحرية والديمقراطية ؟!

حزب البعث الذي ترأسه حافظ الأسد فحكم سوريا بالحديد والنار، هو حزب علماني يعادي الإسلام عقيدةً ونظاماً ودستوراً

أعطى بشار الأسد انطباعات ايجابية في بدايات فترة حكمه، كادت تغطي على كثير من سوءات النظام السوري المتهرئ الذي ورثه عن أبيه.. وقد تعاطف الشارع العربي عموماً مع الرئيس الشاب، المثقف صاحب الخطاب الهادئ والموضوعي الرصين، فأمّل عليه كثيراً وتفاءل به خيراً.. هذا بالإضافة إلى وضعية سوريا كدولة ممانعة أو مواجهه مع إسرائيل، وتحتضن داخلها قيادات التنظيمات الفلسطينية الجهادية: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.. كما وتشكل عضواً في الهلال الشيعي الذي تعاديه أمريكا وإسرائيل وذلك من خلال علاقاتها الوطيدة مع إيران وحزب الله اللبناني.

السؤال المطروح
 هل كل هذه الخلفيّة الثوريّة، والحاضنة للمقاومة تشكل بوليسة تأمين أمام مطالب الشعب بالحرية والديمقراطية ؟! وهل الصورة الوطنية والقومية العربية التي سعى النظام لرسمها طوال العقود تشكل مبرراً لاستمرار الدكتاتورية، والاستبداد وسيطرة طائفة صغيرة على مقاليد الحكم، ومقدرات الدولة ؟!

الثورة أسقطت ورقة التوت عن النظام السوري
التعاطف الذي أسلفنا مع النظام السوري ممثلاً بالرئيس الشاب بشار الأسد، كان معتمداً على القشور الظاهرة، والصورة الخارجية التي استطاع النظام والإعلام السوريين تسويقهما خلال الفترة الماضية، أما الشعب السوري، ومعه النخب السياسية والفكرية ، الوطنية والإسلامية، فإن هذه الشكليات لا تنطلي عليه، وهو الذي يعايش الواقع على حقيقته، إنه أكثر منا معرفةً بواقع الاستبداد والقمع، الطائفية والعنصرية والتمييز، كبت الحريات وانسداد آفاق الأمل.
الشعب السوري الذي خرج بصدور أبنائه العارية، بدءاً من درعا ،أم الشهداء والثورة، ومروراً بجميع محافظات الشام، وانتهاءً بالمعتقلين الكبيرين حلب ودمشق.. هذا الشعب خرج ثائراً ومنتفضاً يريد حريّةً وكرامة، فخرج عليه النظام القاسي المجرم بالبنادق والنار يقتل العشرات في كل يوم، ثم يبرر القتل بالأكاذيب التي لا تنطلي على المغفلين فضلاً عن الشعب السوري الواعي البطل. ويحاول الرئيس بشار استرضاء شعبه بخطاب بائس، لم يتطرق لمطالب الشعب بالحرية والكرامة، فأخطأ الهدف وزاد من تفاقم الهوّة بين الشعب والنظام، وزادت الثورة اشتعالاً واتساعاً، وخرج بشار مرةً أخرى بخطاب فيه بعض التفاصيل التي لم يفصح عنها من قبل، ووعد بالتهيئة لإلغاء قانون الطوارئ، ولم يتحدث عن الحريّة والكرامة التي يطلبها الشعب.. وظلت أجهزة الأمن السورية تقنص المتظاهرين وتقتلهم في الشوارع السورية، رغم وضوح سلميّة مظاهراتهم، ووضوح شعاراتهم التي يقودها شباب عزّل من السلاح.

وراء الأكمة ما وراءها ..
إذاً، ما حقيقة هذا النظام الذي يبدو البون الشاسع بين ظاهره وبين حقيقته. بين رئيس وبين متنفذيه؟

إليكم بعض حقائق هذا النظام المتهرئ، والتي يعرفها السوريون جيداً، مما دعاهم للخروج على هذا النظام والاستعداد للتضحية من اجل إسقاطه :

1- هذا النظام لا يقاس بفترة رئاسة بشار الأسد، بل هو امتداد لحكم أبيه المستمر منذ عام 1963. وهو أول نظام جمهوري استطاع أن يورّث الحكم، أسوةً بالأنظمة الملكية.

2- حزب البعث الذي ترأسه حافظ الأسد فحكم سوريا بالحديد والنار، هو حزب علماني يعادي الإسلام عقيدةً ونظاماً ودستوراً.. وهو الذي صاغ الدستور السوري على مقاساته، فهو الحزب الأوحد، ورئيسه هو رئيس الجمهورية السورية، ولا يحق لأحد منافسته.

3- الطائفة العلوية في سوريا هي أقلية دون الـ 5% من السكان، ومع ذلك فقد حصّنت نفسها بالسيطرة على كل مقدرات سوريا السياسية والعسكرية.. فقيادات حزب البعث، والجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية المتعددة والكثيرة كلها تؤول إلى هذه الطائفة، ولذلك فإنها تسعى للمحافظة على امتيازاتها بكل الوسائل، وهي أقوى من الرئيس، ولذلك فان البعثيين والعلويين هم الذين قرروا توريث بشار لأبيه. وهم الذين يحولون بينه وبين إجراء إصلاحات سياسية ودستورية ترقى إلى طموحات الشعب السوري !!

4- في سوريا قرابة 30 جهاز أمني غالبيتها الساحقة مهمتها الحفاظ على النظام في وجه المعارضة، والشعب السوري .

5- لا حرية للأحزاب في سوريا، فهي بلد الحزب الواحد، وهذه هي السّمة الأساسية للأنظمة الشمولية الدكتاتورية، والتي تمنع من الغالبية الساحقة من الشعب أن تعبًر عن نفسها وعن قناعاتها السياسية.

6- لا حرية للصحافة والإعلام في سوريا.. فلا صحافة غير صحافة النظام، ولا فضائيات ولا مواقع الكترونية ولا مراسل لوكالة أجنبية يستطيع احدهم أن ينتقد النظام، او ان يتعاطف مع المعارضة.

7- الأحكام العرفية، وأحكام الطوارئ التي تجيز لأجهزة الأمن فعل كل ما تراه مناسباً بعيداً عن طائلة القانون. هذه الأحكام سارية في سوريا منذ قرابة نصف قرن. ويبدو أن النظام يسعى لتغييرها بمسمى آخر، هو قانون مكافحة الإرهاب، وليس إلغاءها نهائياً.

8- معروف عن النظام السوري استعداده لعقد أي صفقات مهينة مع القوى الخارجية مقابل المحافظة على نفوذه وبقائه في السلطة. وهو يحسن تسويق الهزائم وكأنها انتصارات. هكذا تصرف بعد هزيمة 1967، وبعد اضطراره للخروج من لبنان. وهو الذي لم تنطلق من حدوده رصاصة واحدة صوب إسرائيل منذ 44 عاماً. وهو مستعد للتحالف مع أمريكا وإسرائيل وبيع إيران وحزب الله وكل المنظمات الفلسطينية مقابل بقائه في الحكم.

فلسطين لها الله قبل وبعد بشار .. !!
يخطئ من يظن أن النظام السوري يشكل ضمانة لاستمرار المقاومة الفلسطينية، أو كأنه حامي حمى الوطن والأمة العربية، او ان تحالفه مع إيران وحزب الله يشكل البديل الأوحد لردع إسرائيل ولجم مطامعها في السيطرة على كل ما هو عربي.
فإسرائيل غير راضية عن علاقة سوريا مع إيران وحزب الله وحركات المقامة الفلسطينية، ولكنها بالمقابل "تعرف البير وتعرف غطاه" كما يقولون. فهي تعلم أن حدودها مع سوريا هي الأكثر أماناً، وأن نظاماً يعادي الإسلام والإسلاميين، وهو نظام طائفي ممقوت من قبل أغلبية الشعب السوري، هو أفضل بديل تستطيع إسرائيل أن تطمئن إلى جواره.. ولذلك فان أي نظام ديمقراطي في سوريا، سيوصل على سدة الحكم من هم أفضل من حزب البعث والطائفة العلوية، وبمقدوره أن يغيّر في موازين القوى في المنطقة، وان تحالفاً مع مصر وتركيا قد يكون اقوى وأفضل لمستقبل المنطقة من خيارات النظام السوري الحالية .
فليذهب النظام السوري إلى غير رجعة، ولا خوف بعده على فلسطين، ففلسطين لها الله من قبل ومن بعد، وسوف يأتي قريباً فرجها بإذن الله الذي بيده تصريف الأمور ..
والله غالب على أمره

مقالات متعلقة