الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 04:02

الأب د. بيتر مدروس: الآلام والموت والقيامة السيّدية

كل العرب
نُشر: 23/04/11 08:24,  حُتلن: 08:30

الأب د. بيتر مدروس:

الذي نزل الى أسافل الأرض ، صعد منها ويسوع الذي دُفن فعلاً ، قام في اليوم الثالث

الأرض كلّها مملوءة بأجزاء من خشبة الصليب. وصُلب ، لا من أجل خطاياه ، بل ليعتقنا من خطايانا

إن ضايقك اليهود صدفة، إسألهم في الحال: خرج يونان من جوف الحوت بعد ثلاثة أيام (يونان 2 : 11) ، فلِمَ لا يقوم المسيح من بطن الأرض بعد ثلاثة أيام؟

في القدس ، من أجل الكلّ ، المسيح مات حقّا مات! المسيح قام حقّا قام ! ويا ليت هذا الفصح يكون قيامة للكنيسة في فلسطين وبعثا له في سائر الشرق الاوسط والمعمور

"كلّ يوم هو يوم الجمعة العظيمة" ، خصوصاً في القدس وفي سائر الأماكن من وطن المسيح. غير أنّ عذاب المسيح لم يكن شغفاً مَرَضياً منه بالألم ولا متعة سقيمة في الموت. يسوع "الحياة" أحبّ أن يعيش. في الجسمانيّة – حيث "داس يسوع المعصرة وحده" وكسا ثيابه لون الدّم القرمزيّ عبّر كإنسان عن نفوره من العذاب ورهبته أمام المنون.ولكنّه ما تردّد أن يريق دمه من أجل الكثيرين حتّى النّيام والمستهترين والاثمين.

أحداث آلام المسيح
تُذكّرنا أماكننا المقدّسة باستمرار بما نميل دوماً إلى نسيانه. وتلخّص أحداث آلام المسيح - الذي هو بشكل عجيب "ملك المجد" (عن قورنثوس الاولى 2 :8) - تُلخّص تاريخ الإنسانية : من ناحية : المحبّة الوالديّة المتفانية بلا حدود في السيدة العذراء ، صداقة النسوة الصالحات اللواتي رافقنَ السيّد المسيح وتميّزنَ بعرفانهنّ للجميل تجاهه وبالتّوبة ، تعلّق يوحنّا الحبيب غير المشروط ، دفء العاطفة النسائية عند زوجة بيلاطوس وسط الجور الذكوري والسياسي ، العطف على المظلوم وطبع صورته عند "فيرونكا"، "لسخرة التي جُعلت معونة" والضرورة التي تحوّلت فضيلة عند سمعان القيريني الليبيّ . ومن ناحية أخرى يسرد التاريخ ذلاقة لسان الجموع ، ونكران الجميل من قِبَل المستفيدين من معجزات السيّد المسيح ، وجُبن بونطيوس الّذي تخلّى بدل ن يتولّى ، وابتزاز رؤساء الكهنة لبيلاطس بالتهديد ، وإنكار من الزعيم بطرس وفرار "الروّاد القياديين" أي جميع الرسل ما عدا يوحنّا الحبيب، وإغراء المال وخيانة رجل موثوق به.
كان القديس كيرلّس الأورشالمي (+ 387) يلقي عظاته أمام قبر الخلاص وعلى الجلجلة. وسيكون مرشدنا في هذه الثلاثيّة المقدّسة (من العظة الرابعة للقديس كيرلّس رقم 10 - 12)

صُلب المسيح حقاً عن الجميع
وصُلب حقاً عن خطايانا ؛ وحتى اذا أردتَ أن تُنكر ذلك ، فإنّ المكان المنظور ذاته يُقنعك بذلك ، هذه الجلجلة المقدّسة حيث نجتمع الآن من أجل الذي صُلب عليها. والأرض كلّها مملوءة بأجزاء من خشبة الصليب. وصُلب ، لا من أجل خطاياه ، بل ليعتقنا من خطايانا. واحتُقر عندئذٍ من البشر ولُطم كإنسان (متّى 26 : 67) ، ولكنّه اعتُرف به كإله من الخليقة : فأظلمت الشمس مرتعدة عندما رأت الرب مُهاناً بهذا الشكل ، اذ لم تستطع أن تتحمّل مثل هذا المنظر (لو 23 : 45).

النزول الى الجحيم ملائماً
ووُضع فعلاً في قبر من حجر كإنسان (متى 27 : 60) ، ولكن الأحجار تشقّقت مرتعبة بسببه (متى 27 : 51) ، ونزل الى أسافل الأرض لافتداء الأبرار. أخبِرني ،هل أنت تريد أن يتمتّع الأحياء بالنعمة ،على الرغم من أنّ معظمهم ليسوا قدّيسين ؟ وهؤلاء المحجوزون هناك من زمن طويل ، منذ آدم ، ألم يكن من الواجب أن ينالوا أخيراً حرّيتهم ؟ لقد رفع أشعيا النبيّ صوته عالياً وبشّر بكلّ ما يخصّه. وهلاّ تريد أن ينزل الملك لإنقاذ رسوله ؟ داود كان هناك وصموئيل وجميع الأنبياء. وكان يوحنّا يسأل على لسان تلاميذه: "أأنت الآتي أم ننتظر آخر؟" (متى 11 : 3). هلاّ تريد أن ينزل لينقذ مثل هؤلاء الرجال ؟

القيامة مُحتَمَلَة ومثبّتة
ولكن الذي نزل الى أسافل الأرض ، صعد منها. ويسوع الذي دُفن فعلاً ، قام في اليوم الثالث. وإن ضايقك اليهود صدفة ، إسألهم في الحال : خرج يونان من جوف الحوت بعد ثلاثة أيام (يونان 2 : 11) ، فلِمَ لا يقوم المسيح من بطن الأرض بعد ثلاثة أيام؟ عندما مسّ الرجل الميت عظامَ اليشاع ، عاش وقام على قدميه (4 ملوك 13 : 21) ؛ أفلا ينهض بسهولة خالقُ البشر بقدرة أبيه ؟ إنّه قام حقاً ، وبعد قيامته رآه التلاميذ. والتلاميذ الاثنا عشر الذين شاهدوا قيامته (أعمال 2 : 32-33) ، شهدوا لا بالكلام المنمّق ؛ بل باحتمال الآلام والموت لحقيقة قيامته. ماذا إذن ؟ إنّ الكتاب يقول : "تقوم الكلمة بقول شاهدَين أو ثلاثة شهود" (تثنية 19 : 15 ؛ 18 : 16) ؛ وهنا اثنا عشر تلميذاً يشهدون لقيامة المسيح ؛ وأنتَ لا تزال غير مؤمن ؟
في القدس ، من أجل الكلّ ، المسيح مات حقّا مات! المسيح قام حقّا قام ! ويا ليت هذا الفصح يكون قيامة للكنيسة في فلسطين وبعثا له في سائر الشرق الاوسط والمعمور!

مقالات متعلقة