الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

سامي العلي :"جيرة حسنة" نموذج زخرون يعقوب

كل العرب
نُشر: 10/04/11 12:05,  حُتلن: 14:06

سامي العلي :

انتقادات تطالب في إيجاد حل لما أسموه " مشكلة أو آفة الأذان " حفاظا على مستوى المعيشة والبيئة الهادئة

احدى الحلول: تركيب أجهزة تكبير صوت حديثة في المساجد تحد من صوت المؤذن وتحصر الآذان في فضاء القرية فقط

2009 قدم النائب عن حزب كديما أريه بيبي مشروع قانون إلى الكنيست يحظر رفع صوت أذان الفجر في الضفة الغربية والمدن والقرى العربية في الداخل الفلسطيني

مؤخرا طُرحت على طاولة البحث في مجلس الفريديس المحلي مسألة " صوت الأذان" الصادح من مآذن المساجد في القرية، وذلك ضمن إحدى جلسات المجلس البلدي. سبب طرح المسألة للنقاش لم يكن محض صدفة أو نية أحد أعضاء المجلس أو رجال الدين في القرية توحيد الأذان وتنظيم الشؤون الدينية، بل هي نتيجة الشكاوى والانتقادات التي قدمتها ثلة من السكان اليهود القاطنين في مستوطنة زخرون يعقوب- زمارين المهجرة- المجاورة للفريديس، بادعاء أن صوت الأذان يسبب لهم الإزعاج والقلق وعبارة عن "ضجة مؤذية" وخصوصا الأذان الذي يدعو إلى صلاة الفجر. انتقادات تطالب في إيجاد حل لما أسموه " مشكلة أو آفة الأذان " حفاظا على مستوى المعيشة والبيئة الهادئة وطبعا على حسن الجوار والعلاقات الطيبة بين البلدتين .
خلال الجلسة تباينت الآراء حول ضرورة مناق.
 فضاء القرية
شل الموضوع أو عدم طرحة بتاتا، كون الأذان سنة وشعيرة إسلامية وجزء لا يتجزأ من العقائد والعبادات الدينية الإسلامية. إحدى الاقتراحات التي طرحت لحل المسألة ومحاولة تقليل " الإزعاج" الذي يقض مضاجع سكان زخرون يعقوب على حد ادعائهم، كانت تركيب أجهزة تكبير صوت حديثة في المساجد تحد من صوت المؤذن وتحصر الآذان في فضاء القرية فقط . هذا الاقتراح لاقى تأييد عدد من الأعضاء ورجال الدين والأئمة في القرية، في حين عارضة وبسخط عدد آخر من الأعضاء لاسيما وان الآذان قائم قبل أي وجود يهودي في فلسطين وقبل قيام دولة الاحتلال, وهو أمر غير قابل للمناقشة أصلا.


الإجحاف والعنصرية
يدور الحديث عن موضوع حساس ومن الروحانيات المقدسة، فصوت المؤذن جزء من ديننا الإسلامي وجزء من حضارتنا وتراثنا وهويتنا كعرب مسلمين. والغريب في الأمر أن ثلة الحاقدين المشتكية صوت الآذان في زخرون يعقوب وغيرهم من اليهود أصحاب النفوذ والأموال على علم مسبق حتى قبل مجيئهم للسكن في المنطقة أن جيرانهم العرب المسلمين في قريتي الفريديس وجسر الزرقاء يطلقون الآذان خمس مرات يوميا قبل كل صلاة، من هذا المنطلق فانا اعتقد بل ومتأكد أن مطلبهم بخفض صوت الآذان ينبع من عدم احترام للآخر العربي، للوجود العربي، بل أنكى من ذلك فهو تجاهل لحقوقه الأساسية الدينية والإنسانية ومسا بها وإلغائها، مطلب يندرج في إطار سياسة التمييز والإجحاف والعنصرية التي تسود الشارع الإسرائيلي مؤخرا وتحاول ارتداء الزي الرسمي أحيانا عبر شرعنتها من خلال الكنيست الإسرائيلي، فقرية الفريديس هي فقط نموذج لعشرات القرى والمدن العربية في الداخل الفلسطيني والضفة الغربية التي تحاول السلطات الرسمية خفض صوت الآذان في مساجدها استجابة لمطلب البلدات والمستوطنات اليهودية المجاورة للبلدات العربية. ففي عام 2009 قدم النائب عن حزب كديما أريه بيبي مشروع قانون إلى الكنيست يحظر رفع صوت أذان الفجر في الضفة الغربية والمدن والقرى العربية في الداخل الفلسطيني، بزعم انه تلقى مئات الطلبات، الخطية والشفهية، التي تعبر عن انزعاج ملايين اليهود من رفع الآذان في ساعات الفجر الأولى.
مشروع القانون هذا يكشف قمة الوقاحة والسذاجة، ويزيل الوشاح عن أوجه العنصرية التي تتقنع بوسائل "ديمقراطية". بيبي وغيره يحرصون على توفير الظروف المريحة للمستوطنين في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، ويتجاهلون صوت إطلاق النار والمدافع العسكرية ونشاطات الاحتلال التي تهز مشاعر وكيان ملايين الفلسطينيين في النهار والليل.

حرمان المسلمين حق التعبد
وعندما تعجز السياسة الإسرائيلية عن شرعنه منع أو خفض صوت الآذان بشكل رسمي تبدأ وبواسطة وكلائها أصحاب الفهم الصهيوني في تنفيذ نواياها عبر الضغط على رؤساء السلطات المحلية والمسؤولين في البلدات العربية وغمرهم بالشكاوى وعدم الرضى والتذمر حتى يتم التوصل لتفاهمات يستسلم فيها المواطن العربي أمام مطلب جاره اليهودي الذي يريد النوم بهناء والعيش بهدوء دونما اهتمامه بقضايا غيره، أنانية ما بعدها أنانية، تسلط ودكتاتورية ويدعون الديمقراطية.
اعتقد انه يجب توحيد الأذان في مساجد البلدات العربية لما فيه منفعة للجمهور العربي وللمسلمين والمصلين، وتنظيم الشؤون الدينية. ولكن ارفض بشدة أن يتدخل الجيران اليهود في زخرون يعقوب وقيساريا ووادي عاره ومستوطنات الجليل وفي المدن المختلطة وغيرها في أمور وشؤون بلدتنا الداخلية وخاصة في قضايانا الدينية والثقافية والتراثية والتاريخية والوجودية. عليهم أن يتقبلوا الآخر وخاصة وأنهم يتشدقون في شعار التعايش والتآخي في المؤتمرات والمناسبات الموسمية مع القوى اليسارية الإسرائيلية- العربية ويطلقون بين الفينة والأخرى من على المنابر برامج التآخي والعلاقة الحميمة التي تنضح بالنفاق والتملق. عليهم أن يخجلوا من مطالبهم الرامية إلى حرمان المسلمين حق التعبد والعبادة بواسطة تضييق حيز الشعائر الدينية وفرض شروط ومعايير جديدة ومتجددة لنماذج التعايش والجيرة الحسنة.

حناجر المؤذنين
جيرة مشروطة بمعايير تضعونها وتقررونها وفق مزاجكم الممنهج وسياساتكم الهادفة إلى تضيق الخناق على المواطنين العرب بشتى الوسائل وفي كافة مناحي الحياة لا أريدها. جيرة مبنية على مخططات تمييزية وقمعية وعيون فاحصة وقلوب تبحث عن راحتها وهنائها عبر طمس معالم الآخر العربي ابن الوطن وإلغاء ثقافته ودينه وحضارته غير مرحب بها لدي وارفضها وبغنى عنها، وسأكتفي ببعض الأشخاص والأصدقاء اليهود الذين تربطني بهم علاقة حميمة مبنية على الاحترام والقيم الإنسانية والمحبة الإلهية أولا وأخرا. أشخاص يتفهمون ويتقبلون الآخر بصورته وكيانه وقوميته وشخصه وعرقه وجنسه ولونه بعيدا عن الرسمية والفوقية.
فتبا لكل حاقد وكاره وعنصري يحاول سلبنا ابسط ما نملك وأجمل ما لدينا من ثقافة ومضامين إنسانية. وأقول له بصوت مدو ورنان أن صوت الآذان سيبقى ينطلق من حناجر المؤذنين وعبر شرايين المآذن الشامخة وسيبقى يصدح مجلجلا في سماء كل قرية ومدينة فلسطينية وعربية أصيلة, فأنا لم ولن أقبل التعايش وفق نموذج "جيران بشروط" وصيغة "اخفض الآذان وعش بأمان".
 

مقالات متعلقة