الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 12:02

مطانس فرح يكتب: نعم جوليانو شهيد الحرية!

كل العرب
نُشر: 08/04/11 17:42,  حُتلن: 13:09

مطانس فرح:

حمَل هذا الإنسان اليهوديّ/الفِلَسطينيّ حُلمه بين يديه، تاركًا مدينتَي تل أبيب وحيفا، مُتّجهًا نحو مخيّم جنين

جوليانو آمن بقدرات أطفال المخيّم وطاقاتهم.. وأكثر ما آمن به هو أنّ في استطاعته تغيير الوضع، من خلال رسم مستقبل أجمل

على شعبنا أن يعيَ حقيقة وضراوة ومأساة ما حدث.. ففي ظلّ الثورات الشعبيّة المكتسحة عالمَنا العربيّ، والمطالبة بالعدل الاجتماعيّ والحرّيّة.. يقوم نَفَر من شعبنا

على بُعد أمتار من "مسرح الحريّة"، اِغتيل شهيد الحرّيّة!.. وأُسدل الستار الأسود على صاحب السترة السوداء، الذي حمَل أضدادًا صغيرة عديدة، وحُلمًا واحدًا كبيرًا.. ابن صليبا خميس (الأب العربيّ الفِلَسطينيّ) وآرنا مير (الأم اليهوديّة الإسرائيليّة)، رحل شهيدًا لينضمّ إلى والدته وإخوته "أولاد آرنا" - إنّه شهيد الحرّيّة، جوليانو مير - خميس.

مشروع ثقافي فكري فني
حمَل هذا الإنسان اليهوديّ/الفِلَسطينيّ حُلمه بين يديه، تاركًا مدينتَي تل أبيب وحيفا، مُتّجهًا نحو مخيّم جنين، ليهديَ هذا الحُلم إلى أطفال المخيّم البائسين، المنسيّين، المَلهيّين بمحاربةٍ ومواجهةٍ شبه يوميّتيْن مع الاحتلال الإسرائيليّ، المضطهَدين، المكبوتين والراكضين وراء اللاشيء.. ليزرع فيهم بارقة أمل، ليحتضنهم وينطلق معهم وبهم نحو الحرّيّة! أسّس مشروعًا فكريًّا ثقافيًّا فنّيًّا، لإيمانه بالنضال الفكريّ وحقوق والإنسان وحرّيته، بعيدًا عن العنصريّة والتمييز والطائفيّة، وبحثًا عن العدالة الاجتماعيّة.. وإنّه نضال أقوى ما يكون، وأبعد ما يكون عن النضال المسلّح.. فالفكر والحرّيّة كانا سلاح هذا النضال.
 
المضي نحو الحرية
لقد آمن بقدرات أطفال المخيّم وطاقاتهم.. وأكثر ما آمن به هو أنّ في استطاعته تغيير الوضع، من خلال رسم مستقبل أجمل، يحوّل به بعضًا من مآسي الأطفال اليوميّة إلى واقع مَعِيش أفضل، كانوا يروَنْه حُلمًا بعيدًا، صعب المنال.. فما فعله جوليانو للمخيّم وأطفاله لم ولن يفعله كبار الفِلَسطينيّين! حاول (جول) جوليانو من خلال "مسرح الحرّيّة" أن ينتشل أطفال المخيّم ويحلّق بهم نحو الحرّيّة، أن يناضل بهم ومعهم ومن أجلهم.. لكنّ نضاله الثوريّ الفكريّ هذا، لم يرُق لعدد من الفِلَسطينيّين! فهدّدوه مِرارًا وتَكرارًا؛ لكنّ هذه التهديدات كلّها، لم تَثنِه عن المضيّ نحو الحرّيّة، لأنّه كان يشعر بأنّه واحد من أبناء المخيّم!.. إلاّ أنّ صوت رصاص البندقيّة فاق صوت نسيم الحريّة.. فاغتيل جوليانو على أرضٍ وبأيادٍ فِلَسطينيّة!!!

حقيقة المأساة
على شعبنا الفِلَسطينيّ أن يعيَ حقيقة وضراوة ومأساة ما حدث.. ففي ظلّ الثورات الشعبيّة المكتسحة عالمَنا العربيّ، والمطالبة بالعدل الاجتماعيّ والحرّيّة.. يقوم نَفَر من شعبنا - التحقيقات ما زالت مستمرّة - الذي يناضل ويسعى من أجل التحرّر والحرّيّة، باغتيال رمز من رموز الحرّيّة. فبأفكار رجعيّة كهذه نعود بشعبنا سنواتٍ إلى الوراء.. بدل أن نسعى لتطوير أفكارنا. إنّها جريمة اغتيال للفكر والثقافة والحرّيّة الفِلَسطينيّة! فأرجو أن تَعُوا خطورة ما حدث! جول! لقد كنت حالة مميّزة.. سنفتقدك.

(حيفا)

مقالات متعلقة