الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 08:01

احمد محاميد:الرأي العام وصدّ العنصرية ميدانيًا ( ٤-د )

كل العرب-الناصرة
نُشر: 02/04/11 16:19,  حُتلن: 16:20

أحمد محاميد:

إذا اعتبرنا انّ هذه الثورات شبيهة بثورات ربيع الشعوب فهذا يعني أنّ العالم العربي يعيش فترة حساسة جداً لا مجال فيها إلى العودة إلى الوراء

قيام الولايات المتحدة والدول الأوروبية  بالضغط على إسرائيل وعلى رئيس حكومتها للعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الصراع الدائم ربما يهدف فعلاً إلى رأب الصدع بين العالم العربي ودولة إسرائيل

في هذه المقالة سنحاول معًا تحليل بعض الأحداث التي اندلعت في العالم العربي منذ بداية هذا العام،وتأثير هذه الأحداث على منطقة الشرق الأوسط خاصةً وعلى العالم بشكل عام. سنقوم هذه المرة بتحليل هذه الأحداث بلغة بسيطة قدر الإمكان إستجابة لطلب بعض القرّاء.

هل هذه الثورات أشبه بالثورة الفرنسية أم أنّها شبيةٌ أكثر بثورات ربيع الشعوب؟وماذا يعني ذلك؟
يمكن اعتبار هذه الموجة من الثورات العربية أنّها شبيهة أكثر بثورات ربيع الشعوب التي هبّت في أوروبا بعد عام ١٨٤٨، إذ أنّ هذه الثورات كانت قد سبقتها العديد من الثورات السابقة في العالم العربي في القرن العشرين والتي كانت تهدف إلى الإستقلال والتحرر من كل أشكال الإستعمار الأجنبي، وبالتالي فإن تلك الثورات كانت شبيهة بالثورة الفرنسية، أمّا هذه الثورات فإنّها جاءت للتحرر من أنظمة الحكم المحلية وهي بمعنى آخر جاءت لتؤكد أنّ المواطن العربي كان يتوقع انّ التحرر من الإستعمار سيؤدي إلى بناء أنظمة حكم عربية تحافظ على حقوقه الطبيعية والسياسية وتؤمّن لكل مواطن حياة حرّة وكريمة ومستقرة من ناحية اقتصادية أيضًا، لكن المواطن العربي لاحظ أنّه ومنذ أن تحقق الإستقلال لم تتحقق هذه الآمال والطموحات وكانت هذه الفترة أشبه بالرجعية التي ميزت أوروبا بعد الثورة الفرنسية. العالم العربي لا يكتفي اليوم بالإستقلال القومي فقط وإنما يطمح إلى المشاركة والتأثير على ما يجري داخل دولته دون ايّ تدخلٍ وتأثيرٍ أجنبيٍ.
وإذا اعتبرنا انّ هذه الثورات شبيهة بثورات ربيع الشعوب فهذا يعني أنّ العالم العربي يعيش فترة حساسة جداً لا مجال فيها إلى العودة إلى الوراء، وأنّ هذه الثورات ستُحدث بالضرورة تغييراً كبيراً على العالم العربي بكامله وأنّها ليست عبارة عن ظاهرة عابرة ستتوقف في مرحلة معينة أو أنّها ستفشل مثلاً مثلما حدث في الثورة الفرنسية. الثورة الفرنسية فعلاً فشلت عام ١٨٠٠ لكن شعارها ومبادءها لم تفشل بل عادت في موجة أعنف عام ١٨٤٨، كذلك الأمر بالنسبة للعالم العربي حيث يمكن القول بصراحة أن التحرر من الإستعمار الاجنبي -من خلال الاستقلال القومي في إطار دول مستقلة ذات سيادة – قد فشل لكن المطالب الحقيقية من وراء الاستقلال – وهي التخلص من الهيمنة الأجنبية – لم تفشل وعادت اليوم في موجة اعنف ايضاً من السابق.


ما هو شكل نظام الحكم الديموقراطي المفضّل في مصر وتونس ؟ رئاسي أم برلماني؟
يدور اليوم نقاشٌ حاد في مصر وتونس حول شكل نظام الحكم في هذه الدول، والمثير للاستغراب أنّ هناك شبه إجماع وموافقة على أنّ هذه الدول ستُدار من قبل رئيس دولة سيكون مقيّداً بواسطة البرلمان المنتخب والدستور الديموقراطي الذي سيقرّه البرلمان. هل فعلاً من الضروري ان يكون في هذه الدول منصب - رئيس دولة – ذو صلاحيات واسعة بإدعاء انّه سوف يتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب ؟ أم انّه مفضل أن يقوم الشعب المصري والتونسي بانتخاب برلمان بشكل ديمقراطي وهذا البرلمان هو الذي يقوم بانتخاب رئيس الحكومة – وليس رئيس الدولة – يكون خاضعاً للبرلمان بشكل مباشر كما هو متبع في دولة إسرائيل ومعظم الدول الديمقراطية في العالم على عكس الولايات المتحدة التي تتبع شكل الحكم الرئاسي.
هذا الأمر حسب اعتقادي هو في غاية الأهمّية كما أنني أتصور أن القيادات العالمية – الولايات المتحدة وزعامة أوروبا – تفضّل أن يكون في الدول العربية هذه رئيسًا للدولة وليس رئيسًا للحكومة، لأنه سيكون من السهل عليها التأثير عليه أكثر وهكذا فإن هذه الأنظمة العربية – في مصر وتونس - ربما ستعود إلى الاستقرار فعلاً لكنها ستبقى وللمرة الثانية تحت تأثير وضغط الدول الأجنبية وبالتالي فإنّها لن تحقق غايات الثورة الحقيقية. لا أريد هنا التعمق أكثر في طريقة الانتخابات التي يفضل إتباعها في مصر وتونس – نسبية ، أكثرية أم مختلطة – لكن ضروري جداً أن نعلم أن طريقة الانتخابات هي موضوعٌ سياسيٌ في غاية الأهمية سينجم عنها إما تمثيل برلماني لمجموعات سياسية عديدة ( تعدد أحزاب ) في مصر وتونس، لا تضمن عادة استقراراً في نظام الحكم بل انّها تتميز أكثر في تعدد الحكومات لفترات زمنية قصيرة بالرغم من انّها تتيح تمثيلاً واسعًا للمجموعات والأحزاب المختلفة في الدولة. وإمّا سينجم عنها تمثيلاً لحزبين أو أكثر في هاتين الدولتين( أقل أحزاب ) يضمن الاستقرار أكثر لكنه يعطي يقلل من تمثيل مجموعات الأقلية المختلفة.

ما هو التأثير المتوقع من هذه الثورات على منطقة الشرق الأوسط وعلى الصراع العربي الإسرائيلي؟
إن قيام الولايات المتحدة وبعض زعامة الدول الأوروبية اليوم بالضغط على إسرائيل وعلى رئيس حكومتها بيبي نتنياهو للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لحل الصراع الدائم على أساس دولتين لشعبين ربما يهدف فعلاً إلى رأب الصدع بين العالم العربي ودولة إسرائيل ومنع نشوب نزاع دموي في الشرق الأوسط، ولكنه ربما يهدف من ناحية أخرى إلى إيقاف موجة الثورات في العالم العربي، في دول الخليج مثلاً، الأمر الذي لا يصبّ في مصلحة هذه الدول ولا في مصلحة السياسة الإسرائيلية. أنجيلا ميركل مستشارة المانيا – رئيسة الحكومة- ربما حذرت بيبي في حديثها الهاتفي الغاضب معه في الشهر الماضي قائلةً له "إن لم تعلن عن خطة سياسة جديدة مع الجانب الفلسطيني فإنك بذلك قد تكون ساهمت فعلاً في استمرار موجة الغضب والثورة في السعودية والبحرين وربما في فلسطين ايضًا وهذا ما لا ترغبه انت ولا نحن طبعًا ".
وبالتالي ما أحاول هنا توضيحه هو أن السياسة الإسرائيلية تلعب دوراً هاماً في كل ما يجري في العالم العربي وهي أشبه بحلقة الباب- محور الباب – الذى ربما سيوقف موجة الثورات هذه – أو على الأقل يؤجلها- أو ربما ستؤدي السياسة الإسرائيلية إلى استمرار موجة الغضب والثورة في جميع أنحاء الوطن العربي وبالتالي فإن الرد الإسرائيلي على عملية القتل البشعة في مستوطنة ايتمار – من خلال الإعلان عن بناء ٥٠٠ وحدة سكنية جديدة في المستوطنات لربما انّه يساهم بعض الشيئ في توسيع موجة الغضب والثورة في العالم العربي ... وهذا بالضبط ما يعيشه المناخ الشرق أوسطي منذ قرون وهو ما يسمى بسخرية القدر.

مقالات متعلقة