حجارة القدس مليئة بالاسرار الالهية والروحانيات لا يدركها الا من عاش فيها واستنشق عبير حجارتها وما فيها من عبق التاريخ ورائحة الامجاد والانتصارات ,, وأنفاس الامم التي جاءت وذهبت، العالقة بها

دافع الفنان المقدسي جمال اسعيد في لقاء صحافي،اليوم، في مقهى الكتاب الثقافي- المكتبة العلمية في القدس الذي ينظمه نادي الصحافة المقدسي عن رؤيته ومشواره الفني الطويل الذي تعاطى خلاله مع المؤسسة الفنية والاعلامية الاسرائيلية واكتسب من خلال العمل فيها خبرة عالية ، كما اتاح له ذلك اكتشاف اساليب هذه المؤسسة في انتحال والسطو على الموسيقى والفنون العربية والتراث خاصة ، بكل صلف وعنجهية وهذا هو نصف الكأس الملآن حسب تعبيره . وأطلق نداء استغاثة للحيلولة دون اغلاق جمعية ابواب القدس للفنون والتراث .

واوضح اسعيد ان هذا الاكتشاف وان جاء متأخرا الا انه ساهم في ان يبادر باطلاق جمعية ابواب القدس للفنون والتراث للمساهمة في حماية تراثنا الفلسطيني والعربي من السرقة والضياع . وأعرب عن حزنه في نفس الوقت ان جمعيته تلفظ انفاسها الاخيرة دون ان تحرك الجهات والمرجعيات الفلسطينية ساكنا ، لانقاذها من خطر الاغلاق الذي دخل حيز التنفيذ والتجميد.

لا يحك جلدك الا ظفرك
واعرب عن امتعاضه ان الطرف الاخر عرض عليه مبالغ طائلة للاستمرار في عمل ونشاطات الجمعية ولكنه رفض ذلك باصرار رغم انه على وشك الغرق لانه لا يمكن المشاركة في عملية سرقة وانتحال الفنون التراثية وتجييرها لخدمة سارقي الارض والفرح . ورغم قناعته انه لا يحك جلدك الا ظفرك الا ان اسعيد ، اصر على ان الجهات الرسمية الفلسطينية عليها واجب في دعم مؤسسات القدس والحفاظ عليها ومنع اغلاقها بكل السبل والوسائل. وبث لواعجه الى احجار القدس والى ساحة داره في البلدة القديمة التي هي جزء منه وهو جزء منها واصفا حجارة القدس بأنها مليئة بالاسرار الالهية والروحانيات لا يدركها الا من عاش فيها واستنشق عبير حجارتها وما فيها من عبق التاريخ ورائحة الامجاد والانتصارات ,, وأنفاس الامم التي جاءت وذهبت، العالقة بها ..!

وضع اليد على الجرح
فيما سأل الكاتب عيسى قواسمي عن مدى تأثير اتفاق اوسلو على هروب المؤسسات المقدسية الى خارج حدود المدينة. ورد اسعيد ان مؤسسته لم تتلق اي فلس من المؤسسات الرسمية الفلسطينية رغم صمودها خمس سنوات ، واصفا المقدسيين بأنهم سيظلون رأس حربة للدفاع عن القدس ومقدساتها وكيف ان سكان الاحياء المجاورة للاقصى يكونون اول الذين يهبوا للدفاع عنه ضد الاعتداءات والاخطار المتربصة به ، لدرجة ان خطأ ما في توقيت الاذان فجرا كان كفيلا بايقاظهم قبل نحو عامين والهروع بشكل هستيري لحماية الاقصى ظنا انه تعرض لمكروه في منتصف الليل ..!

أين البصمة..؟!
واصر الفنان المسرحي يعقوب ابو عرفة على معرفة طبيعة البصمة التي تركها اسعيد على الحركة الفنية الفلسطينية طيلة مشواره الفني رافضا ما اسماه مساهمة بعض الفنانين في بيع الثقافة الفلسطينية للاخر ، ثم الاستدارة 180 درجة ومحاولة الدفاع عنها. ومطالبا بأن يكون الفنان الفلسطيني المتصدي للدفاع عن التراث والفن الفلسطيني يمتلك خلفية ثقافية وقاعدة جماهيرية عريضة كما حملّ الاموال التي تنفق كيفما اتفق مسؤولية خراب الثقافة والفن الملتزم الفلسطيني . وأجاب الفنان اسعيد انه في الوقت الذي كان يدّرس فيه الموسيقى وفنون الايقاع للطلبة اليهود في المعاهد والجامعات الاسرائيلية ، فقد درّس في عدد كبير من المدارس العربية اضافة الى غياب المؤسسات التعليمية الموسيقية في ذلك الوقت كما اشارت رواح العزة المهتمة بالشأن الفني والثقافي والتي دعت الى تأسيس جمعيات ومؤسسات في القدس وغيرها تعنى بالفن والتراث والبيئة وما الى ذلك. في حين اشارت آلاء الطويل الى ان تدريس اليهود فنون الموسيقى والايقاع من قبل اساتذة عرب ، يجب النظر اليها كميزة ايجابية لنا وليست عيبا او خطأ .

ملاحظة في الصميم
وكرّر الكاتب محمد موسى سويلم ملاحظته التي يرددها دائما بضرورة دراسة الجدوى قبل الشروع في اقامة او تأسيس اية مؤسسة مقدسية بحيث نضمن الاستمرار والانجاز والفعالية وليس مجرد دكاكين او مؤسسات فارغة المضمون بدون اية اجندة ..! وكشف كيف تم الرد على الاسرائيليين باثبات ان الثوب الفلاحي فلسطيني الاصل من خلال التجول في المدن الفلسطينية والاسرائيلية . وشن المثقف عماد منى صاحب الصالون الثقافي هجوما على تضخيم ما يسمى بظاهرة سرقة وانتحال التراث بعد سرقة الارض واذلال الانسان الفلسطيني في وطنه التي تتغير بتغير الظروف ثم تعود الامور الى نصابها كما رأى انه ليس من مسؤولية السلطة الفلسطينية تأمين ميزانيات فقط لمؤسسات وجمعيات تتكاثر مثل الطحالب في القدس وباقي محافظات الوطن وان تشدقت بالدعم والصمود وغير ذلك ..؟ ولكن اسعيد قال انه لم يطلب بقرة جحا للحفاظ على مؤسسته الفنية وانما يريد حصاة صغيرة تسند صخرته الكبيرة وفق تعبير المثل الدارج وان لا يتصرف من يطبّلون ويزمرون ليل نهار لدعم القدس وفق المثل الاخر " رحت اشكي همي لابن عمي اخذ الربابة وصار يغني ..؟! " وان ما يدور بيننا وبين الاسرائيليين في القدس هو حرب عقول وليس فقط تهويد الحجر بل البشر والثقافة والفن حتى يختفي الشعب الفلسطيني عن الوجود حسب ما يخططون ويأملون ..!! وعدم الاستهانة بقدراتنا فكل واحد منا يعتبر جنديا في موقعه وفي مجاله ..!

واشادت الفنانة نيفين الصاوي من فرقة اصايل الفلسطينية بالفرصة التي منحها اياها الفنان اسعيد في احياء ليالي رمضان الفنية في السنوات القليلة الماضية وكيف ساهمت في رسم الفرحة على الوجوه المقدسية العطشى الى حالة من الفرح ونشوة الانتصار المتخيل . ودعت الى الاستمرار في الاعتماد على الذات في دعم مؤسساتنا المقدسية. ورأى الاعلامي احمد جلاجل ان السلطة الفلسطينية لا تقدم سوى الشيء القليل الى القدس وهو شيء لا يسمن ولا يغني من جوع ..!

ما بين الاقوال والافعال .. تضيع القدس
وقال الكاتب نبيل الجولاني ان الاسرائيليين في لحظات الحسم الاخيرة لمصير القدس بعد عمل واحتلال استمر 43 عاما في حين اننا نتكلم ولم نفعل الا اقل القليل ، ومؤسساتنا اغلبها دكاكين وهمية بلا اثر او تأثير وكما نعرف فان السلطة مقيدة باتفاقيات اوسلو التي تحظر عليها العمل في القدس...! وقال انه دون عمل لاحداث توازن استراتيجي ثقافي لن نتمكن من مواجهة المشروع الاسرائيلي المسيطر على جميع مقدراتنا . لذلك لا بد من برامج طموحة وفكر خلاق واعي وعمل دؤوب ودائم للخروج من حالة الاستلاب والخنوع ..!

وكان الفنان اسعيد قد استعرض بشكل سريع لمحة عن بداياته وانطلاقته الفنية مع المونولوج والمسرح في المدارس والفرق المسرحية المقدسية ثم فن الايقاع من خلال المشاركة في حفلات الاعراس والتدرب على الطبلات الفخارية في تجويفات داخل سور القدس العظيم .! حيث عمل منذ نعومة اطفاره مع فنانين كبار في المسرح من امثال جورج ابراهيم وبسام زعمط ، كما تعلم الموسيقى والمقامات التي اكتشف لاحقا ان الاسرائيليين يسرقونها ويدّعون انها من صميم تراثهم الديني ، ومن يومها رهن نفسه للفن بمختلف اشكاله وعمل على تثقيف نفسه من خلال التدريب وتعليم الموسيقى في الجامعة العبرية وجامعة بار ايلان وغيرها . وعمل كذلك في التلفزيون والمسرح والاذاعة .