الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 16:01

المحامي عادل عبد موسى بدير: سياسة هدم البيوت في الوسط العربي

كل العرب
نُشر: 16/04/11 10:55,  حُتلن: 13:48

المحامي عادل عبد موسى بدير في مقاله:

موضوع الأرض والتصرف بها والملكية عليها ستبقى لب وأساس الصراع بين الأقلية العربية والأكثرية اليهودية

هل تم التعامل مع البيوت غير المرخصة في الوسط اليهودي بنفس اليد الحديدية والأهمية الأمنية كما تم التعامل معها في الوسط العربي؟

مسلسل الهدم هو امتداد لقوانين مصادرة الأراضي التي سنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في سنوات الخمسين والستين تحت ذريعة القانون والتنظيم

من حق كل فرد أن يكون له مأوى ومسكن وعندما لا تعطي الدولة الموارد والإمكانيات لتحقيق هذه الحاجة يختار المواطن أن يحقق حقه الطبيعي خارجا عن احترام القانون

المعطيات في الوسط العربي لها دلاله واضحة على سياسة منهجية مدروسة مانعة ومعيقة للمؤسسات الحكومية فيما يخص الوسط العربي بكل ما يتعلق بموضوع الأرض والتخطيط والبناء

سياسة هدم البيوت في الوسط العربي... هل هي لتنظيم البناء أم لتضييق الخناق؟ هذا هو سؤال مركزي يجب تناوله بموضوعية عند طرحنا لموضوع المسكن والبناء في الوسط العربي. فما نراه اليوم من هدم للمنازل في الوسط العربي تحت ذريعة تنظيم البناء والمحافظة على تطبيق القانون ما هو إلا امتداد لسياسة منهجية مبرمجة مستمرة ومدروسة منذ عقود. فالأمر قديم حديث، ليس بوليد اللحظة إنما هي سياسة قائمة ودائمة مهما تغيرت الأسماء والمسميات للأحزاب أو السلطة التي تقف من خلف هذه القرارات التعسفية التي تمس بأمن وحياة المواطن اليومية.

مسلسل الهدم
فمسلسل الهدم هو امتداد لقوانين مصادرة الأراضي التي سنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في سنوات الخمسين والستين تحت ذريعة القانون والتنظيم. ومن هذه القوانين: قانون أراضي الوقف الإسلامي، قانون المصادرة لذرائع أمنية، قانون مصادرة أراضي البور، قانون أرض الغائب، قانون المصادرة للصالح العام وغيرها من القوانين المتعددة التي سنت تدريجيا وفق الحاجة والظروف، والتي كان هدفها الرئيسي والأساسي استئصال ما تبقى من أراضي الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل.
عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية، طرحت تحفظاتها على المصطلح" البناء غير القانوني" ( בניה בלתי חוקית) ليستبدل بالمصطلح "البناء غير المرخص"( בניה בלתי מאושרת). فالبيت الذي يسكن فيه أفراد عائلة من اجل الحاجة الأساسية، وهو المسكن، هو بيت قانوني.

الحق الأساسي للفرد
فالمصطلحات متداخلة في موضوع الحق الأساسي للفرد التي تعتبر فوق القوانين التي تسن في الكنيست. فحسب" قانون العدل الطبيعي" من حق كل فرد أن يكون له مأوى ومسكن. عندما لا تعطي الدولة الموارد والإمكانيات من اجل تحقيق هذه الحاجة الأساسية، (وتحديدا بعدم المصادقة على الخرائط الهيكلية)، يختار المواطن أن يحقق هذا الحق الطبيعي خارجا عن احترام القانون القائم المنصوص عليه.

منازل غير مرخصة
البناء غير المرخص ظاهره موجودة في الوسط العربي واليهودي على حد سواء. ففي سنه 2002 وجدت "لجنه جازيت" الموكلة بفحص البناء غير المرخص ( دون إدراج منطقه النقب والقرى غير المعترف بها ) أن هناك 23 ألف بيت غير مرخص منها 16 ألف بيت في الوسط اليهودي. السؤال المطروح: هل تم التعامل مع البيوت غير المرخصة في الوسط اليهودي بنفس اليد الحديدية والأهمية الأمنية كما تم التعامل معها في الوسط العربي؟ مع العلم أن غالبية هذه المباني لم تكن بهدف السكن ومعظمها بنيت على أراضي بملكيه الدولة ولم تبنى على أراضي بملكيه خاصة كما هو الحال في الوسط العربي.

السكان العرب
التخطيط للوسط العربي من قبل المؤسسات الإسرائيلية تركز لعده سنوات حول محور مركزي، وهو كيفية تركيز عدد أكبر قدر المستطاع من السكان العرب على اقل مساحة من الأراضي. فمنذ قيام الدولة لم تقم أي مدينة أو قرية عربية جديدة، ما عدا في منطقة النقب لتركيز البدو في مناطق محصورة لتسهيل مصادرة الأراضي الشاسعة التابعة لعرب النقب، كما هو الحال في مشروع بناء مدينه رهط وغيرها من مدن النقب التي أقيمت لنفس الهدف. كما أن العراقيل التي تضعها لجان البناء على المستوى أللوائي والقطري أمام المصادقة على الخرائط الهيكلية التطويرية تعتبر السبب الرئيسي لانتشار الفوضى التربوية والاجتماعية والبناء غير المرخص وغير المخطط في الوسط العربي.
وزير المالية في سنوات إل 50 وضع دوائر حول معظم القرى والمدن العربية القائمة بهدف تحديد وتقليص حدود نفوذها وتم مصادرة الأراضي الواقعة خارج الحدود المرسمة وضمها لمناطق نفوذ بلدات يهودية. هذا الحد من مناطق النفوذ للسلطات العربية أدى ويؤدي إلى إكتظاظ سكاني كبير بحيث تفقد القرية العربية التقليدية وجودها. من الواجب في الوقت الحاضر إعادة أراضي النفوذ التي تمت مصادرتها وإعادة ترسيم الحدود من جديد بهدف توسيع حدود البلدات العربية بما يتلاءم مع الحاجيات والزيادة الديموغرافية للسكان العرب، فالأراضي الاحتياطية ذات الملكية الخاصة لا تفي بحاجيات البلدات العربية للسنين القادمة، وهذا ما يسمى بالعدل ألتقسيمي "צדק מחלק". على السلطات العربية المطالبة بتصحيح الظلم التاريخي التي تسببت فيه المؤسسة الرسمية الإسرائيلية على مدار عقود وهذا ما يسمى بالعدل التصحيحي "אפילה מתקנת" لسد الحاجيات المستقبلية للسكان العرب.

دمج السلطات العربية
يشار إلى أن الطروحات الحديثة لوزارة الداخلية بتوحيد ودمج عدة سلطات عربية معا لا يؤدي إلى زيادة النفوذ على الأراضي ولا يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي وتقويه السلطة المدموجة، إنما الهدف الوحيد من هذه الخطوة هو التوفير الاقتصادي على الحكومة في رواتب الموظفين للسلطات المحلية. المعطيات في الوسط العربي لها دلاله واضحة على سياسة منهجية مدروسة مانعة ومعيقة للمؤسسات الحكومية فيما يخص الوسط العربي بكل ما يتعلق بموضوع الأرض والتخطيط والبناء. فالوسط العربي لدى المؤسسات يعتبر مشكله ديموغرافيه "בעיה דמוגרפית"، وعلى هذا الأساس وضعت خطط للحد من "الزحف العربي"، كخطة تهويد الجليل في الشمال وخطة النجوم السبعة في المثلث والمركز وخطة تطوير النقب في الجنوب. كما أن الوضع في المدن المختلطة ليس بأحسن حال، بل على العكس فهو سيئ إلى ابعد الحدود. مثال على ذلك " بيارات شنير " في اللد التي بقيت إلى اليوم منطقة زراعية مما اضطر أصحاب الأراضي العرب إلى البناء بدون ترخيص، بينما الأراضي المحاذية لها גני אביב أقيمت على أراض زراعية تم المصادقة عليها بخطى سريعة وبتشجيع من السلطات المسؤولة.

تخطيط مدروس ومستقبلي
لا تكتفي المؤسسات الرسمية والحكومية بعدم وجود تخطيط مدروس ومستقبلي للنهوض بالوسط العربي ولتطوير البلدات العربية، وإنما تتعمد التضييق عليهم بالمماطلة وعدم المصادقة على الخرائط الهيكلية. فالخارطة الهيكلية لكفر قاسم لم يتم توسيعها منذ سنة 1992 بالرغم من أن الإحصائيات السكانية تشير إلى مضاعفه التعداد السكاني كل 17 سنه. فعدد سكان كفر قاسم كان سنه 1955 (2300 نسمه) وسنه 1972 (5000 نسمه) وسنه 1988( 8600 نسمه) واليوم حوالي 20 ألف نسمه مع زيادة حوالي 500 مولود سنوي. على المؤسسات الرسمية الإسرائيلية العمل على تحسين الوضع القائم حتى يكون العرب مواطنين مع حقوق كاملة في موضوع الأرض والتخطيط على أساس مساواة مدنية حقوقية كاملة وليس على أساس ظلم وفصل نفوذي وديني وقومي. فالمساواة في الوضع المدني والحقوقي والتخطيط للمواطنين العرب ليس مطلب من اجل تحقيق العدالة والمساواة وإزالة الظلم فحسب ولكن هو مطلب أساسي لتحقيق إمكانية لحياة آمنة وجوار طيب ومشاركة مدنية.

الميزانيات الشحيحة
المس في حقوق التخطيط والبناء للأقلية العربية والميزانيات الشحيحة المخصصة للبلديات العربية والوضع الاقتصادي الصعب للسكان يؤدي إلى وضع ظلم ظاهر وإحباط شديد ويؤدي لوجود ظاهرة البناء غير المرخص. مما لا شك فيه أن موضوع الأرض والتصرف بها والملكية عليها ستبقى لب وأساس الصراع بين الأقلية العربية والأكثرية اليهودية.

* كاتب المقال يعمل مستشاراً لمؤسسة عدالة لحقوق المواطنين العرب ، وهو مرشح الحركة الإسلامية في كفر قاسم لرئاسة البلدية في إنتخابات 2013 . 
 

مقالات متعلقة